تعتمد على الغاز الجزائري.. هل تصبح أيبيريا قوة جديدة للطاقة في أوروبا؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- دول أيبيريا أظهرت مرونة كبيرة خلال أزمة الطاقة الحالية في أوروبا
- منطقة أيبيريا تمتلك القدرة لتصبح مركزًا جديدًا للطاقة في أوروبا
- الطاقة المتجددة تسيطر على توليد الكهرباء في أيبيريا بحلول 2030
- إسبانيا قد تعزز أمن الطاقة في أوروبا عبر نقل المزيد من الغاز للقارة
- طاقة الرياح البحرية تقود نمو مصادر الطاقة المتجددة في البرتغال
أظهرت منطقة أيبيريا مرونة كبيرة خلال أزمة الطاقة الحالية في أوروبا، بفضل الموقع الجغرافي والبنية التحتية القوية ودعم المصادر المتجددة، ما يجعلها قادرة على أن تكون مركزًا جديدًا للطاقة في القارة العجوز.
وتقع أيبيريا أو شبه جزيرة أيبيريا، في جنوب غرب قارة أوروبا، وتُشكّل إسبانيا (النسبة الأكبر) والبرتغال غالبية مساحتها.
وترى شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، في تقرير صادر مؤخرًا، أن إسبانيا والبرتغال لديهما القدرة على أن تكونا قوة أوروبية جديدة للطاقة، خلال السنوات المقبلة.
يأتي ذلك من خلال إمدادات الغاز الموثوقة من شمال أفريقيا، وانخفاض أسعار الكهرباء، مقارنة ببقية أوروبا، وتطوير مشروعات الطاقة المتجددة، مع الاستفادة من أشعة الشمس الوفيرة والرياح القوية، حسب التقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
كيف أظهرت أزمة الطاقة قوة أيبيريا؟
أثبتت أيبيريا مدى المرونة التي تتمتع بها خلال أزمة الطاقة الحالية في أوروبا، لأنها لا تعتمد على الغاز الروسي، وتستورد غالبية احتياجاتها عبر خطوط أنابيب من الجزائر، ومن خلال عقود استيراد طويلة الأجل للغاز الطبيعي المسال.
وتشير التقديرات إلى أن صادرات الجزائر من الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب ميدغاز، ستصل إلى 14.6 مليار متر مكعب في العام الجاري (2022).
وتوضح الخريطة التالية خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والمسال بين الجزائر وإيطاليا وإسبانيا:
وتُجدر الإشارة إلى أن صادرات الغاز الجزائري إلى إسبانيا شهدت تراجعًا خلال الأشهر الأخيرة، قبل أن تتفق الدولتان، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، على زيادة أسعار الغاز المصدَّر إلى مدريد، بعد عدّة أشهر من المباحثات بين الطرفين.
كما تمتلك إسبانيا والبرتغال معًا ثلث قدرة التغويز -أي تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي- في أوروبا، ما يعادل 68 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يسمح باستيراد المزيد من الغاز المسال، إذ استوردت المنطقة 28 مليار متر مكعب في الأشهر الـ9 الأولى من عام 2022، متجاوزةً إجمالي واردات العام الماضي (2021).
وكانت أسعار الكهرباء في إسبانيا مرتبطة بشكل وثيق مع الدول الأوروبية الأخرى، مثل ألمانيا وفرنسا، لكن هذا الارتباط بات أقلّ بعدما وضعت الحكومة الإسبانية سعرًا محددًا لأسعار الغاز في توليد الكهرباء عند 130 يورو (130.3 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
وحسب التقرير، من المتوقع أن تظل أسعار الكهرباء في أيبيريا أقلّ بكثير من مستوياتها في فرنسا وألمانيا، على سبيل المثال، إذ تُتداول عقود الكهرباء طويلة الأجل لعام 2024 في إسبانيا عند 113 يورو (113.2 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، لتكون أقلّ من العقود المقارنة في فرنسا، والبالغة 270 يورو (270.5 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
ويشير هذا إلى ميزة هيكلية في أيبيريا ومستقبل مشرق يعتمد على الطاقة المتجددة بشكل كبير، مقابل فرنسا التي تواجه تحديات هائلة مع أسطولها النووي الضخم وعدم وجود بدائل كافية، كما ستكافح ألمانيا لسنوات مقبلة لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، والتعامل مع الإغلاق الكامل لمحطات الطاقة النووية.
منطقة أيبيريا قد تكون رائدة الطاقة المتجددة في أوروبا
بصفة عامة، تستحوذ طاقة الرياح البرية على أكثر من 60% من سعة الطاقة المتجددة المركبة في شبه الجزيرة الأيبيرية، والتي تتجاوز 50 غيغاواط، مع توقعات المزيد من التركيبات بفضل السياسات الوطنية الخضراء، التي تعزز سعة الطاقة الشمسية أيضًا.
وتأتي إسبانيا في المرتبة الثانية بين دول أوروبا في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، مع واقع كونها رائدة صناعة الرياح في القارة العجوز.
كما تهدف إسبانيا لرفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 74% بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 35% -أو ما يعادل 95.8 تيراواط/ساعة في 2021-، وفق بيانات شركة النفط البريطانية بي بي.
وفي البرتغال، تتجه الرياح البحرية إلى مستقبل مشرق، إذ أعلنت الحكومة الشهر الماضي أنها ستعزز هدف الرياح البحرية للبلاد من 6 إلى 10 غيغاواط بحلول عام 2030.
ومن المتوقع أن تشهد شبه جزيرة أيبيريا نموًا قويًا في توليد الكهرباء خلال 2022، بالإضافة إلى نمو مستدام في السنوات المقبلة، مدفوعًا بالتوسع الهائل في مصادر الطاقة المتجددة، التي يُتوقع ارتفاع حصتها في مزيج الكهرباء من 48% عام 2021 إلى 79% عام 2030، ما يضع المنطقة في طليعة التحول الأوروبي للطاقة النظيفة.
هل تعزز أييبريا أمن الطاقة في أوروبا؟
تستهلك شبه الجزيرة الأيبيرية 40 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، ومجهزة بالبنية التحتية لاستقبال كل من خطوط الأنابيب الأفريقية وشحنات الغاز الطبيعي المسال الدولية، لذلك كانت أقلّ تضررًا من أزمة الطاقة، إذ لم تكن في حاجة لاستبدال الغاز الروسي، مثل الدول الأوروبية الأخرى.
ويوضح الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، الطلب على الغاز الطبيعي في جميع دول أوروبا:
ليس هذا فحسب، بل استغلت إسبانيا قدرة التغويز لديها في تصدير المزيد من الإمدادات إلى فرنسا، إذ نقلت 1.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2022 عبر خطوط الأنابيب، بزيادة 4 مرات عن المدّة نفسها من 2021.
وهذا يؤكد أن إسبانيا قادرة من الناحية الفنية على توصيل المزيد من الغاز -الذي تستورده من شمال أفريقيا- عبر سعة خط الأنابيب الحالية إلى فرنسا، التي تربط شبه الجزيرة الأيبيرية بالسوق في أوروبا.
وفي وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول، اتفقت إسبانيا والبرتغال وفرنسا على بناء خط أنابيب مشترك يحمل اسم "بارمار"، ليحلّ مكان خط أنابيب "ميدكات"، وينقل الغاز من برشلونة إلى مارسيليا، على أن يُستخدم بعد ذلك في نقل الهيدروجين.
وهناك خطّان للأنابيب بين فرنسا وإسبانيا، بقدرة إجمالية 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا، أي ما يعادل 7 ناقلات للغاز المسال شهريًا.
ويأتي ذلك رغم تقارير تشير إلى أن مدريد تفضل تصدير الغاز الطبيعي إلى المغرب -عبر خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا لتشغيل محطتي توليد الكهرباء في كل من مدينتي طنجة ووجدة- بدلًا من إلى أوروبا، وفق ما نشرته وكالة الأنباء ليبر ميركادو (Libre Mercado).
موضوعات متعلقة..
- توسيع خط أنابيب الغاز بين فرنسا وإسبانيا يتصدر أولويات شركات الطاقة
- إسبانيا تفضّل تصدير الغاز إلى المغرب بدلًا من أوروبا.. وانتقادات لتجاهل الإمدادات الجزائرية
- زيادة توليد الكهرباء من الشمس والرياح في أوروبا تخفّض حدة التضخم (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- 30 اكتشافًا نفطيًا في هذه الدولة آخر 7 سنوات فقط
- استعمال الهيدروجين في توليد الكهرباء.. اهتمام ضئيل رغم المزايا العديدة (تقرير)