نقص البنزين في إيران يجبر الحكومة على استئناف الاستيراد (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • دور الاستيراد المضاعف وزيادة الأسعار أو إنتاج البنزين البتروكيماوي سيظهر قريبًا
- • بلغ الاستهلاك اليومي للبنزين في الصيف ما يقرب من 101 مليون لتر
- • إيران تستهلك ما بين 95 و105 مليون لتر من البنزين يوميًا
- • وسائل الإعلام الإيرانية نشرت الكثير بشأن سوء نوعية البنزين المنتَج في المصافي المحلية
- • حجم تهريب البنزين في إيران يبلغ 5 ملايين لتر يوميًا
- • سيستمر الشعب الإيراني في مواجهة أزمة الطاقة، على الرغم من امتلاكه موارد ضخمة
أتاحت حقبة خطة العمل الشاملة المشتركة فرصة جيدة لجمهورية إيران لاستكمال بعض المشروعات في صناعة النفط والغاز.
في هذه المدة، تمكنت حكومة الرئيس السابق حسن روحاني من زيادة إنتاج النفط الإيراني وقدرات التصدير، وكذلك إبرام عقود مهمة لاستيراد التكنولوجيا اللازمة لبعض المشروعات الصناعية.
وتمثّل مصفاة "نجمة الخليج الفارسي" أحد المشروعات المهمة التي أدت دورًا مهمًا في أمن الطاقة، وتحديدًا قطاع البنزين في إيران.
منذ العام الماضي، واجهت إيران عجزًا يوميًا قدره 250 مليون متر مكعب من الغاز؛ بسبب عدم التوازن بإنتاج واستهلاك البنزين في إيران.
ويعتقد خبراء الطاقة والمحللون أن تغيرات أسعار البنزين، في العام المقبل، مرجحة للغاية، وهذا قد يمهد الطريق لرفع التوقعات التضخمية.
وفقًا للمحللين، سيظهر دور الاستيراد المضاعف وزيادة الأسعار أو إنتاج البنزين في قطاع البتروكيماويات قريبًا، ويرى الخبراء أن تغيرات الأسعار ستصبح الحل الحكومي للمشكلة.
متوسط استهلاك البنزين اليومي
بلغ متوسط استهلاك البنزين اليومي في إيران 103 ملايين لتر، وهو رقم غير مقبول.
وقال رئيس الشركة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية، التابعة لشركة النفط الوطنية الإيرانية، علي أكبر نجاد علي: " خلال موسم الخريف من كل عام، ينخفض استهلاك البنزين في إيران".
وأضاف أنه بينما بلغ الاستهلاك اليومي للبنزين في صيف هذا العام ما يقرب من 101 مليون لتر، فإن الرقم لم ينخفض فقط في أشهر الخريف، بل ارتفع أيضًا، مشيرًا إلى أن الرقم وصل في أوقات معينة إلى 105 ملايين لتر يوميًا، وهي السعة الإنتاجية القصوى في إيران.
لبعض الوقت، توقّف توريد البنزين الممتاز (عالي النقاء) في محطات الوقود، ما أدى إلى انتشار طوابير طويلة أمام محطات الوقود في طهران ومدن أخرى.
في سياق متصل، تدور شائعات حاليًا بشأن ارتفاع سعر البنزين في المواقع الإلكترونية، في غياب ردّ على هذه القضية. ويُطرَح تساؤل الآن بشأن سبب عدم تقديم البنزين الممتاز لبعض الوقت في محطات الوقود.
في هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي باسم شركة بالايش للتكرير، إن أحد أقسام إنتاج البنزين الممتاز في مصفاة أراك كان يعاني من مشكلات فنية، بسبب تعذُّر إنتاج البنزين الممتاز.
وأوضح أن الإنتاج اليومي البالغ 8 ملايين لتر من البنزين الممتاز استؤنف منذ يوم أمس، بعد حل المشكلات الفنية، ملمّحًا إلى أنه لا يوجد نقص في ذلك النوع من الوقود.
