وكالة الطاقة الدولية ترصد تحركات اليونان لتحقيق الحياد الكربوني والابتعاد عن الوقود الروسي
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- اليونان نجحت في تطبيق إصلاحات كبيرة بسوق الطاقة
- حصة الفحم البني في توليد الكهرباء باليونان تراجعت بصورة كبيرة
- اليونان تتجه إلى نشر المصادر المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة
- تستهدف اليونان تقليل الاعتماد على الوقود الروسي والتخلص من النفط
دعت وكالة الطاقة الدولية اليونان إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لنشر مشروعات الطاقة المتجددة وتعزيز الكفاءة، لتبني على نجاحاتها في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من أجل تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وترى وكالة الطاقة الدولية، في تقرير حديث، أن اليونان نجحت خلال الآونة الأخيرة في تطبيق إصلاحات كبيرة بسوق الطاقة للحد من انبعاثات الغازات الضارة، ولكنها بحاجة إلى المزيد لتقليل اعتمادها على المصادر التقليدية والابتعاد عن الوقود الروسي.
وتستهدف اليونان خفض إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 55% بحلول عام 2030، على أن ترتفع النسبة إلى 80% بحلول 2040، لتحقيق الحياد الكربوني في عام 2050.
وتضمّنت مستهدفات اليونان -كذلك- التخلص من استعمال الفحم البني في توليد الكهرباء بحلول عام 2028، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
استعمال الغاز والطاقة المتجددة
رغم نجاح اليونان بصفة ملحوظة -مؤخرًا- في خفض حصة الوقود الأحفوري بإمدادات الطاقة لديها من 90% إلى 82%، فإنها ما زالت أعلى من المتوسط الذي حددته وكالة الطاقة الدولية البالغ 78%.
وتراجعت حصة الفحم البني المستعمل في توليد الكهرباء باليونان من 60% في عام 2005 إلى 10% خلال 2021، ما أدى إلى تراجع كثافة الكربون في القطاع.
واستبدلت اليونان الفحم البني بالغاز في توليد الكهرباء، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية الكهروضوئية الشمسية والرياح.
وتظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية، أن اليونان نجحت في تحقيق معظم أهدافها المتعلقة بالطاقة والمناخ خلال عام 2020، ولكن ذلك يرجع بصورة أساسية إلى انخفاض الطلب على الطاقة الناتج عن الانكماش الاقتصادي الذي واجهته خلال جائحة كورونا.
وفي عام 2021، أدت عودة الطلب على الطاقة بعد رفع قيود كورونا إلى زيادة انبعاثات غازات الدفيئة بعد تراجعها.
وعلى صعيد تلبية الطلب المتزايد مستقبلًا، تعمل اليونان على تعزيز الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، لتغطية ذلك النمو المتوقع خاصة في النقل والتدفئة والتبريد، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
وكان شهر أغسطس/آب الماضي شاهدًا على إصدار الحكومة اليونانية أول قانون للرياح البحرية، المتضمن توليد 2 غيغاواط من الكهرباء عبر طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030.
وتُعد اليونان -أيضًا- رائدة عالميًا في استعمال السخانات الشمسية في المباني، بحسب ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن تقرير وكالة الطاقة الدولية.
الربط الكهربائي وكفاءة الطاقة
في السياق نفسه، تخطط اليونان لضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية للكهرباء، تهدف إلى توسيع الربط البيني مع الدول الأوروبية لتصبح مصدرًا صافيًا للكهرباء.
وبحسب ما ذكرت وكالة الطاقة الدولية، تستهدف البلاد مضاعفة قدرة الربط مع بلغاريا وإيطاليا ومقدونيا الشمالية وألبانيا، وكذلك الربط الكهربائي مع مصر.
كما رصدت البلاد استثمارات كبيرة لتعزيز قدرات النقل والتوزيع محليًا، لتدعم نشر مشروعات الطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية.
