كيف يؤثّر ارتفاع الروبل في صناعة الطاقة الروسية؟ خبير يجيب
أحمد بدر
خلال الأشهر القليلة الماضية، واجهت روسيا العقوبات الغربية على إمدادات الطاقة بقرار رئاسي بدفع مقابل النفط والغاز بالروبل، وبدأت سلسلة إجراءات لإرغام الدول -التي وصفتها بأنها "غير صديقة"- على اللجوء إلى عملتها المحلية الضعيفة.
ورغم ذلك، قد يشكّل ارتفاع العملة الروسية بنسبة 40% منذ بدء التحركات العسكرية داخل أوكرانيا، أنباءً سيئة للرئيس فلاديمير بوتين، لأنه عادة ما يُنظر إلى نمو قيمة العملة على أنه علامة قوة اقتصادية، ولكن تحرُّك العملة الروسية يختلف، وفق تقرير نشرته مجلة "بيزنس إنسايدر" الأميركية.
وفي الوقت نفسه، يرى خبراء أن محاولة موسكو فرض التعامل بالروبل في أسواق الطاقة يضر بقوة بصناعة النفط والغاز الروسية، التي تحتاج بصورة دائمة إلى الدولار، بحسب منصة الطاقة المتخصصة.
كيف يؤثّر الروبل في صناعة الطاقة؟
بحسب تقرير بيزنس إنسايدر، فإن العملة الروسية قفزت بنحو 40% مقابل الدولار، منذ بدء غزو أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط (2022)، لتبلغ قيمة الدولار الواحد 60.28 روبلًا، حسب آخر أسعار يوم الجمعة 16 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويرى كبير الاقتصاديين الروس في مؤسسة "آي إن جي"، ديمتري دولغين، أن السياسة الاقتصادية لموسكو ركزت على تعزيز الثقة المحلية والسيطرة على التدفق النقدي للخارج، لكنها لم تستهدف تعزيز الروبل باستمرار، إذ إن تعافي العملة الروسية كان موضع ترحيب في البداية، لكنه أصبح غير مريح.
من جانبه، رأى المحلل، الخبير في الشأن الروسي سامر إلياس، وهو مقيم في موسكو، أن مسألة دفع مقابل النفط والغاز الروسيين بالروبل مطروحة في وسائل الإعلام، ولكنها غير متداولة في الداخل، لأن العملة الروسية غير قابلة للتداول عالميًا.
وأضاف -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن موسكو يمكنها أن تبادل عملتها مع عملات أخرى مثل اليوان الصيني، ولكن يبقى الوسيط هو الدولار الأميركي، الذي يدخل بصورة كبيرة في كل ما يختص بصناعة الطاقة في روسيا.
وتابع: "عندما أعلنت روسيا تلقيها أسعار النفط والغاز بالروبل، كان على المصارف الأوروبية فتح حسابات مزدوجة بالروبل واليورو، ولكن الجانب الروسي يحقق مكاسب من ارتفاع الدولار، إذ إن شركات النفط في موسكو تكسب من ارتفاع أسعار الخام بصورة كبيرة، وهو يُسعّر عالميًا بالدولار".
أهمية الدولار لصناعة الطاقة الروسية
قال الخبير في الشأن الروسي سامر إلياس، إن شركات الطاقة الروسية تدفع أجور العاملين لديها بالروبل، ولكنها تبيع إنتاجها بالدولار، ضمن معادلات سرية ومتوازنة تجعل روسيا لا تخسر رصيدها الذي جُمّد في بداية الحرب من جانب الأوروبيين والأميركيين، الذي يتجاوز 300 مليار دولار.
ولفت إلياس -في تصريحاته إلى "الطاقة"- إلى أن هذا المبلغ (300 مليار دولار) كان أرصدة للبنك المركزي الروسي كانت تتجمع من عوائد بيع النفط والغاز في المصارف الأوروبية.
وأوضح أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بالعقوبات وشراء معدات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز من الخارج، وكلها أمور تحتاج إلى أرصدة الدولار وليس الروبل الروسي، لأنها ضرورية من أجل استمرار إنتاج النفط والغاز في روسيا.
وأضاف: "روسيا تستورد معظم المواد اللازمة للصناعة النفطية والغازية، إذ إن هناك تخلفًا تقنيًا لدى موسكو في هذا الجانب، خاصة فيما يتعلق بعمليات استخراج النفط من الحقول صعبة الوصول في القطب الشمالي والمناطق الباردة، التي تبدأ حقولها في النضوب أو انخفاض مستويات النفط فيها إلى درجة لا يمكن استخراجها إلا باستقدام معدات من الخارج".
الروبل والاستثمارات الأجنبية في روسيا
يرى الخبير في الشأن الروسي، أن الاستثمارات الأجنبية كانت مهمة بالنسبة إلى روسيا من جانبين، الأول هو المادي، والثاني هو التسويقي، إذ إن هناك ضرورة لتسويق النفط والغاز الروسيين، بجانب استقدام التقنيات العالية الكفاءة التي لا تملكها موسكو.
وتوقع سامر إلياس أنه مع توجه روسيا إلى الاعتماد على الروبل بدلًا من الدولار، قد تواجه أزمة خلال السنوات المقبلة، في استغلال الحقول في القطب الشمال والمناطق الباردة، وهو ما سيعطّل قدرتها في المستقبل على رفع الإنتاج إلى مستويات كبيرة.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن قوة الروبل الروسي قد تؤذي موسكو، لأنها ستساعد في التخلُّص من دخلها من صادرات النفط والغاز، التي تغذّي نحو 45% من ميزانيتها الفيدرالية، وفق ما نقلت عنها منصة "بيزنس إنسايدر".
وتُقدّر قيمة النفط والغاز عالميًا بالدولار، أو بعملات أخرى لا يدخل بينها الروبل الروسي، لذلك عندما تحاول روسيا تحويل إيراداتها مرة أخرى بالعملة المحلية، للإنفاق على مستهدفات اقتصادية أخرى، فإن ارتفاع سعر الصرف يعني أنها ستخسر المزيد من الأموال.
اقرأ أيضًا..
- أبرزها صفقة الغاز المغربية.. 10 رسائل من ليلى بنعلي لـ"الطاقة" (إنفوغرافيك)
- مصابيح ليد الموفرة.. أضرار بالجملة على الصحة (دراسة)
- خطة لاستغلال احتياطيات النفط والغاز في إيران باستثمارات روسية