دعم أسعار الوقود في فرنسا يخلق فوضى.. وتوتال تضطر لإغلاق بعض المحطات
دينا قدري
شهدت أسعار الوقود في فرنسا انخفاضًا كبيرًا منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، تنفيذًا لقرار الحكومة وشركة توتال إنرجي بتخفيف العبء عن المواطنين.
إذ أعلنت الحكومة دعمًا بقيمة 0.30 يورو (0.30 دولارًا أميركيًا) لكل لتر من الوقود، كما قدّمت توتال إنرجي خصمًا يُقدَّر بـ0.20 يورو، (0.20 دولارًا) للّتر، ما يعني أن المواطنين سيستفيدون من خصم إجمالي يُقدَّر بـ0.50 يورو (0.50 دولارًا) لكل لتر.
إلّا إن هذه القرارات تسبّبت في خلق فوضى، نظرًا لتدافع الفرنسيين على التزود بالوقود من محطات توتال إنرجي، التي اضطر بعضها إلى الإغلاق بسبب نفاد المخزون، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
*1 يورو= 0.99 دولارًا أميركيًا
دعم أسعار الوقود في فرنسا
أعلنت فرنسا، في منتصف مارس/آذار الماضي، دعم أسعار الوقود بأكثر من ملياري يورو؛ إذ قامت الحكومة بدعم أسعار البنزين والديزل بقيمة 0.15 يورو لكل لتر، ثم 0.18 يورو للّتر في أبريل/نيسان.
وقدّمت الحكومة خصمًا إضافيًا على أسعار الوقود بقيمة 0.30 يورو لكل لتر في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، ثم ينخفض الدعم إلى 0.10 يورو في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
ومن جانبها، وفّرت توتال إنرجي خصمًا بقيمة 0.12 يورو للّتر على معظم أنواع الوقود بمحطات الخدمة التابعة لها في فرنسا، خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب (2022).
ثم أعلنت خصمًا إضافيًا بقيمة 0.20 يورو لكل لتر في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، ينخفض إلى 0.10 يورو في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، تماشيًا مع قرارات الحكومة الفرنسية.
نفاد الوقود من محطات توتال
تسببت هذه الخصومات في حدوث تدافع بمحطات توتال إنرجي، التي استنفد الوقود من بعضها في غضون ساعات قليلة، وفق ما نقلته فضائية "بي إف إم" الفرنسية في موقعها الرسمي (BFMTV).
المواطنون، وكذلك سائقو السيارات من الدول المجاورة، اندفعوا إلى محطات توتال في بداية الشهر للاستفادة من الخصم على أسعار الوقود في فرنسا، ما تسبّب في طوابير لا نهاية لها، وتسابُق على التزود بالوقود استلزم في بعض الأحيان تدخُّل الشرطة.
وقال رئيس قسم محطات الخدمة والطاقة الجديدة بحركة رواد التنقل في فرنسا (موبيليانز)، فرانسيس بوس: "لقد أصيبوا بالجنون.. لا جدوى من التخزين لأن هذا العرض يستمر شهرين.. هؤلاء الناس يشجعون النقص".
وتابع: "حول منزلي، في لومان، لم تعد هناك محطة توتال واحدة مفتوحة، بسبب نقص الوقود".
يمكن رؤية الوضع بكلّ مكان تقريبًا في فرنسا، وهناك العديد من الشهادات في شبكات التواصل الاجتماعي حول قيام بعضهم بملء أوعية سعة 20 لترًا بعد التزود بالوقود، ما دفع بعض المحطات إلى تقنين 50 يورو للفرد.
خصم غير عادل
من جانبهم، وصف منافسو شركة توتال إنرجي هذا الخصم بأنه "غير عادل"؛ نظرًا لتعرّضها لخسائر فادحة في جميع أنحاء فرنسا.
ففي محطات شركات النفط الأخرى، أو في محطات كبار تجّار التجزئة، أصبح من النادر أن يستفيد العملاء من خصم توتال، بالإضافة إلى خصم الدولة، أي ما مجموعه 50 سنتًا في الشهر لكل لتر من الوقود.
وفي كورسيكا، قررت عدّة محطات تابعة لشركة إيسو -فرع إكسون موبيل في فرنسا- تعليق توزيع الوقود، لقلّة العملاء.
ويستنكر مديرو المحطات المنافسة غير العادلة لمجموعة توتال التي تطبّق، منذ الخميس الماضي، خصمًا قدره 20 سنتًا على أسعار الوقود.
بالنسبة إلى حركة رواد التنقل في فرنسا (موبيليانز)، يوصف خصم توتال بأنه "غير عادل" في مواجهة المنافسين.
وأوضحت الحركة أن "هذه الهدية للمستهلكين هي في الواقع مفاوضات مع الحكومة لتجنّب الضرائب على الأرباح الفائقة".
وأضافت: "أمّا الآخرون، مثل إيسو أو بي بي، فلا يمكنهم المواءمة؛ لأن هذه المحطات يجري إمدادها من قبل تجّار الجملة.. لم تعد تديرها شركات النفط الكبرى التي سيتعين عليها تقديم الهدية ذاتها لجميع أنحاء أوروبا، مثلما فعلت في فرنسا".
توتال إنرجي تدافع عن موقفها
بالنسبة لشركة توتال، فإن هذا الخصم هو على العكس من ذلك، استجابة "لتوقعات الشعب الفرنسي المتأثر بارتفاع أسعار الطاقة وتأثير ذلك في قوتهم الشرائية" كما أوضحت الشركة في بيان صحفي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
إذ أوضح الرئيس التنفيذي للشركة باتريك بويانيه أن أولوية توتال إنرجي "تذهب إلى المستهلكين، لأننا نفضّل تقديم مساهمة فورية ومباشرة لعملائنا، بدلًا من فرض ضريبة غير مباشرة من شأنها أن تُلحق الضرر بمصافي التكرير لدينا".
وشدد على أن "مصافي التكرير الفرنسية لدينا هي أداة صناعية تسهم بأمن الطاقة في البلاد.. وكان عليها أن تواجه خسائر تزيد عن مليار يورو خلال جائحة كورونا في عامي 2020 و2021، والتي لم تطلب شركة توتال إنرجي بشأنها أيّ دعم من أيّ نوع من الدولة، ولا يزال من المستبعد تعويضها من خلال البيئة المواتية الحالية".
وأضافت الشركة -في بيانها- أن تخفيضات الأسعار هذه ستُطبَّق من أول لتر يُشترى، مع عدم وجود حدّ للكمية، لجميع أنواع الوقود المبيع في المحطات، بالإضافة إلى الخصم الذي تفرضه الدولة.
موضوعات متعلقة..
- توتال إنرجي تُخفض أسعار الوقود في فرنسا
- أزمة الطاقة وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء نتائج سريعة للغزو الروسي لأوكرانيا (مقال)
- دعم أسعار الوقود في أوروبا.. ألمانيا تتصدر والمملكة المتحدة بالمركز قبل الأخير
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السعودي يكشف تفاصيل خفض إنتاج أوبك+.. والبيت الأبيض يرد (تحديث)
- الأزمات تحاصر أكبر مجمع كيماويات في العالم مع توقف إمدادات الغاز الروسي
- أميركا تمول مشروعًا لإنتاج الهيدروجين النظيف وتوليد الكهرباء من المفاعلات البحرية
- بدء إنتاج خلايا وقود الهيدروجين لسيارات بي إم دبليو في ألمانيا (تقرير)
