النفط الإيراني يتدفق قريبًا إلى الصين بأسعار مغرية.. هل ينافس روسيا؟
مي مجدي
- لا يوجد أمام إيران للحفاظ على حصتها في السوق الصينية سوى بيع نفطها بخصم كبير مقارنة بالنفط الروسي
- روسيا أصبحت أكبر مصدّر للنفط في الصين مع بيع 1.74 مليون برميل في أغسطس/آب
- رغم العقوبات، استمرار تدفّق النفط الفنزويلي إلى الصين
- ضخّت إيران كميات ضخمة في ناقلات النفط تحسبًا لتخفيف العقوبات الاقتصادية
- أمام النفط الإيراني فرصة مع بداية فصل الشتاء في أوروبا
تتجه طهران إلى خفض أسعار النفط الإيراني لتعزيز وجودها في السوق الصينية، بعدما زادت روسيا من حدّة المنافسة خلال الشهور الأخيرة.
فقد أصبحت الصين وجهة مهمة للنفط الروسي، واستطاعت أن تحتلّ مركز الصدارة بصفتها أكبر مصدّر للنفط الخام إلى بكين.
ويبدو أن إيران مستعدة لخفض أسعار نفطها الخام الخاضع للعقوبات والمخزّن على السفن الراسية في المياه الدولية قبالة سنغافورة، ضمن مساعيها للدفاع عن حصتها السوقية في الصين، حسبما نقلت صحيفة ستريتس تايمز (The Straits Times).
وتتراوح الخصومات على النفط الإيراني في الناقلات الراسية بماليزيا وإندونيسيا بين 5 و7 دولارات أميركية مقارنة بشحنات النفط الروسية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
التصدير إلى الصين
أوضح كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة بواشنطن الدكتور أومود شوكري في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن الغزو الروسي لأوكرانيا عاقَ حركة تجارة النفط العالمية، ومنح إيران الفرصة لزيادة الصادرات إلى الصين، بينما ما تزال طهران خاضعة للعقوبات الأميركية، مع غياب أيّ توقعات في الوقت الراهن للتوصل إلى اتفاق نووي.
وبصفتها أكبر مستورد للنفط في العالم، تتردد الصين عن شراء النفط الروسي الرخيص، وفي حالة استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، ومواصلة فرض العقوبات على صناعة الطاقة الروسية، فلن يكون أمام روسيا خيار سوى بيع النفط بأسعار مخفضة.
وأشار شوكري إلى عدم استعداد الصين للتضحية بعلاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة مقابل واردات النفط الرخيصة من إيران، وليس أمام طهران الكثير من الوقت للتوصل إلى اتفاق جديد.
وقال: "يتزايد تأثير العقوبات في الاقتصاد الإيراني يوميًا، وإصرار طهران على المواقف الحالية لن يصبّ في المصلحة الوطنية للبلاد، وسيوفر الاتفاق المحدود ظروفًا مواتية لتحسّن الاقتصاد التدريجي".
ويرى شوكري أنه ليس أمام إيران خيار لتجاوز العقوبات والحفاظ على حصتها في السوق سوى بيع الخام للصين بخصم كبير، مقارنة بالنفط الروسي الرخيص.
وأوضح أن روسيا اعتادت منح خصومات هائلة لبعض عملائها، مثل الهند والصين، منذ الأشهر الأولى من الحرب على أوكرانيا، لكن أسعار النفط الروسي انتعشت قليلاً، ومع ذلك ما يزال المنافس الرئيس للنفط الإيراني في السوق الموازية.
وبالأخذ في الحسبان أن المحادثات النووية توقفت، ستستمر العقوبات حتى يُوقّع اتفاق نووي، لذلك سيتعين على إيران الاستمرار في بيع النفط الرخيص للصين بالسوق الموازية.
وأضاف أومود شوكري في تصريحاته إلى منصة الطاقة، أنه بالنظر إلى أن إيران لا يمكنها بيع النفط إلّا لبكين، فستشتد المنافسة بين النفط الرخيص من روسيا وإيران في السوق الصينية، معتقدًا أن موسكو لديها فرصة أكبر لزيادة حصتها بمزيج الطاقة الصيني.
فقدان الأمل في المحادثات النووية
أمّا مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، فترى أن أحجام النفط الإيراني الموجودة في المياه الآسيوية هي مؤشر جيد يوضح كم كانت طهران متفائلة بشأن إحياء الاتفاق النووي.
وقالت، إن محاولة التخلص من هذا النفط من خلال تقديم خصومات كبيرة هي أبلغ دليل على أنها فقدت الأمل في الإعفاء من العقوبات الأميركية، على الأقلّ في الوقت الحالي.
وتواجه المفاوضات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي المتعلقة بإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 طريقًا مسدودًا، وسط تصريحات لمسؤولين بأن الاتفاقية -المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة- معلّقة.
والهدف من خطة العمل الشاملة المشتركة هو منع إيران من توسيع برنامجها النووي، إذ تتزايد الشكوك الغربية بأن إيران تسعى لتطوير أسلحة نووية.
وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط (2022)، اعتادت روسيا نقل نصف صادراتها من الخام والمشتقات النفطية إلى أوروبا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وفي الوقت الراهن، أصبحت روسيا ثالث أكبر مصدّر للنفط الخام إلى آسيا بعد المملكة العربية السعودية والإمارات، مع استمرار تحويل شحناتها إلى مواقع أخرى بأسعار مخفضة بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي.
كما أصبحت روسيا أكبر مصدّر إلى الصين بعد بيع قرابة 1.74 مليون برميل يوميًا في أغسطس/آب (2022)، ويمثّل ذلك 20% من السوق الصينية.
بطء نقل النفط الإيراني
قالت كبيرة المحللين في شركة تحليل أسواق النفط فورتيكسا "إيما لي"، إنه من الواضح أن النفط الإيراني يُنقل إلى الصين بمعدل أبطأ بكثير بسبب التحركات الروسية، إلى جانب تراجع الطلب الصيني نتيجة السياسة الصينية للقضاء على فيروس كورونا.
وأشارت إلى أن الطلب على النفط الفنزويلي الخاضع للعقوبات يتدفق إلى الصين بوتيرة أسرع.
ولم تشترِ الصين الخام الفنزويلي مباشرة منذ عام 2019، بعدما شددت واشنطن العقوبات على الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، لكنه شقَّ طريقه إلى الصين عن طريق التجّار، وبيعه على أنه ماليزي.
وخلال شهر أغسطس/آب الماضي، أفادت أنباء بأن الصين كلّفت شركة حكومية بنقل ملايين البراميل من النفط الفنزويلي ضمن صفقة لتعويض ديون كاراكاس لبكين البالغة مليارات الدولارات.
المخزون العائم من النفط الإيراني
أمّا بالنسبة للمخزون العائم من النفط الإيراني، قال كبير المحللين في شركة كبلر هومايون فلكشاهي، إن طهران لديها أكثر من 90 مليون برميل من النفط الخام مخزّنة على السفن شرق السويس، مع قرابة 37 مليون برميل في ناقلات راسية قبالة ماليزيا وإندونيسيا.
وأضاف أن إيران كانت تضخ كميات ضخمة في ناقلات النفط على مدى الأشهر القليلة الماضية، تحسبًا لتخفيف العقوبات الاقتصادية.
وأوضح أن عدم وجود اتفاق نووي سيصعِّب على إيران مهمة نقل هذه الكميات، وسيتفاقم الوضع بدءًا من ديسمبر/كانون الأول (2022) مع تنفيذ حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي الأخيرة ضد روسيا.
وتوقّع تدفُّق المزيد من النفط الروسي إلى شرق السويس، وسيسفر ذلك عن زيادة المنافسة، ومن ثم تضطر شركة النفط الوطنية الإيرانية إلى تقديم المزيد من الخصومات.
في حين يرى كبير الباحثين المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية آصف شجاع أنه قد يكون أمام إيران فرصة مع بداية فصل الشتاء في أوروبا.
وقال، إنه عند توقّف إمدادات النفط والغاز من المصادر التقليدية، فإن براميل النفط الإيرانية العالقة ستكون مغرية لتفادي التجمد من البرد القارس.
ورجّح أن تبدأ أوروبا في الضغط على الولايات المتحدة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات الأميركية، خاصة أنه لا يوجد ضغينة بين الأوروبيين وإيران.
اقرأ أيضًا..
- أحد أكبر حقول النفط عالميًا.. منيفة السعودي ينتج 900 ألف برميل يوميًا
- سوق السندات الخضراء في أفريقيا تستهدف جمع 11 مليون دولار بحلول 2023
- ريادة أستراليا في الهيدروجين الأخضر مهددة بأزمات جغرافية ومالية (تقرير)