هل يعوض المخزون العائم من النفط الإيراني الإمدادات الروسية في أوروبا؟ (تقرير)
نحو 93 مليون برميل مخزنة في سفن
دينا قدري
تعقد الأسواق العالمية آمالًا على النفط الإيراني لتعويض نقص الإمدادات، في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وما أعقبها من عقوبات أوروبية وأميركية.
وهناك توقعات بأن تستنزف طهران مخزونها العائم من النفط حال التوصل إلى اتفاق نووي مع الدول العظمى، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.
وكشفت شركة كبلر لتتبّع السفن، عن تخزين نحو 93 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات الإيرانية حاليًا على متن سفن في الخليج العربي، قبالة سنغافورة وبالقرب من الصين.
وتُقدِّر شركة فورتكسا المخزونات من 60 إلى 70 مليون برميل، وبالإضافة إلى ذلك، توجد أحجام أصغر في مواقع التخزين البرية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ولكن يجب توخي الحذر عند قراءة هذه التقارير بسبب نوعية النفط، وموقع المخزون الجغرافي، وملكية المخزون. فأغلب النفط هو من المكثفات، والتي لاتعد من أنواع النفط الخام، ولايوجد في المواني الإيرانية إلا نحو 44 مليون برميل بحسب شركة كبلر، أغلبها مكثفات، بينما الباقي موجود في مواني أخرى، وملكيتها قد لاتكون إيرانية على الإطلاق.
أوروبا ليست هدف إيران الوحيد
قال كبير الإستراتيجيين في شركة جي تي دي لخدمات الطاقة، جون دريسكول: "أنشأت إيران أسطولًا ضخمًا من البضائع يمكن أن يضرب السوق قريبًا".
ومع ذلك، قد يستغرق الأمر "بعض الوقت" لتسوية مشكلات التأمين والشحن، بالإضافة إلى المبيعات الفورية والآجلة فيما بعد العقوبات، على حدّ قوله.
وأوضح دريسكول أنه بينما قد تهدف إيران إلى ملء الفراغ الذي خلّفته روسيا في أوروبا، وتحديدًا في إسبانيا وإيطاليا واليونان وحتى تركيا، فإنها ستحاول أيضًا استعادة حصتها في السوق الآسيوية الثمينة، حتى لو تطلّب الأمر تخفيف بعض الشروط.
وأظهرت بيانات كبلر أن أوروبا استهلكت في عامي 2017 و2018 ما معدله 748 ألف برميل و528 ألف برميل يوميًا من النفط الإيراني، على التوالي، بينما استهلكت آسيا خلال المدة نفسها نحو 1.2 مليون وما يقرب من مليون برميل يوميًا، على التوالي.
وأضاف دريسكول: "من الطبيعي أن ترغب إيران في إمداد أوروبا أولًا لملء الفراغ الذي خلّفته عقوبات ما بعد الغزو ضد روسيا، لكن على المدى الطويل سيتطلعون إلى وضع براميلهم ضمن إطار صفقات طويلة الأجل في آسيا".
هل ينقذ النفط الإيراني الأسواق؟
تأتي عودة إيران المحتملة -بشكل كامل- إلى سوق النفط الخام العالمية، مع احتمال رفع العقوبات الأميركية، في لحظة معقدة بالنسبة لتجّار النفط.
ويتطلع المضاربون إلى بدء فرض قيود الاتحاد الأوروبي الأكثر صرامة على تدفقات النفط الروسي، بدءًا من ديسمبر/كانون الأول.
وبالإضافة إلى ذلك، سينتهي البيع الضخم لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من احتياطي النفط الإستراتيجي في أكتوبر/تشرين الأول.
وقد أثّرت عودة براميل النفط الإيرانية المحتملة إلى الأسواق العالمية -سواء من أحجام التخزين العائمة أو على المدى الطويل- في أسعار العقود الآجلة في الأسابيع الأخيرة، ما عوّض علامات نقص الإمدادات في أماكن أخرى.
حجم مخزونات النفط الإيراني
يُقارن مخزون النفط الإيراني العائم بمتوسط الإمداد العالمي اليومي في العام الجاري (2022)، إذ يُقدَّر بنحو 100 مليون برميل يوميًا، وفقًا لتقدير من وكالة الطاقة الدولية.
ومنذ توقُّف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عن منح إعفاءات لاستيراد النفط الإيراني بعد العقوبات الأميركية، احتجزت الشحنات الإيرانية اليومية بنحو مليون برميل، وفقًا للمحللة في فورتكسا، إيما لي.
وظلت الصين من بين أكبر المشترين، في الوقت الذي تراجعت فيه الدول الأخرى.
وأظهرت بيانات كبلر أن الحجم الحالي للخام والمكثفات في مواقع التخزين البرية داخل إيران يُقدَّر بنحو 48 مليون برميل، مضيفة أن طهران قد تحتفظ بمزيد من النفط في بعض المستودعات الأرضية حول الصين.
وعلى المدى الطويل، بعد إبرام أيّ صفقة واستنزاف المخزون العائم، ستسعى إيران إلى إعادة بناء الإنتاج وزيادة المبيعات الخارجية.
ورغم ذلك، أكد مصرف غولدمان ساكس -الذي شكّك في دخول طهران إلى الأسواق العالمية على المدى القريب- أنه حتى إذا تُوُصِّل إلى اتفاق، فلن تبدأ هذه الأمور حتى عام 2023، وفقًا لملحوظة أصدرها.
زيادة إنتاج مرتقبة
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر الكناني قد صرّح -في 22 أغسطس/آب- بأن المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني وتخفيف العقوبات المفروضة على النفط تحرز "تقدمًا جيدًا"، في وقت تتخذ فيه إيران خطوات لتعزيز طاقتها الإنتاجية من النفط الخام.
وأفادت وكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية (شانا) بأن طاقة إنتاج النفط في طهران سترتفع إلى 4.038 مليون برميل يوميًا بنهاية العام الإيراني الحالي في مارس/آذار 2023، أو في غضون 7 أشهر، صعودًا من 3.8 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي، وفق ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
وقال المشرف على إنتاج النفط والغاز في الشركة الوطنية الإيرانية، هرمز قلاوند، إن أيّ زيادة في السعة ستتطلب حفّارات ومعدّات لعمليات الحفر الجديدة، وإصلاح وتجديد الآبار الموجودة في الحقول البرية والبحرية، بالإضافة إلى استبدال معدّات خطوط الأنابيب.
كان المدير العام لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خوجاشمهر، قد أكد أن زيادة إنتاج النفط الإيراني إلى 5.7 مليون برميل يوميًا، تُعدّ أمرًا واقعيًا، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب استثمارات بقيمة 90 مليار دولار.
موضوعات متعلقة..
- مسؤول: النفط الإيراني أصبح مهمًا للعالم.. باعتراف الأميركيين
- وزير النفط الإيراني: نمتلك طاقات تستطيع قلب معادلات القوة في العالم
- هل تسمح أميركا بتدفق النفط الإيراني لتعويض الخام الروسي؟
اقرأ أيضًا..
- هل يؤثر الجفاف في إنتاج النفط والغاز والطاقة النووية؟ أنس الحجي يجيب
- أسوأ موجة جفاف في فرنسا توقف توليد الكهرباء من محطتين نوويتين
- أفضل أنواع بطاريات الطاقة الشمسية وأسعارها (تقرير)
- نقص 3 معادن يهدد صناعة السيارات الكهربائية في الصين