تسعير الوقود
أفاد رئيس الشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات النفطية أن مسؤولية تسعير الوقود لا تقع على عاتق شركة التكرير والتوزيع، وأن سعر البنزين لن يرتفع لمدة عامين.
تعليقًا على ارتفاع سعر البنزين، قال عضو لجنة الطاقة في مجلس الشورى الإيراني، حسين حسين زاده، إن هناك تضاربًا بين إنتاج البنزين واستهلاكه، إذ يُستَهلَك ما بين 95 و 105 مليون لتر يوميًا في إيران.
وأشار إلى أنه بالنظر إلى الزيادة السنوية من 4 إلى 6%، والزيادة في أنشطة السفر بعد انتهاء القيود المفروضة على مكافحة فيروس كورونا، الذي يتطلب المزيد من البنزين، يبدو أن أحد الحلول فيما يتعلق بنمو الطلب على البنزين يتمثل بتحسين استهلاك الوقود.
وألمح إلى أن إحدى طرق التحسين تتمثل بتطوير خزّانات الغاز الطبيعي المضغوط.
وأوضح أنه "في مجال البنزين، ليس لدينا أيّ زيادات في الأسعار، ولا يستطيع المجتمع قبول ارتفاع الأسعار".
نوعية البنزين المنتج محليًا
نشرت وسائل الإعلام الإيرانية منشورات كثيرة بشأن سوء نوعية البنزين المنتج في المصافي الإيرانية.
في هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لتكرير وتوزيع النفط، جليل سالاري: "إن جودة البنزين الموزّع في البلاد لم تنخفض، ومع انتهاء الإصلاحات الرئيسة في مصفاة شازند، استؤنِف إنتاج البنزين الممتاز في البلاد".
وأكّد أن سبب تلوث الهواء لا يعود إلى نوعية البنزين، وأن الوقود الموزّع في الدولة يتمتع بجودة حسنة.
وأوضح أن البنزين الأوروبي والعادي الموزّعان في محطات إمداد الوقود لهما مقاييس بيئية، ويستوفيان معايير الهيئة الوطنية للمواصفات.
وأضاف أن رقم الأوكتان للبنزين العادي في الدولة هو 87 وللبنزين الأوروبي 92، ولا يُوَزَّع البنزين برقم أوكتان أقلّ من 87 في الدولة، مشيرًا إلى أن إنتاج البنزين واستهلاكه غير متوازن، وأن جزءًا من الاستهلاك يعود إلى تهريب الوقود، الذي يجب منعه.
وأعلن سالاري أن حجم تهريب البنزين في البلاد يبلغ 5 ملايين لتر يوميًا، وأن كمية تهريب الديزل تصل إلى نحو 7 ملايين لتر يوميًا.
وأشار إلى قضية ارتفاع استهلاك وقود السيارات في الدولة، قائلًا: "في بلادنا، تُستَهلَك 10 لترات من البنزين لكل 100 كيلومتر، في حين يبلغ هذا الرقم 4 لترات عالميًا".
ورأى أن جودة البنزين والغاز لم تنخفض بأيّ شكل من الأشكال بهدف تزويد البلاد بالبنزين الذي تحتاجه، مؤكدًا أن استهلاك البنزين في السيارات المحلية مرتفع للغاية، مقارنة بالسيارات الأجنبية.
إزاء ذلك، يعتقد بعض الخبراء في مجال السيارات في إيران أنه في ظل غياب التكنولوجيا الحديثة، وسوق احتكارية، ومع فكرة أنه سيباع كل ما ينتجون، لا تسعى أكبر شركتين لتصنيع السيارات في البلاد إلى تحسين استهلاك الوقود في منتجاتهما.
