وكالة الطاقة الدولية ترسم خريطة طريق الحياد الكربوني في أستراليا (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- أستراليا قادرة على تحقيق خفض الانبعاثات اللازم للحياد الكربوني
- كفاءة الطاقة تؤدي دورًا محوريًا في الحياد الكربوني بأستراليا
- تعزيز كفاءة الطاقة ونشر المصادر المتجددة ضرورة للحياد الكربوني في أستراليا
- أستراليا تمتلك موارد طبيعية هائلة تمكّنها من تسريع تحول الطاقة
- ضمان أمن الطاقة من أولويات أستراليا خلال التحول الأخضر
ترى وكالة الطاقة الدولية أن تحقيق الحياد الكربوني في أستراليا بحلول عام 2050 يتطلب وضع خريطة واضحة للسياسات الداعمة لذلك، تضمن بذل مزيد من الجهود لنشر المصادر المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.
وتوصلت الوكالة الدولية، في تقرير حديث، إلى أن أستراليا يمكنها تحقيق قدر كافٍ في خفض الانبعاثات بحلول عام 2030، لتتماشى مع هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ورغم ذلك، ترى أن أستراليا بحاجة إلى تحديث إستراتيجيتها للمناخ يدعمها مسار أسرع لتنفيذها، مع بذل جهود أكبر في تحسين كفاءة الطاقة وتعزيز الاستثمار بالطاقة النظيفة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن تحول الطاقة في أستراليا يتطلب إستراتيجية عادلة على مستوى أقاليم البلاد، تضمن الحصول على تراخيص البناء وتشغيل البنية التحتية اللازمة.
وكانت أستراليا قد أعلنت، في يونيو/حزيران الماضي 2022، تحديث خطتها لمواجهة تغير المناخ، تستهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 43% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 2005، مرتفعة عن هدف الحكومة السابق البالغ 26-28%.
دور مهم لكفاءة الطاقة
على مدار العقدين الماضيين، اتجهت أستراليا إلى نشر تقنيات منخفضة الانبعاثات، مع إنفاق نحو 21 مليار دولار أسترالي (14.11 مليار دولار أميركي) على ذلك؛ خُصص 72% منها للتسويق التجاري، ونسبة 23% للبحث والتطوير، والنسبة المتبقية على العروض التوضيحية للمصادر المختلفة.
وفي السياق نفسه، أكدت وكالة الطاقة الدولية الأهمية المحورية لكفاءة الطاقة لتحقيق الحياد الكربوني في أستراليا، مبينةً أن تحسينات الكفاءة ساعدت البلاد على تحقيق وفورات في الطاقة بقطاعي الصناعة والخدمات منذ عام 2000.
ومع ذلك، شهدت معدلات تحسين كفاءة الطاقة تباطؤًا سنويًا خلال المدّة من 2015 حتى عام 2019 إلى 1.9%، ما يشير إلى ضرورة العمل على تسريعها لإعادة هدف الحياد الكربوني في أستراليا إلى مساره الصحيح.
ودعت وكالة الطاقة الدولية الحكومة الأسترالية إلى العمل على توسيع نطاق سياسات كفاءة الطاقة في ظل تحقيق طموحاتها المناخية.
وتقدّر الحكومة الأسترالية أنه يمكن تحقيق تحسين كفاءة الطاقة بنسبة 53%، وهو ما رأت وكالة الطاقة بأنه يمنح للبلاد فرصًا لخفض استهلاكها من الطاقة، مع مواصلة الناتج المحلي الإجمالي.
وفي الوقت نفسه، ترى وكالة الطاقة أن تحقيق الحياد الكربوني في أستراليا يتطلب زيادة تحسين الكفاءة بنسبة 60%، ما يعني ضرورة رفع معدل تحسين كفاءة الطاقة سنويًا إلى 4.2% بين عامي 2020 و2023.
فواتير الكهرباء
يعدّ من أبرز فوائد كفاءة الطاقة العمل على تقليل نفقات الطاقة للقطاع المنزلي والتجاري، التي تشهد ارتفاعًا بسبب الأزمة العالمية الحالية، ما يعني أن لها مزايا إضافية إلى جانب ضرورتها لتحقيق الحياد الكربوني في أستراليا.
من جانبها، توقعت وزارة الخزانة الأسترالية ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 56% خلال العام المالي الجاري (2022- 2023)، وزيادة أسعار الغاز بنسبة 44%.
يشار إلى أن فواتير الكهرباء في أستراليا قفزت بمقدار 300 دولار أسترالي (201.48 دولارًا أميركيًا) منذ أبريل/نيسان 2022.
وكان تقرير سوق كفاءة الطاقة، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية العام الماضي، يرى أن العيش في منزل أكثر كفاءة وقيادة سيارة أكثر كفاءة يمكن أن يوفر للمستهلكين ما يصل إلى 70% من فاتورة الطاقة المنزلية.
تعزيز الطاقة المتجددة في أستراليا
نمت الطاقة المتجددة في أستراليا بصورة ملحوظة، إذ أسهمت في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء خلال العقد الماضي، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة عن تقرير وكالة الطاقة الدولية.
وتضاعف توليد الكهرباء المتجددة في أستراليا 4 مرات، ليقفز من 17.6 تيراواط/ساعة إلى 70.3 تيراواط/ساعة، خلال المدة الزمنية من عام 2000 حتى عام 2021
وارتفعت حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء في البلاد من 8% إلى 27%، بدعم من نمو الطاقة الشمسية على الأسطح.
