صناعة الهيدروجين الأخضر في أميركا تنتظر مليارات الدولارات بفضل التشريعات
نوار صبح
- • يمكن لمنتجي الهيدروجين الأخضر المطالبة بإعفاءات ضريبية للهيدروجين الذي ينتجونه
- • يمكن للإعانات السخية أن تجعل الاستعمالات غير الفعالة للهيدروجين الأخضر مربحة
- • توفر قطاعات مثل صناعة الصلب وإنتاج الأسمدة سوقًا أكثر استقرارًا ومربحة للهيدروجين الأخضر
- • الهيدروجين الأخضر يوفر بديلًا محايدًا كربونيًا للفحم والديزل وأنواع الوقود الأحفوري الملوثة الأخرى
تحشد التشريعات الاتحادية الأميركية للتحول إلى الطاقة النظيفة -مثل قانون خفض التضخم- مليارات الدولارات لدعم صناعة الهيدروجين الأخضر المحايد كربونيًا، والمواد الأولية الكيميائية المنتَجة باستعمال المصادر المتجددة.
ويُعدّ الهيدروجين الأخضر أداة متعددة الاستعمالات يمكنها إزالة الكربون من القطاعات التي تتراوح من الشحن البحري إلى صناعة الصلب إلى إنتاج الأسمدة، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، فإن الإعانات الاتحادية الأميركية السخية الضرورية لتوسيع نطاق صناعة الهيدروجين الأخضر بسرعة، لم تحدد بعد الغرض من استعمال الهيدروجين، ما قد يؤدي إلى مشروعات قابلة للتطبيق ماليًا للشركات، ولكنها ليست في مصلحة المناخ أو المستهلكين.
وتتمتع هيئات ووكالات الولايات والجهات الاتحادية بالسلطة لضمان عدم توجيه التمويل العام لصناعة الهيدروجين الأخضر لتصنيع وقود انتقالي إلى أيّ مكان، وفقًا لما نشره موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor).
ويمكن للهيئات العامة والمنظمين توجيه الهيدروجين الأخضر نحو القطاعات التي يكون استعمالها فيها مجديًا من الناحية المالية، وحيث لا تتوفر بدائل أفضل حاليًا.
ويمكن للمسؤولين في وزارة الطاقة الأميركية، على سبيل المثال، تخصيص التمويل من مكتب برامج القروض ومكتب عروض الطاقة النظيفة نحو المشروعات التي تزيل الكربون عن الصناعات الثقيلة والنقل كثيف الطاقة.
ويمكن لصانعي السياسات في البلاد تطوير خطط تفصيلية برؤية واضحة للمكان الذي سيجري فيه استعمال الهيدروجين، ثم تنفيذ برامج التمويل وأهداف النشر لتحفيز تبديل وقود الهيدروجين في القطاعات ذات الأولوية.
بناء اقتصاد الهيدروجين الأخضر
بموجب قانون خفض التضخم للعام الماضي، يمكن لقادة صناعة الهيدروجين الأخضر المطالبة بإعفاءات ضريبية للهيدروجين الذي ينتجونه، بالإضافة إلى أيّ كهرباء نظيفة جديدة يولّدونها لإنتاج هذا الهيدروجين.
في بعض السيناريوهات، يمكن للإعانات السخية أن تجعل الاستعمالات غير الفعالة للهيدروجين الأخضر مربحة.
ويتمثل أحد الأمثلة البارزة في استعمال الكهرباء لصناعة الهيدروجين الأخضر، ثم حرق ذلك الهيدروجين في محطة توليد الكهرباء لإنتاج الكهرباء مرة أخرى، ما يؤدي إلى إهدار معظم الطاقة على طول الطريق.
وعلى الرغم من أن صناعة الهيدروجين الأخضر قد تؤدي في النهاية دورًا بإزالة الكربون من الكهرباء، فإنه سيكون بمثابة مخزن للكهرباء الاحتياطية لإدارة تقلبات مصادر الطاقة المتجددة، وليس مصدرًا رئيسًا لكهرباء الحمل الأساس.
الأهم من ذلك، أن الإعانات الفيدرالية محدودة زمنيًا، لذا فإن حالات الاستعمال المربحة هامشيًا اليوم قد تكون غير قادرة على المنافسة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى محللون أن الاستثمارات المضللة في استعمالات الهيدروجين مثل توليد كهرباء الحمل الأساس أو التدفئة المنزلية قد تؤدي إلى ترك عملاء المرافق في مأزق بسبب البنية التحتية غير الفعالة والمكلفة، التي لا تتمتع إلّا بمدة قصيرة من الجدوى المالية.
حتى مع الافتراضات المتفائلة، على سبيل المثال، سيتطلب استعمال الهيدروجين لتدفئة المنازل ما لا يقلّ عن 3 أضعاف كمية الكهرباء التي يتطلبها استعمال المضخات الحرارية، وسيكون أكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين على المدى الطويل.
تحديد الأولويات
يوجد العديد من الصناعات ذات الأولوية التي تعد بأن تكون عملاء أفضل على المدى الطويل لمنتجي الهيدروجين النظيف، وفقًا لما نشره موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor).
