يبحث النفط الروسي عن ملاذ آسيوي، يكون بمثابة حائط صد ضد المُخطّط الأميركي بوضع حد أقصى لسعر خام موسكو، في خُطوة تهدف إلى خفض عائدات الكرملين من مصادر الطاقة، والتي تستخدم في تمويل الحرب على أوكرانيا.
وتدرس روسيا، توقيع عقود نفط طويلة الأجل بخصومات كبيرة مع عدة دول آسيوية؛ وقد تكون المحادثات المبدئية لتقديم خصومات تصل إلى 30% لبعض المشترين الآسيويين، علامة على أن موسكو تحاول تجنب مناقشات مجموعة الدول السبع حول وضع استثناء لعقوبات الاتحاد الأوروبي المُعلّقة عل الخام الروسي.
وكان وزراء خارجية دول مجموعة السبع، أعلنوا في 2 أغسطس/آب (2022)، أن المجموعة تدرس جميع الخيارات الممكنة لمنع روسيا من الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة، إذ يدرسون فرض حظر شامل على جميع الخدمات التي تتيح نقل النفط الخام الروسي بحرًا، ما لم يتم شراء النفط بسعر يتم الاتفاق عليه بالتشاور مع الشركاء الدوليين.
وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي
تحاول روسيًا -أيضًا- جذب مشترين آخرين للنفط الذي تبيعه حاليًا إلى أوروبا.
وقال وزير السياحة الإندونيسي، ساندياغا أونو، في تصريحات له على موقع إنستغرام خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، إن روسيا عرضت بيع النفط على بلاده بسعر أقل بنسبة 30% من سعر السوق الدولية.
وأضاف أن الرئيس جوكو ويدودو، يدرس العرض، الذي لاقى اعتراضًا من البعض؛ خوفًا من التعرض للعقوبات الأميركية.
ووافقت الولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع الغنية الأخرى -وهي بريطانيا وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي- في يونيو/حزيران من العام الجاري (2022) على دراسة فرض سقف لتقليل عائدات موسكو من بيع النفط الخام.
وتشمل الجولة السادسة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد موسكو بسبب الهجوم على كييف في فبراير/شباط من العام الجاري (2022)، حظرًا على النفط الروسي، يدخل حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول، لكن المسؤولين الأميركيين قلقون من أن الإطار الحالي سيرفع أسعار النفط بشكل كبير وسيحقق أرباحًا غير متوقعة لروسيا.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية، يوم الثلاثاء 12 يوليو/تموز (2022)، إن أسعار النفط العالمية قد ترتفع بنسبة 40%، لتصل إلى نحو 140 دولارًا للبرميل، في حالة عدم تبني سقف مقترح لأسعار النفط الخام من روسيا، إلى جانب إعفاءات من العقوبات تسمح بشحنات أقل من هذا السعر.
وأيدت بعض الدول الأوروبية فكرة وضع استثناء لحظر التأمين على النفط الروسي بموجب سقف سعر محدد دوليًا، لكن البعض الآخر قال إن نجاح تطبيق مثل هذا النظام يتوقف على موافقة مشترين آسيويين مهمين للنفط الروسي، وخاصًة الهند، على المشاركة.
وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، إن دول مجموعة السبع تناقش الاقتراح بجدية، لكنها قضية معقدة وستتطّلب دعم الدول الأخرى لإنجاحها.
وما يزال الغموض يكتنف موقف معظم الدول الآسيوية من الخُطة، وأعرب عدد قليل من الدول عن دعمها علنًا، في حين تعارض الهند الانضمام إلى مُخطّط الحد الأقصى للسعر، إذ تخشى الصناعة الهندية فقدان فرصة شراء الخام الروسي المنخفض.
في هذه الظروف يزور نائب وزير الخزانة الأميركي، والي أديمو، الهند هذا الأسبوع للقاء مسؤولين حكوميين ومديرين تنفيذيين، في مجال التمويل والطاقة، لإجراء مناقشات حول أمن الطاقة، وتمويل المناخ، وتكنولوجيا الطاقة النظيفة.
وقال أدييمو، إن التحالف من أجل وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي قد توسع وانضمت إليه عدد من الدول.
ويرغب المسؤولون الذين يدعمون الخطة في وضعها موضع التنفيذ قبل بدء عقوبات الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي في أوائل ديسمبر/كانون الأول.
صادرات النفط الروسي إلى أوروبا
من ناحية أخرى، قفزت صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا إلى أوروبا خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أغسطس/آب الجاري (2022)، إلى أعلى مستوى منذ أبريل/نيسان الماضي، حيث تواصل بعض مصافي التكرير الأوروبية معالجة خام موسكو رغم هجومها على أوكرانيا.
وارتفع إجمالي التدفقات إلى 3.41 مليون برميل يوميًا في المدة من 1 حتى 19 أغسطس/آب (2022)، مقابل 3.24 مليون برميل يوميًا في المدة المماثلة من الشهر السابق، بحسب بيانات رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة.
وكانت كل الزيادات في شحنات النفط الروسي متجهة إلى أوروبا، مع ارتفاع عدد الشحنات للعملاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أوروبا، ومنطقة البحر الأسود، بحسب صحيفة إيكونوميك تايمز الهندية.
وارتفعت صادرات النفط الروسي إلى دول البحر الأبيض المتوسط بمقدار 140 ألف برميل يوميًا، ومن المقرر أن يدخل حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسي المنقولة بحرًا حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول (2022).
وفي نهاية مايو/أيار من العام الجاري (2022)، توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يتضمن حظرًا فوريًا لقرابة 75% من النفط الروسي المنقول بحرًا، ترتفع إلى 90% بحلول نهاية العام الجاري 2022، في محاولة لقطع مصادر الدخل التي يستخدمها الكرملين لتمويل حربه في أوكرانيا، وسيدخل الحظر الأوروبي على شحنات المنتجات النفطية الروسية حيز التنفيذ بدءًا من 5 فبراير/شباط (2023).
وتسعى موسكو إلى تأمين أسواق جديدة لنفطها الخام، إذ تتجه ناقلة ثالثة إلى سريلانكا التي تعاني من ضائقة مالية، كما تم تفريغ سفينتين في ميناء الحمراء المصري المُطل على البحر المتوسط، بعد أن زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف القاهرة الشهر الماضي، كما تعتزم حكومة طالبان الأفغانية، شراء نحو مليون برميل من النفط الخام من روسيا.
وفي 24 يوليو/تموز 2022، استخدمت موسكو ميناء الحمراء المصري، للمرة الأولى، لتفريغ شحنة تبلغ قرابة 700 ألف برميل من النفط.
واستمر متوسط تدفق النفط الروسي إلى آسيا في الانخفاض إلى 1.71 مليون برميل يوميًا في الأسابيع الأربعة المنتهية في 19 أغسطس/آب (2022) مقارنة بأكثر من 2.1 مليون برميل يوميًا في أبريل/نيسان ومايو/أيار.
وبينما ما تزال شهية الهند مفتوحة للخام الروسي، فإن مصافيها تتلقى تخفيضات أقل مما كانت عليه قبل بضعة أشهر؛ وتهيمن بكين ونيودلهي على شحنات النفط الخام المتدفقة من روسيا إلى آسيا.
وتضاعفت صادرات النفط الروسي إلى الهند 30 ضعفًا خلال الأشهر الـ3 من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران (2022)، مقارنة بصادرات المدة ذاتها من العام الماضي، بحسب ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
عوائد صادرات النفط الروسي
ما تزال التدفقات الداخلة إلى خزانة حرب الكرملين من رسوم تصدير النفط أعلى مما كانت عليه قبل الحرب، إذ انتعش متوسط الدخل في الأسابيع الـ4 المنتهية في 19 أغسطس/آب (2022) إلى 175 مليون دولار.
وقفزت عائدات موسكو الأسبوعية من رسوم التصدير بمقدار 38 مليون دولار، أو 26%، إلى 183 مليون دولار، معوضه تقريبًا كل خسائر الأسبوع السابق.
وتراجع الخصم المقدم على الأورال مقابل خام برنت خلال تلك الفترة إلى 18.68 دولارًا للبرميل، منخفضًا من أعلى مستوى عند نحو 34.39 دولارًا للبرميل من منتصف أبريل/نيسان إلى منتصف مايو/أيار.
وارتفع إجمالي تدفقات النفط الخام من الموانئ الروسية بمقدار 760 ألف برميل يوميًا أو 26% في الأسبوع المنتهي في 19 أغسطس مقارنة بالأسبوع السابق، وزادت التدفقات النفطية إلى جميع مناطق التصدير باستثناء القطب الشمالي.
كما ارتفع حجم الشحنات من روسيا إلى شمال أوروبا خلال الأسابيع الـ4 المنتهية في 19 أغسطس/آب، بمتوسط 398 ألف برميل يوميًا.
وكانت موسكو قد فقدت ما يقرب من ثلثي سوقها من الخام المنقول بحرًا في شمال أوروبا، في أعقاب هجومها على أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الجاري (2022)، قبل أن تشهد استقرارًا في حجم النفط المشحون إلى هناك.
موضوعات متعلقة..
- رغم تعافي إنتاج النفط الروسي.. الأسوأ لم يأتِ بعد (تقرير)
- النفط الروسي يتربع على عرش الواردات الصينية للشهر الثالث على التوالي
- أمين عام أوبك يحذر من تداعيات خطيرة إذا انخفض إنتاج النفط الروسي
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي جديد في الجزائر باحتياطيات 150 مليون برميل
- 6 خطوات لترشيد استهلاك الكهرباء في الصيف.. لن تضطر لإغلاق المكيف
- زيوت نفطلان لعلاج أمراض المفاصل.. الكويت تبرم صفقة نادرة