سياراتتقارير السياراترئيسية

السيارات الكهربائية تغيّر خريطة إنتاج النفط في الهند

وتوجه قوي نحو صناعة البتروكيماويات

محمد عبد السند

يقود التحول السريع في الهند صوب استعمال السيارات الكهربائية -على ما يبدو- إلى تغيير جذري في خريطة الأولويات الخاصة باحتياجات الوقود الأحفوري في البلد الكائن جنوب آسيا.

هذا التوجه طويل الأمد في تقليل الاعتماد على إنتاج النفط دفع نيودلهي إلى البدء في التحول إلى أنشطة بديلة ذات صلة، في مقدمتها صناعة البتروكيماويات.

وفي إطار هذا السيناريو، دفعت وتيرة الاستهلاك السريعة للسيارات الكهربائية في السوق الهندية الناشئة بصناع القرار في البلد النووي إلى إعادة التفكير في احتياجاته من الوقود على المدى الطويل، في حين تسرع الهند التحول بعيدًا عن إنتاج النفط، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

وتتخلّف الهند عن نظيراتها من الاقتصادات الكبرى في كل من أوروبا وآسيا، من حيث استعمال السيارات الكهربائية، غير أن مبيعات تلك المركبات النظيفة تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الهند في الوقت الحالي، كما تتسارع وتيرة الاستثمارات في إنتاج السيارات الجديدة، والبنية التحتية للطاقة.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم خلال المدة من 2012 حتى 2021:

السيارات الكهربائية - مبيعات السيارات الكهربائية

صناعة البتروكيماويات هي البديل

يعني نمو صناعة السيارات بوتيرة أسرع من المتوقع أن معدلات استهلاك البنزين في الهند ستصل إلى ذروتها في وقت أقرب مما كان يُعتقد في السابق، وفق ما ذكره بعض المحللين واللاعبين الرئيسين في الصناعة، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وسيجبر هذا بالطبع شركات النفط الكبرى على تسريع وتيرة خطط التحول إلى خطوط أعمال وأنشطة بديلة، ولعل أبرزها زيادة أنشطة تصنيع البتروكيماويات.

وقال الشريك في مجال الطاقة والموارد والصناعات لدى شركة "ديلويت إنديا"، ديباسيش ميشرا: "كنا نتوقع أن يصل الطلب على البنزين إلى ذروته خلال المدة من 2040 إلى 2050، بيد أنه وبالنظر إلى التوجه الذي نشهده الآن، وكذا السرعة التي نُطور بها نظامنا البيئي الخاص بالسيارات الكهربائية، سيبلغ الطلب ذروته في 2035"، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

وتوقع ميشرا أن يلامس الطلب على وقود الديزل أعلى مستوى له في توقيت ذروة الطلب ذاته على النفط.

وتابع: "والآن ونحن نبدأ في مشاهدة الأسعار ترتفع، نرى الكثير من هؤلاء التجار وقد استعدوا للتعامل مع الوضع، إذ يهرعون لتأكيد أنهم لن يفوتوا أي فرصة تحقيق أرباح من هذا الارتفاع في الأسعار".

السيارات الكهربائية
محطة وقود تابعة لشركة النفط الهندية - الصورة من حساب شركة Indian Oil Corp Ltd على تويتر

تباطؤ الطلب على الوقود

قال مصدر في مصفاة نفط هندية إن تباطؤ الطلب على الوقود سيكون ملحوظًا بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، مع توقعات استقرار تقنيات السيارات الكهربائية، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى حصول ذلك في أربعينيات القرن الحالي، حسبما أوردت وكالة رويترز.

وأشار المصدر ذاته إلى أن قطاع الشاحنات الثقيلة سيشهد تغيرات طفيفة لاحقًا، قبل أن تصبح تلك التغيرات تطورًا كبيرًا.

و"تستثمر مصافي النفط في قطاع البتروكيمايات بغية مواكبة الخسائر المحتملة في الطلب على الوقود"، حسب المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لأنه غير مُختص بالتحدث لوسائل الإعلام.

ويتضمّن الاستثمار في الأسواق المفتوحة قدرًا كبيرًا من المخاطر، من بينها خسارة الفرد كل -أو حتى جزء من- استثماراته، ناهيك بالأذى النفسي الذي يلحق به جراء ذلك.

وفي الوقت الراهن، تعوّل الهند على الصين في سد نحو 90% من الطلب المحلي على البتروكيمايات لديها، ولذا فإن أي تحول من قبل مصافي النفط الهندية صوب سد احتياجاتها من المواد البتروكيماوية، قد يغيّر -وبصورة دراماتيكية- ديناميكيات المعروض العالمي في تلك الصناعة الحيوية.

وترفع شركة النفط الهندية، أكبر مصفاة تكرير في عموم البلاد، الآن سعتها من المواد البتروكيماوية، في مصفاة "بانيبات" المملوكة لها، بنسبة 13%، كما أنها تبني مصانع جديدة مرتبطة بمصفاتيها "بانيبات" و"غوجارات".

وبالمثل، تخطط "ريلاينس إنداستريز ليمتد"، المشغل لأكبر مجمع تكرير في العالم، لاستثمار ما قيمته 750 مليار روبية هندية (9.38 مليار دولار) لتوسيع أعمالها في مجال البتروكيماويات.

(الروبية الهندية = 0.012 دولارًا أميركيًا)

كما تخطط "إيسار غروب" لإنشاء مجمع بتروكيماويات شرق الهند بكُلفة استثمارية تلامس 400 مليار روبية هندية، في حين تتوقع "نايارا إنرجي" أن تبدأ العمل في إنشاء من 15 إلى 20 مصنعًا جديدًا متكاملًا للبتروكيماويات في العقد المقبل.

الهند جاهزة للتحول إلى السيارات الكهربائية

تضع الهند نُصب أعينها هدفًا طموحًا يتمثّل في إيجاد مكان لها على خريطة الدول الأكثر استعمالًا للسيارات الكهربائية في العالم، بصفتها نواة مساعيها الرامية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2070.

ولدى الحكومة الهندية خُطط طموحة للتحول إلى استعمال السيارات الكهربائية، وهو ما برهنته نتائج دراسة حديثة توقعت أن تمثّل المركبات الكهربائية ما يربو على 30% من إجمالي السيارات المبيعة في البلاد، بحلول عام 2030، في حين ستستحوذ الحافلات وسيارات الأجرة على أقل من 5% من المبيعات، وفق ما نشرته صحيفة إيكونوميك تايمز المحلية (economic times).

وأشارت الدراسة التي كشفت عنها آرثر دي ليتل -وهي شركة استشارات إدارية عالمية- يوم الخميس 16 يونيو/حزيران (2022)، إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية ستتخطى حاجز الـ10 ملايين وحدة بحلول نهاية العقد الحالي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ووضعت الدراسة ذاتها الهند في الترتيب الـ11 في قائمة أكبر 15 دولة على مؤشر الجاهزية للتحول الكهربائي العالمي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق