طاقة نوويةالتقاريرتقارير الطاقة النوويةرئيسية

الطاقة النووية في كوريا الجنوبية تحظى بالثقة لتوليد الكهرباء حتى عام 2030

عمرو عز الدين

حصلت الطاقة النووية في كوريا الجنوبية على تجديد الثقة بالاعتماد عليها في توليد الكهرباء حتى عام 2030 على الأقل، على الرغم من مخاطرها الإشعاعية المعروفة في الأوساط العلمية والبيئية.

وتوقع تقرير حديث استحواذ الطاقة النووية على أكثر من 30% من إمكانات توليد الكهرباء في كوريا الجنوبية بحلول 2030، مقارنة بنحو 27.4% خلال عام 2021، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ورصد التقرير الصادر عن وحدة أبحاث بنك آي إن غي- مقره هولندا- تزايد الطلب الصناعي على الكهرباء في البلد الآسيوي إلى أكثر من 62%؛ ما يمثل عائقًا أمام التحول عن الطاقة النووية في كوريا الجنوبية إلى غيرها من المصادر الأكثر أمانًا.

وتأمل كوريا الجنوبية في التحول إلى الطاقة المتجددة، ولكن دون التخلي عن الطاقة النووية، وفق مقاربة الحكومة الكورية الجديدة التى تواجه ضغوطًا كبيرة في الطلب على الكهرباء منذ توليها المسؤولية في مايو/أيار 2022.

التصنيع يستهلك 62%

يستهلك قطاع التصنيع وحده أكثر من 62% من إجمالي الكهرباء المنتجة في البلاد، بينما يستهلك قطاع النقل 18%.

الطاقة النووية في كوريا الجنوبية
مفاعلات نووية في كوريا الجنوبية - الصورة من "فينانشيال تايمز"

كما يستحوذ القطاع التجاري على 10%، وكذلك قطاع المنازل أو المقيمين بنسبة 10%، وفقًا لبيانات استهلاك محلية رصدها تقرير وحدة أبحاث بنك آي إن جي.

وتتصدر الصين قائمة أكبر دول العالم من حيث استهلاك الكهرباء، تليها الولايات المتحدة، ثم الهند وروسيا، ومن بعدها اليابان وكندا والبرازيل، ثم كوريا الجنوبية ومن ورائها ألمانيا وفرنسا، وفقًا لبيانات شركة النفط البريطانية بي بي عن عام 2021.

الفرد الكوري رقم 13 عالميًا

يحتل نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء في كوريا الجنوبية المركز الـ13 على مستوى العالم، وفقًا لبيانات شركة النفط البريطانية بي بي عن عام 2021.

وتتصدر أيرلندا قائمة أكبر دول العالم من حيث نصيب الفرد في استهلاك الكهرباء، تليها النرويج، ثم البحرين وقطر والكويت، ثم فنلندا وكندا، ومن خلفها الإمارات والسويد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

واعتمدت كوريا الجنوبية منذ عقود على مصادر الوقود الأحفوري، الأكثر ثقة بتوليد الكهرباء واستمراريتها، ولا سيما الفحم والغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى الطاقة النووية.

وتشهد مشروعات الطاقة المتجددة في كوريا الجنوبية نموًا متسارعًا بلغ 14.5% من مزيج الطاقة في البلاد حتى عام 2021، وفقًا لبيانات معهد اقتصاديات الطاقة في كوريا الجنوبية "كا إي إي آي".

المصانع تنتقد خطط الانتقال

رسمت الحكومة الكورية السابقة خططًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وسط انتقادات شديدة من أصحاب الشركات والمصانع الذين يرون هذه الخطط مفرطة في الطموح البيئي على حساب الصناعة والاقتصاد الوطني.

وتستهدف هذه الخطط خفض الانبعاثات بنسبة 40% عن مستويات 2018 بحلول عام 2030، تمهيدًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

أصبحت كوريا الجنوبية الدولة الـ14 في العالم من حيث تقنين هدف إزالة الكربون محليًا عبر إصدار تشريع ملزم، دخل حيز النفاذ رسميًا منذ مارس/آذار (2022)، قبل تولي الحكومة الجديدة بـ3 أشهر.

ورفعت حكومة الرئيس السابق (مون جاي إن) ميزانية برامج الحياد الكربوني إلى 12 تريليون وون كوري (8.9 مليار دولار) لعام 2022، مقارنة بنحو 7.3 تريليون وون في العام السابق (2021).

كما أعلنت تأسيس صندوق للمناخ بقيمة 2.5 تريليون وون، وشكلت لجنة لمتابعة تنفيذ برامج الحياد الكربوني والنمو الأخضر لعام 2050، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتوقف التقدم تجاه هذه الخطط الطموحة مع تغيير الحكومة في مايو/أيار 2022، رغم إعلانها الالتزام بالخطط السابقة لتحول الطاقة والحياد الكربوني.

(الدولار = 1335 وون كوريًا جنوبيًا)

تشغيل المفاعلات من جديد

الطاقة النووية في كوريا الجنوبية
رئيس كوريا الجنوبية الجديد يون سوك يول - الصورة من بلومبرغ

أعلنت وزارة التجارة والصناعة والطاقة بالحكومة الجديدة، في 5 يوليو/تموز 2022، استئناف بناء مفاعلي "شين-هانول" النوويين الثالث والرابع، وتشغيل المفاعلات القائمة باستمرار مع تشديد معايير السلامة في إطار خطة تستهدف ضمان أمن الطاقة على المدى المتوسط والطويل.

