إنتاج الغاز من حقل بارس الإيراني القطري "المرحلة 11" يتأخر 20 عامًا (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • هناك عجز في إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 38% في الشتاء
- • حقول النفط والغاز المشتركة في إيران مقسمة إلى 3 أجزاء في البحر والبر
- • سينخفض إنتاج حقل بارس الجنوبي بمقدار 28 مليون متر مكعب سنويًا
- • ستتطلب جميع مراحل حقل بارس الجنوبي من 10 إلى 15 منصة ضخمة
في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بدأت خطة تطوير حقل بارس الجنوبي في إيران، التي كانت تسعى في ذلك الوقت إلى بدء وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي من هذا الحقل المشترك مع قطر.
وكان من المفترض أن تتولى شركة توتال إنرجي الفرنسية تطوير هذه المرحلة، وتضغط بشكل متزايد على جدول الأعمال، لكها غادرت طهران عام 2008، بسبب فرض العقوبات.
في الوقت نفسه، بدأت المفاوضات مع الصين، هذه المرة، وبسبب المزيد من المشكلات في عام 2011، تركت بكين أيضًا هذه الخطة.
دَوْر الشركات المحلية الإيرانية
أُجرِيَت مفاوضات مع شركات محلية مثل بترو إيران، وشركة النفط بتروبارس؛ لتطوير حقل بارس الجنوبي.
وفي سبتمبر/أيلول 2012، كُلِّفَت بتروبارس بعملية تطوير المرحلة 11، ونظرًا لإعطاء الأولوية لتطوير مراحل حقل بارس الجنوبي، وبسبب القيود المالية الحالية، انسحبت الشركة من هذا المشروع.
نتيجة لذلك، ازداد الاهتمام بتطوير هذه المرحلة، إلى جانب استخراج الغاز في المراحل الأخرى.
وأدى انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة والعقوبات الأميركية إلى انسحاب شركة توتال من تطوير المرحلة 11، وأُوكِلَ العمل إلى الصين.
بدورها، انسحبت الشركات الصينية من هذا العقد بعد تأخير طويل حتى سُلِّمَت أعمال التطوير إلى شركة بتروبارس الإيرانية من بداية عام 2018.
في ديسمبر/كانون الأول 2019، تقرر تخصيص 70 مليون دولار لتطوير المرحلة 11، بحيث يعطي هذا المشروع الأولوية لتلبية 70% من احتياجات القطاع المنزلي.
الوعود الرسمية
تأجّل إنتاج الغاز الطبيعي من المرحلة 11 لحقل بارس الجنوبي، التي كانت إحدى وعود عام 2021 في ظل الإدارة السابقة، وكان من المفترض أن تتحقق في النصف الأول من عام 2021، إلى النصف الثاني من عام 2021، كما أعلن المسؤولون حينها.
في أواخر يوليو/تموز، وعد وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، بأن إنتاج المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي سيبدأ في أكتوبر/تشرين الأول.
وقال أوجي، في ذلك الوقت، إن المرحلة الأخيرة والأكثر تذبذبًا في بارس الجنوبي كانت المرحلة 11، وعلى الرغم من إجراء الدراسات، تخلّت توتال عن مواصلة العمل بسبب العقوبات، وسلّمت المشروع، مع بدء عمل الوزارة النفط في حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي.
وأضاف أوجي قائلًا: "لقد جعلنا بداية العمليات التنفيذية لخطّة تطوير المرحلة الـ11 من أولوياتنا، وبفضل الإجراءات والمبادرات التي بدأها زملاؤنا في وزارة النفط، أعدكم بأننا سنبدأ الإنتاج في خطة تطوير المرحلة 11 في أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
ووفقًا لوزير النفط، "من المتوقع تشغيل 670 مليون قدم مكعبة من الغاز من خطة تطوير المرحلة 11 من بارس الجنوبي يوميًا، وبهذه الطريقة، استخدمنا قدرة وكفاءة الشركات المحلية".
في يوليو/تموز الماضي، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خوجاشمهر، تشغيل المرحلة 11 من بارس الجنوبي بنهاية العام.
وقال إنه بعد بداية حكومة إبراهيم رئيسي مهام عملها، تمكنت وزارة النفط من تحقيق أداء جيد في تطوير حقل غاز بارس الجنوبي، حتى أن المرحلة الشتوية 11 من الحقل ستشهد أعلى مستويات الإنتاج للحقول الحدودية بين إيران وقطر.
وأكد جواد أوجي أنه بالإضافة إلى توريد وشراء جميع السلع المطلوبة، فإن حفر الآبار على وشك الانتهاء، وقريبًا عند نقل المنصة المطلوبة، سنشهد إنتاج الغاز من هذه المرحلة هذا الشتاء.
وأشار إلى تشغيل إحدى مصافي حقل بارس الجنوبي في المرحلة 14، معربًا عن أمله بتشغيل الخطوط الـ3 الأخرى لهذه المصفاة بقيمة 2.5 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، (السنة الشمسية، في 21 مارس/آذار 2022).
إنتاج حقل بارس الجنوبي
تجدر الإشارة إلى أن الإنتاج اليومي للغاز الطبيعي في حقل بارس الجنوبي يبلغ 570 مليون متر مكعب.
وبلغ متوسط الإنتاج اليومي في هذا الحقل، خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري، 614 مليون متر مكعب، بينما كان المتوسط الإجمالي العام الماضي 670 مليون قدم مكعبة.
ويُعدّ هذا الانخفاض في الإنتاج مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي والعام الماضي، بالإضافة إلى الأنباء السيئة عن عجز حادّ في الغاز، تحذيرًا خطيرًا من تأخّر الاستثمار.
ونظرًا للاستهلاك المحلي المرتفع، وإهدار 10% من الغاز في المحطات ونقاط الدخول، وعدم تحسين المحركات، وعدم تعديل الأسعار لغير المنازل، ونقص رأس المال والتكنولوجيا لتعويض الانخفاض من ناتج حقل بارس الجنوبي، فإن عدم استعمال جميع إمكانات الغاز يفاقم المشكلة.
وعلى الرغم من أن مخزون حقل بارس الجنوبي النفطية مشترك مع حقل الشاهين، فإن إيران لم تنجح في إنتاج 35 ألف برميل يوميًا في المرحلة الأولى.
وقد بدأت قطر إنتاج النفط من حقل الشاهين قبل 30 عامًا، وستصل الطاقة الإنتاجية من حقل النفط هذا قريبًا إلى 550 ألف برميل يوميًا.
في خطة التنمية السادسة (2016-2021) الهادفة إلى إنتاج الغاز، كان من المفترض أن يصل الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي في إيران إلى مليار و 350 مليون متر مكعب.
انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي
بسبب العقوبات وقلة المستثمرين وعدم الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، لا يوجد حاليًا سوى 840 مليون متر مكعب لدى الشبكة الوطنية في إيران.
ويوجد عجز في إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 38% في الشتاء، مما يضر بالبتروكيماويات والصلب والأسمنت بمليارات الدولارات.
وبحسب وزير النفط الإيراني، فإن حقول النفط والغاز المشتركة في إيران مقسّمة إلى 3 أجزاء في البحر والبر، 30% من إنتاج الغاز في البلاد يأتي من حقول الغاز المشتركة، و 30% من إنتاج النفط في البلاد يأتي من حقول النفط المشتركة.
وفيما يتعلق بوضع المرحلة 11 من بارس الجنوبي، قال وزير النفط، إن المرحلة 11 لحقل بارس الجنوبي هي المرحلة الأخيرة غير المطورة، وإن بقية حقل بارس الجنوبي المشترك مدمر. وكان من المخطط أن يتكون إنتاج الحقل من 29 مرحلة، لكنه ظل بدون تطوير لمدة 20 عامًا.
ونقلت وزارة النفط الإيرانية المنصة "سي C" من المرحلة 12، التي لم تعد تنتج الغاز الطبيعي (28 مليون متر مكعب)، إلى المرحلة 11 من جنوب بارس.
وتستطيع وزارة النفط إنتاج 14 مليون متر مكعب فقط من الغاز الطبيعي من هذه المنصة لمنع هبوط الضغط في حقل بارس الجنوبي.
وتتميز المرحلة 11 بالحاجة لمنصات تزن 20000 طن، بينما يبلغ وزن منصة المرحلة 12، التي نُقِلَت إلى المرحلة 11، 1500 طن فقط.
تجدر الإشارة إلى أن التقييمات تفيد بانخفاض إنتاج هذا الحقل بمقدار 28 مليون متر مكعب سنويًا، وفي عام 2033، سينخفض إنتاج هذا الحقل إلى 266 مليون متر مكعب يوميًا.
في هذه الحالة، وإذا فشلت إيران في فعل شيء ما، سينخفض إنتاج البلاد من الغاز بمقدار الثلث في السنوات الـ 12 المقبلة.
وكان من المفترض أن تبني شركة توتال إنرجي هذه المنصات للمرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، تخلّت هذه الشركة مع شريكتها الصينية (سي إن بي سي) عن مشروع المرحلة 11 بقيمة 5 مليارات دولار.
ما تحتاجه مراحل حقل بارس
ربما، ستتطلب جميع مراحل حقل بارس الجنوبي من 10 إلى 15 منصة ضخمة.
وقال وزير النفط الإيراني السابق بيجن نامدار زنغنه، في وقت سابق، إنه لمنع انخفاض إنتاج الغاز في هذا الحقل، يلزم استثمار 50 مليار دولار.
حقل بارس الجنوبي.. إيران تسجل مستوى قياسيًا بإنتاج الغاز الطبيعي
ويقع ثلثا هذا الحقل في مياه دولة قطر، وثلث خزان حقل بارس الجنوبي الغازي فقط في مياه إيران، بغضّ النظر عن ذلك، إذا تأخرت إيران في إنشاء منصات بوزن 20 ألف طن وشراء ضواغط ضخمة، وفي ظل زيادة الإنتاج لدى قطر، ستتدفق موارد الغاز في القطاع الإيراني إلى قطاع الخزان القطري.
ولا يمكن لإيران أن تحلّ مشكلات حقل بارس الجنوبي المشترك دون رفع العقوبات.
وتُعدّ تكنولوجيا الشركات المحلية والصينية والروسية لبناء المنصات اللازمة في المرحلة 11 من هذا المجال غير كافية.
وبالنظر لاتّساع نطاق أزمة الطاقة في إيران يومًا بعد يوم، على الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم؛ سيصبح هذا الوضع تحديًا أمنيًا أساسيًا لإيران في السنوات المقبلة.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001."
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- مدير بمؤسسة التمويل الدولية: لا يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري
- قمة المناخ.. وزير سعودي يحدد 4 مراحل لتحقيق "المدن المستدامة"
- 4 تساؤلات عن خطر الفيضانات.. وهل تنجو مصر والعراق؟
- أسعار الألواح الشمسية في مصر ترتفع 90%.. وشركات تهدد بالإغلاق