دفعت أزمة نقص زيت الوقود في بنغلاديش عددًا من شركات الكهرباء الخاصة إلى مخاطبة البنك المركزي في البلاد، لتدبير تمويلات عاجلة للاستيراد، تجنبًا لتفاقم أزمة الطاقة في البلاد.
وأرسل اتحاد الصناعة في بنغلاديش خطابًا إلى البنك المركزي يحثّه فيه على توفير مليار دولار بصورة عاجلة، لتجنب أزمة طاقة محتملة خلال الصيف المقبل، وفقًا لوكالة رويترز.
وطالب الاتحاد البنك المركزي بتمكين البنوك التجارية المحلية من فتح اعتمادات مالية لشركات الكهرباء الخاصة المتقدمة بطلبات استيراد كميات من زيت الوقود الحيوي في توليد الكهرباء في البلاد.
شكوى البنوك التجارية
تشتكي البنوك التجارية المحلية نقص العملة الأجنبية المتاحة لديها، وتطالب البنك المركزي بضخ مزيد منها عبر الآليات البنكية المعهودة في تعامله مع البنوك العاملة في البلاد.
ويمر احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بأزمة مستمرة منذ العام الماضي، ما اضطر الحكومة البنغلاديشية إلى خفض واردات زيت الوقود والغاز المسال بمعدلات كبيرة منذ يونيو/حزيران 2022، بسبب اشتعال أسعارهما العالمية.
وأدت هذه القرارات إلى تعرّض أغلب ولايات بنغلاديش لانقطاع التيار الكهربائي، كما تضررت القطاعات الصناعية بصورة كبيرة لا سيما صناعة الملابس الرائدة في البلاد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الصيف قد يحمل أزمة
يتوقع محللون تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي هذا العام، في ظل استمرار تدهور الاحتياطيات الأجنبية وتقييد استيراد زيت الوقود الذي ارتفعت أسعاره بعد العقوبات الغربية المفروضة على روسيا منذ بداية حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ويُعد زيت الوقود أحد المشتقات النفطية المستعملة في توليد الكهرباء في بعض الدول النامية، خاصة في فصل الصيف الذي يشهد ارتفاع الاستهلاك دائمًا، ويجري تداول نوعين منه في الأسواق العالمية، وفقًا لدرجة تركيز الكبريت فيه (عالٍ ومنخفض).
وتعتمد بنغلاديش على زيت الوقود في توليد ثلث إنتاجها من الكهرباء، ما يعادل 3 آلاف ميغاواط من الإجمالي البالغ 9.1 ألف ميغاواط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
6 أشهر من الظلام
يبلغ عدد سكان بنغلاديش قرابة 165 مليون نسمة، وأدى نقص واردات زيت الوقود والغاز المسال إلى تضرر الحياة اليومية للمواطنين بصورة كبيرة خلال النصف الثاني من العام الماضي، إذ اضطر أغلبهم إلى قضاء ساعات طويلة في الظلام بسبب انقطاع التيار.
كما تعرّضت القطاعات الصناعية والتجارية في البلاد لأضرار بالغة، لا سيما صناعة الملابس المربحة لعملاء أكبر المتاجر العالمية وفروعها في البلاد.
وتضم قائمة العملاء المتضررين مجموعة وول مارت العملاقة، وشركة جاب الأميركية المتخصصة في تجارة الملابس والإكسسوارات، ومجموعة إنديتكس زارا الإسبانية.
250 مليون دولار شهريًا
يشتكي اتحاد منتجي الكهرباء المستقلين في بنغلاديش نقص العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد زيت الوقود المشغل لمحطات الكهرباء في منشآتهم ومصانعهم على مستوى البلاد.
ويقدّر الاتحاد حجم ما تحتاج إليه المولدات الكهربائية من العملة الأجنبية بأكثر من 250 مليون دولار شهريًا، لدفع ثمن شحنات الوقود حتي يونيو/حزيران 2023.
وتنتج شركات الكهرباء الخاصة أكثر من نصف الكهرباء المولدة في البلاد، بصورة منفردة وعبر شراكات مع شركات القطاع العام بقيادة شركة سوميت باور إنترناشونال.
