المفاعلات النووية المصغرة قابلة للاستعمال في مناطق الكوارث وقواعد القَمَر الفضائية (تقرير)
نوار صبح
- الانشطار النووي لا يطلق انبعاثات كربونية على عكس حرق الفحم أو الغاز الطبيعي
- تُولَّد 10% فقط من الكهرباء في العالم بوساطة محطات الطاقة النووية
- تَشغُل المنشأة المتوسطة نحو ميل مربّع من الأرض، وتولد 1 غيغاواط من الكهرباء
- المفاعلات النووية المصغَّرة قيد التطوير، وتمثّل 01% إلى 001% من حجم المفاعلات التقليدية
- يمكن تثبيت المفاعل المصغّر في المستشفيات ومراكز البيانات والقواعد العسكرية لتوفير كهرباء احتياطية
تمرّ المفاعلات النووية المصغرة (الدقيقة، الميكروية) بمرحلة تطوير حاليًا، وتمثّل 01% إلى 001% من حجم المفاعلات التقليدية، ويمكنها توفير الكهرباء لمجتمع صغير، قاعدة عسكرية، حرم جامعي، أو القواعد الفضائية على سطح القمر.
وبدلًا من أن يغتنم المستثمرون الفرصة لبناء محطات طاقة نووية كبيرة تشبه تلك القائمة حاليًا، يراهن بعض الخبراء على أن "المفاعلات النووية المصغرة" تمثّل مستقبل الطاقة النووية، حسبما نشر موقع "فْري ثينك" (Freethink) في 18 فبراير/شباط الجاري.
وقد تكون إحدى أفضل الطرق لتوسعة نطاق استعمال الطاقة النووية النظيفة في المستقبل هي تقليص التكنولوجيا، باستعمال "المفاعلات المصغّرة" التي يمكن بناؤها ونشرها في جزء صغير من الوقت اللازم لمحطات الطاقة النووية التقليدية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
مزايا الطاقة النووية
في محطات الطاقة النووية، تُقسَم الذرّات داخل المفاعلات، هذه العملية -الانشطار النووي- تطلق كمية هائلة من الطاقة في شكل حرارة. ثم تُستَعمَل هذه الحرارة لغلي الماء، مما ينتج بخارًا يشغّل توربينات توليد الكهرباء.
على عكس حرق الفحم أو الغاز الطبيعي، لا ينتج عن الانشطار النووي انبعاثات كربونية.
وتُعدّ محطات الطاقة النووية أكثر اتّساقًا من مصادر الطاقة المعتمدة على البيئة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتشغل مساحات أقل بكثير من مزارع الطاقة المتجددة.
على الرغم من هذه الفوائد، تُوَلَّد 10% فقط من الكهرباء في العالم من خلال محطات الطاقة النووية، وهي مصدر للطاقة آخذ في التراجع، جرّاء إغلاق المحطات القديمة بشكل أسرع من بناء المحطات الجديدة، ويُعدّ الحجم السبب الرئيس لهذا الانكماش.
اعتبارات الحجم
تَشغُل معظم محطات الطاقة النووية مساحات كبيرة، وتشغل منشأة الطاقة النووية متوسطة الحجم، في الولايات المتحدة، نحو ميل مربّع من الأرض وتولد 1 غيغاواط من الكهرباء، وهو ما يكفي تقريبًا لتزويد 750 ألف منزل بالكهرباء.
ويمكن أن يكلف بناء مثل هذه المحطة اليوم ما يزيد عن 10 مليارات دولار، ويستغرق 7 سنوات، وذلك إذا سارت الأمور وفقًا للخطّة، حسبما نشر موقع "فْري ثينك" (Freethink) في 18 فبراير/شباط الجاري.
في ولاية جورجيا الأميركية، بدأ مشروع لإضافة مفاعلين بقدرة 1.1 غيغاواط إلى محطة طاقة نووية قائمة في عام 2009، بتكلفة تقديرية تبلغ 14 مليار دولار، وتجاوزت التكلفة الإجمالية للمشروع الآن 30 مليار دولار، ولم يكتمل البناء بَعد.
