توربينات الرياح الصينية تواجه مخاوف من الحرائق لسبب غير متوقع
ومخاوف من الحرائق والأعطال
هبة مصطفى
قد تدخل صناعة توربينات الرياح الصينية نفقًا مظلمًا، وتواجه ركودًا الآونة المقبلة لأسباب عدّة، تؤدي جميعها في نهاية الأمر إلى الافتقار للتمويل اللازم لتطويرها.
وحذّر المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة استشارات سوق الطاقة المتجددة "إنتل ستور"، فيليب توتارو، من الاهتمام بتصنيع التوربينات ذات الأحجام الكبيرة على حساب "الجودة" التي تجذب التمويلات للصناعة، بحسب مقال له نُشر في صحيفة ريتشارج المتخصصة (Recharge).
ومن زاوية أخرى، دعا توتارو إلى إعادة النظر في تقنية التصنيع المبنية على الحجم بصفته ميزة تنافسية، لا سيما في ظل تحديات أخرى تتعلق برسوم التصدير والمخاوف من الحرائق المنتشرة مؤخرًا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
الحجم لا يعني الجودة
استفادت توربينات الرياح الصينية من حجم التدفقات النقدية والاستثمارات الكثيفة لدى بزوغ نجم معدّات صناعة الطاقة المتجددة قبل سنوات، وأخذ المعنيون بالصناعة على عاتقهم تطوير منتجاتها ومعدّاتها التي بدأت تنتشر الآن في الأسواق.
واكتسبت توربينات الرياح الصينية شهرتها مؤخرًا من تطوير نماذج برية وبحرية أكبر حجمًا ممّا لدى المنافسين، لكن افتقارها لعنصر جذب التمويل اللازم للتطوير برهن على أن كبر الحجم لا يشير بالضرورة إلى كفاءة تلك التوربينات وجودتها.
ويبدو أن تبنّي الصين نظرية بناء التوربينات أولًا، ثم جذب المشترين بمرحلة لاحقة، كان خاطئًا، لا سيما أنها تكلّفت استثمارات ضخمة دون تأمين خطة ترويج تجاري لها.
ويُشير ذلك إلى أن القدرة على ترويج تلك التوربينات مرهونة بصفتها ذات جدوى تقنية، وقادرة على جذب التمويلات.
تحديات التوربينات الصينية
تتلخص أبرز تحديات توربينات الرياح الصينية في (كبر حجمها، ورسوم الاستيراد المرتفعة، والقيود المحلية)، وتهدد تلك التحديات قدرة بكين على المنافسة العالمية، بعدما كانت مالكة لزمام أمور معدّات الصناعة حتى وقت قريب.
- الحجم الكبير:
لا يعني تطوير التوربينات أن تقتصر المنافسة فقط على "الحجم"، مثل النهج الذي اتّبعه الصينيون لاجتذاب المشترين العالميين، فالمنافسة في سوق عالمية تتطلب: (سعر بيع جيدًا، تكلفة تصنيع زهيدة، وإنفاقًا منخفضًا على التصميم وسلسلة التوريد، ضمان أرباح قوية).
وأثارت حرائق التوربينات التي انتشرت عالميًا في الآونة الأخيرة، ومواجهة توربينات في ألمانيا مشكلات تتعلق بالجودة، والأعطال المتكررة وعدم قدرتها على مقاومة الصواعق والبرق، المخاوف من كبر حجم توربينات الرياح الصينية.
كما دفعت تلك العوامل نحو زيادة المطالبة بالتأمين على التوربينات، والذي بات شرطًا رئيسًا لضمان ترويج تلك المعدّات تجاريًا، وتصديرها عالميًا.
- رسوم الاستيراد:
مع كبر الحجم، تشكّل الرسوم المرتفعة التي تفرضها أميركا وبعض دول الاتحاد الأوروبي على استيراد معدّات الطاقة المتجددة من بكين -بهدف تعزيز التصنيع المحلي- عائقًا أمام ترويج توربينات الرياح الصينية.
وتقيد تلك الرسوم قدرة المصنّعين الصينين على المنافسة، لا سيما أن أسعار بكين تعدّ منخفضة مقارنةً بالدول المستوردة.
وقد تغيّر تلك الرسوم من معدل تطوير الطاقة المتجددة العالمي، إذ إنه في الوقت الذي تفرض خلاله أميركا ودول الاتحاد الأوروبي رسومًا تقيّد واردات المعدّات الصينية والتوربينات إليها، تفتح دول في أفريقيا وشرق أوروبا وأميركا الوسط والجنوبية أبوابها أمام المزيد من المعدّات.
وقد يستغرق اقتحام مصنّعي التوربينات البرية والبحرية الصينيين للأسواق العالمية بحصّة ضخمة في أميركا والاتحاد الأوروبي ما بين 5 و8 سنوات، بينما تشهد بقية السواق انتشارًا أسرع لتلك المعدّات، لكن بحصّة ضئيلة، طبقًا لما أورده فيليب توتارو في مقاله.
- قيود محلية:
يواجه نشر توربينات الرياح الصينية محليًا بعض القيود التي تقلل من مردودها الجيد على الصناعة، وتعتمد بكين إستراتيجية تقضي بتخصيص حصة أكبر من التوربينات للمبيعات الخارجية.
وعلى الصعيد المحلي، تُمنح العقود الخدمية لأطراف مستقلة غير قادرة على تشغيل أصول مرافق الرياح بصورة صحيحة، مما زاد من مخاطر التشغيل، وانعكس سلبًا على تقييمات أداء المصنّعين.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة طاقة الرياح المركبة حتى مطلع عام (2021)، والتي تصدّرتها الصين، بحسب معلومات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أيرينا:
واقع أسواق الرياح
لا يقتصر تقييم مدى كفاءة توربينات الرياح الصينية على تكلفتها المعقولة وقدرتها على التشغيل والصيانة بصورة جيدة فقط، لكن يتناسب كبر حجمها طرديًا مع متطلبات أخرى، أبرزها التأمين وتعزيز الصورة الذهنية لدى المهتمين بالصناعة، حسب المقال.
وبالنظر إلى أن غالبية مواقع الصناعة تتّسم بمساحة محدودة، فإن نشر التوربينات كبيرة الحجم في تلك المساحات يتطلب تصريحًا من نوع خاص، ما يلفت النظر إلى ضرورة تطوير إصدارات التوربينات التي تتراوح قدرتها بين 2 و4 ميغاواط.
وتراوح متوسط نمو السعة العالمية لطاقة الرياح –خلال السنوات الـ25 الأخيرة- بين 26 و40%، بلغت طفرتها منذ ما يزيد عن 10 سنوات مضت، ويكشف ذلك انخفاض تطوير معدّات الصناعة بعدما اجتذب الهيدروجين وغيره من الطاقات الجديدة غالبية مخصصات البحث والتطوير العالمي.
وبحسب مقال فيليب توتارو، تتطلب صناعة التوربينات -خاصة توربينات الرياح الصينية- تطوير محفظتها بما يضمن جودة وكفاءة أفضل، وكذلك قدرة على جذب تمويلات الأسواق.
اقرأ أيضًا..
- التفاؤل يسود توقعات الطلب على النفط عالميًا في 2023
- أسعار الوقود في مصر تحمل مفاجأة بقرار من السيسي (خاص)
- قدرات التكرير في أفريقيا عام 2023.. هذه الدولة تتحول لأكبر مركز خلال عامين
- قفزة بصادرات الطاقة النووية الروسية.. والسعودية قد تشهد أحدث مشروعات روساتوم