وبالتوازي، أدخلت اليونان تغييرات كبيرة في سوق الغاز خلال السنوات الأخيرة، أبرزها افتتاح سوق فورية للغاز الطبيعي في شهر مارس/آذار 2022.
وتسعى الحكومة اليونانية -أيضًا- إلى تحسين كفاءة الطاقة في جميع القطاعات، ومن المتوقع نجاح البلاد في زيادة توفير الطاقة حتى عام 2030.
ومع ذلك، تؤكد وكالة الطاقة الدولية، أن اليونان فشلت في تحقيق هدفها الشامل لتوفير الطاقة خلال المدة الزمنية من 2017 حتى عام 2020.
وتطبق اليونان قوانين أكثر صرامة فيما يتعلق بالبناء مع مجموعة متنوعة من الحوافز لتحديث أنظمة التدفئة والتبريد، واستبدال الأجهزة ذات الكفاءة بنظيرتها الأقل.
وفي قطاع النقل، تطبق البلاد إعانات تهدف إلى زيادة اعتماد السيارات الكهربائية، مع إعداد خطط لتشجيع الأفراد نحو الاعتماد على النقل العام والدراجات والمشي بدلًا من المركبات الخاصة.
ودعت وكالة الطاقة الدولية إلى تطبيق اليونان جهودًا إضافية لتحقيق الإمكانات الكاملة لكفاءة الطاقة في جميع القطاعات، ودعم أمن الطاقة وأهداف المناخ.
ومع تاريخها الطويل من التميز العلمي، ترى اليونان أن البحث والتطوير في مجال الطاقة مهم لتحقيق أهداف المناح لعام 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني على المدى الطويل.
خفض الطلب على النفط
تستهدف اليونان -بحسب وكالة الطاقة الدولية- خفض الطلب على النفط خصوصًا من قطاع النقل عبر استعمال الوقود الحيوي أو زيادة الدعم للسيارات الكهربائية.
كما تبذل اليونان جهودًا للحد من الاعتماد على النفط في تدفئة المنازل، لأنه يُعد الوقود الرئيس للتدفئة في قطاع المباني.
ومن المقرر بحلول عام 2025، منع اليونان تركيب الغلايات التي تعمل بالنفط، وبدءًا من 2030 ستفرض البلاد شرطًا على زيت التدفئة بأن يحتوي على 30% على الأقل من الوقود السائل المتجدد.
وأسهم النفط -أيضًا- في توفير 7% من الكهرباء المولدة باليونان خلال عام 2021، مع سعي الحكومة إلى التخلص التدريجي من استهلاك النفط في توليد الكهرباء بحلول عام 2030، وذلك من خلال ربط الجزر البحرية بشبكة كهرباء البر الرئيس ونشر مصادر الطاقة المتجددة.
وفي الوقت ذاته، دفعت أسعار الغاز المشتعلة في السوق العالمية نتيجة أزمة روسيا وأوكرانيا، إلى اتجاه اليونان لإعادة النظر في استعمال ذلك الوقود الأحفوري بتوليد الكهرباء بدلًا من الفحم البني والنفط.
ورغم ذلك، ما يزال استعمال الغاز الطبيعي في نظام الطاقة اليوناني غير واضح ومتناقض، ففي الوقت الذي تتخذ فيه الحكومة خطوات رئيسة لتقليل الطلب على الغاز بما يتماشى مع أهداف المناخ، فإنها تخطط لاستثمارات كبيرة لتوسيع البنية التحتية للغاز، ما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه.
دور الضرائب وفقر الطاقة
تستهدف الحكومة اليونانية استغلال الضرائب في دفع انتقال الطاقة، إذ تعد معدلات الضرائب المطبقة على انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استهلاك الطاقة مرتفعة مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ورغم ذلك، تختلف معدلات الضرائب في اليونان باختلاف أنواع الوقود والاستعمالات، ما يجعل أسعار الكربون غير متسقة مع أهداف اليونان المناخية، وفقًا لما نقلته وكالة الطاقة الدولية.
وهناك العديد من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية للطاقة، تساعد على تقليل تكلفة الوقود الأحفوري.
وفي المقابل، تتضمن فواتير الكهرباء بنودًا من الرسوم والتكاليف لا علاقة لها بتوليد الكهرباء للمستهلكين، ما يقلل من الحافز على توفير الطاقة ويجعل الكهربة أقل جاذبية.
وتعاني اليونان ارتفاع فقر الطاقة، ولذلك تستهدف البلاد تقليله بنسبة 50% على الأقل بحلول عام 2025، ليصبج أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030.
وتشير التقديرات الحكومية إلى أن 17.5% من إجمالي السكان في عام 2021 كانوا يعانون عدم القدرة على تدفئة منازلهم بصورة مناسبة، وهي أرقام أعلى من متوسط 8% للاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة الطاقة الدولبة.
ومع اشتعال أسعار الطاقة العالمية التي بدأت في عام 2021 وزادت حدتها عام 2022 نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، طبقت اليونان العديد من الخطوات، للحد من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة خصوصًا للمستهلكين المعرضين للخطر.
وخصصت اليونان خلال المدة من سبتمبر/أيلول 2021 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2022 نحو 9 مليارات يورو (9.92 مليار دولار) لدعم الطاقة وتدابير أخرى لمساعدة المستهلكين على دفع الفواتير.
اليونان تقلل اعتمادها على روسيا
بحسب وكالة الطاقة الدولية، تعتمد اليونان بصفة كبيرة على واردات الوقود الأحفوري القادمة من روسيا، ما يجعل أمن الطاقة في البلاد عرضة للخطر بعد غزو أوكرانيا.
وفي عام 2021، استوردت اليونان من روسيا 96% من احتياجاتها من الفحم، و41% من الغاز الطبيعي، و21% من النفط الخام.
ومع بداية الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، اتخذت اليونان خطوات لتقليل الاعتماد على واردات الطاقة من روسيا، فقد بدأت وحدة تخزين عائمة جديدة للغاز المسال عملياتها في أغسطس/آب الماضي.
وأسهمت تلك المحطة الجديدة في مضاعفة شحنات الغاز الطبيعي المسال على أساس سنوي، وانخفاض حصة الغاز الروسي من واردات اليونان من 41% إلى أقل من 20%.
كما بدأت اليونان في مايو/أيار 2022، بناء محطة عائمة جديدة للغاز الطبيعي المسال، على أن تبدأ التشغيل التجاري بنهاية العام الجاري (2023).
ومن المتوقع أن تساعد المحطة العائمة الجديدة في مضاعفة قدرة اليونان على استيراد الغاز الطبيعي المسال تقريبًا.
وخوفًا من انقطاع إمدادات الغاز، عملت اليونان على زيادة مخزوناتها من الفحم البني ليكون بمثابة احتياطي آمن.
كما كثفت البلاد جهودها لنشر مصادر الطاقة المتجددة وزيادة إجراءات توفير الطاقة، لتقليل الاعتماد على الوقود الروسي، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
موضوعات متعلقة..
- ضربة جديدة لروسيا.. تشغيل خط أنابيب الغاز بين بلغاريا واليونان
- اليونان تواجه أسعار الكهرباء المرتفعة بدعم إضافي للفواتير
- أول قوانين طاقة الرياح البحرية في اليونان.. مستهدفات ضخمة تواجه معارضات بيئية
اقرأ أيضًا..
- خبراء يتحدثون لـ"الطاقة" عن سبب انخفاض أسعار النفط وهل فشلت خطة أوبك+؟
- أطول خطوط أنابيب النفط في العالم (خرائط وأرقام)
- قصة غلايات البخار العملاقة في الإمارات.. تعادل وزن 3 طائرات جامبو (فيديو)