وتعدّ أستراليا من الدول البارزة في نشر الطاقة المتجددة على نطاق المرافق، إذ تمتلك أسرة واحدة من بين كل 3 أسر منشأة للطاقة الشمسية الكهروضوئية تمثّل مجتمعة 17 غيغاواط.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع قدرة المصادر المتجددة في أستراليا بنسبة 85% لتصل إلى 40 غيغاواط بحلول عام 2027، بدعم من أهداف البلاد الطموحة وزيادة تمويل مشروعات الطاقة النظيفة.
ويستعرض الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، تطور القدرات الكهربائية المنتجة من الطاقة المتجددة في أستراليا:
وفي حالة تسريع تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وإغلاق المزيد من محطات الفحم، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تحقيق 57 غيغاواط من قدرة الكهرباء المتجددة بحلول عام 2027.
كما يتوقع مشغّل سوق الكهرباء الأسترالي ارتفاع حصة الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء إلى 83% بحلول عام 2030، على أن ينتهي استعمال الفحم في توليد الكهرباء بجلول عام 2032.
ومن المتوقع، بحسب خطة مشغل سوق الكهرباء، إغلاق نحو 14 غيغاواط من قدرة الفحم، البالغة في الوقت الراهن 23 غيغاواط بحلول عام 2030.
ضمان أمن الطاقة خلال التحول الأخضر
تعدّ أستراليا من أكبر مصدّري الطاقة في العالم، وتطمح البلاد بأن تكون قوة عظمى لتصدير الطاقة المتجددة مستقبلًا، خاصة مع امتلاكها موارد طبيعية واسعة ومجموعة كبيرة من المعادن المهمة لتحول الطاقة.
وتضم أستراليا مجموعة كبيرة من المعادن المهمة التي تدخل في صناعة تقنيات الطاقة النظيفة والبطاريات الكهربائية، مثل الليثيوم والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة.
وكانت أستراليا من الدول التي تأثرت بتداعيات الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وتعرضت لتحديات فيما يتعلق بأمن الطاقة والقدرة على تحمّل التكاليف.
وفي يونيو/حزيران 2022، تعرضت البلاد إلى أزمة في الغاز الطبيعي والكهرباء، من بينها تأخّر صيانة محطات توليد الكهرباء، وارتفاع الطلب على الغاز في شهر يوليو/تموز، وسط أسعاره التي كانت مشتعلة في السوق الدولية.
ورغم أن البلاد تعدّ منتجًا ومصدرًا للغاز الطبيعي، فإنها -للمفارقة- شهدت ارتفاعًا في أسعار ذلك الوقود الأحفوري محليًا، بالتزامن مع اشتعال سعره في السوق العالمية.
ودفعت تلك الأزمة الحكومة الأسترالية إلى تنفيذ بعض الإصلاحات في سوق الطاقة، لزيادة قدرتها على الصمود لمواجهة مثل تلك التحديات.
وبدأت البلاد خلال العام الماضي في مراجعة آلية أمن الغاز محليًا، واعتمدت القواعد اللازمة للانتقال إلى الغاز منخفض الانبعاثات.
ودعت وكالة الطاقة الدولية الحكومة الأسترالية إلى مراجعة حوافز الاستثمار في تخزين الغاز ومحطات استيراد الغاز الطبيعي المسال.
بينما أشارت إلى ضرورة قيام الحكومة الأسترالية بتعزيز جهود تقليل استهلاك النفط، خصوصًا في قطاعي التعدين والنقل المحركَين الرئيسَين لنمو الطلب على ذلك الوقود الأحفوري.
أولويات وتحديات انتقال الطاقة
ترى وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار في البنية التحتية للطاقة النظيفة ومرونة نظام الكهرباء وتوافر الوقود من الأولويات الرئيسة للانتقال المنظم للطاقة في أستراليا.
وفي سياق آخر، تعدّ ظواهر الطقس السيئ المتكررة، مثل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات وموجات الحر، أحد التحديات الرئيسة أمام أستراليا لتحقيق هدف الحياد الكربوني.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن كلًا من قطاع الطاقة والتعدين والمصادر المتجددة وشبكات التوزيع بحاجة إلى التكيف مع آثار تغيرات المناخ.
وأكدت أن قطاع الكهرباء، بما يتضمنه من إنتاج ونقل وتوزيع، بحاجة إلى أن يكون أكثر مرونة للتعامل بشكل أفضل مع العواصف والفيضانات وحرائق الغابات.
يشار إلى أن أستراليا تمتلك مجموعة واسعة من مشروعات تطوير احتجاز الكربون وتخزينه، والتي تعدّ -أيضًا- عنصرًا مهمًا في إطار تحقيق الحياد الكربوني من القطاعات الصناعية التي يصعب تقليل الانبعاثات منها.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع هيمنة المصادر المتجددة على نمو إمدادات الكهرباء
- تحول الطاقة في أستراليا يواجه تحديات محتملة مع خسارة الحكومة
- الطاقة الشمسية على الأسطح أكبر مصدر للكهرباء في أستراليا.. قريبًا
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي يجد مُبتغاه في السعودية والإمارات.. ما موقف أميركا؟
- صادرات النفط من السودان والجنوب قد تتأثر بالأزمة.. كيف يكون رد فعل جوبا؟
- هبوط حاد في واردات أوروبا من الغاز عبر خطوط الأنابيب.. والجزائر ثاني الموردين