وفي حالة سارت كوريا الجنوبية على هذه الخطة؛ فمن المتوقع أن تستحوذ الطاقة النووية على أكثر من 30% من إمكانات توليد الكهرباء بحلول 2030.

وتأمل حكومة الرئيس الجديد يون سوك يول، في خفض اعتمادها على استيراد الوقود الأحفوري، من 81.8% حاليًا إلى 60% بحلول عام 2030، في حالة عدم تعثر سياسات الطاقة الجديدة التي تتبناها.

قانون للنفايات المشعة

تخطط الحكومة لسن قانون جديد للتخلص من النفايات المشعة عالية المستوى من أجل تقليل المخاطر المحتملة لزيادة الاعتماد على المفاعلات النووية في توليد الكهرباء.

ومن المقرر تحديث خطط الكهرباء متوسطة وطويل الأمد خلال الربع الأخير من 2022؛ إذ ستُطرح الخطة الأساسية الـ10 للطلب على الكهرباء للنقاش والاعتماد.

وتعتمد إستراتيجية الحكومة الجديدة على بعض المبادئ أو الخطوط الاسترشادية العريضة الحاكمة لخطط الانتقال إلى الطاقة المتجددة والوصول إلى الحياد الكربوني.

المبدأ الأول هو تعديل خطط التنفيذ باتجاه تبني الطاقة النووية، وإن ترتب على ذلك تأخر خطة الوصول إلى الحياد الكربوني قليلًا.

بينما المبدأ الثاني هو تعزيز الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة النووية وتصدير المحطات النووية الكورية، جنبًا إلى جنب مع تعزيز الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

والثالث هو تأمين وصول الطاقة بصورة دائمة ومستمرة إلى الأسر والمصانع مع إعطاء أولوية للأسر ذات الدخل المنخفض، أما رابع المبادئ فيختص بخفض الاعتماد على الفحم مع مراعاة حجم الوظائف الضخمة وشبكات الاقتصاد المحلي المرتبطة به عبر عقود، والتي يصعب انتقالها إلى مصادر الطاقة المتجددة ذات الطبائع المختلفة في الوظائف والنشاط.

كوريا تعاني بسبب حرب أوكرانيا

عانت كوريا الجنوبية مثل غيرها من الدول المستوردة لمصادر الوقود الأحفوري بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية الممتدة منذ فبراير/شباط (2022) حتى الآن.

تسببت هذه الحرب في ارتفاع أسعار الغاز بصورة قياسية لأكثر من 3 أضعاف؛ ما أدى إلى تضاعف فاتورة الاستيراد بالنسبة لكوريا الجنوبية وغيرها من الدول المعتمدة على واردات الغاز لتلبية الطلب المحلي.

أدى ذلك بدوره إلى رفع الأسعار؛ ما أسفر لاحقًا عن ارتفاع معدلات التضخم المستمرة وتدهور الأوضاع الصناعية والتجارية.

رغم ذلك؛ فقد خفّضت كوريا الجنوبية وارداتها النفطية من روسيا بصورة كبيرة، ومن المرجح أن تستمر في هذا الاتجاه، إلا أنها زادت من وارداتها من الفحم الروسي في المقابل.

كما خفّضت واردات الغاز الطبيعي المسال والفحم ولكن بوتيرة أقل لم تتجاوز 3% بالنسبة للغاز، وفقًا لبيانات رابطة التجارة الدولية الكورية (كيتا).

واعتمدت كوريا الجنوبية على واردات الفحم الأسترالي بصورة أساسية بنسبة 49% خلال العام الماضي، بينما جاءت روسيا وإندونيسيا في المركز الثاني بالنسبة نفسها 17%، تليها كندا بنسبة 8%، إضافة إلى واردات دول أخرى بنسبة 9%.

في الوقت نفسه، تخطط كوريا الجنوبية لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة النووية، أملًا في سد الفجوة المتوقعة من ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري.

وينظر إلى الطاقة النووية في كوريا الجنوبية بوصفها أقل المصادر تكلفة، ويمكن الاعتماد عليها لتوفير الكهرباء للمواطنين بصورة مستدامة في ظل واقع عالمي شديد الاضطراب، وتوقعات ليست مطمئنة بالنسبة للمستقبل.

الطاقة النووية أرخص

بلغت تكلفة شراء وحدة الكهرباء من الطاقة النووية 59.6 وون كوريًا لكل كيلوواط/ساعة، وفقًا لبيانات معهد اقتصاديات الطاقة في كوريا الجنوبية (كيبكو).

بينما انخفضت تكلفة شراء الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى 81.4 وون كوريًا لكل كيلوواط/ساعة، لتقترب من تكلفة شراء الكهرباء من مصادر الفحم (82.13 وون كوريًا)، في حالة استبعاد معيار محفظة الطاقة المتجددة (بي آر إس).

ويؤثر ارتفاع أسعار الطاقة في الاقتصاد الكلي في كوريا الجنوبية، سواء على مستوى الأسر والقطاع المنزلي الذي يدفع تكاليف متصاعدة مقابل الكهرباء، أو على المستوى الصناعي الذي يؤثر بشكل مباشر في الميزان التجاري للدولة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق