ارتفاع أسعار البنزين في المجر يدفع السائقين إلى محطات الدول المجاورة
محمد عبد السند
دفع ارتفاع أسعار البنزين في المجر سائقي المركبات إلى عبور الحدود والتزوّد بالوقود من محطات الدول المجاورة، ضمن أزمة وقود عميقة ناجمة عن شًح الإمدادات، ما يضع سلطات البلد الكائن وسط أوروبا في اختبار عصيب تعقده معضلات اقتصادية أخرى.
وقفزت تكلفة البنزين في المجر منذ أن ألغت الحكومة سقف سعر الوقود في شهر ديسمبر/كانون الأول (2022)، ورفعت الضرائب على الوقود؛ ما حدا بكثير من السائقين للسفر إلى بلدان مجاورة مثل سلوفاكيا ورومانيا، لتزويد سياراتهم بوقود أرخص تكلفة، حسبما أوردت وكالة رويترز.
ففي بلدة شتوروفو السلوفاكية المطلة على نهر الدانوب، لامست كُلفة الديزل 1.619 يورو (1.76 دولارًا أميركيًا) لكل لتر في نهاية الأسبوع في محطات الوقود المحلية، مقابل 690 فورنتًا مجريًا (1.90 دولارًا أميركيًا) في محطة تابعة لشركة النفط والغاز الحكومية المجرية "مول" الكائنة في مدينة إزترغوم شمال البلاد، وسط فروقات طفيفة في أسعار البنزين.
(الدولار = 364.0200 فورنتًا مجريًا).
(الدولار= 0.9195 يورو).
عبور الحدود
قال أحد مالكي السيارات ويُدعى تيبور توث -كان يقود سيارته عبر الجسر الواصل بين إزترغوم المجرية وشتوروفو، للتزود بالوقود-: "سافرنا إلى سلوفاكيا إبان العطلات، وحينما زوّدنا سيارتنا بالوقود، علمنا مدى انخفاض تكلفة النفط هنا".
وأوضح توث: "لم يكن علينا سوى عبور الجسر، لنصل إلى هنا، وبالطبع سنتردد على هذا المكان كثيرًا جدًا لهذا السبب".
ويواجه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان -الذي أُعيد انتخابه لمدة ولاية رابعة في شهر أبريل/نيسان (2022)- تحديًا اقتصاديًا هو الأصعب منذ وصوله إلى سدة الحكم في البلاد، مع تجاوز التضخم ما نسبته 24%، واتجاه الاقتصاد صوب الركود خلال العام الحالي (2023).
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول (2022)، اُضطرت حكومة أوربان إلى إنهاء العمل بسقف أسعار التجزئة للوقود بعد مضي عام كامل على تطبيقه، بالنسبة إلى المنازل، وسط شُح حاد في إمدادات الوقود، الناجم عن ارتفاع أسعار البنزين.
سبب ارتفاع أسعار البنزين في المجر
في غضون ذلك رفعت الحكومة المجرية الضريبة الانتقائية المفروضة على الوقود، وفرضت ضرائب إضافية على أرباح شركة "مول" والمتحققة من النفط الخام الروسي.
وفي معرض تعقيبه على الصعود الحاد في أسعار البنزين في المجر، قال محلل الشؤون النفطية الإقليمية لدى مؤسسة "إرستي إنفستمنت" تاماس بليتسر: "أسعار البنزين في المجر جاءت أعلى من نظيراتها في الدول الأخرى بالمنطقة، ويُعزى هذا جزئيًا إلى أسعار الضرائب المرتفعة".
وأوضح بليتسر: "لكن ثمة سببًا آخر يتمثّل في أن سقف أسعار البنزين قد أحدث اضطرابًا في أسعار الوقود بالسوق الحرة، ليقلل المنافسة".
وتوقفت الشركات عن استيراد الوقود نتيجة أسعار النفط المنخفضة في العام الماضي، لتفاقم بذلك أزمة إمدادات الوقود، في حين لجأ الكثير من محطات النفط الصغيرة إلى غلق أبوابها وتجميد عملياتها نتيجة تزايد الخسائر المتراكمة عليها.
وفي هذا الصدد قال بليتسر: "بوجه عام، رفعوا الضرائب من 70-80 فورنتًا لكل لتر، وهو ما قاد إلى ارتفاع أسعار البنزين في المجر إلى مستوى أعلى من نظيراتها في الدول المجاورة".
أصل الأزمة
كشفت الشركة عن أصل أزمة الوقود في المجر، قائلة إنها تعود إلى قرار بودابست في ديسمبر/كانون الأول (2021) بتحديد سقف أسعار البنزين والديزل عند 480 فورنتًا لكل لتر، ما قاد بدوره إلى خفض شحنات الواردات الآتية من الخارج، وذلك بسبب تراجع مستوى الأسعار المطروح عن السعر السوقي الفعلي.
وتسير أزمة الوقود في المجر من سيئ إلى أسوأ، وسط شُح واردات النفط الخام، وعجز أشهر مصافي النفط في البلاد عن العمل بكامل سعتها وتوفير احتياجات الطلب المحلي المتنامية.
أزمة الوقود المستفحلة دفعت شركة "مول" إلى دق جرس إنذار من أن مخزون الإمدادات وصل إلى مستويات حرجة، لتصبح معها الحلول التقليدية غير مجدية نهائيًا، وفق ما تضمنه بيان نشرته وكالة رويترز في الـ6 من ديسمبر/كانون الأول (2022).
وسبق بيان رويترز، صدور أرقام رسمية تشير إلى معاناة رُبع محطات الوقود في المجر من نقص الإمدادات، لتجد نفسها أمام خيار وحيد متمثل في تحديد كميات الوقود المدعوم المبيعة لتزويد السيارات، في حدود لترين فقط، بحسب معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
حل وحيد
ترى شركة "مول" أن رفع مستوى الواردات السبيل الوحيد للخروج من أزمة الوقود التي تعانيها محطات البلاد كافّة.
وقادت أزمة الوقود الناجمة عن ارتفاع أسعار البنزين في المجر إلى زيادة الطلب، في ظل نقص حاد في المعروض بالسوق.
وأشاعت "مول" حالة من الخوف بين المواطنين عمومًا، وسائقي المركبات خصوصًا، حينما لجأت إلى توصيف الوضع الحالي لإمدادات الوقود بأنها "حرجة جدًا".
وفور إطلاقها تلك التصريحات الباعثة على القلق، ظهرت الطوابير الطويلة من المواطنين أمام محطات الوقود، الذين هرعوا إليها لسد احتياجاتهم.
موضوعات متعلقة..
- أزمة الوقود في المجر تتفاقم.. وشركة تستغيث: لا مفر من زيادة الواردات
- ماهو الديزل (المازوت)؟
- لتران فقط.. محطات الوقود في المجر تخفّض مبيعاتها لأصحاب السيارات
اقرأ أيضًا..
- تراجع سعر برميل النفط عالميًا.. وخام برنت تحت 88 دولارًا
- الإمارات تحتضن محطات للطاقة الشمسية الأكبر في العالم
- محاولة لإنقاذ أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم من الانهيار