قصة أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير في العالم.. ابتكار مذهل
بدعم من شركة سيمنس جاميسا
مي مجدي
دفع الزخم الواسع لطاقة الرياح شركة سيمنس جاميسا الإسبانية إلى ابتكار أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير.
فمع تزايد أهمية طاقة الرياح على مستوى العالم، أصبح من المهم دراسة دورة الحياة الكاملة لتوربينات الرياح أكثر من أي وقت مضى.
ورغم أن طاقة الرياح تُعد واحدة من أهم مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، فإن التوربينات نفسها لا تخلو من التكاليف البيئية، فهي مصنوعة من مواد مركبة يصعب إعادة تدويرها، وينتهي بها الحال في النفايات مع نهاية عمرها التشغيلي البالغ 25 عامًا.
لذا، عكفت شركة سيمنس جاميسا على تطوير أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير في العالم، ويبدو أن الشركة تخطو بثبات نحو تعزيز ريادتها في هذا القطاع.
وباتت الشفرات متاحة لمشروعات طاقة الرياح البحرية والبرية، وفق معلومات منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن الموقع الرسمي للشركة.
إعادة تدوير توربينات الرياح
مع تزايد خطط الدول للتحول الأخضر، بات تطوير مشروعات طاقة الرياح على رأس جدول أعمالها.
إلا أن بعض الجوانب المتعلقة بتصنيع وتشغيل ونهاية العمر الافتراضي لتوربينات الرياح ما تزال محط تركيز مختلف الشركات، إما لأنها تنتج انبعاثات ضارة أو تستهلك الكثير من الطاقة، أو تخلّف وراءها أطنان من النفايات.
ونظرًا إلى أن موردي طاقة الرياح والمصنعين والمشغلين يستهدفون تحقيق التنمية المستدامة الكاملة، وإجراء عمليات خالية من الانبعاثات أو النفايات، فقد بات إعادة تدوير المعدات في الشفرات شغلهم الشاغل.
وستدعم هذه الخطوة الأهداف الطموحة للعديد من البلدان لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
طموحات سيمنس جاميسا
تتطلع شركة سيمنس جاميسا إلى تطوير توربين قابل لإعادة التدوير بالكامل بحلول عام 2040؛ لذا تعد ابتكاراتها الأخيرة من الحلول المهمة في محفظتها، ما يمهد الطريق إلى تحقيق أهدافها الطموحة.
وأعلنت الشركة نجاحها في تطوير أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير بالعالم في سبتمبر/أيلول (2021)، والمعروفة بـ"ريسايكبل بليد"، وطرحتها للاستخدام التجاري في مشروعات الرياح البحرية.
وفي أغسطس/آب (2022)، أعلنت الشركة تركيب الشفرة في محطة كاسكي للرياح البحرية التابعة لشركة "آر دبليو إي" بألمانيا.
وبعد شهر واحد فقط، أصبحت الشفرات القابلة لإعادة التدوير متاحة للاستخدام التجاري في مشروعات الرياح البرية.
وفي هذا السياق، أوضح كبير الخبراء في إدارة مجموعة المنتجات ميغيل أنجل، غونزاليس بوسادا، أن الفائدة الأكبر من تطوير أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير في العالم لا تقتصر على حماية البيئة فحسب، وإنما لمساعدة العملاء على الامتثال للوائح التي تنفذها بعض البلدان -حاليًا-.
ومن بين الدول التي تعتزم إعادة تدوير توربينات الرياح، ووضعت خطة محددة للسنوات المقبلة، فرنسا.
وبدءًا من 1 يوليو/تموز (2022)، خططت فرنسا لإعادة استعمال أو إعادة تدوير 90% من الوزن الكلي لتوربينات الرياح، بما في ذلك الأساسات.
وتستعد بدءًا من 1 يناير/كانون الثاني (2023)، لإعادة استخدام ما لا يقل عن 45% من إجمالي الشفرات الدوارة، وصولًا إلى 55% في عام 2025.
التحقق من التقنيات
يتمثّل التحدي الأكبر -الذي واجه شركة سيمنس جاميسا في صناعة أول شفرة توربينات رياح قابلة لإعادة التدوير- في التحقق تقنيًا من المادة الصمغية الراتينجية الموجودة في الشفرة.
ويضمن تغيير تركيبة الراتنج السماح بإذابة المواد وإعادة تدويرها فور انتهاء العمر الافتراضي للشفرة.
فشفرات التوربينات مصنوعة من مواد مركبة، تتضمّن الراتنج وألياف الكربون والزجاج، وعملية إعادة تدوير هذه المواد معقدة ومكلفة.
وتعتمد الشفرة الجديدة القابلة لإعادة التدوير من سيمنس جاميسا على استخدام محلول حمضي خفيف، لفصل المواد بعد نهاية العمر الافتراضي للتوربين، ويمكن بعد ذلك إعادة تدوير هذه المواد لاستعمالها في تطبيقات صناعية أخرى.
ويمكن أن يُسهم ذلك في تقليل الأثر البيئي لطاقة الرياح، وجعل التوربينات أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية على المدى الطويل.
وسبق أن اختبرت الشركة الشفرات البحرية، لكنها احتاجت التحقق من أنها تلائم السمات الخاصة للشفرات البرية.
وأشار رئيس فريق البحث والتطوير، المسؤول عن الفريق الخاص بمعدات الشفرات البرية خوسيه خافيير غازتلوميندي، إلى أن الراتنج يحتوي على مكونين هما القاعدة والمُصلّد (وهي مادة كيميائية تُضاف إلى الأشياء للتسريع بجفافها)، وكان لا بد من تعديل المُصلد وفقًا لاحتياجات الشفرة.
ومع ذلك، لا تؤثر هذه التغييرات على أداء التوربين، وأوضح خافيير أن خصائص المادة الصمغية الجديدة لا تختلف عن نظيرتها غير القابلة لإعادة التدوير.
وقال: "تمنح هذه الشفرة ميزة تنافسية إضافية في الأسواق التي تقدر فيها المزادات إمكان إعادة تدوير التوربين بسهولة، أما الميزة الأخيرة فتتمثل في انخفاض تكلفة فك التوربين وإزالته، لأن الشفرة قابلة لإعادة التدوير".
بينما سلّط متخصص الاستدامة المشارك في مشروع "ريسايكبل بليد" جوناس باغ جنسن، الضوء على إمكان تجنب نفايات هائلة.
وتوقع إضافة طاقة الرياح أكثر من 80 غيغاواط سنويًا على مستوى العالم بحلول عام 2030، ما يعني تركيب أكثر من مليون طن من الشفرات على أساس سنوي، وسيسهم تطوير مواد قابلة لإعادة التدوير في تفادي أطنان من النفايات.
وتركز الخطوات المستقبلية للمشروع على تحسين كفاءة إعادة التدوير لتسهيل إعادة الاستعمال، والاستفادة من المواد الحيوية، مثل الزيوت النباتية، لتحل محل زيوت التشحيم المستخرجة من النفط، أو ألياف القنب بدلًا من ألياف الكربون والزجاج.
موضوعات متعلقة..
- توربينات الرياح.. ما مصير آلاف الشفرات؟
- مخاطر توربينات الرياح على البيئة عقبة في طريق تحول الطاقة (تقرير)
- عملاقة توربينات الرياح سيمنس جاميسا تخسر 936 مليون دولار في 2022
اقرأ أيضًا..
- تقرير جديد يكشف توقعاته لأسواق الطاقة وأسعار النفط في 2023
- الجزائر تعزز موقعها ثاني أكبر مصدر للغاز إلى أوروبا.. وخبير: قد تسجل قفزة مستقبلًا
- صناعة السيارات الكهربائية في 2023 بين التوقعات والابتكارات
ان هذا لجدير بالقراءة والمتابعة