واردات آسيا من النفط تقفز قليلًا في مارس.. والسعودية تستعيد الصدارة من روسيا
الصين والهند تقودان الطلب وجنوب شرق آسيا يعاني
رجب عز الدين
احتفظت واردات آسيا من النفط بمستوياتها المرتفعة خلال شهر مارس/آذار 2023، مع استعادة السعودية للمركز الأول في التصدير إلى الصين بدلًا من روسيا.
وظلت الواردات الآسيوية من النفط الخام عند مستويات قوية نسبيًا خلال شهر مارس/آذار 2023، بدفع زيادة الطلب في الصين والهند، رغم ضعفه في أغلب بلدان جنوب شرق آسيا، وفقًا لوكالة رويترز.
وعادة ما تتحكم الصين والهند في حركة واردات آسيا من النفط بوصفهما أكبر دولتين مستوردتين للنفط في العالم، وأكبر كتلتين بشريتين في العالم (2.9 مليار نسمة)، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
انخفاض المتوسط اليومي
بلغ إجمالي واردات آسيا من النفط خلال شهر مارس/آذار 2023 قرابة 116.73 مليون طن، ما يعادل 27.6 مليون برميل يوميًا.
وتزيد هذه الأرقام بنسبة 4% عن إجمالي واردات آسيا من النفط خلال شهر فبراير/شباط 2023، المستقرة عند 112.32 مليون طن، إلّا أنها تنخفض بنسبة 6.1% على أساس يومي.
وبلغ المتوسط اليومي لواردات آسيا من النفط في مارس 27.6 مليون برميل، بينما بلغ في فبراير/شباط 29.4 مليون برميل، كما بلغ في يناير/كانون الثاني 29.13 مليون برميل يوميًا.
ورغم ذلك، ما زال متوسط الأشهر الـ3 الأولى من عام 2023 أكبر من أيّ متوسط شهري مسجل خلال عام 2022، باستثناء واردات آسيا من النفط خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، التي سجلت 29.1 مليون برميل يوميًا.
واردات الصين منفردة
ارتفع متوسط واردات آسيا من النفط خلال الربع الأول من 2023، إلى 28.67 مليون برميل يوميًا، بزيادة 6.3% عن المتوسط المسجل خلال الربع الأخير من عام 2022، والبالغ 26.96 مليون برميل يوميًا.
وانتعش الطلب على النفط في الصين، أكبر مستورد للخام عالميًا، منذ مطلع عام 2023، بعد أن خففت الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا بصورة كبيرة، ما أدى إلى استئناف النشاط الاقتصادي والصناعي بصورة أقوى.
وارتفعت واردات الصين وحدها في شهر مارس/آذار 2023 إلى 49.26 مليون طن، ما يعادل 11.56 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى في 4 أشهر، وفقًا لبيانات منصة ريفينيتيف المتخصصة في تتبّع حركة الشحن والناقلات.
وبلغت واردات بكين، خلال شهر فبراير/شباط 2023، قرابة 10.66 مليون برميل يوميًا، ما يقلّ عن متوسط مارس/آذار 2023، بنحو مليون برميل يوميًا.
السعودية تختطف مقعدها
استعادت المملكة العربية السعودية مكانتها الأولى -المختطفة من روسيا مؤقتًا- لتصبح أكبر مصدر نفط إلى الصين خلال شهر مارس/آذار 2023، بمعدل 8.08 مليون طن.
وتعادل هذه الكمية 16.4% من إجمالي واردات الصين خلال الشهر، متفوقة على موسكو التي صدّرت 7.95 مليون طن أو ما يعادل 16.1%، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتنافست روسيا والسعودية على المركز الأول بين المصدرين إلى الصين منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، إذ تقدّم موسكو خصومات مغرية للآسيويين بسبب العقوبات المفروضة عليها في أوروبا وأميركا.
عقوبات النفط الروسي
حظرت أوروبا ومجموعة الـ7 صادرات النفط الروسي المنقول بحرًا منذ 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، مع فرض سقف سعري لتداول الخامات الروسية في الأسواق العالمية لا يزيد عن 60 دولارًا، ويستهدف الغرب من هذه الإجراءات تكبيد موسكو خسائر ضخمة.
وإذا رفضت روسيا البيع بهذا السقف، فستجد نفسها مضطرة لخفض الإنتاج والتصدير، ما يعرّضها لخسار أكبر، وهو ما تستهدفه العقوبات الغربية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وشدد الاتحاد الأوروبي العقوبات على روسيا في 5 فبراير/شباط 2023، عبر إدراج المشتقات النفطية الروسية، لا سيما الديزل، إلى قائمة المحظورات.
خصومات مغرية
اضطرت روسيا إلى تغيير دفة صادراتها النفطية إلى كبار القوى الاقتصادية في آسيا، لتنافس السعودية ودول الشرق الأوسط المصدّرين التقليدين للقارة، عبر مزاحمتهم على السوق الآسيوية بتخفيضات وخصومات مغرية قلبت موازين التصدير خلال عام 2022، رأسًا على عقب.
ورغم تفوّق صادرات النفط السعودي إلى الصين على نظيرتها الروسية خلال شهر مارس/آذار 2023، فإن أحجام الصادرات الروسية ما زالت ضخمة، إذا قورنت بمستويات ما قبل الحرب الأوكرانية.
وتتنافس الهند -ثاني أكبر القوى الاقتصادية في آسيا- على النفط الروسي مع الصين منذ الحرب الأوكرانية، ما أسهم في زيادة التنافس على تحميل الشحنات الروسية من مواني المحيط الهادئ.
