أوروبا تريد الهيدروجين من خطوط نقل الغاز في المغرب والجزائر
هبة مصطفى
عقب ما يقارب العام من طرح منظمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول "أوابك" إمكان تصدير الهيدروجين في خطوط نقل الغاز، دعت مسؤولة أوروبية بلدان القارة العجوز، وخاصة ألمانيا، إلى الاستفادة من البنية التحتية القائمة.
وقالت رئيسة المجلس الوطني للهيدروجين في ألمانيا، رئيسة مجلس إدارة شركة "ويست إنرجي" للطاقة كاثرينا رايتش، إنه يتعين على الدول الأوروبية وبرلين التركيز على موارد الشرق الأوسط وأفريقيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بحسب ما نقلت عنها منصة زاوية (Zawya) ذراع مزود البيانات العالمي "رفينتيف" في الشرق الأوسط.
وتطرّقت رايتش إلى مكاسب الاستفادة من المرافق غير المستغلة بالقدر الكافي في مرحلة ما بعد انتقال الطاقة، ومن ضمنها أنابيب نقل الغاز، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تصدير الهيدروجين في خطوط نقل الغاز
وجهت كاثرينا رايتش تحذيرًا إلى برلين وأوروبا دعتهما خلاله للتركيز على إمكانات وموارد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -وأبرزها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- إذا ما استهدفوا اللحاق بمسيرة إنتاج الهيدروجين العالمية.
وأضافت رايتش في التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، أن إمكانات المنطقة ومواردها الطبيعية لا تتطلب سوى تطوير للبنية التحتية اللازمة لنقل الهيدروجين، وهي الخطوة التي قد تستغرق وقتًا لإنجاز المشروعات وفق المستهدفات، مضيفةً أن المنطقة يمكنها الاستفادة من خطوط نقل الغاز لإنجاح تلك الخطوة.
واقترحت الاعتماد على 85% من خطوط نقل الغاز، لا سيما في منطقة غرب البحر المتوسط، وتطويعها لنقل الهيدروجين عقب إنتاجه، حسبما نقلت عنها صحيفة هيدروجين سنترال (Hydrogen Central).
وقالت، إنه يمكن الربط بين أوروبا وشمال أفريقيا لنقل الهيدروجين الأخضر عبر استعمال أنابيب الغاز الممتدة في الجزائر والمغرب وتهيئتها لاستقبال تدفقات الهيدروجين ونقله.
ودعمت مقترحها بالدعوة إلى إنشاء خط أنابيب جديد يستهدف نقل الهيدروجين، ويمتد من إيطاليا إلى اليونان ومنهما إلى مصر عبر البحر المتوسط، لمدِّه داخل دول الشرق الأوسط عبر القاهرة.
فرصة لأوروبا
لم يأتِ مقترح رئيسة المجلس الوطني للهيدروجين في ألمانيا حول تصدير الهيدروجين بخطوط نقل الغاز من فراغ، إذ تتعطش الأسواق الأوروبية -بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي- لتدفقات الطاقة النظيفة، وأبرزها الهيدروجين الأخضر.
ولسنوات، اعتمدت القارة العجوز على تدفقات الغاز من الجزائر عبر المغرب (خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا) بجانب إمدادات الغاز الروسي، وتملك شبكات قائمة وخطوط نقل الغاز يمكن ضخ الهيدروجين بها عقب إنتاجه في أفريقيا والشرق الأوسط باستعمال موارد الطاقة المتجددة المتوافرة بالمنطقة.
وقدّرت مجموعة "ريدي فور هيدروجين" -التي تضم 90 موزعًا للغاز يمثّلون 17 دولة أوروبية- حجم التوفير الذي قد تجنيه القارة حال استخدامها خطوط نقل الغاز لاستقبال وارداتها من الهيدروجين بنحو 41 مليار دولار أميركي سنويًا، حسبما نقلت عنها منصة الطاقة المتخصصة في فبراير/شباط الماضي.
وفور إعلان تقديرات تكلفة تصدير الهيدروجين ونقله بين الدول، زادت التساؤلات حول "لماذا لا يُعَمَّم خيار تصديره عبر أنابيب نقل الغاز على الصعيد العالمي؟" لا سيما في ظل تخوّف أسواق الطاقة من أزمة بالإمدادات عقب وقوع روسيا تحت طائلة العقوبات الغربية.
