مؤسسة البترول الكويتية تثير الجدل بعد خفض موازنتها 12 مليار دولار
خلال العام المالي (2023- 2024)
هبة مصطفى
تُعد مؤسسة البترول الكويتية مظلة تضم شركات النفط كافّة في البلاد، وتعكس موازنتها السنوية رؤية الدولة الخليجية لتطوير قطاع الطاقة في توقيت تتسابق فيه أبرز الدول المنتجة بالمنطقة على زيادة جهودها لمواكبة الطلب العالمي.
وبينما تتسابق شركتا أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية على توسعة مشروعاتهما الإنتاجية، أثارت بيانات موازنة المؤسسة الكويتية للعام المالي الجديد الجدل، إذ إنها شهدت انخفاضًا على عكس المتوقع، حسبما نقلت مجلة ميس الأميركية (mees) عن تقارير محلية.
(يبدأ العام المالي في الكويت مطلع شهر أبريل/نيسان من كل عام، وينتهي في 31 مارس/آذار من العام اللاحق له).
وبصورة إجمالية، خُفضت موازنة مؤسسة البترول الكويتية بنسبة 13% للعام المالي المقبل (2023- 2024)، بما يُقدر بنحو 12 مليار دولار مقارنة بميزانيتها الحالية، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
تفاصيل موازنة (2023- 2024)
قُدرت موازنة مؤسسة البترول الكويتية للعام المالي الجديد (2023- 2024) بنحو 79.8 مليار دولار، بانخفاض قدره 12.2 مليار دولار عن ميزانية العام المالي الحالي (2022- 2023).
وتوقعت الموازنة الجديدة للمؤسسة تسجيل إيرادات نفطية قدرها 85.5 مليار دولار، بانخفاض قدره 11.1 مليار دولار عن إيرادات ميزانية العام المالي الجاري (2022- 2023) البالغة 96.5 مليار دولار.
ويقتنص النفط الخام في الموازنة الجديدة إيرادات قدرها 36.5 مليار دولار، متراجعًا بنحو 11.1 مليار دولار عن إيراداته في ميزانية العام المالي الجاري.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حجم إنتاج الكويت من النفط الخام، خلال السنوات من 2019 حتى عام 2022، بحسب بيانات أوبك:
ويبدو أن نصيب إيرادات المشتقات النفطية كان أوفر حظًا ضمن بيانات موازنة مؤسسة البترول الكويتية للعام المالي الجديد (2023- 2024)، إذ قُدرت بنحو 37.4 مليار دولار متجاوزة إيرادات النفط الخام للمرة الأولى.
ورغم تجاوزها للنفط الخام، ما زالت إيرادات المنتجات المكررة في موازنة العام الجديدة منخفضة عن إيرادات ميزانية العام الجاري، البالغة 38.1 مليار دولار.
وتكرّر الأمر ذاته مع إيرادات الغاز الجاف والمسال، إذ قُدرت بنحو 7.1 مليار دولار في العام المالي الجديد، بانخفاض 1.5 مليار دولار عن إيراداته العام المالي الجاري البالغة 8.6 مليار دولار.
الواقع المحلي
بخلاف الجهود الإقليمية لزيادة الاستثمارات والإنتاج، كانت الكويت على موعد مع تراجع تلك الأهداف، وجاء خفض موازنة مؤسسة البترول الكويتية بصفتها إحدى تلك الدلالات.
وخلال السنوات الأخيرة خفّضت الكويت إنتاجها، إذ تقلص إنتاج شركة نفط الكويت "كوك" -المعنية بالجانب الأكبر من عمليات التنقيب والإنتاج في البلاد- من 3.15 مليون برميل يوميًا عام 2017 -2018 إلى 2.63 مليون برميل يوميًا عام 2020-2021.
وتستهدف الشركة رفع السعة الإنتاجية بحلول عام (2025) إلى 3.2 مليون برميل يوميًا، على أن يُضاف إليها إنتاج بقية المناطق -ومن ضمنها المنطقة المحايدة المشتركة مع السعودية- ليرتفع إنتاج البلاد الإجمالي إلى 3.5 مليون برميل يوميًا.
وتأثرت خطط تطوير النفط في الكويت بالخلافات الداخلية بين الجهات التشريعية والتنفيذية، التي فضّلت الاقتطاع من الموازنة لزيادة الدعم والأجور مقابل تخفيض مخصصات تطوير البنية التحتية، ما انعكس سلبًا على موازنة مؤسسة البترول الكويتية.
متطلبات الإنفاق وقدرات التكرير
بتراجع القطاع باتت فرص الاستثمار أمام شركات النفط العالمية محدودة، وانعكس ذلك في بنود مخصصات موازنة مؤسسة البترول الكويتية، إذ كانت أولوية الزيادة من نصيب "تكاليف التشغيل" بمقدار 1.4 مليار دولار (من 14.2 مليار دولار إلى 15.6 مليار دولار)، على حساب "الإنفاق الرأسمالي" المخصص لعمليات التطوير وزيادة السعة بحلول عام 2025.
وتمثّل النفقات التشغيلية لمؤسسة البترول الكويتية جانبًا مهمًا في ظل ارتفاع تكلفة أعمال المنبع، إذ سجلت تكلفة إنتاج البرميل الواحد لدى المؤسسة -على مدار العقد الماضي- ارتفاعًا بنسبة 75% من 1.35 دينارًا كويتيًا عام (2012) إلى 3.31 دينارًا عام (2021).
(الدينار الكويتي = 3.72 دولارًا أميركيًا)
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حجم صادرات الكويت من المنتجات المكررة، خلال السنوات من 2017 حتى عام 2021، وفق بيانات أوبك:
وتُركز المؤسسة في الآونة الحالية على إنهاء مشروعات ضخمة في قطاع التكرير وزيادة قدرات استيراد الغاز المسال، إذ تُقدر تكلفة كل من: (مشروع الوقود النظيف، وتطوير المصافي، وبناء مصفاة الزور ذات القدرة على معالجة 615 ألف برميل يوميًا) بنحو 30 مليار دولار.
كما أنفقت المؤسسة 3 مليارات دولار أخرى على محطة الزور لاستيراد الغاز المسال، التي تتسع لنحو 22 مليون طن سنويًا.
ودخل الجانب الأكبر من تلك المشروعات تحت نطاق ميزانيات عامي (2021، 2022)، إلا أن بعض وحدات تلك المرافق أُدرجت في موازنة المؤسسة للعام المالي الجديد (2023- 2024).
السوق الإقليمية والعالمية
يتزامن خفض مخصصات مؤسسة النفط الكويتية مع متغيرات إقليمية وعالمية، إذ يبدو أن قطاع الطاقة في الدولة الخليجية بصدد إضاعة فرصة ذهبية في ظل تعطش الأسواق للإمدادات عقب القيود المفروضة على النفط الروسي.
وبالنظر إلى تقلبات السوق الأوروبية، تتعيّن على الكويت الاستفادة من مستويات الأسعار المرتفعة لتحقيق مكاسب، لا سيما بعدما فُرضت حزمة عقوبات جديدة على النفط الروسي المنقول بحرًا بما يحد من تدفقاته.
وبينما تسعى السعودية والإمارات إلى زيادة مساحة وجودهما في الأسواق الدولية عبر زيادة الطاقة الإنتاجية والتطوير المحلي للمرافق والأصول، كانت الكويت تتخذ منحى معاكسًا ظهر جليًا في خفض مخصصات موازنة مؤسسة البترول.
وتأخذ الرياض وأبوظبي على عاتقهما زيادة الاستثمار في صناعة النفط بطرح برامج استثمارية يصل حجم الإنفاق بها إلى مليارات الدولارات، بهدف زيادة الإنتاج وتعزيزه بنحو مليون برميل إضافية يوميًا بحلول عام 2027.
اقرأ أيضًا..
- وليد فياض للطاقة: صفقة الغاز المصري بحاجة إلى ضغط دولي
- 6 دول تقود انخفاض إنتاج أوبك النفطي خلال يناير.. أبرزها السعودية
- طرح شركات الطاقة في البورصة المصرية.. هل ينقذ الاقتصاد؟ (مقال)