- • خط الأنابيب بقيمة 400 مليار دولار يمثّل تهديدات كبيرة لسيادة الطاقة في أفريقيا
- • تطوير خط أنابيب الغاز في أفريقيا لن يفيد إلّا الدول الأوروبية
- • يحتدم الجدل بشان ما إذا كان يمكن عَدُّ الغاز الطبيعي وقودًا انتقاليًا لأفريقيا
- • أصبحت مصادر الطاقة المتجددة الآن مصادر طاقة أرخص ثمنًا في معظم الأسواق
- • الموارد الطبيعية في أفريقيا كانت على مرّ التاريخ نقمة أكثر منها نعمة
- • يمكن لمحطات الكهرباء الجديدة أن تساعد في توفير الكهرباء لنحو 600 مليون أفريقي
تناهض مجموعات المجتمع المدني إنفاق 400 مليار دولار على خطط تطوير البنية التحتية لمشروعات الغاز في أفريقيا، لأنها لا تعود بالنفع على شعوب القارة، وتقترح تلك المجموعات، بدلًا عن ذلك، إنفاق هذه الأموال على الاقتصاد الأخضر الجديد.
ويستند هذا الرقم إلى تحليل جديد لمجموعات البيانات الحصرية المقدّمة من مؤسسة "غلوبال داتا"، للبيانات والتحليلات المعنية بالطاقة ويتضمن التطويرات المرتقبة في عمليات التنقيب والإنتاج والتكرير والتوزيع، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتبلغ قيمة الإنفاق على مشروعات الغاز في أفريقيا نحو 400 مليار دولار، أي نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي للقارة السمراء في عام (2021) الماضي.
يقول الباحث لدى مركز "باور شيفت أفريقيا" لأبحاث الطاقة في كينيا، آموس ويمانيا، إن خطط تطوير بنية الغاز في أفريقيا تشكّل تهديدات كبيرة لسيادة الطاقة في القارة، حسبما نشر موقع إنرجي مونيتور (Energy Monitor).
وأوضح "ويمانيا" أنه بالإضافة إلى تسريع أزمة المناخ المتفاقمة حاليًا، فإن الاستثمار في البنية التحتية للوقود الأحفوري، مثل خطوط الأنابيب، يهدد في جعل أصول وديون الاقتصادات الأفريقية متعذّرة السداد.
وقالت الناشطة لدى مؤسسة "غراوند وورك" البيئية غير الحكومية فيا جنوب أفريقيا، أفينا جاكلين، إن تطوير خط أنابيب الغاز في أفريقيا لن يفيد إلّا الدول الأوروبية، التي تبحث عن إمدادات غاز بديلة، والشركات متعددة الجنسيات في مجال النفط والغاز التي تتطلع إلى تحقيق أرباح ضخمة.
وأشارت إلى أن تقرير "الحياد الكربوني بحلول عام 2050"، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، ينص على أنه إذا أراد العالم تفادي عواقب تغير المناخ الكارثية، فلا ينبغي له تطوير حقول نفط وغاز جديدة.
الاعتبارات المناخية
يستمر الجدل ويحتدم بشأن ما إذا كان يمكن عَدّ الغاز "وقودًا انتقاليًا" في أفريقيا، إذ إن رصيد انبعاثات الكربون العالمي المتبقي محدود للغاية.
ويؤكد العلماء الآن أنه لا يوجد مجال لترخيص استخراج غاز جديد إذا أراد العالم تجنُّب تداعيات تغير المناخ الكارثية، وقد أصبحت مصادر الطاقة المتجددة الآن مصدر طاقة رخيص الثمن في معظم الأسواق.
وبالنظر إلى وجود أكثر من 600 مليون شخص لا يزالون يفتقرون إلى الكهرباء و 930 مليون شخص يفتقرون إلى وقود الطهي النظيف، فإن متطلبات التنمية في أفريقيا تبقى ملحّة، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
بدورها، تحرص العديد من الحكومات على استخراج الغاز للحصول على عائدات التصدير، في حين تمثّل محطات توليد الكهرباء بالغاز طريقًا إلى تغذية شبكة كهرباء موثوقة.
ويشير المدافعون عن الغاز في أفريقيا إلى أن القارة مسؤولة عن 4% فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية السنوية، وأن الغاز يطلق نحو نصف انبعاثات الفحم عند حرقه.
ويدعو العديد من القادة الأفارقة الدول الغنية إلى مواصلة تمويل استخراج الغاز ومحطات توليد الكهرباء بالغاز في بلدانهم.
في قمة أغسطس/آب 2022، دعا الاتحاد الأفريقي الدول الأعضاء إلى مواصلة نشر جميع أشكال موارد الطاقة الوفيرة، بما في ذلك الطاقة المتجددة وغير المتجددة لتلبية الطلب على الكهرباء، وأضاف أن تمويل الغاز ما يزال منطقيًا على المدى القصير إلى المتوسط.
على الرغم من ذلك، تُعارض العديد من مجموعات المجتمع المدني وجهة النظر هذه.
وقالت الناشطة لدى الحركة البيئية الشعبية في كينيا "أفريكا 350"، تشاريتي ميغوي، إن موقف الاتحاد الأفريقي بأن الغاز في أفريقيا بحاجة إلى التطوير، يهدف لإفادة البلدان المتقدمة وبعض المصالح الخاصة في القارة السمراء.
وأوضحت أن هذا الموقف يعمل على تأخير وتهديد الاستثمارات المحتملة في الطاقة المتجددة النظيفة واللامركزية للسكان.
تجدر الإشارة إلى أن تنمية أفريقيا تعتمد على التحول السريع من الوقود الأحفوري الضار إلى مستقبل للطاقة المستدامة.
وترى الناشطة لدى مؤسسة "غراوند وورك" البيئية غير الحكومية في جنوب أفريقيا أفينا جاكلين أن استثمار 400 مليار دولار في البنية التحتية للوقود الأحفوري يعني إساءة توجيه الموارد المحدودة اللازمة لتمكين تطوير أنظمة طاقة متجددة نظيفة وبأسعار معقولة في أفريقيا.
الإنفاق على تطوير حقول الغاز الجديدة
تُظهر بيانات مؤسسة أبحاث السوق "غلوبال داتا" أن 233 مليار دولار تُنفَق على تطوير حقول غاز جديدة، و 57 مليار دولار على خطوط أنابيب غاز جديدة، و 44 مليار دولار على محطات إسالة جديدة، و 56 مليار دولار على محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز.
وتشير البيانات إلى إنفاق 3 مليارات دولار على محطات إعادة تغويز جديدة، و 10 مليارات دولار على منشآت معالجة الغاز الجديدة.
وتشمل هذه الأرقام منشآت قيد الإنشاء، بالإضافة إلى تلك التي في طور الترخيص، أو التي أُعلِنَتْ، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتستثني البيانات الواردة في تحقيق موقع إنرجي مونيتور المشروعات النشطة جزئيًا حاليًا، أو التي تخضع للتوسعة أو إعادة تأهيل.
جدير بالذكر أن عددًا كبيرًا من المشروعات في قواعد البيانات، لا سيما تلك التي لا تزال في مرحلة مبكرة من التطوير، تفتقد إلى تقديرات النفقات الرأسمالية.
و تبحث بيانات أنشطة الاستكشاف فقط في النفقات الرأسمالية لحقول الغاز التي لم تُطَوَّر بعد، متجاهلة أيّ تكاليف مستقبلية مرتبطة بحقول الغاز التي بدأت في إنتاج الغاز.
وتهمل البيانات حقول النفط التي قد تحتوي على كميات قليلة من الغاز، وتتجاهل الحقول المكتشفة أو غير المرخصة التي قد تبدأ في إنتاج الغاز، السنوات المقبلة.
الأمر اللافت للانتباه هو أن الأرقام تشمل فقط الاستثمار المحلي في الغاز الطبيعي، ولا تنظر إلى الأموال التي تستثمرها هذه البلدان بالغاز في الخارج، على سبيل المثال، من خلال مؤسسات تمويل التنمية أو وكالات ائتمانات التصدير.
وستؤدي هذه الاستثمارات إلى زيادة كبيرة في رقم الاستثمار النهائي.
مجموعات المجتمع المدني مصدومة
تُظهر بيانات مؤسسة "غلوبال داتا" للبيانات والتحليلات المعنية بالطاقة أن أكثر من نصف قيمة خط أنابيب البنية التحتية للغاز في أفريقيا تكمن بمشروعات الاستكشاف والاستخراج.
وتفيد البيانات أن هذه المشروعات ستنتج الغاز لتقوم الحكومات بتصديره، مع توفّر الدخل الناتج نظريًا لتطوير مجالات أخرى من الاقتصاد، لهذا يتساءل العديد من أعضاء مجموعات المجتمع المدني عن إمكان نجاح نموذج التنمية هذا.
وأفاد مدير مركز إدارة الموارد الطبيعية (سي إن آر جي) في زيمبابوي فاراي ماغو بأن جميع الحكومات التي تدافع عن التنقيب عن الغاز الطبيعي لديها شيء واحد في الحسبان، وهو الصادرات، دون الالتفات لمصالح أفريقيا.
وقال، إن ما يحدث هو أن الحكومات الفاسدة تتلقى رشاوى، ثم تعيد عائدات التصدير إلى الدول في شمال الكرة الأرضية.
