هل تنتهي أزمة المشتقات النفطية عالميًا في 2023؟ (رسوم بيانية)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- أزمة المشتقات النفطية قد تستمر في 2023 مع حظر النفط الروسي
- طاقة التكرير العالمية فقدت 3.8 مليون برميل يوميًا منذ تفشّي وباء كورونا
- تعافي الطلب على النفط بوتيرة أسرع من المعروض أثار أزمة الديزل والبنزين
- الطلب العالمي على النفط قد يتجاوز المعروض عالميًا خلال العام المقبل
- توقعات باستمرار أزمة المشتقات النفطية حتى حلول عام 2025
تصدّرت أزمة نقص المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها العناوين الرئيسة حول العالم في العامين الماضي (2021) والحالي (2022)، إذ زاد الغزو الروسي لأوكرانيا الضغوط على صناعة التكرير المتضررة من تداعيات فيروس كورونا.
وفي الواقع، فإن الأزمة معرّضة للتفاقم في العام المقبل (2023)، مع دخول الحظر الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية حيز التنفيذ في فبراير/شباط المقبل، بعد شهرين من حظر النفط الخام، ردًا على غزو أوكرانيا.
وأمام ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الصادر حديثًا، أن تسهم طاقة التكرير الجديدة المقرر تشغيلها قريبًا في تعويض التراجع المحتمل من المشتقات النفطية الروسية.
ورغم ذلك، ترى الوكالة الدولية أن سوق الديزل بصفة خاصة قد تتعرض لمزيد من الضغوط مع دخول حظر النفط الروسي حيز التنفيذ، وفق التقرير الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
كيف تصاعدت أزمة المشتقات النفطية؟
تكافح مصافي التكرير العالمية لتلبية الطلب العالمي على الديزل والبنزين، الذي تعافى بسرعة من تداعيات كورونا قبل عودة القدرة الإنتاجية للمصافي إلى مستويات ما قبل الوباء، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
وحتى قبل أزمة أوكرانيا، فإن سعة تكرير النفط عالميًا قد شهدت إغلاق 3.8 مليون برميل يوميًا منذ بداية تفشّي جائحة كورونا في مارس/آذار 2020 حتى نهاية العام الماضي (2021)، ليكون الهبوط الأول في أكثر من عقدين، حسب تقرير صادر عن منتدى الطاقة الدولي بالتعاون مع منصة ستاندرد آند بورز غلوبال.
وخلال المدة نفسها، ارتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 5.6 مليون برميل يوميًا؛ ما تسبَّب في فجوة بين قدرة تشغيل مصافي التكرير والطلب المتزايد.
ويرصد الإنفوغرافيك التالي أزمة المشتقات النفطية ونقص قدرة التكرير العالمية:
وكانت وكالة الطاقة الدولية -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- قد أشارت في تقرير سابق إلى تراجع سعة التكرير العالمية بمقدار 730 ألف برميل يوميًا في 2021، للمرة الأولى منذ 33 عامًا، بعدما تجاوزت عمليات الإغلاق القدرة الإنتاجية الجديدة.
وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتُشكّل ضغوطًا إضافية على تكاليف تشغيل المصافي، مع ارتفاع أسعار الخام، فضلًا عن تضرُّر الإمدادات الروسية، ما أدى في النهاية إلى المزيد من الصعود لأسعار المشتقات النفطية.
وبحسب التقرير الشهري لوكالة الطاقة، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، قفزت أسعار الديزل العالمية بنسبة 70%، لتسجل مستوى قياسيًا خلال أكتوبر/تشرين الأول 2022، على أساس سنوي، وفي المقابل، ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 11% فقط.
وفي 2023، ترى وكالة الطاقة احتمال وجود منافسة شرسة على براميل الديزل غير الروسية، مع دخول الحظر الأوروبي حيز التنفيذ، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن زيادة قدرة المصافي قد تساعد على تخفيف اضطرابات السوق.
آفاق الطلب على المشتقات النفطية
بصفة عامة، من المتوقع تباطؤ نمو الطلب على النفط عالميًا إلى 1.61 مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل، انخفاضًا من 2.11 مليون برميل يوميًا في 2022، ليسجل الإجمالي 101.38 مليونًا، مع المخاوف الاقتصادية وضعف الطلب الصيني جراء انتشار فيروس كورونا.
بينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية تباطؤ نمو الطلب العالمي على وقود الديزل من 425 ألف برميل يوميًا في 2022، ليصبح 13 ألف برميل يوميًا فقط خلال العام المقبل، ليصل الإجمالي إلى 28.09 مليون برميل يوميًا.
ويوضح ذلك تداعيات استمرار ارتفاع الأسعار وتباطؤ الاقتصاد على استهلاك الديزل في العامين الحالي والمقبل، خاصة بعد نمو قدره 1.5 مليون برميل يوميًا في 2021.
وفي السياق ذاته، من المرجح نمو الطلب العالمي على البنزين بنحو 58 ألف برميل يوميًا فقط في العام المقبل، انخفاضًا من 310 آلاف برميل يوميًا في 2022، ليصل الإجمالي المتوقع عند 25.98 مليون برميل يوميًا.
وبصفة عامة، كان الطلب على الديزل مستقرًا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ولا يزال قريبًا من مستويات ما قبل الجائحة، في حين يظل استهلاك البنزين أقلّ من عام 2019 بنحو 170 ألف برميل يوميًا.
ومن بين جميع المشتقات النفطية، سيكون النمو الملحوظ في الطلب على النفط خلال 2023 من نصيب وقود الطائرات والكيروسين والنافثا، حسب وكالة الطاقة الدولية.
ويوضح الرسم البياني الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، الطلب العالمي على النفط حسب نوع الوقود بين عامي 2020 و2023:
إنتاج المشتقات النفطية
تشير تقديرات وكالة الطاقة إلى نمو المعروض العالمي من النفط بوتيرة ملحوظة خلال العام الجاري، بلغت 4.6 مليون برميل يوميًا، مع مساهمة تحالف أوبك+ بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا من هذا النمو، بعد رفع الإنتاج تدريجيًا في أعقاب التخفيضات القياسية خلال الوباء.
وفي العام المقبل، من المرجح أن يرتفع إجمالي المعروض العالمي من 99.9 مليون برميل يوميًا في 2022، إلى مستوى 100.7 مليون برميل يوميًا، ما يعني نموًا 740 ألف برميل يوميًا في الإمدادات النفطية.
وهذا يعني أن إجمالي المعروض النفطي العالمي سيكون أقلّ من إجمالي الاستهلاك العالمي للنفط المتوقع لعام 2023 عند 101.38 مليون برميل يوميًا، وفق التقرير الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
وبالنسبة إلى إنتاج المشتقات النفطية، من المتوقع ارتفاع عمليات تشغيل مصافي التكرير بمقدار 2.3 مليون برميل يوميًا خلال العام الجاري، و1.4 مليون برميل يوميًا في العام المقبل، ما يعني أن الإجمالي قد يصل إلى 81.9 مليون برميل يوميًا.
ومع ذلك، فإن إنتاج مصافي التكرير العالمية سيظل أقلّ من مستويات ما قبل وباء كورونا البالغة 82.2 مليون برميل يوميًا عام 2019، قبل أن يهبط إلى 75 مليونًا في عام 2020، جراء تداعيات الوباء.
ويُظهر الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج مصافي التكرير العالمية بين عامي 2019 و2023:
وتشير وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها إلى تراجع إنتاج مصافي تكرير النفط عالمًيا بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، على أساس شهري، ليصل إلى 80.4 مليون برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ومن جانبه، يرى منتدى الطاقة الدولي أن أزمة المشتقات النفطية قد تستمر حتى 2025؛ لأن تعزيز سعة تكرير النفط يحتاج إلى استثمارات ضخمة ومُدَد زمنية طويلة.
ويأتي ذلك رغم توقعات إضافة مليوني برميل يوميًا إلى طاقة التكرير العالمية بحلول نهاية العام المقبل، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع تباطؤ نمو الطلب على النفط خلال 2023
- صناعة تكرير النفط بين التحديات العالمية والتوقعات المحبطة (تقرير)
- مصافي التكرير.. الخطوة الأخيرة لإنتاج المشتقات النفطية
اقرأ أيضًا..
- خطر انقطاع الكهرباء يهدد المزيد من المناطق الأميركية في الشتاء (تقرير)
- دول شمال أوروبا تقود ثورة التحول الأخضر في القارة العجوز (تقرير)