توليد الكهرباء من الهواء.. اكتشاف قد يمهّد لتغيير جذري في عالم الطاقة (تقرير)
نوار صبح
في إطار نشر تقنيات الطاقة النظيفة، اكتشف فريق من الباحثين الأستراليين في جامعة موناش بولاية فيكتوريا "بطارية طبيعية" تتيح توليد الكهرباء من الهواء، ولديها إمكانات كبيرة لدعم التطوير المستقبلي للأجهزة الصغيرة والمستدامة التي تعمل بالطاقة الهوائية.
وقام هؤلاء الباحثون بعزل إنزيم يمكنه تحويل تركيزات دقيقة من الهيدروجين في الغلاف الجوي لإنتاج تيار كهربائي مستمر، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى المحللون أن هذا الاكتشاف يمهّد الطريق نحو مستقبل تُشَغَّل فيه الأجهزة اعتمادًا على الهيدروجين الموجود في الهواء، حسبما نشرت مجلة بي في ماغازين (pv-magazine) في 10 مارس/آذار الجاري.
وقام فريق البحث، بقيادة الدكتور ريس غرينتر، وطالبة الدكتوراه آشلي كروب، والبروفيسور كريس غرينينغ من معهد اكتشاف الطب الحيوي بجامعة موناش الأسترالية، بعزل وتحليل الشيفرة الوراثية لإنزيم يمكّن بكتيريا التربة الشائعة من استهلاك الهيدروجين واستخراج الكهرباء منه.
وكشفت النتائج، التي توصلوا إليها، ونُشرت في مجلة نيتشر، عن أن إنزيم الهيدروجيناز هذا، أو "إتش يو سي Huc"، يستخدم كميات قليلة من الهيدروجين في الغلاف الجوي لتوليد تيار كهربائي.
وقال البروفيسور كريس غرينينغ: "لقد عرفنا منذ بعض الوقت أن البكتيريا يمكنها اقتفاء أثر الهيدروجين الموجود في الهواء بصفته مصدرًا للكهرباء لمساعدتها على النمو والبقاء على قيد الحياة؛ لكننا لم نعرف كيف فعلت ذلك، حتى الآن".
لمحة عن إنزيم الهيدروجيناز
يتكون جزيء الهيدروجين من بروتونَيْن موجبيْ الشحنة متماسكيْن معًا بواسطة رابطة مكونة من إلكترونيْن سالبيْ الشحنة.
وقال فريق البحث في جامعة موناش الأسترالية إن إنزيم الهيدروجيناز يحطم هذه الرابطة، وتتحرر البروتونات، ويجري إطلاق الإلكترونات.
في البكتيريا، تتدفق هذه الإلكترونات الحرة إلى دارة معقدة تسمى "سلسلة نقل الإلكترون"، وتُسَخَّر لتزويد الخلية بالكهرباء، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الأستاذ في جامعة موناش الأسترالية، الدكتور ريس غرينتر: "إن إنزيم الهيدروجيناز فعال بشكل غير عادي، فهو قادر على تحويل حتى تركيزات دقيقة من الهيدروجين مباشرة إلى كهرباء، التي يمكن أن تُشغِّل دارة كهربائية".
وأضاف: "على عكس جميع الإنزيمات والمحفزات الكيميائية المعروفة الأخرى؛ فإن إنزيم الهيدروجيناز يستهلك كمية ضئيلة من الهيدروجين دون المستويات الموجودة في الغلاف الجوي، تقلّ عن نسبة 0.00005% من الهواء الذي نتنفّسه".
علاوة على ذلك، يُظهر العمل المخبري أن إنزيم الهيدروجيناز مستقر للغاية، وقادر على تحمل درجات الحرارة من 80 درجة مئوية إلى ناقص 80 درجة مئوية دون فقدان النشاط، حسبما نشرت مجلة بي في ماغازين (pv-magazine) في 10 مارس/آذار الجاري.
تحديات أمام الاكتشاف
قال فريق الباحثين من معهد اكتشاف الطب الحيوي بجامعة موناش الأسترالية: "إن البكتيريا التي تنتج إنزيمات مثل الهيدروجيناز شائعة ويمكن زراعتها بكميات كبيرة؛ ما يضمن الوصول إلى مصدر مستدام للإنزيم".
وأقرّ العلماء بأن الوقت ما زال مبكرًا للبحث، وأشاروا إلى ضرورة التغلب على العديد من التحديات التقنية للتحقق من إمكانات إنزيم الهيدروجيناز لتوليد للكهرباء.
وأوضحوا: "لسبب واحد، سنحتاج إلى زيادة كبيرة في حجم إنتاج إنزيم الهيدروجيناز، الذي ننتجه في المختبر بكميات تقدّر بالمليغرام، لكننا نريد زيادة ذلك إلى غرامات وفي النهاية كيلوغرامات."
وقال غرينتر: "بمجرد أن ننتج إنزيم الهيدروجيناز بكميات كافية، يصبح الهواء متاحًا لاستخدامه في إنتاج طاقة نظيفة".
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: داعمو الوقود الأحفوري بعد حرب أوكرانيا كانوا أشد أعدائه
- تعدين العملات المشفرة يضرب الكهرباء والتدفئة في مدينة قازاخستانية (تقرير)
- الصناعة الكيماوية الخليجية بين بوادر الانتعاش إقليميًا وعدم الاستقرار عالميًا (مقال)