ويتوقع المحللون أن يستثمر مستثمرو الطاقة النظيفة أموالهم في مزارع الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وهي أرخص، ولكنها تتطلب 75 و 360 مرة من الأرض، على التوالي، لتوليد القدر نفسه من الكهرباء، مثل مفاعل طاقة نووية ثابت بقدرة 1 غيغاواط.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها لعام 2019، أن "أكبر عائق أمام البناء النووي الجديد هو حشد الاستثمار"، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
المفاعلات المصغَّرة
صُمِّمَت المفاعلات المصغّرة لبنائها وتجميعها في المصانع ثم شحنها إلى موقع للتركيب، ومن المتوقع أن تكون تكلفتها الأولية منخفضة. ويمكن نشرها بسرعة، ما يتيح إمكان استعمالها للإغاثة في حالات الكوارث.
وأفاد مكتب محاسبة الحكومة الأميركية، في عام 2020: أن "وجود خيار بديل لإعادة الكهرباء بسرعة في أعقاب الكوارث الطبيعية من شأنه أن يدعم الاستعادة الأسرع للخدمات الحيوية، مثل المستشفيات والاتصالات وإمدادات المياه للمجتمع المحلي".
التطلعات المستقبلية
ما تزال المفاعلات المصغّرة تقنية جديدة، ولم توافق هيئة تنظيم الطاقة النووية الأميركية حتى الآن على تصميم للاستعمال التجاري.
وقد وافقت هيئة تنظيم الطاقة النووية الأميركية، مؤخرًا ،على أول مفاعل معياري صغير، وهي مفاعلات أكبر من المفاعلات المصغّرة، وما تزال أصغر بكثير من التصميمات التقليدية.
ويمكن أن تكون المفاعلات المصغَّرة هي المستعمَلة في المستقبل، إذ تخطط عدّة مجموعات لإثبات تقنيتها في غضون السنوات الـ5 المقبلة، أو نحو ذلك.
مشروعات جديرة بالاهتمام:
- مشروع بيليه: في أبريل/نيسان 2022، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تمضي قدمًا في مشروع بيليه، وهي مبادرة لتصميم وبناء وإظهار نموذج أولي لمفاعل مصغّر في مختبر أيداهو الوطني (آي إن إل).
وستتراوح قدرة هذا المفاعل بين 1-5 ميغاواط، وتقوم ببنائه شركة الطاقة النووية بي دبليو إكس تكنولوجيز، بجزء من عقد قيمته 300 مليون دولار.
ومن المتوقع أن تقوم شركة بي دبليو إكس تكنولوجيز بتسليم المفاعل المصغّر إلى مختبر أيداهو الوطني في عام 2024، وتقتضي الخطة تشغيله في غضون 72 ساعة من موعد التسليم.
وسيقوم مختبر أيداهو الوطني بعد ذلك بتشغيل المفاعل المصغّر لمدة 3 سنوات على الأقل، بكامل سعته.
وتدرس الولايات المتحدة حاليًا تطبيق ما تعلّمته من النموذج الأولي على الجهود العسكرية المستقبلية، بالإضافة إلى مهام الفضاء، التي ستتطلب توفير الكهرباء لروّاد الفضاء على القمر.
- مشروع إي-فينتشي التابع لشركة وستنغهاوس: تقوم شركة وستنغهاوس إلكتريك، في ولاية بنسلفانيا الأميركية -وهي شركة رائدة في مجال الطاقة النووية منذ الخمسينيات من القرن الماضي-، بتطوير مفاعلها المصغّر الخاص، إي-فينتشي.
وصُمِّم هذا المفاعل المصغّر لتوليد ما يصل إلى 5 ميغاواط من الكهرباء أو 13 ميغاواط من الحرارة. وبدلًا من استعمال الحرارة من عملية الانشطار النووي لغلي الماء، يمكن استعمال المفاعل مباشرة لتدفئة المنازل والمباني الأخرى.