وتوفر قطاعات مثل صناعة الصلب وإنتاج الأسمدة سوقًا أكثر استقرارًا ومربحًا لصناعة الهيدروجين الأخضر، الذي يوفر بديلًا محايدًا كربونيًا للفحم والديزل وأنواع الوقود الأحفوري الملوثة الأخرى.
علاوة على ذلك، لا يمكن لصناعة الهيدروجين الأخضر أن تجلب أسعارًا أعلى في تلك القطاعات فحسب، بل ستُحدث تأثيرًا أكبر بكثير في انبعاثات الكربون العالمية.
على سبيل المثال، وجد تحليل نشره معهد روكي ماونتن (آر إم آي) غير الربحي أن كل كيلوغرام (كغم) من الهيدروجين الأخضر الذي يحلّ محلّ الوقود التقليدي في صناعة الصلب الثقيلة بالفحم من شأنه أن يمنع انبعاث 33.6 كغم من ثاني أكسيد الكربون.
ويساوي ذلك أكثر من 5 أضعاف الادّخارات الكربونية الناتجة عن استعمال الهيدروجين لتوليد الكهرباء أو تدفئة المباني، إذ توجد تقنيات أفضل لإزالة الكربون.
وسيوفر إنتاج الأسمدة من الهيدروجين، بدلًا من الغاز الأحفوري، فوائد مناخية كبيرة، مع تعزيز الأمن الغذائي وحماية المزارعين من تقلّب أسعار الوقود الأحفوري.
وبالمثل، فإن نشر أنواع الوقود المشتق من الهيدروجين مثل الأمونيا والميثانول الأخضر في الشحن والكيروسين الحيوي في الطيران من شأنه أن يتيح تخفيضات واسعة النطاق للانبعاثات دون الحدّ من قابلية التوسع في قطاعات النقل الحيوية هذه.
تعزيز الثورة الصناعية النظيفة
لدى الولايات المتحدة الآن فرصة لا تتكرر إلّا مرة واحدة في العمر لتنشيط اقتصاد الهيدروجين، والتأكد من أنه يسير في الاتجاه الصحيح.
بموجب قانون البنية التحتية للحزبين لعام 2021، تخصص الحكومة الفيدرالية 8 مليارات دولار لتطوير مراكز الهيدروجين الإقليمية في جميع أنحاء البلاد. وستضم هذه المراكز مجموعات من منتجي الهيدروجين المترابطين والمستهلكين والبنية التحتية للنقل.
وستقدّم التحالفات الإقليمية التي تتطلع إلى تطوير مراكز صناعة الهيدروجين الأخضر النظيفة طلباتها النهائية إلى وزارة الطاقة الأميركية في أبريل/نيسان.
من ناحيتها، تتوق هيئات الولايات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص ضمن هذه التحالفات إلى أن تشارك في المراحل الأولى لهذه الصناعة الناشئة، وستجلب إسهاماتها في توجيه عشرات المليارات من الدولارات إلى هذه المراكز.
وستساعد المراكز التي اختيرَت -والقطاعات داخل تلك المراكز- في تحديد ما إذا كان الهيدروجين الأخضر يستفيد من إمكاناته الاقتصادية والمناخية.
على صعيد آخر، ستساعد الإرشادات المقبلة من وزارة الخزانة ومصلحة الضرائب الأميركية، التي توضح طريقة تنفيذ الإعفاءات الضريبية الجديدة لقانون خفض التضخم، في تعزيز اقتصاد الهيدروجين المبكر.
يعود ذلك لأن هذه الإعفاءات الضريبية ستحفّز استثمارات محتملة بمئات المليارات من الدولارات، وفقًا لما نشره موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor) في 31 مارس/آذار الماضي.
ويشير المراقبون إلى أن الازدهار في التمويل من حوافز قانون خفض التضخم، واستثمارات مراكز الهيدروجين والمبادرات الأخرى، تتيح للولايات المتحدة فرصة حقيقية لإنشاء مراكز هيدروجين إقليمية نشطة ومجموعات من الصناعات النظيفة.
ويمكن أن تساعد التحالفات، مثل: ميشن بوسيبل بارتنرشيب، الذي يسهم في دعم الصناعات الثقيلة وعملائها لحلول إزالة الكربون، في تنمية اقتصاد هيدروجين على الصعيد الوطني للحدّ من انبعاثات القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة.
وقد نجح صانعو السياسة في الولايات المتحدة في زيادة الاهتمام والنشاط في الهيدروجين المحايد كربونيًا، وإذا تمكّنوا من توجيه الإعانات والاستثمارات إلى القطاعات الصحيحة، فيمكنهم المساعدة في تنشيط القاعدة الصناعية للبلاد وإزالة الكربون منها في الوقت نفسه.
موضوعات متعلقة..
- هل يستفيد إنتاج الهيدروجين الأخضر في أميركا من الإعفاءات الضريبية؟
- أندرو فورست يتوقع نمو صناعة الهيدروجين الأخضر إلى 16 تريليون دولار
- كيف يؤثر مشروع قانون خفض التضخم الأميركي في تكاليف صناعة الطاقة؟
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط النيجيري تبحث عن مشترين.. 20 شحنة معلّقة بسبب إضرابات فرنسا
- توقعات بارتفاع أسعار المحروقات في المغرب بعد خفض إنتاج أوبك+
- محطة أكويو النووية.. فرس الرهان التركي نحو الطاقة النظيفة (مقال)