وأضاف أن العقود الماضية أظهرت فشل العديد من البلدان الأفريقية في الاستفادة من الثروة المعدنية مثل الذهب أو الماس، ويعتقد أن الوضع مع ثروة الغاز الطبيعي لن يكون مختلفًا.
وأشار إلى تأمين قطاع الغاز وعسكرته وتسييسه، وإلى أن المجتمعات الأهلية ستصاب بصدمات نفسية، وستقوى الحكومات القائمة.
وبيّن الباحث لدى مركز المعلومات والتنمية البديلة (إيه آي دي سي) في جنوب أفريقيا بوافينتورا مونجاني أن الموارد الطبيعية في أفريقيا كانت على مرّ التاريخ نقمة أكثر منها نعمة.
وأضاف أنه شوهدَت موارد طبيعية مستخرجة من القارة، وسُلبت لخدمة مصالح الشركات عبر المؤسسات المالية الوطنية ونخبة محلية صغيرة.
وأكد أن هذه ليست تكهنات: "فقد رأينا ذلك يحدث في بلدان مثل نيجيريا وموزمبيق، إذ تعود الموارد بالقليل من الفائدة على السكان المحليين، أو لا تعود عليهم بأيّ فائدة".
في مقاطعة أوغونيلاند بنيجيريا، ما تزال المجتمعات تعاني من تسربات شركة شل النفطية، وأصبحت غير قادرة على صيد الأسماك أو الزراعة لكسب عيشها، بينما ينتظرون الشركة لتنظيف سبب الفوضى.
تجدر الإشارة إلى أن شركة شل تعمل في البلاد منذ أكثر من 60 عامًا، ما ساعد على جعل نيجيريا أكبر مصدّر للوقود الأحفوري في القارة.
رغم ذلك، يعيش نحو 40% من النيجيريين تحت خط الفقر الدولي البالغ 1.90 دولارًا للفرد يوميًا، إذ سلّط البنك الدولي الضوء على الاعتماد على النفط سببًا رئيسًا لاقتصاد البلاد الراكد.
وقد أدت مشروعات استخراج الغاز في موزمبيق، التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، إلى اندلاع تمرد مسلح اجتاح مقاطعة كابو ديلغادو في البلاد، وشرّد مئات الآلاف من السكان.
وأشارت الناشطة لدى الحركة البيئية الشعبية في كينيا "أفريكا 350"، تشاريتي ميغوي، إلى حالة الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق، التي تُظهر أن سنوات من تطوير الوقود الأحفوري في القارة فشلت بتحقيق الازدهار أو تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة للسكان.
وأضافت أن فخ الديون والملكية غير المتناسبة من جانب الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات يعني أن الصناعة تخدم أساسًا مصالح الشركات والدول خارج أفريقيا.
- قطاع النفط والغاز في أفريقيا يشهد انتعاشة بصفقات الاندماج والاستحواذ (تقرير)
- حرب أوكرانيا توجه أنظار أوروبا إلى النفط والغاز في أفريقيا (تحليل)
دور محطات توليد الكهرباء بالغاز
تتمثل مشكلة خط أنابيب بنية الغاز في أفريقيا في أن الغالبية العظمى من الأموال لا تذهب نحو محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز.
تُظهر بيانات مؤسسة غلوبال داتا" أن مصر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والمغرب لديها أكبر استثمار مقبل في محطات توليد الكهرباء بالغاز، مشيرة إلى أن الدول الـ4 تُعدّ من بين أغنى الدول في القارة، وأن معظم البلدان تحصل على القليل جدًا من الاستثمارات.
وقال الباحث لدى مركز المعلومات والتنمية البديلة (إيه آي دي سي) في جنوب أفريقيا بوافينتورا مونجاني، إن خط أنابيب البنية التحتية للغاز يُظهر أن غالبية الاستثمار تتجه نحو استخراج الغاز وتصديره، وهو أمر لا علاقة له بتنمية القارة.
اقرأ أيضًا..
- كيف وفرت مصر الغاز الطبيعي داخليًا لتصديره؟ وزير البترول يجيب
- وزيرة الطاقة ليلى بنعلي: المغرب يتفاوض على صفقة غاز مسال تغطي 10 سنوات (حوار - فيديو)
- أكبر الدول العربية توليدًا للكهرباء من الطاقة المتجددة (تقرير)
- طرح أول مولد يعمل بالهيدروجين.. بديل مثالي لمولدات الديزل والبنزين (فيديو)
عندما يتعلق الأمر بافريقيا ،الغرب يبرر المشاريع الطاقية بالتاثير على المناخ والبيئة لفرملة تطور أفريقيا، ألم تندلع الحرب في اكرانيا بين روسيا واروبا بسبب الغاز ،انه الاستعمار والعنصرية