أنس الحجي: سياسات تغير المناخ في أميركا وأوروبا تتعارض مع أسس أمن الطاقة (صوت)

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الدول تتحول إلى الحياد الكربوني وتتبنّى سياسات تغير المناخ على حساب الوقود الأحفوري.

وأوضح الحجي -خلال حلقة برنامج "أنسيات الطاقة" على موقع تويتر، مؤخرًا، بعنوان "هل تهدد سياسات التغير المناخي الأمن القومي الأميركي والأوروبي؟"- أن هذه السياسات تتنافى مع كل ما يُبنى عليه أمن الطاقة.

وأضاف: "يجب أولًا أن نعرف أن تبنّي الحياد الكربوني وسياسات تغير المناخ والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية كلها تتطلب أنواعًا محددة من المعادن، مثل الغرافيت والنيكل والكوبالت والليثيوم والمعادن النادرة، وأيضًا النحاس، وهي معادن متوفرة ولكن ليست بالصورة التي تفي باحتياجات العالم بالنسبة إلى الحياد الكربوني".

• كيف يؤثر تغير المناخ في القطاعات الاقتصادية؟.. دراسة تكشف عدة مفاجآت
• توقف محادثات تغير المناخ بين الصين وأميركا يُضعف الطموحات العالمية (تقرير)

وتابع: "تعلمنا أن أحد أهم أعمدة أمن الطاقة أن يكون هناك تعدد للمصادر، وهذا أمر لا يتحقق هنا، لأن المعادن المطلوبة للتقنيات التي تستخدم في الحياد الكربوني نادرة جدًا ولها أماكن محددة وليست لها بدائل، إذن كيف ستعيش أوروبا وأميركا في المستقبل؟".

تنويع مصادر الواردات

قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن مشكلة الولايات المتحدة وأوروبا، بالنسبة إلى الواردات التي تحقق أمن الطاقة، أنها مكتملة بنسبة 100%.

وبعبارة أخرى، وفق الحجي: "تستورد أميركا نحو ثلث استهلاكها من النفط، في حين أن بعض المعادن اللازمة للحياد الكربوني وتحقيق سياسات تغير المناخ تستورد 100% منها، وهو ما تفعله أغلب الدول الأوروبية".

وأوضح الحجي أنه بالنظر إلى التفاصيل نجدها صاعقة، وهناك أمثلة على ذلك، منها معدن الغرافيت، الذي يُعد متطلبًا أساسيًا للبطاريات، وهناك حاجة إلى كميات كبيرة منه، فهو لا يُنتج في الولايات المتحدة أو أوروبا، اللتين تتبنيان سياسات مواجهة تغير المناخ.

وتساءل الدكتور أنس الحجي: "كيف ستتحول أميركا وأوروبا إلى السيارات الكهربائية في حين لا تنتجان معدن الغرافيت؟ وكيف ستنتجان البطاريات بأعداد مليونية -قد تصبح مليارية لاحقًا- لتتواكب مع توجهاتها للحياد الكربوني؟".

وأضاف: "المفاجأة هنا، أن نحو 67% من إنتاج الغرافيت في العالم يأتي من الصين، والآن تعادي الولايات المتحدة الصين، وبدورها تعاديها أوروبا بسبب الضغط الأميركي.. بعبارة أخرى: هذه الدول وسياسات تغير المناخ والحياد الكربوني كلها تعتمد على الصين".

وأشار الحجي إلى أن الصين تتصدّر إنتاج الغرافيت عالميًا بنسبة 67%، وبعدها تأتي البرازيل ثم مدغشقر، وبعدها موزمبيق، وهذا هو الإنتاج العالمي، فإنتاج المعدن النادر مركز بصورة ضخمة جدًا في نحو 4 دول غير أوروبية أو أميركية، وبعضها لا يخضع للولايات المتحدة أو القارة العجوز على الإطلاق.

وتابع: "إذن كيف ستؤمّن المستقبل وتتجه إلى الاستدامة وتستخدمها مع كلمة الاقتصاد الأخضر؟ كيف ستؤمّن الاستدامة والمعادن اللازمة لها وتستوردها في الأساس من عدوك؟ ولماذا يخفي الإعلام هذه الحقائق؟".

