استنكرت شركة غلف ساندز البريطانية إنتاج النفط في سوريا "بصورة غير قانونية" من حقولها الخاضعة للقوة القاهرة منذ 6 سنوات، مؤكدة أن لديها خطة للعودة مرة أخرى إلى البلاد.
وتمتلك الشركة حصة 50% في المربع 26، إذ تعود مصالحها إلى ما قبل الحرب في سوريا، إلا أن العقوبات المفروضة من قبل المملكة المتحدة منعتها من العمل في المنطقة.
وأدى الصراع إلى إغلاق الحقول ودفع غلف ساندز وشريكتها سينوكيم الصينية إلى الخروج بعد إعلان القوة القاهرة، لكن الحقول بدأت إنتاج النفط مرة أخرى عام 2017.
ومنذ ذلك الحين، جرت سرقة أكثر من 41 مليون برميل من النفط، بقيمة تقارب 2.9 مليار دولار أميركي، وفق ما جاء في بيان صحفي أصدرته الشركة، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
إنتاج النفط "غير القانوني" في سوريا
قال الرئيس التنفيذي لشركة غلف ساندز، جون بيل، إن مجموعات محلية مختلفة -بما في ذلك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ووحدة الدفاع الشعبي وقوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية- قد سيطرت على تشغيل الحقول، وتُنتج "بصفة غير قانونية".
وقدّرت شركة غلف ساندز أن المربع 26 ينتج بصورة غير قانونية نحو 20 ألف برميل يوميًا منذ عام 2017، وهو ليس سوى جزء صغير من إجمالي سرقة النفط في المنطقة.
وأوضحت أن الإنتاج في شمال شرق سوريا يُقدر حاليًا بـ4 أضعاف هذه الأحجام، أي نحو 80 ألف برميل من النفط يوميًا، تبلغ قيمتها نحو 7 ملايين دولار يوميًا بأسعار النفط اليوم.
وأضاف بيل: "فُرضت العقوبات منذ 12 عامًا، ولا يرى السكان المحليون الفوائد. على الرغم من العقوبات، يُسمح لهذه التجارة غير القانونية بالاستمرار، وتذهب العائدات إلى الميليشيات المحلية".
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أداء قطاع النفط السوري في النصف الأول من عام 2022:
الشعب السوري غير مستفيد
قال بيل إنه "من المفهوم أن هذه الميليشيات تبيع النفط من شمال شرق سوريا إلى كل من دمشق وكردستان"، بحسب ما نقلته منصة "إنرجي فويس" (Energy Voice).
وأضاف: "أكبر مهزلة تتمثل في أن هناك فائدة ضئيلة أو معدومة للشعب السوري؛ لأن النفط يُباع بمثل هذا التخفيض الذي لا يفيد سوى الوسطاء غير الشرعيين".
وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن 14.6 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة، وأن 90% يعيشون تحت خط الفقر، و80% يعانون انعدام الأمن الغذائي.
كما تشير التقديرات إلى أن هناك نحو 5.4 مليون نازح داخليًا داخل سوريا ونحو 5.6 مليون لاجئ سوري في البلدان المجاورة.
وأضاف بيل: "ما يثير القلق أن هذا الإنتاج غير القانوني يتسبب -أيضًا- في تلوث فظيع تمامًا للأرض والهواء والأنهار.. التلوث البيئي كارثي"، مستشهدًا بأبحاث من المنظمات غير الحكومية المحلية.
وتابع بيل أن بعض الدول المؤثرة -بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة- يبدو أنها تغض الطرف عن المشكلة؛ ما يشجع هذه التجارة غير القانونية على الاستمرار.
"مشروع الأمل" في سوريا
توصلت شركة غلف ساندز إلى حل محتمل، الذي أطلقت عليه اسم "بروجيكت هوب" (مشروع الأمل).
وأوضحت الشركة -في بيانها- أن المشروع يتمثّل في مبادرة للتحفيز الإنساني والاقتصادي، من شأنها أن تمهد الطريق لشركات الطاقة الدولية -التي أعلنت جميعها وجود قوة قاهرة نتيجة للعقوبات الدولية- للعودة إلى العمليات في شمال شرق سوريا.
وتودع الإيرادات من مبيعات النفط في الأموال المدارة دوليًا، وصرفها لتمويل مشروعات التعافي المبكر والتحفيز الإنساني والاقتصادي في جميع أنحاء البلاد، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي ولصالح جميع السوريين الذين يمكنهم الاستفادة من الموارد الوطنية لبلدهم لبنائه وتنميته.
وأضافت غلف ساندز: "بالاستثمار والخبرة، نقدّر أن الإنتاج في شمال شرق سوريا يمكن أن يرتفع من 80 ألف برميل من النفط يوميًا إلى نحو 500 ألف برميل يوميًا، وتحقيق نحو 20 مليار دولار أمريكي سنويًا".
وهو ما يُمكن أن يموّل مئات من المرافق الطبية والتعليمية والمبادرات الاقتصادية، وكذلك توفير الآلاف من فرص العمل.
عودة غلف ساندز إلى سوريا
قال بيل إن المشروع سيغير هذا الأمر، ما يسمح للشركة بالعودة إلى العمل مع حل العديد من المشكلات ذات الصلة، إذ تمنع العقوبات الحالية وغياب الاتفاق السياسي الشركة وأقرانها من العمل في قطاع النفط السوري
بموجب الخطة، يُمكن لشركة غلف ساندز وأقرانها العودة إلى مربعاتهم، مع العقوبات المناسبة والموافقات الأخرى، كما يمكنهم تحسين ممارسات حقول النفط -تقليل التأثير في البيئة- مع إنتاج النفط أيضًا، بالعودة إلى السيطرة التشغيلية.
ثم تبيع الشركات النفط بشفافية من خلال تجار معتمدين، سيدفعون الإيرادات إلى حساب ضمان، أو يوجهونها نحو غايات مقبولة دوليًا.
ويُمكن أن تذهب عائدات النفط لدفع ثمن المساعدات الإنسانية -على سبيل المثال- وهذا من شأنه أن يقلل من فاتورة مساعدات الدول المانحة، ويوفر صلة محلية بين الإنتاج والفوائد.
وقال بيل: "يجب على الأمم المتحدة، أو أي طرف محايد مماثل، تصميمه والإشراف عليه. نعتقد أننا اقترحنا شيئًا منطقيًا ويلبي حاجة ملحة".
وتابع: "هذا ليس سياسيًا. نحن نحاول إيجاد حل محلي لأزمة إنسانية استمرت لمدّة طويلة. يتعلق الأمر بالرؤية والشفافية، حان الوقت لتغيير شيء ما".
استثمارات جديدة في سوريا
بالتالي، سيكون أولئك الذين ينتجون النفط -حاليًا- بصورة غير مشروعة الخاسرين حال تنفيذ هذا المشروع، لكن المواطنين السوريين سيكسبون. كما يمكن تحقيق المزيد من المكاسب من خلال الاستثمارات الجديدة، وفق ما أكدته "إنرجي فويس".
وقال بيل إن "المربع 26 التابع للشركة قد يزيد الإنتاج -بتوجيه من شركة غلف ساندز- إلى 100 ألف برميل يوميًا. بالنسبة إلى حقولنا النفطية، نحن نعرف بالضبط ما سنفعله. لقد أمضينا السنوات الـ5 أو 6 الماضية في العمل على الخطط".
وعلى المستوى الإقليمي، يعتقد بيل بأنه يمكن تطبيق الأمر نفسه ورفع الإنتاج إلى نحو 500 ألف برميل يوميًا. وهذا يُمكن أن يدر عائدات تتراوح بين 15 و20 مليار دولار أميركي سنويًا، اعتمادًا على سعر النفط.
وافتتحت غلف ساندز -مؤخرًا- مكتبًا في أبوظبي، لتكون أقرب إلى الحوار الإقليمي بشأن سوريا، وتعمل -أيضًا- على خطط لتوسيع عملياتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال بيل: "هناك مصلحة إقليمية واضحة في حل الأزمة في سوريا؛ ما يعطينا بعض الأسباب للتفاؤل".
موضوعات متعلقة..
- أرقام مميزة لقطاع النفط في سوريا خلال 6 أشهر (إنفوغرافيك)
- إنتاج النفط في سوريا يسجل 80 ألف برميل يوميًا
- النفط والغاز في سوريا.. 16 بئرًا تنتظر التطوير خلال 2022 (فيديو)
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع ارتفاع الطلب على النفط لمستوى قياسي خلال 2023
- تزويد محطة فريبورت الأميركية بالغاز مجددًا.. وموعد استئناف التشغيل يثير الجدل
- وقود الهيدروجين ينافس الغاز الطبيعي في تدفئة المنازل
- بالأرقام.. وزن السيارات الكهربائية خطأ مميت يهدد سلامة الطرق