مطالبات بتأميم شركات الطاقة البريطانية لحل أزمة ارتفاع الفواتير (تقرير)
حياة حسين
- غوردن براون: يجب تمديد الضريبة المفاجئة و تأميم مؤقت للشركات
- أرباح الشركات القياسية تثير استياء المواطنين وسط معاناة الأسعار
- ترشيد الاستهلاك من الحلول المناسبة والأفضل من التأميم
- اتحاد العمال: تكلفة تثبيت الفواتير دون زيادة في الشتاء 44 مليار دولار
ارتفعت أصوات بريطانية تطالب بتأميم شركات الطاقة، بوصفه أحد الحلول التي يمكن أن تسهم في علاج مشكلة ارتفاع أسعار الفواتير، في ظل أزمة طاقة تشهدها البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
وفي الوقت الذي حققت فيه شركات النفط والغاز مكاسب قياسية في المملكة المتحدة، يعاني المستهلكون ضغوط فواتير الطاقة المتصاعدة جراء ارتفاع الأسعار رغم الدعم الحكومي، حسبما ذكر موقع إنرجي فويس (Energy voice)، اليوم الإثنين 22 أغسطس/آب 2022.
وقررت الحكومة البريطانية، في نوفمبر/تشرين الثاني (2021)، تأميم إدارة شركة "بالب" للغاز والكهرباء، مؤقتًا، مع تفاقم أزمة الطاقة، وهو أول تأميم إجباري لشركة بريطانية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تأميم مؤقت
تعالت أصوات عدد من المسؤولين البريطانيين الحاليين والسابقين، مطالبةً بتأميم شركات الطاقة، حتى لو كانت بصورة مؤقتة، في إطار علاج أزمة ارتفاع الأسعار الحالية.
ومن المتوقع أن تزيد فاتورة الطاقة السنوية في المملكة المتحدة للعائلة إلى 3500 جنيه إسترليني في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ثم إلى 4200 جنيه إسترليني في بداية الربع الأول من العام المقبل (2023)، بسبب المراجعات الدورية التي تُجريها هيئة تنظيم الطاقة "أوفغيم".
*الجنيه الإسترليني = 1.18 دولارًا أميركيًا
وقال الوزير الأول، نيكولا سترجون، إن تأميم شركات الطاقة "يجب أن يكون على طاولة البحث".
وكشف رئيس حزب العمال البريطاني، كير ستارمر، الأسبوع الماضي، عن مقترح بتمديد الضريبة المفاجئة، حتى تتمكن الحكومة من تجنيب المستهلكين أيّ زيادة في الفواتير خلال الشتاء المقبل، بمعنى آخر، تثبيت قيمة هذه الفواتير.
ضريبة مفاجئة
فرضت المملكة المتحدة ضريبة مفاجئة على شركات النفط والغاز، في مايو/أيار الماضي، وجّهت حصيلتها إلى دعم فواتير الطاقة للمستهلكين.
وقال وزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، حينها، والذي كان المؤيد الأكبر لفرضها، إن الضريبة المؤقتة سترفع الإيرادات بنحو 5 مليارات جنيه إسترليني (6.2 مليار دولار أميركي) خلال العام المقبل (2023)، من خلال زيادة معدل الضريبة على شركات النفط والغاز إلى 62%، من 40% حاليًا.
وينافس سوناك -حاليًا- وزيرة الخارجية السابقة، ليز تروس، على رئاسة حزب المحافظين، ومن ثم رئاسة الحكومة، خلفًا لرئيس الوزراء المساقيل بوريس جونسون، إذ أظهرت استطلاعات رأي، قبل يومين، تقدُّم تروس على سوناك.
وفي الوقت الذي يطالب فيه بعضهم بتمديد الضريبة المفاجئة، وعدت تروس -حال فوزها برئاسة الحكومة- بخفض الضرائب على شركات الطاقة خاصة، لتحفيز الإنتاج المحلي، وتحقيق استقلال الطاقة وأمنها.
زخم إضافي
كتب رئيس الوزراء البريطاني السابق، غوردون براون، مقالًا في صحيفة "الغارديان" الأسبوع الماضي، يطالب باستمرار ضريبة الأرباح المفاجئة، بجانب تأميم شركات الطاقة بصورة مؤقتة، وحتى انتهاء الأزمة الحالية.
واكتسب مقترح التأميم زخمًا إضافيًا، بعد دخول اتحاد نقابات العمال بمقترح تأميم شركات التوزيع الـ5 الكبرى، المسؤولة عن 70% من إمدادات المنازل، والتي تبلغ قيمتها 2.8 مليار جنيه إسترليني (3.4 مليار دولار أميركي).
ووفق حسابات حزب الخضر، فإن تكلفة تثبيت فاتورة الطاقة في أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل عند 1277 جنيها إسترلينيًا، تبلغ 37 مليار جنيه إسترليني (44.4 مليار دولار أميركي).
وتعفي الحكومة حاليًا الأسر البريطانية من 400 جنيه إسترليني (480 دولارًا أميركيًا)، بالإضافة إلى بعض التسهيلات الأخرى المقدّمة لنحو 8 ملايين أسرة.
ومن وجهة نظر حزب الخضر، تحتاج الحكومة لاتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية الأسر البريطانية من ارتفاع أسعار الطاقة.
شكوك حول التأميم
شكّك أستاذ سياسات الطاقة في جامعة "يو سي إل"، جيم واتسون، بقدرة تأميم شركات الطاقة في بريطانيا على علاج الأزمة الحالية.
وقال، إن ارتفاع تكلفة الفواتير ناجم عن زيادة أسعار الغاز، كما إن تخاذل الحكومة في إجراءات كفاءة استهلاك الطاقة أضعفَ من قدرتها على خفض الطلب.
وأضاف: "أميل إلى التشكيك في تأميم شركات الطاقة في الظروف العادية، فهي تخريبية، وتكلف أموالًا طائلة.. ولأننا لم نؤمم شركات منذ مدة، نسي الناس مشكلات تحويل الشركات للملكية العامة والصداع الناجم عنها".
ويرى واتسون أن مقترح اتحاد نقابات العمال بشأن تأميم الـ5 شركات الخاصة بتجارة التجزئة، يعني نقل مخاطر العمليات التجارية ومشكلاتها، أكثر من تحقيق ربح.
ارتفاع الأسعار
شهدت أسعار النفط والغاز ارتفاعات متواصلة منذ بداية العام الماضي (2021)، تزامنًا مع التعافي من وباء كورونا، وزادت الأسعار إلى مستويات قياسية عقب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، وفرض عقوبات غربية على موسكو، وهي من كبار المنتجين.
وبعد فرض العقوبات، ارتفع سعر برميل النفط إلى 140 دولارًا في مارس/آذار الماضي، قبل أن يهبط ليدور حول 95 دولارًا؛ بسبب مخاوف الركود التي تضرب العالم.
وشاركت مستشارة ومديرة "وات-بوينت"ُ، كاثرين بورتر، واتسون في وجهة النظر المشكّكة في فوائد تأميم شركات الطاقة، قائلة: "رغم أن التأميم خطوة تجد قبولًا شعبيًا كبيرًا، فإنها ستضرّ سوق التجزئة وعروض الشركات الجديدة لزيادة الإنتاج على حدّ سواء".
وأضافت: "الناس محبطة من الارتفاع القياسي لأرباح شركات الطاقة، في الوقت الذي يعانون فيه من زيادة الفواتير، لكنهم لا يعرفون أن تلك الأرباح لم تكن نتيجة لمبيعاتهم في السوق المحلية، بل بسبب الصادرات، وقد فُرضت عليهم الضريبة المفاجئة".
وأوضحت أن تأميم الشركات يبدو من ناحية المبدأ جيدًا، لكنه يستغرق وقتًا طويلًا، ما يعني أنه لن يعالج الزيادة القادمة في أكتوبر/تشرين الأول، ويكلّف أموالًا ضخمة، إذا استُخدِمت في دعم المستهلكين بصورة مباشرة سيكون خيارًا أفضل.
واقترح واتسون وبورتر عدّة بدائل تغني عن تأميم شركات الطاقة، منها رفع كفاءة الاستهلاك، وفصل تكلفة الكهرباء المولدة عن نظام التسعير الحالي، ما يعكس الأسعار المنخفضة للطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- دعم أسعار الوقود في أوروبا.. ألمانيا تتصدر والمملكة المتحدة بالمركز قبل الأخير
- إيقاف تشغيل آبار النفط والغاز في بحر الشمال يكلف المملكة المتحدة 24 مليار دولار
- أهم 10 بنود بقانون تعزيز أمن الطاقة في المملكة المتحدة (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- الاتفاق النووي الإيراني وسوق النفط.. 3 قضايا شائكة تبدد الزخم الإيجابي (مقال)
- حقل غرونينغن.. كيف حرمت الزلازل أوروبا من مصدر مهم للغاز؟
- نقل الغاز إلى أوروبا يشعل المنافسة بين تركيا ومصر.. من يفوز؟