يستعد قطاع النفط في دولة جنوب السودان -التي تملك ثالث أكبر احتياطي في أفريقيا جنوب الصحراء- لإبرام تعاقد جديد مع إحدى شركات جنوب أفريقيا.
ويأتي الاتفاق الجديد بعد أسبوعين من انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر جوبا للنفط والطاقة.
وأعلنت وزارة البترول في جنوب السودان عقد صفقات مع عدة شركات، بهدف تعزيز الإنتاج دون الإفصاح عن تفاصيل أكثر، وفقًا لموقع إيست أفريكان (East African).
وتنوّعت هذه الاتفاقيات بين مجالات التمويل والتنقيب عن النفط في جنوب السودان وإنتاجه وتكريره، بالإضافة إلى أعمال تطوير البنية التحتية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وعرضت شركة نايل أورنج، التابعة لصندوق فيول فاند الجنوب أفريقي المملوك للدولة (إس إف إف)، الحصول على أعمال نفط في ولاية غونقلي، دون الإفصاح عن تفاصيل.
تفاصيل الاتفاق لم تُعلن بعد
عبّر وزير النفط في جنوب السودان فوات كانق أشول، عن أمله في تعزيز التعاون مع صندوق فيول فاند على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن مشروع التعاقد الجديد على وشك الإنجاز.
وأشار الوزير -المسؤول عن عمليات النفط في جنوب السودان- إلى أن فريقًا من الكوادر والخبرات الفنية يستعد لزيارة ولاية غونقلي للتحدث مع الناس على الأرض.
ولم تُعلن تفاصيل الاتفاق مع الصندوق الجنوب أفريقي حتى الآن، كما لم تُعلن تفاصيل أي اتفاقية أخرى في مجال عمليات النفط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الجانب الآخر، أعلن بنك كوش في جنوب السودان توقيع اتفاق مع شركة أيس كابيتال أدفيزوز الأميركية في مجال توزيع الطاقة وإدارتها بقيمة 75 مليون دولار.
تقاسم الإنتاج يظلم الجنوب
يُعَد النفط في جنوب السودان الخام الرئيس في منطقة شرق أفريقيا، لكن اعتماد الدولة شبه الكامل عليه جعل هذا المورد نقمة عليها، بسبب ارتفاع التكاليف والالتزامات التي تذهب إلى صالح شركات النفط وفق ما يُعرف باتفاقيات تقاسم الإنتاج.
ويبلغ إنتاج جنوب السودان في الوقت الحالي قرابة 170 ألف برميل يوميًا، تذهب أغلب عوائدها إلى شركات النفط في شكل مدفوعات مسبقة أو التزامات تعاقدية، في حين لا تحصل خزينة البلاد إلا على عوائد ما يعادل 5 آلاف برميل يوميًا.
كما ينتشر الفساد في القطاع، إذ تُثار اتهامات ضد بعض المسؤولين بسرقة الجزء الضئيل الذي يصل من إيرادات النفط وإهدارها بصور مختلفة.
وأقال رئيس جنوب السودان سلفا كير، في أغسطس/آب (2022)، محافظ البنك المركزي موسس ماكور دينق، ووزير المالية أقاك أتشويل لوال، بسبب ضعف الإدارة المالية والمصرفية.
6 سنوات من التعاون مع جنوب أفريقيا
يمتد التعاون بين جنوب أفريقيا وجنوب السودان في مجال النفط لأكثر من 6 سنوات باستثمارات تبلغ مليار دولار معلنة منذ نوفمبر/تشرين الثاني (2018).
وتركز استثمارات جنوب أفريقيا على أعمال التنقيب وبناء مصافي التكرير ومد خطوط أنابيب النفط، بالإضافة إلى تدريب المهندسين وأعمال الدعم الفني في جنوب السودان، وفقُا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وعزّزت الدولتان الشراكة بينهما في هذا المجال في مايو/أيار (2019)، عبر توقيع اتفاقية تقاسم إنتاج في المنطقة (ب) لمدة 6 سنوات.
وتنص اتفاقية التقاسم -التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- على حصول صندوق الطاقة الإستراتيجي على 90% من عوائد المنطقة (ب)، في حين تحصل شركة النفط في جنوب السودان على الحصة الباقية.
وتمتلك جنوب السودان ثالث أكبر احتياطي نفطي في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بعد أنغولا ونيجيريا.
والميزة هنا أن احتياطيات النفط في جنوب السودان ما زالت غير مستغلة حتى الآن، ما يعطي فرصة أكبر للتنافس بين شركات النفط الإقليمية والدولية.
وتشتهر دولة الجنوب بإنتاج خامي "مزيج دار" و"مزيج النيل"، وتأتي غالبية الإنتاج من حوض مجلد -الذي يقع جزء منه في السودان- وحوض ميلوت.
احتياطيات 3.5 مليار برميل
بلغت احتياطيات النفط في جنوب السودان 3.5 مليار برميل عام 2020، ولم تشهد أي تغيير منذ 2012 -العام الأول بعد الانفصال عن السودان- وفقًا لبيانات شركة النفط البريطانية بي بي.
بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن حجم الاحتياطيات المؤكدة في كلتا الدولتين المنفصلتين يبلغ 5 مليارات برميل بنهاية عام 2021، دون تغير عن تقديرات عام (2020)، وفقًا لتقارير دورية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وانفصلت جنوب السودان عن السودان في يوليو/تموز (2011) بعد استفتاء جرى بموجب اتفاقية سلام أنهت عقودًا من الحرب الأهلية في عام 2005.
موقع حبيس جغرافيًا
تبلغ مساحة جنوب السودان بعد الانفصال قرابة 644 كيلومترًا مربعًا، يقع ضمنها أكثر من 75% من مناطق استخراج النفط المتوقعة.
رغم ذلك تعاني الدولة الجديدة موقعًا أشبه بالدول الحبيسة جغرافيًا، بما يضطرها إلى استخدام خط أنابيب يمر عبر السودان لضخ النفط إلى ميناء بورتسودان لتصديره، بما يؤدي إلى نشوب نزاعات مستمرة مع دولة تعتبر أن جزءًا منها قد انتُزع عنوة.
وتختلف الدولتان منذ الاستقلال بشأن قيمة الرسوم التي يجب أن تدفعها جنوب السودان نظير خدمات تصديرها عبر خطوط أنابيب الشمال، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى اقتطاع الخرطوم كميات من النفط بالأمر الواقع لحين التهدئة والعودة من جديد، إلا أن هذه الخلافات قد هدأت منذ الإطاحة بالبشير في 11 أبريل/نيسان 2019.
وعملت شركات عالمية في قطاع النفط في جنوب السودان والسودان منذ عقود، أبرزها شيفرون الأميركية صاحبة اكتشاف حقل الوحدة عام 1980، وشركة شل البريطانية التي عملت في مجال تكرير النفط في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.
وانضمت إلى القطاع منذ سنوات عدة شركات آسيوية وأفريقية، أبرزها بتروناس الماليزية، وشركة النفط الوطنية الصينية، ومؤسسة النفط والغاز الطبيعي الهندية، بحسب "إنرجي كابيتال آند باور"، التي تنظّم فعاليات مؤتمر النفط والطاقة في جنوب السودان منذ عام 2017.
كما انضمّت شركات أفريقية للتنافس أبرزها: شركة النفط الوطنية نايلبت، وشركة إستراتيجيك فيول فاند الجنوب أفريقية المملوكة للدولة، وأورانتو بتروليوم النيجيرية.
اقرأ أيضًا..
- بايدن يستعين باحتياطي النفط الإستراتيجي لتهدئة الأسعار قبل انتخابات الكونغرس
- إنتاج الغاز النيجيري يتوقف قسريًا.. وأوروبا تواجه ضربة جديدة
- إعادة تدوير ألواح الطاقة الشمسية.. علماء يطورون تقنية موفرة
- هل استخدام الهيدروجين لتدفئة المنازل خيار مكلف أم حل سحري؟