احتياطيات معادن تحول الطاقة

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه بالنظر إلى احتياطيات المعادن اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني وسياسات تغير المناخ، الموجودة تحت الأرض، هناك دول لديها احتياطيات ضخمة، ولكنها لا تنتج، لأن هذه المعادن لم تكن لها أهمية في السابق بالنسبة إليها، ولكنها الآن بدأت الإنتاج.

وأوضح أن المفاجأة أن أكبر احتياطيات الغرافيت في العالم، الذي تحتاجه كل بطارية كهربائية، موجود في تركيا، إذ إن لديها 25% من احتياطيات العالم من هذا المعدن النادر، مضيفًا: "نعرف أن العلاقات التركية الأوروبية ليست جيدة.. أي هناك أزمة مع أكبر منتج وأكبر مالك للاحتياطيات، ثم يتكلمون عن الاستدامة".

وفي المركز الثاني من حيث الاحتياطيات، تأتي الصين بنسبة 20%، وفي المركز الثالث البرازيل ثم مدغشقر، التي تُعد من الدول الغنية بمعادن عدة، رغم صغر حجم الجزيرة، وفي المركز الخامس تأتي روسيا.

وتابع: "بالنظر إلى قائمة المنتجين وقائمة مالكي أكبر الاحتياطيات العالمية، لا نجد الولايات المتحدة الأميركية ولا أوروبا لديها هذه المعادن أو المواد الضرورية جدًا للاقتصاد الأخضر والحياد الكربوني وسياسات تغير المناخ، وتضطر إلى استيرادها بالكامل، دون وجود تنويع لمصادرها".

إنتاج الليثيوم واحتياطياته العالمية

قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أكبر إنتاج لمعدن الليثيوم -الذي يُستخدم في البطاريات- موجود في أستراليا، التي تستخرج نحو 52% من الإنتاج العالمي، والأزمة هنا أن أستراليا في الطرف الآخر من العالم، وبعيدة عن كل الأسواق، وبعدها تأتي تشيلي التي تنتج نحو 25% من الإنتاج العالمي لليثيوم، وبعدها الصين ثم الأرجنتين.

وأضاف: "المشكلة هنا، أنه بالنظر إلى الليثيوم وأماكن إنتاجه وتوافره، نجد أنه في أصقاع الأرض، في زوايا العالم وليست في وسطه أو مركزه، على عكس النفط الذي يوجد في مركز العالم، والغاز الموجود في مركز العالم وأطرافه".

وأشار إلى أن الليثيوم -وهو الضروري لعدد ضخم من بطاريات السيارات الكهربائية التي ستُنتج في المستقبل- موجود في أطراف العالم، في أستراليا وبوليفيا والأرجنتين وتشيلي التي تسيطر على 45% من احتياطيات العالم من الليثيوم، وكلها دول بعيدة جدًا عن الأسواق.

• أميركا تواجه تغير المناخ بمشروع قانون يُخفِّض انبعاثاتها بنسبة 40% (تقرير)

وأردف: "بالنظر إلى أوروبا، هناك بعض الليثيوم بكميات صغيرة جدًا في البرتغال مثلًا، ولكن هذه الكميات الضئيلة لا تكفي لشيء، وتحتاج إلى استثمارات كبيرة إذا كانت مجدية، لذلك مرة أخرى نتحدث عن معدن يتطلبه الحياد الكربوني لمواجهة تغير المناخ، ولا نجده لدى أوروبا أو أميركا".

وعن حجم الليثيوم في الولايات المتحدة، قال الحجي إنها رغم كونها قارة بمفردها، فإن احتياطياتها من المعدن النادر لا تتجاوز 3.7% من الاحتياطي العالمي، وهناك حرب شديدة ضد تطويرها، لوجودها في بعض الولايات التي يوجد فيها كثير من النشطاء البيئيين المتطرفين، الذين يحاربون هذه المعادن ومناجمها.

اقرأ أيضًا..

• سيناريوهات اجتماع أوبك+ وهل يلجأ التحالف لخفض الإنتاج؟.. 6 خبراء يتحدثون
• صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب تؤمّن خطط السوق الأوروبية
• توقف تطوير حقل خور مور في كردستان العراق يضاعف أزمة إمدادات الغاز لأوروبا