وتستورد بنغلاديش الجزء الأكبر من الوقود اللازم في قطاع التوليد، في حين تعتمد على مصادر محلية للفحم والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الطاقة النووية في توليد الجزء الأصغر، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موسم الحصاد وشهر رمضان
يتوقع اتحاد المنتجين المستقلين للكهرباء "بيبا" ارتفاع الطلب المحلي على الكهرباء خلال الأشهر المقبلة، لأسباب عديدة، أبرزها قرب موسم الحصاد السنوي، وشهر رمضان والطقس الحار.
ويخشى الاتحاد لجوء مرافق القطاع الخاص المولدة للكهرباء إلى قطع التيار على نطاق واسع في ظل نقص الدعم المقدم من البنك المركزي.
وتبدأ درجات الحرارة في الارتفاع عادة من نهاية مارس/آذار كل عام، وتحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 2.12 مليون طن من زيت الوقود خلال الأشهر الـ4 المقبلة، لتجنب أزمة ضخمة خلال أشهر الصيف.
وتعتمد بنغلاديش على زيت الوقود الملوث للبيئة، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي منذ عقود، بسبب ضعف احتياطيات الغاز المحلي والفحم، ما وضع البلاد في مأزق التكلفة المعتمدة على أسعار الطاقة العالمية، بالإضافة إلى المأزق المناخي الذي يبدو أن قدرتها على الفكاك منه لن تكون سهلة على المديين القصير والمتوسط.
وتستورد بنغلاديش زيت الوقود من عدة دول آسيوية أبرزها: الهند وسنغافورة، كما تستورد كميات من الكهرباء من نيودلهي المجاورة جغرافيًا.
زيت الوقود الهندي قريبًا
تستعد شركة بي بي سي البنغلاديشية لاستقبال زيت الوقود الهندي عبر خط أنابيب بدلًا من توريده عبر السكك الحديدية خلال الأسابيع المقبلة، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال المتخصصة (s & p global).
ومن المتوقع افتتاح الخط في احتفال مخطط في 17 مارس/آذار 2023، بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيسة الوزراء البنغلاديشية شيخة حسينة واجد، عبر تقنية الاتصال عن بُعد.
ويبلغ طول خط الأنابيب قرابة 130 كيلومترًا، تقع 5 كيلومترات منها في الهند التي تحيط ببنغلاديش من كل الجهات الجغرافية عدا أقصى الجنوب الشرقي للبلاد، إذ تحدّها دولة ميانمار التي يطلق عليها "بورما".
اتفاق لمدة 15 عامًا
تبلغ السعة المخططة لخط أنابيب الصداقة بين الهند وبنغلاديش قرابة 250 ألف طن متري سنويًا، تزيد إلى 400 ألف طن متري خلال السنوات الـ5 الأولى من التشغيل، ثم إلى 500 ألف طن في السنوات اللاحقة.
وتشير الاتفاقية الموقعة بين البلدين إلى توريد زيت الوقود الهندي عالي الكبريت إلى بنغلاديش لمدة 15 عامًا، بعلاوة قدرها 5.5 دولارًا للبرميل على متوسط بلاتس زيت الوقود في الخليج العربي.
ويمكن للطرفين أن يتفاهما على زيادة الكميات المنقولة عبر الخط، كما يمكنهم مد العمل بالاتفاقية بعد انقضاء مدة السنوات الـ15 المنصوص عليها في التعاقد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتقدر منصة إس آند بي غلوبال المتخصصة ارتفاع إجمالي واردات بنغلاديش من زيت الوقود بنسبة 22% إلى 5.5 مليون طن متري خلال عام 2023.
موضوعات متعلقة..
- بعد انقطاع الكهرباء.. 80% من سكان بنغلاديش يعيشون في الظلام
- توليد الكهرباء من الفحم في بنغلاديش يشهد زيادة تاريخية
- أكبر محطة للطاقة النووية في بنغلاديش تواجه أزمة بسبب العقوبات الأميركية
اقرأ أيضًا..
- مشروع محطة غاز إسرائيلية يهدد صادرات مصر
- أزمة الطاقة.. أعلى 10 دول أوروبية إنفاقًا على دعم المواطنين والشركات
- سوريا تشهد إنتاج أول ميغاواط من الطاقة المتجددة في حسياء