توليد الكهرباء من الفحم في بنغلاديش يشهد زيادة تاريخية
تستعد البلاد لإضافة 4 آلاف و365 ميغاواط من الكهرباء العاملة بالفحم
مي مجدي
تبذل السلطات في بنغلاديش جهودًا مضنية لتوفير مصادر طاقة موثوقة؛ لذا تستعد البلاد إلى زيادة الاعتماد على توليد الكهرباء من الفحم لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز وانقطاع التيار الكهربائي.
ومن المتوقع أن تشهد بنغلاديش زيادة هائلة في حصة الفحم بمزيج الطاقة خلال الأشهر المقبلة، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حسبما نشر موقع إس آند بي غلوبال بلاتس (S&P Global Platts).
وستضيف الدولة الواقعة في جنوب آسيا قرابة 4 آلاف و365 ميغاواط من الكهرباء العاملة بالفحم، سواء داخل حدودها أو من خلال الواردات من الهند، ومن ثم ستزيد حصة الفحم في مزيج الكهرباء المحلي إلى ما يربو على الضعف، وسترتفع من 8% إلى 17%.
كما ستزيد حصة استيراد الكهرباء إلى 11% مقارنة بـ4%، وأغلبها من الفحم الحراري، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
زيادة تاريخية
تعني هذه الزيادة الهائلة أن الفحم سيستحوذ على أكثر من ربع سعة توليد الكهرباء، وهو تحول تاريخي، إذ كانت البلاد تعتمد على الغاز الطبيعي لتوليد أكثر من 50% من الكهرباء.
ورغم أن بعض محطات الكهرباء الجديدة التي تعمل بالغاز الطبيعي والنفط قيد التطوير، فإن ديناميكية الأسعار الحالية تعني أن توليد الكهرباء من الغاز أصبح مكلفًا، ويترك ذلك مجالًا للفحم الأكثر تلويثًا للبيئة لسدّ الفجوة.
وفي هذا الشأن، قال المتحدث باسم مجلس تنمية الكهرباء في بنغلاديش شميم حسن، إن إدارة محطات الكهرباء تسير وفقًا لخيارات التوليد الأقلّ تكلفة.
وأوضح أن مجلس تنمية الكهرباء، الذي تديره الدولة والمشتري الوحيد للكهرباء من منتجي الكهرباء في بنغلاديش، سيختار أرخص وقود لتوليد الكهرباء لخفض التكلفة الإجمالية.
وفرق السعر بين الفحم وواردات الغاز المسال المكلفة لن يحفز المستوردين الناشئين للغاز المسال، مثل بنغلاديش، وستحول إمدادات الغاز الطبيعي الحالية من الإنتاج المحلي والعقود محددة الأجل إلى الصناعات التي يمكنها استيعاب الأسعار المرتفعة.
وقال رئيس شركة بتروبانغلا نازمول أحسان: "لم نحسب بعد كمية الغاز الطبيعي التي سنوفرها لتوليد الكهرباء فور تشغيل محطات توليد الكهرباء من الفحم".
وأشار إلى أن احتمال خفض توليد الكهرباء من الغاز سيوفر إمدادات الغاز للصناعات الأخرى.
عودة ظهور الفحم
أوضح المتحدث باسم مجلس تنمية الكهرباء في بنغلاديش شميم حسن أن المجلس يخطط لخفض استخدام الغاز المسال، وزيت الغاز الذي يحتوي على الكبريت بنسبة 0.005%، وزيت الوقود عالي الكبريت (180 سي إس تي)، في توليد الكهرباء بحلول نهاية العام الجاري (2022).
وقال، إن 3 محطات جديدة لتوليد الكهرباء من الفحم بقدرة إجمالية تصل إلى 2765 ميغاواط على وشك الانتهاء، وهي مشروع مايتري سوبر ثيرمال باور بقدرة 1234 ميغاواط، ومحطة إس إس باور بقدرة 1224، ومحطة باريزال إلكتريك باور بقدرة 307 ميغاواط.
وأضاف أن محطة أخرى لتوليد الكهرباء من الفحم بقدرة 1600 ميغاواط ستزود بنغلاديش بالكهرباء، وتقع في منطقة غوددا بولاية جاركند الهندية.
وأكد أن رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة ونظيرها الهندي ناريندرا مودي افتتحا الوحدة الأولى من مشروع مايتري خلال زيارتها لنيودلهي في سبتمبر/أيلول (2022).
وتعمل شركة بنغلاديش إنديا فريندشب باور -وهو مشروع مشترك بين مجلس تنمية الكهرباء وعملاقة الطاقة الهندية- "إن تي بي سي" على تطوير المحطة، ومن المتوقع تشغيلها قريبًا.
في حين تقوم مجموعة أداني الهندية بتطوير محطة غوددا بقدرة 1600 ميغاواط.
وكشف رئيس المجموعة غوتام أداني -مؤخرًا- خططًا لتنفيذ خط نقل مخصص لدكا بحلول 16 ديسمبر/كانون الأول (2022)؛ احتفالًا بمناسبة يوم النصر في بنغلاديش.
تراجع الغاز
أشار المتحدث باسم مجلس تنمية الكهرباء في بنغلاديش شميم حسن إلى أنه من المقرر تشغيل نصف القدرة الإجمالية البالغة 4 آلاف و365 ميغاواط بحلول ديسمبر/كانون الأول (2022)، إذ تخطط محطات الكهرباء الكبيرة لتنفيذ الوحدات الأولى بحلول نهاية العام الجاري، وستبدأ تشغيل الوحدات التالية في غضون 6 أشهر.
وقال، إن المحطات في بنغلاديش وحدها ستتطلب قرابة 27 ألف طن متري من الفحم المستورد يوميًا.
وتبلغ القدرة الإجمالية لتوليد الكهرباء في بنغلاديش -حاليًا- قرابة 21 ألفًا و710 ميغاواط، وفقًا لبيانات الحكومة، وسترتفع إلى 26 ألفًا و75 ميغاواط بفضل المحطات الجديدة.
وبذلك، ترتفع قدرة حرق الفحم إلى 6 آلاف و33 ميغاواط، أو 23.13% من الإجمالي، مقابل 1688 ميغاواط أو 8% -حاليًا-.
وفي أغسطس/آب (2022)، كان 51% من القدرة الإجمالية لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي، و27% من زيت الوقود عالي الكبريت، و6% من زيت الغاز أو الديزل، و2% فقط من الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية، و5% من الواردات الهندية.
أرخص الخيارات
في غضون ذلك، اضطرت بنغلاديش إلى إغلاق 22 محطة كهرباء تعمل بالغاز، بقدرة تصل إلى 3 آلاف و376 ميغاواط، وتشغيل محطات أخرى بقدرة منخفضة نتيجة نقص الغاز.
كما خفضت إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء خلال الأسبوعيين الماضيين إلى 924 مليون قدم مكعبة يوميًا، من 2.25 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفقًا للبيانات الحكومية.
وتراجع حجم إعادة تغويز الغاز المسال إلى قرابة 471 مليون قدم مكعبة يوميًا خلال يوم 25 سبتمبر/أيلول (2022)، من نحو 850 مليون قدم مكعبة يوميًا في يونيو/حزيران (2022).
وقال مستشار الطاقة السابق للحكومة محمد تميم، إن بنغلاديش تعمل -أيضًا- على زيادة استخدام زيت الغاز (الديزل)، رغم أن الفحم ما يزال أرخص الخيارات.
وأضاف أن تكلفة توليد الكهرباء من الفحم تصل إلى 12-13 تاكا (12-13 سنتًا)/كيلوواط، و16-17 تاكا/كيلوواط لزيت الوقود عالي الكبريت، وأكثر من 30 تاكا/كيلوواط لزيت الغاز (الديزل)، وأكثر من 50 تاكا/كيلوواط للغاز المسال المستورد، إذ يعدّ الفحم أرخص المصادر؛ رغم ارتفاع سعر الفحم المستورد 3 مرات إلى أكثر من 400 دولار/طن متري -مؤخرًا-.
(التاكا البنغلاديشية = 0.0099 دولارًا أميركيًا)
بينما تعمل بنغلاديش على إيقاف تشغيل محطات الكهرباء القديمة تدريجيًا، بغضّ النظر عن نوع الوقود المستخدم، لكنها لن تلجأ لوقف عمل محطات الكهرباء العاملة بالنفط بحلول عام 2025، خاصة مع تشغيل ما لا يقلّ عن 40 محطة بعد عام 2018، وعمرها يتجاوز 15 عامًا.
اقرأ أيضًا..
- تعزيز صادرات الطاقة البريطانية.. واقع أم حلم بعيد المنال؟
- تحقيق بيئي: أزمة ناقلة النفط صافر سببها جشع 6 شركات عملاقة
- أزمة تسرب نورد ستريم تشتعل.. الناتو يهدد وروسيا تلمح إلى تورط أميركا