ويرصد الرسم البياني أدناه الحدود القصوى لمعدلات ضخ الهيدروجين في شبكات نقل الغاز ببعض الدول، وفق بيانات أوابك، وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:
أوابك تُشيد بالجزائر
في أكتوبر/تشرين الثاني العام الماضي (2021)، أعلنت الجزائر أنها تدرس تصدير الهيدروجين عبر أنابيب نقل الغاز، لا سيما أن الحديث عن انتقال الطاقة ضمن الخطط المناخية العالمية لم يوضح مصير البنية التحتية المتعلقة بصناعة الوقود الأحفوري، سواء على صعيد الإنتاج أو النقل والتصدير.
وكان مقترح الجزائر محل إشادة من منظمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول "أوابك"، وقال خبير الصناعات الغازية بالمنظمة المهندس وائل عبدالمعطي، إن إقدام الدولة الواقعة شمال أفريقيا على تلك الخطوة يضمن استمرار دورها المحوري تجاه تزويد السوق الأوروبية بمصادر الطاقة.
وبالنظر إلى أن الجزائر من أوائل الدول التي أعلنت دراسة خيار تصدير الهيدروجين عبر خطوط نقل الغاز، أوضح عبد المعطي أنه بدلًا من تزويد بعض دول القارة العجوز بالغاز لسنوات -وحتى الآن-، يمكن أن تتحول تلك الصادرات إلى الهيدروجين، ما يفتح المجال أمام الدول العربية والأفريقية لاتّباع النهج ذاته.
وبصورة عامة، يرى الخبير في "أوابك" أن الاعتماد على خطوط نقل الغاز الطبيعي لتصدير الهيدروجين من شأنه تجنُّب التكلفة الباهظة لبناء شبكات جديدة لتصدير الوقود النظيف، كما أن المقترح يسهم بالاستفادة من 3 ملايين كيلومتر من شبكات نقل وتوزيع للغاز في أنحاء العالم كافة.
استعداد مغربي.. وتحذير تقني
أعلن المغرب -في أبريل/نيسان الماضي- عزمه تطوير البنية التحتية للغاز وبناء شبكات متكاملة تدعم خطط تصدير الهيدروجين لأوروبا بصورة خاصة، مستفيدًا من إمكاناته في الطاقة المتجددة.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية الدكتورة ليلى بنعلي -حينها-، إن خطوط نقل الغاز استُعملَت من قبل دول أوروبية بنسبة 30% لتصدير الهيدروجين.
وبخلاف الاتجاه إلى محاولة تصدير الهيدروجين في خطوط نقل الغاز، تواصل الدولة الواقعة شمال أفريقيا تطوير الهيدروجين الأخضر والغاز، وكانت أحدث تلك الخطوات إعلان شراكة ثلاثية تضم: (شركة شاريوت البريطانية، وشركة أورت البريطانية أيضًا المعنية بتصنيع أنظمة الهيدروجين، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالمغرب).
ويتضمن الاتفاق استعمال محلل كهربائي مزوّد بغشاء بوليمر من إنتاج شركة "أورت" البريطانية، يمكن استعماله خلال عملية إنتاج الهيدروجين اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة.
ورغم جاهزية كل من الجزائر والمغرب للاستفادة من أنابيب نقل الغاز في تصدير الهيدروجين، فإن دراسة بريطانية صدرت عن كلية لندن الجامعية حذّرت من تعرُّض الخطوط للتدمير إذا ما وُزِّع الهيدروجين بها بصورة غير متجانسة.
وأقرّ الباحثون بوجود حجم مخاطر يتعلق باتجاهات ضخ الهيدروجين في خطوط نقل الغاز، ويدعو لإعادة التفكير في استعمال تلك التقنية.
اقرأ أيضًا..
- كوب 27.. وزير المالية المصري للطاقة: نحتاج لتحويل تعهدات قمم المناخ إلى التنفيذ
- كوب 27.. تحالف بلجيكي يدرس مشروعًا ضخمًا لتخزين الهيدروجين الأخضر في مصر
- سوناطراك: حقل جديد ينعش إنتاج النفط في الجزائر
- شاريوت البريطانية تعلن تطورات الهيدروجين الأخضر والغاز في المغرب (فيديو)
- اتهام أرامكو السعودية وسوناطراك الجزائرية بزيادة انبعاثات الميثان.. من يموّل التلاعب بالحقائق؟