حظر سيارات محرك الاحتراق الداخلي في أوروبا يواجه ضغوطًا من المُصنعين والحكومات
ويضع مصداقية أوروبا على المحك بعد تأجيل التصويت عليه
أحمد أيوب
حققت سيارات محرك الاحتراق الداخلي انتصارًا جزئيًا على الاتحاد الأوروبي، بعدما أعلن الأخير تأجيل التصويت على مشروع قانون لحظر بيعها بدءًا من عام 2035، كان مخططًا له يوم 7 مارس/آذار (2023).
وتواجه سياسات الحظر لهذه السيارات ردة إلى الخلف، مع نجاح شركات سيارات كبرى في إقناع حكومات بلادها بالتصدي لهذه الخطط، والضغط من أجل استثناء السيارات العاملة بالوقود الاصطناعي (المعروف أيضًا باسم الوقود الكهربائي) من الخطة التي خضع التصويت عليها للتأجيل.
يأتي ذلك في حين انخرطت اثنتان من كُبريات شركات صناعة السيارات عالميًا، هما "بورشه الألمانية" و"فيراري الإيطالية"، في الجدل المُثار بشأن حظر بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي، بعد إعلانهما ضرورة استبعاد السيارات العاملة بالوقود الاصطناعي من خطة الحظر، بحسب ما نشره مؤخرًا موقع بلومبرغ.
وفي 14 فبراير/شباط الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على قانون يحظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين والديزل في دول الاتحاد الأوروبي -بدءًا من عام 2035- بهدف تسريع التحول إلى السيارات الكهربائية ومكافحة تغير المناخ، وكان يُنتظر إقرار من دول الاتحاد لإعلان القانون رسميًا، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ضغوط المُصنعين
منذ الأسبوع الماضي، تمارس شركتا تصنيع السيارات الرياضية الفارهة (بورشه وفيراري) ضغوطًا على حكوماتهما، لإقناعهما برفض خطة حظر سيارات محرك الاحتراق الداخلي.
وترغب الشركتان في استثناء مركبات محرك الاحتراق الداخلي التي تعمل بالوقود الاصطناعي من الحظر، إذ تعوّل بورشه وفيراري على قدرتهما على التأثير في صانع القرار بصفتهما من الشركات الأيقونية بمجال السيارات.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم شركة "بورشه" أنه يمكن تشغيل سيارات محرك الاحتراق الدخلي بطريقة محايدة مناخيًا بصورة تُسرع من عملية إزالة الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل، في حين أشارت شركة "فيراري" إلى مساعيها للحصول على أنواع وقود بديلة لمواصلة تصنيع هذه السيارات.
وقال وزير النقل الألماني، فولكر فيسينغ، لمحطة إيه آر دي: "نحن بحاجة إلى وقود اصطناعي، لأنه لا يوجد بديل لتشغيل أسطولنا الحالي بطريقة محايدة مناخيًا"، بحسب ما نشره موقع فاينانشال تايمز.
وأشار إلى أنه أمر متناقض عندما تدعو مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى مستهدفات كبيرة لحماية المناخ، ولكن من ناحية أخرى تجعل تحقيق هذه الأهداف أكثر صعوبة من خلال تشريع مفرط في طموحاته.
الوقود الاصطناعي
أثارت هذه الخطوات تساؤلات كبيرة حول مدى اعتبار الوقود الاصطناعي محايدًا للمناخ، خاصة قد ثُبت من قبل أنه مكلف للغاية بالنسبة إلى أساطيل المركبات الكبيرة.
تُجدر الإشارة إلى أنه غالبًا ما يُنظر إلى الوقود الاصطناعي -الذي يُنتج باستعمال الكهرباء المنتجة من الهيدروجين المتجدد والغازات الأخرى- على أنه وقود محايد للكربون يمكن استعماله لتشغيل سيارات محرك الاحتراق الداخلي.
ومن شأن ذلك إطالة عمر صناعة السيارات التقليدية في ألمانيا، التي تشكل نحو خُمس الإيرادات الصناعية للبلاد.
وفي الوقت نفسه، أماطت هذه الممارسات اللثام عن أسئلة أعمق حول القوى الاقتصادية والاجتماعية التي يمكنها أن تؤدي دورًا في عملية انتقال أوروبا إلى التقنيات الخضراء.
تأتي هذه التحركات لإفشال خطة حظر سيارات محرك الاحتراق الداخلي، في وقت تضخ خلاله الشركات مليارات الدولارات لتصنيع السيارات الكهربائية، ولا يرغب الكثيرون في تشتيت الانتباه إلى بديل محتمل باهظ الثمن مثل الوقود الاصطناعي.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- معدلات مبيعات سيارات الركاب الكهربائية حول العالم خلال المدة 2015-2022:
مصداقية الاتحاد الأوروبي
أثار التغيير في المواقف -في هذه المرحلة المتأخرة- الغضب بين عواصم أوروبية أخرى، إذ تعد هذه الدول هذا التحول تهديدًا لمصداقية الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتشريعات الخضراء.
وقال عضو حزب الخضر الألماني، عضو البرلمان الأوروبي، مايكل بلوس: "إن تأجيل التصويت يُعد بمثابة مصدر إحراج لألمانيا"، مضيفًا أنه "يخلق فوضى، ويجعلنا غير جديرين بالثقة تمامًا، ويصبح عائقًا أمام حماية المناخ".
ويأتي ذلك رغم أن انبعاثات النقل تقارب رُبع حصة الانبعاثات التي تطلقها دول الاتحاد كافة، في حين يحبط إرجاء التصويت أهداف خفض الانبعاثات.
واكتفت دول الاتحاد بإعلان إرجاء التصويت دون تحديد موعد بديل، رغم مرور أشهر على المفاوضات وموافقة البرلمان الأوروبي على القانون الشهر الماضي، بحسب رويترز.
وكان قانون الحظر قد تضمّن ما يفيد بأن المفوضية -الذراع الرسمية للاتحاد الأوروبي- ستطرح مقترحًا حول كيفية بيع السيارات العاملة بالوقود المحايد خلال مرحلة ما بعد عام 2035، حال توافق ذلك مع الأهداف المناخية.
ولا تشكل هذه الخطوة ضمانًا كافيًا لشركات تصنيع السيارات الألمانية، خاصة أن غالبية أسطولها لم يتحول إلى سيارات كهربائية.
موضوعات متعلقة..
- حظر سيارات الاحتراق الداخلي لن يكون ذا جدوى لهذه الأسباب (دراسة)
- جنرال موتورز توجه استثمارات ضخمة إلى محركات الاحتراق الداخلي
- الاتحاد الأوروبي يتجه إلى التخلي عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي
اقرأ أيضًا..
- أوابك تعلن أرقام مشروعات الهيدروجين العربية.. مصر وسلطنة عمان في المقدمة
- صادرات الغاز المسال العماني تقفز إلى أعلى مستوى في تاريخها
- واردات أوروبا من الديزل الروسي تهبط إلى 2%.. والسعودية بديل مهم (تقرير)