نفطتقارير النفطرئيسية

إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يتصدر الجدل بين مرشحي الرئاسة (تقرير)

مرشح حزب العمال يصفه بالاحتيال

عمرو عز الدين

استحوذت مسألة دعم الوقود في نيجيريا على جانب من الجدل المحتدم بين مرشحي الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 فبراير/شباط 2023، خلفًا للرئيس الحالي الجنرال المتقاعد محمد بخاري.

وتوعّد المرشح الرئاسي بيتر أوبي، بإلغاء الدعم بصورة نهائية بعد 8 سنوات من زيادته خلال مدة الرئيس الحالي محمد بخاري، وفقًا لموقع بانش المحلي المتخصص (punch).

ويتخذ أوبي موقفًا حادًا من مسألة دعم الوقود في نيجيريا، إلى حد وصفها بالاحتيال في أحد اللقاءات التلفزيونية، كما وصفها في مواضع أخرى بكونها أحد أشكال الفساد المقنن المنتشر في البلاد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

نحتاج إلى الحزم والصرامة

يقول أوبي، المرشح عن ثالث أكبر حزب في البلاد، إن ملف إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يتطلب حزمًا صارمًا، وحسمًا فولاذيًا، من قِبل أي رئيس جديد لإغلاقه نهائيًا.

كما وجّه انتقادًا لاذعًا إلى سوق تداول العملات الأجنبية "فوركس"، التي يصفها هي الأخرى بالاحتيال الرسمي المقنن من قِبل البنك المركزي والبنوك التجارية في البلاد.

وينتمي أوبي إلى إثنية الإيبو، ثالث أكبر المجموعات العرقية في البلاد، كما ينتمي سياسيًا إلى حزب العمال ثالث أكبر حزب في نيجيريا، وينافس على منصب الرئيس إلى جانب 17 مرشحًا ذوي حظوظ متفاوتة.

وتتطلع الأنظار إلى منافسة شرسة بين مرشح حزب العمال بيتر أوبي، ومرشح الحزب التقدمي الحاكم بولا أحمد تينوبو، إلى جانب مرشح حزب الشعب الديمقراطي المنافس أتيكو أبوبكر.

ورغم اتفاق المرشحين الثلاثة على مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة؛ فإن بينهم خلافات متفاوتة في الملف الاقتصادي ومسائله الفرعية الشائكة.

تشكيك في حجج الحكومة

دعم الوقود في نيجيريا
المرشح الرئاسي للانتخابات النيجيرية، بيتر أوبي - الصورة من موقع بريميم تايمز نيجيريا

تستحوذ مشكلتا تفاقم الديون ودعم الوقود في نيجيريا على أغلب سجالات المرشحين، ما بين مؤيد لاستمرار الدعم ومطالب بترشيده، بينما لا يتورع مرشح حزب العمال عن إعلان مطالبته الحازمة بإلغائه نهائيًا.

ويشكك أوبي في حجج المسؤولين الحكوميين المتمسكين باستمرار دعم الوقود لتخفيف المعاناة عن النيجيريين الذين يعيشون في أزمة بالفعل.

ويقول أوبي: "تزعم الحكومة بأن ارتفاع أسعار الوقود سيؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات على المواطنين؛ ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة، لكن ما يحدث في الواقع يشير إلى حدوث ما تتجنبه الحكومة".

ويستند مرشح حزب العمال، في نقده، إلى استمرار ارتفاع أسعار السلع الحالية في الأسواق النيجيرية، وتدهور القوة الشرائية للمواطنين.

ووفق هذه المعطيات، يشكك أوبي في جدوى سياسة دعم الوقود من وجهة نظره، خلافًا لآخرين ينظرون للمسألة من أبعاد أخرى، ويحذرون من ارتفاع الأسعار الحالية أضعافًا مضاعفةً في حالة التخلي عن الدعم.

24 مليار دولار في 8 أعوام

يلقي أوبي باللوم على الرئيس الحالي محمد بخاري؛ لاستمراره على نهج سابقيه في مضاعفة دعم الوقود في نيجيريا خلال 8 سنوات متواصلة في الحكم منذ عام 2015.

وأنفقت حكومة محمد بخاري على مدار 8 سنوات متصلة (2015-2022) قرابة 11 تريليون نايرا -ما يعادل 24 مليار دولارًا- على دعم الوقود في نيجيريا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويشير هذا الرقم المجمع إلى تضاعف متوسط حجم الانفاق سنويًا إلى 1.37 تريليون نايرا (2.8 مليار دولار)، مقارنة بنحو 317 مليار نايرا (688 مليون دولار) في عام 2015، أي قبل تولي بخاري للرئاسة.

(الدولار الأميركي = 460.5 نايرا نيجيرية).