أزمة نقص البنزين
بحسب إحصائيات وزارة النفط الإيرانية، المتوافقة مع بيانات منظمة أوبك، ونتيجة لانتشار جائحة كورونا وانخفاض الاستهلاك المحلي للبنزين بسبب الحجر الصحي المكثف، صدّرت إيران 3 مليارات دولار من البنزين في عام 2019، لكنها تواجه الآن نقصًا حادًا في هذا الوقود.
خلال الأيام الماضية، طرحت إيران 4 حلول لمنع النقص في البنزين، وليس لأيّ منها آفاق معقولة. ويتمثل أحد هذه الأساليب في استئناف استيراد البنزين، وهي مشكلة ستجبر الحكومة، بسبب الاختلاف الكبير في أسعار البنزين داخل وخارج البلاد، على دعم الوقود أو تحرير الأسعار.
وتستند الطريقة الثانية إلى استئناف إنتاج البنزين الخطير وغير القياسي في المجمّعات البتروكيماوية.
وتعتمد الطريقة الثالثة على كبح نمو الاستهلاك، وهي قضية تبدو مستحيلة بسبب السيارات المحلية ذات الكفاءة المنخفضة، والافتقار إلى البنية التحتية لإنتاج السيارات الهجينة أو الكهربائية.
وترتكز الطريقة الرابعة على بناء مصافٍ جديدة، وهو أمر يبدو بعيد الاحتمال بسبب العقوبات ونقص التكنولوجيا المحلية ورأس المال اللازم، علاوة على ذلك، يستغرق بناء مصفاة تكرير واحدة 5 سنوات على الأقلّ.
بهذه الطريقة، تصل جميع هذه المسارات المتقاطعة إلى طريق مسدود.
إحياء خطة العمل المشتركة
لم تطرح أيّ من السلطات الإيرانية خيار رفع العقوبات وجذب رؤوس الأموال والشركات الأجنبية، في حين إن الطريقة الأفضل والأكثر جدوى تتمثل بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وإلغاء العقوبات.
ويجب أن توفر الجمهورية الإيرانية الشروط اللازمة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، بحيث يتحسن الوضع الاقتصادي للناس قليلًا، إضافة إلى توفير الظروف لحلّ بعض المشكلات الرئيسة في صناعة التكرير.
علاوة على ذلك، لن تُحلّ جميع مشكلات صناعة الطاقة الإيرانية من خلال إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
في الأشهر الماضية، شعرت بعض مدن إيران بعدم الرضا عن إنتاج البنزين واستهلاكه، حتى إن المسؤولين وافقوا على استيراد البنزين من تركمانستان.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الأسابيع الماضية توقفت إمدادات البنزين الممتاز في محطات الوقود، وتسببت القضية في ظهور طوابير واسعة وطويلة أمام محطات الوقود في طهران ومدن أخرى.
ولم تقلل العقوبات من قدرة إنتاج وتصدير النفط والغاز والبنزين في إيران فحسب، بل أجبرت الدولة والجهات المعنية على بيع النفط في السوق الموازية بسعر منخفض.
وإذا كانت أولوية إيران هي الممانعة في السياسة الداخلية والخارجية، فإنها لا تؤدي دورًا في الاقتصاد والتنمية المتوازنة، وسيستمر الشعب الإيراني في مواجهة أزمة الطاقة، على الرغم من امتلاكه موارد ضخمة.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- إيران تُعلق صادرات البنزين في الأشهر الأخيرة لحكومة روحاني
- تراجع استهلاك البنزين في إيران وسط تفشّي كورونا
- أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية تشهد عقدها الأول في هذا الموعد
اقرأ أيضًا..
- الحرب في أوكرانيا.. هكذا حافظ أوبك+ على استقرار سوق النفط خلال 10 أشهر (تقرير)
- ساوند إنرجي تكشف عن رقم ضخم لاحتياطيات الغاز المغربي.. "ثروة للمملكة"
- العواصف تُغلق مصافي النفط في تكساس وعلى طول السواحل الأميركية