هل يحفز هبوط أسعار الغاز تعافي الطلب في أوروبا وآسيا؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
دفع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي (2022) العديدَ من الشركات العاملة في أوروبا وآسيا للتحول إلى أنواع أخرى بديلة وأرخص من هذا الوقود، مع تقليل الإنتاج، ولكن، هل يستمر هذا الاتجاه وسط تراجع الأسعار مؤخرًا؟
بحسب تقرير حديث لشركة وود ماكنزي، فقد تسببت أسعار الغاز القياسية بتراجع الطلب على ذلك الوقود الأحفوري في دول آسيا وأوروبا خلال العام الماضي، ومع انخفاض الأسعار بدأت الشركات في إعادة تقييم اقتصاديات استعمال الغاز الطبيعي مجددًا في عملياتها.
وتوقعت شركة الأبحاث أن يؤدي انخفاض الأسعار مؤخرًا إلى العودة لاستهلاك الغاز الطبيعي مرة أخرى، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تراجع الأسعار حافز قوي للعودة
يشير التقرير إلى أنه مع بلوغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي والغاز المسال نحو 40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال العام الماضي، اضطرت العديد من الشركات لإعادة التفكير في متطلباتها من هذا الوقود.
ودفعت تلك الأسعار المرتفعة الشركات إلى الحدّ من تعرّضها للسوق الفورية، والتحول لأنواع وقود بديلة، إلى جانب خفض الإنتاج؛ ما أدى إلى انخفاض الطلب على الغاز في أوروبا وآسيا.
وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، انخفض الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 13%، ما يعادل 55 مليار متر مكعب، ليسجل أكبر تراجع على الإطلاق.
وفي المقابل، تشهد المدّة الحالية تداول أسعار الغاز الأوروبية والغاز الطبيعي المسال بأقلّ من 15 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وتشير وود ماكنزي إلى أنه في حالة انخفاض أسعار الغاز بوتيرة أكبر من ذلك، فقد يكون لدى الشركات في أوروبا وآسيا حافز قوي للعودة إلى استعمال الغاز، قائلة: "إن الأسعار الحالية تدعم بعض التحول من الفحم إلى الغاز مرة أخرى، خصوصًا في أوروبا".
ومن المتوقع قيام منتجي الفحم بتقليل هوامش الربح للحفاظ على قدرتهم التنافسية، ومع ذلك ترى شركة الأبحاث أن الفحم سيواجه صعوبة في تحقيق أرباح دون سعر 80 دولارًا للطن.
الوضع يختلف بعض الشيء في آسيا
على صعيد الدول الآسيوية، تشير وود ماكنزي إلى أن ديناميكيات السوق تختلف عن أوروبا؛ ما يجعل العودة إلى الغاز بدلًا من الفحم أقلّ احتمالًا.
وعلى سبيل المثال، في السوق اليابانية تُوَلَّد الكهرباء من الطاقة النووية، وشراء الفحم عالي الجودة، مع الاهتمام بالانبعاثات، وكلها عوامل تؤثّر في الطلب، ما يجعل تأثير تغيير أسعار الغاز أقلّ حدّة.
وفي الصين، يعدّ الغاز الطبيعي المسال المنقول بالشاحنات أكثر حساسية بتحركات الأسعار، وبالفعل، انخفضت الأسعار بوتيرة حادة منذ الربع الثالث لعام 2021.
ورغم ذلك، تعدّ الأسعار الفورية حاليًا، والتي تقلّ عن 15 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، منخفضة بما يكفي لبدء استبدال بعض الشحنات طويلة الأجل الأكثر تكلفة.
وبصفة عامة، يمثّل النشاط الاقتصادي في الصين عاملًا بالغ الأهمية لانتعاش الطلب على الغاز الطبيعي المسال، مع توقعات بتعافٍ ملحوظ للاقتصاد خلال 2023، بعد رفع قيود الإغلاق المرتبطة بوباء كورونا.
الغاز وإنتاج الأمونيا
أدّت أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة إلى زيادة تكلفة إنتاج الأمونيا بصورة كبيرة في أوروبا خلال العام الماضي، ليصبح إنتاجه غير مُجدٍ اقتصاديًا؛ ما دفع بعضهم لخفض الإنتاج أو إغلاق المصانع مؤقتًا.
وبلغ متوسط إنتاج الأمونيا في أوروبا 50% فقط من السعة المتاحة خلال العام الماضي.
كما تسبَّب تراجع واردات أوروبا من الأمونيا الروسية بسبب الحرب الأوكرانية بمزيد من الضرر لإمدادات السوق، رغم أن الشحنات القادمة من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا ساعدت على تعويض السوق جزئيًا.
ومنذ بداية العام الجاري، أدى انخفاض تكاليف الغاز إلى جعل إنتاج الأمونيا في أوروبا اقتصاديًا مرة أخرى، ومع ذلك، فإن الأمونيا القادمة من الخارج تعدّ أرخص ثمنًا؛ ما يؤثّر سلبًا في الإنتاج داخل القارة العجوز.
ورغم ذلك، تتوقع وود ماكنزي ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي من قطاع الأمونيا بمقدار 10 مليارات متر مكعب، إذا عادت المصانع إلى طاقتها الكاملة على مدار هذا العام.
موضوعات متعلقة..
- مقترح لتمديد خفض الطلب على الغاز في أوروبا لمدّة عام آخر
- إيرادات صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا في 2022 تقفز 82%.. وانتعاشة جديدة متوقعة
- واردات الغاز المسال الهندية تنتعش مدفوعة بمخاوف أزمة الكهرباء
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط الروسي منذ بدء غزو أوكرانيا (رسم بياني)
- تقرير جديد يكشف توقعات أسعار النفط حتى عام 2024
- اكتشافات الغاز في أفريقيا خلال 2023.. فرص واعدة للجزائر ومصر