وزادت الهند من منافستها عبر تنويع سلة وارداتها من النفط الروسي، بشراء نوعيات جديدة من الخامات القطبية إلى جانب خام الأورال الرئيس، مثل خام فارندي بلند، وخام إسبو، المفضل لدى مصافي التكرير الصينية.
وغالبًا ما ينقل خام الأورال من المواني الغربية لروسيا، ويصل إلى الهند عبر قناة السويس أو عبر طريق رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، بينما ينقل خام إسبو من مواني المحيط الهادئ.
الهند تزاحم
اشترت الهند قرابة 400 ألف طن من خام إسبو المحمل من المحيط الهادئ في مارس/آذار 2023، ما دفع الصين إلى استيراد كمية قياسية من خام الأورال بلغت 1.56 مليون طن لتعويض النقص في الخام الذي زاحمت عليه نيودلهي.
وارتفعت واردات الهند من النفط الخام خلال شهر مارس/آذار 2023، إلى 21.23 مليون طن، ما يعادل 5.02 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى في 11 شهرًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
واستحوذت روسيا وحدها على 34% من مشتريات الهند للنفط خلال الشهر، بحجم صادرات بلغت 7.29 مليون طن، وهو سادس رقم قياسي تسجله موسكو للشهر الـ6 على التوالي.
ومن المتوقع استمرار الصين والهند في شراء النفط الروسي بأحجام قياسية، مع استمرار الحرب الأوكرانية للعام الثاني وتشديد العقوبات الغربية على موسكو.
انخفاض واردات اليابان
تثير الحصة المتزايدة من النفط الروسي في إجمالي ورادات آسيا من النفط تساؤلات عديدة حول الأضرار التي لحقت بالمصدّرين الآخرين، لا سيما دول أوبك، وكذلك الأضرار التي لحقت بالمستوردين الآسيويين الآخرين.
وانخفضت ورادات اليابان، ثالث أكبر مشتري للنفط في آسيا، إلى 10.67 مليون طن فقط في مارس/آذار 2023، ما يعادل 2.52 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوي منذ 9 أشهر ( يونيو/حزيران 2022).
وترجع أسباب تقلّص الواردات اليابانية إلى انخفاض استهلاك مصافي التكرير بسبب ارتفاع الأسعار، إضافة إلى السحب من مخزونات النفط في اليابان، ما أدى إلى ضعف الطلب على الواردات الأجنبية.
على العكس من ذلك، قفزت واردات كوربا الجنوبية إلى مستوى قياسي بلغ 3.33 مليون برميل يوميًا، كما سجلت سنغافورة واردات قوية -أيضًا- وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أغلب آسيا قلقة
ما زال قلق الطلب يسيطر على بقية دول آسيا من خارج أكبر 6 مستوردين، إذ انخفضت وارداتهم إلى 12.87 مليون طن في مارس/آذار 2023، مقارنة بـ14.36 مليون طن في فبراير/شباط 2023.
وتشير هذه الأرقام إلى ضعف الطلب في معظم دول جنوب شرق آسيا، وجنوب آسيا باستثناء الهند.
وارتفعت أسعار خام الأورال الروسي فوق الحد الأقصي (60 دولارًا)، يوم الأربعاء 5 مارس/آذار 2023، مدعومة بزيادة التنافس بين الهند والصين وارتفاع أسعار خام برنت، بعد إعلان منظمة أوبك خفض الإنتاج، وفقًا لوكالة رويترز.
ورغم إيجابية صعود أسعار خام الأورال فوق الحد الأقصى، فإن ذلك يعقّد التجارة بالنسبة لروسيا المستبعدة من نظام التمويل الدولي بسبب العقوبات الغربية.
مأزق تداول الأورال
تشترط العقوبات الغربية تداول الأورال بالدولار في الأسواق العالمية بشرط بيعه دون الحد الأقصى (60 دولارًا)، وإلّا فيجب استعمال عملة أخرى، ما قد يربك المعاملات المالية والمصرفية لموسكو، وكذلك المتداولين على الخام الروسي.
وارتفعت أسعار خام برنت فوق 80 دولارًا للبرميل هذا الأسبوع، بعد إعلان منظمة البلدان المصدّرة للنفط "أوبك"، خفضًا مفاجئًا للإنتاج.
وتداولت أسعار خام الأورال في المواني الهندية بخصومات تتراوح بين 14 إل 17 دولارًا للبرميل على أساس تسليم السفينة، لكن اتفاق أوبك دفعها إلى تقليص الخصومات لما يتراوح بين 12 و14 دولارًا للبرميل.
كما تقلّصت الخصومات على العقود الآجلة لخام الأورال المتجه إلى الصين تسليم مايو/أيار 2023، من 11 دولارًا للبرميل إلى 8 دولارات للبرميل، على أساس تسليم السفينة.
موضوعات متعلقة..
- أكبر شركات التكرير الهندية تشتري كميات قياسية من النفط الروسي والخليجي خلال شهر
- النفط الروسي يواصل رحلته بين حظر التصدير والاستيراد وسقف الأسعار والإنتاج (تقرير)
- النفط الروسي يخفّض الإغراءات إلى الصين والهند وسط منافسة شرسة على خام إسبو (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- واردات أوروبا من المشتقات النفطية الأدنى منذ 2016.. والسعودية مورّد رئيس
- أكبر مستوردي الغاز المسال الروسي في الاتحاد الأوروبي خلال 2023 (رسم بياني)
- تأميم محطات الكهرباء في المكسيك.. والرئيس يعلن السيطرة على الأسعار