وصُمِّم إي-فينتشي بحيث يستغرق أقل من 30 يومًا للتثبيت في الموقع.
ورغم التوقعات بأن تكلف المفاعلات الأولى ما بين 90 مليون دولار و120 مليون دولار، تعتقد شركة وستنغهاوس أن السعر قد ينخفض إلى نحو 60 مليون دولار مع زيادة الإنتاج.
وقد بدأت الشركة في تقديم المستندات المطلوبة للموافقة عليها إلى هيئة تنظيم الطاقة النووية الأميركية، وتأمل في الحصول على ترخيص تقنيتها بحلول عام 2027، وقد وقّعت ولاية بنسلفانيا مذكرة تفاهم مع وستنغهاوس لتثبيت مفاعل إي-فينتشي في مقرّها الرئيس.
- مشروع كاليدوس التابع لشركة راديانت: في عام 2020، أطلق فريق من مهندسي شركة سبيس إكس السابقين شركة راديانت.
وتُعدّ راديانت شركة ناشئة تركّز على تطوير مفاعل نووي مصغّر بقوة 1.2 ميغاواط، يُسمى كاليدوس، وهو مصمم ليلائم حاوية شحن ويُثَبَّت بَيْن عَشيّةٍ وضُحاها.
وترى شركة راديانت أن مفاعل كاليدوس سيحلّ محل مولدات الديزل التي تستعملها المجتمعات النائية.
على صعيد آخر، يمكن تثبيت المفاعل المصغّر في المستشفيات ومراكز البيانات والقواعد العسكرية لتوفير كهرباء احتياطية في حالة انقطاع المصدر الرئيس للكهرباء، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
علاوة على ذلك، تأمل شركة راديانت في بناء نموذج توضيحي للمفاعل بحلول عام 2026، وعلى الرغم من أنها لم تذكر تكلفة مفاعل كاليدوس، تقول، إنها تتوقع أن يكون أرخص من مولدات الديزل.
في الوقت الحالي، ستواصل شركة راديانت تطوير النظام مع الباحثين في مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة راديانت، دوغ برناور: "نخطط لأن نكون أول تصميم مفاعل تجاري جديد يحقق اختبارًا يعمل بالوقود منذ أكثر من 50 عامًا".
نفايات المفاعلات المصغّرة
رغم التوقعات لأن تكون تصميمات المفاعلات المصغّرة أكثر أمانًا من المحطات كاملة الحجم، فإنها ما تزال تنتج كمية صغيرة من النفايات المشعة التي يجب تخزينها.
في المقابل، يتطلب الكثير من المفاعلات المصغرة يورانيوم منخفض التخصيب وعالي التنضيب، ويُعدّ تحويله إلى أسلحة نووية أسهل مقارنة بالوقود الأقل تخصيبًا المستعمَل في المفاعلات التقليدية.
إلى جانب هذه القيود، ستستغرق إزالة الكربون من العالم الكثير من المفاعلات المصغّرة، لكن هذا لا يعني أن هذه التقنية لا يمكن أن تكون جزءًا أساسيًا من أحجية الطاقة النظيفة، جنبًا إلى جنب مع نظيرتها الأكبر، المفاعل المعياري الصغير.
وعلى الرغم من أن دور المفاعلات الكبيرة لا يزال مهمًا للولايات المتحدة والدول الأخرى في جميع أنحاء العالم، يحتاج العملاء اختيار المنتج، وهذا هو بالضبط ما توفره هذه الأنظمة الأصغر حجمًا،" بحسب وزارة الطاقة الأميركية.
اقرأ أيضًا..
- المغرب يخسر إيرادات نقل الغاز.. وإسبانيا تجمع 2.1 مليون دولار سنويًا
- استهلاك الكهرباء في الشرق الأوسط.. انخفاض متوقع بقيادة السعودية (تقرير)
- أرامكو السعودية تكشف تطورات مركز احتجاز الكربون وتخزينه في الجبيل