كما تضاعف متوسط حجم الإنفاق الشهري على دعم الوقود في نيجيريا إلى 265 مليار نايرا (575.4 مليون دولار) خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتعرض نيجيريا لعمليات سرقة منظمة للنفط الخام؛ ما أدى انخفاض إنتاجها خلال العام الماضي لأدنى مستوياته في 32 عامًا، مع تكبدها خسارة بقيمة ملياري دولار على الأقل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الدعم احتيال

دعم الوقود في نيجيريا
الرئيس النيجيري الحالي محمد بخاري - الصورة من موقع بانش المحلي

يتهم مرشح حزب العمال الشاب، الرئيس محمد بخاري بالسير على نهج سابقيه في زيادة مخصصات ما سماه "الاحتيال"، بدلًا من مواجهته بشجاعة، في إشارة إلى سياسة دعم الوقود الممتدة في نيجيريا منذ عقود.

وأرجأ الرئيس محمد بخاري -الذي توشك ولايته على الانتهاء- مراجعة سياسة دعم الوقود إلى يونيو/حزيران 2023، وهى خطوة عدّها أوبي تهربًا من المسؤولية ومحاولة لمساعدة المرشح المنافس في حزبه الحاكم.

وتعرّضت حكومة بخاري، منذ أسبوعين، لانتقادات مماثلة؛ بسبب توقيعها اتفاقية ضخمة في مجال الطاقة الشمسية بسعة 5 آلاف غيغاواط مع شركة "صن أفريكا إل إل سي" الأميركية.

وركّزت الانتقادات على أولوية التوقيع مع الشركات المحلية الناشئة بدلًا من الشركات الأجنبية، كما أشارت إلى مخاطر توقيع الاتفاقية مع قرب انتهاء ولاية الرئيس؛ ما قد يرفع احتمالات إبطالها من قِبل الحكومة الفائزة، وفقًا لموقع بانش المحلي.

النقابات العمالية تهدد

تتمسك النقابات العمالية بمسألة دعم الوقود في نيجيريا منذ عقود، كما تهدد أي رئيس يفكر في المساس بها بالاحتجاجات والإضرابات؛ ما يدفع السياسيين إلى تجنب الإقدام على ما يهدد بقاءهم في السلطة.

وعلى العكس من ذلك، يتوعّد أوبي بالمضي قدمًا في إلغاء دعم الوقود بمنتهى الحزم والصرامة، دون الخوف من تهديدات الإضراب النقابية التي أسهمت في إسقاط رؤساء سابقين.

وتعرّض الجنرال السابق، إبراهيم بابنجيدا، لاحتجاجات على مستوى البلاد بسبب محاولته خفض دعم الوقود؛ ما أدى إلى خروجه من منصبه في النهاية عام 1993.

وفي عام 2012، حاول الرئيس غودلاك جوناثان المساس بدعم الوقود، وواجه احتجاجات متراكمة أسهمت في خسارته ثقة الناخبين في ولاية ثانية عام 2015، أمام منافسه محمد بخاري الذي سار باتجاه عكسي ونجح في استكمال مدتين حتى 2023، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

سرقة 24 مليون لتر

كان جوناثان قد وعد بإصلاح منظومة الدعم ومواجهة الفساد المستشري فيها، بعدما كشفت تحقيقات برلمانية عن سرقة 24 مليون لتر من منظومة دعم الوقود خلال المدة من 2009 إلى 2011.

كما وعد بمعاقبة المحتالين على المنظومة، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه بعد أسبوع من احتجاجات النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني.

ويرجع تاريخ بداية دعم الوقود في نيجيريا إلى عام 1973، في إطار محاولة الحكومة تخفيف صدمة ارتفاع أسعار النفط العالمية بسبب الحرب بين مصر وإسرائيل وقطع إمدادات الخليج العربي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ولم يجرؤ أي رئيس من رؤساء نيجيريا العسكريين، المتلاحقين منذ 50 عامًا وأكثر، على التفكير في إلغاء دعم الوقود نهائيًا منذ ذلك التاريخ، رغم بعض المحاولات الجزئية لتخفيضه أو ترشيده من قبل بعض الرؤساء.

اقتراحات بالدعم النقدي

فكرت حكومة محمد بخاري، المتولية منذ عام 2015، في إلغاء دعم الوقود مرتين خلال 8 سنوات، مع اقتراحات أخرى لا تخرج عن فكرة الدعم كثيرًا.

وطرحت وزيرة المالية والتخطيط النيجيرية، زينب أحمد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إلغاء دعم الوقود بصورته الحالية، مع صرف منحة نقدية بقيمة 5 آلاف نايرا (11 دولارًا) للطبقات الفقيرة البالغ عددها قرابة 40 مليون نيجيري.

ويتماشى هذا الطرح مع أطروحات استبدال الدعم العيني في البلدان النامية إلى دعم نقدي يصل إلى عدد محدد من الأسر، وهى فكرة يُرَوَّج لها بكثافة منذ سنوات من قبل مؤسسات التمويل الدولية.

ويتجنب أغلب مرشحي الرئاسة في نيجيريا الحديث عن إلغاء منظومة دعم الوقود بصورة نهائية دون طرح بدائل تعويضية أخرى؛ خشية فقدان أصوات الناخبين، على عكس مرشح حزب العمال بيتر أوبي الذي ذهب في الاتجاه المضاد بصورة علنية حادة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق