إيران تحذِّر أوروبا من استمرار أزمة الطاقة في الشتاء المقبل (مقال)
أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح
- • محادثات اليوم في فيينا ليست مكانًا لجولة جديدة من المساومات
- • نظرًا إلى استمرار العقوبات لا تؤدي إيران دورًا مهمًا في قرارات أوبك
- • إيران تولي أهمية كبيرة لاستمرار التعاون بين دول أوبك والمنتجين من خارجها
- • عودة النفط الإيراني إلى السوق يمكّنها من الاستجابة لجزء من العملاء
- • تبادل البضائع يُعدّ إحدى إستراتيجيات الحكومة الإيرانية للالتفاف على العقوبات
في اليوم الثاني لجولة المحادثات النووية الجديدة في فيينا، وجهت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانًا قويًا إلى إيران مفاده بأن النص المقترح للاتفاقية "غير قابل للتفاوض"، كان ذلك في 5 أغسطس/آب.
وصرّحت هذه الدول الـ3 -المعروفة باسم "الترويكا الأوروبية" (E3)- بأن "محادثات اليوم في فيينا ليست مكانًا لجولة جديدة من المساومات"، مشيرة إلى أن "هذه المحادثات تُعدّ قضايا تقنية".
في هذا البيان، طلبت مجموعة "الترويكا الأوروبية" من إيران عدم تقديم "طلبات غير واقعية خارج إطار خطة العمل الشاملة المشتركة" من أجل الانتهاء من الاتفاقية قريبًا.
ولم تنتهِ المحادثات النووية حتى الآن، كما أن إيران لم تعد -رسميًا- إلى سوق النفط.
وفي الأسبوع الماضي، عقد اجتماع منظمة أوبك الشهري، في حين كان سعر النفط أقل تقلبًا، ولكن سعر النفط انخفض بعد اجتماع أوبك.
ونظرًا إلى استمرار العقوبات، لا تؤدي إيران دورًا مهمًا في قرارات أوبك، وكانت تبيع النفط للصين فقط في السوق الموازية.
دعوة أوروبا إلى النظر في واردات الطاقة الإيرانية
على هامش الاجتماع الـ30 لمنظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك وحلفائها المعروفين باسم تحالف أوبك+، نصح وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الدول الأوروبية بالتفكير في فصل الشتاء والنظر في واردات الطاقة الإيرانية.
وأكد جواد أوجي أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي أهمية كبيرة لاستمرار التعاون بين دول أوبك والمنتجين من خارج أوبك، وقال إن استقرار تعاون أوبك+ واستمراره يمكن أن يساعد بصفة كبيرة المستهلكين في العالم في الأزمة الحالية.
وتمنّى أوجي أن تتمتع الحكومات الغربية الكبرى بفهم صحيح لهذه الحساسيات، وتتخذ نهجًا عقلانيًا في سبيل تحقيق أمن الطاقة في العالم.
وعلاوة على ذلك، شجّع أوجي ضمنيًا الدول الأوروبية على شراء النفط الإيراني، وأضاف أن "هذا الشتاء مهم جدًا للأوروبيين وللعالم كله، وعليهم التفكير فيه الآن".
وقال أوجي، مدعيًا "عدم تسييس فئة الطاقة بصفتها ضرورة عالمية": إن وضع سوق النفط العالمية يشير إلى أن عودة النفط الإيراني إلى السوق يمكنها من الاستجابة لجزء من العملاء والمساعدة على خلق التوازن والسلام في أسواق العالم".
ووصف أوجي انهيار أمن الطاقة واشتداد تقلبات السوق بأنه "لعبة خاسرة" لجميع الجهات الفاعلة. وأضاف قائلًا إن إيران على استعداد لزيادة إنتاجها من النفط، في أقرب وقت ممكن، إلى مستوى ما قبل العقوبات، بصفتها أكبر مالك لاحتياطيات النفط والغاز في العالم.
وأكد أن استخدام هذه القدرة يتطلّب الإرادة السياسية واتخاذ القرار من قبل الدول المستهلكة.
تحالف أوبك+ يراقب السوق من كثب
أكّد وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، أن تحالف أوبك+ يبدي أعلى مستوى من التعاون، وأن جميع أعضاء أوبك+ تقريبًا لديهم الآراء نفسها حول إنجازات هذا التعاون لاستقرار السوق.
وفي المقابل، تمثّل أزمة الطاقة فرصة جيدة لإيران للحصول على مزيد من التنازلات من الجانب الآخر في المفاوضات النووية.
وترى بعض الجماعات السياسية في إيران أن الغرب لا خيار أمامه سوى تقديم تنازلات في المفاوضات بسبب الحاجة الماسة إلى النفط الإيراني، لأن الدول الغربية تواجه أزمة طاقة، في ظل الوضع الحالي.
وعلى الرغم من الشكوك التي تدور في إيران بشأن طريقة الاستفادة من هذه الظروف، فإن الوضع ليس على هذا النحو، إذ يمكن لإيران الاستفادة من الأزمة المقبلة في أسواق الطاقة الأوروبية.
أهمية رفع العقوبات
في الوضع الراهن، يتوجب على إيران محاولة إقناع الدول الغربية برفع العقوبات المفروضة على صادراتها من الطاقة وتنظيم اقتصادها.
وبدوره، سيساعد تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة في الاقتصاد الإيراني في زيادة الإنتاج في البلاد، ما سيقلّل من ضعف الاقتصاد الإيراني في مواجهة العقوبات. ويتطلب هذا النهج رفع العقوبات ولو بصورة محدودة.
وسيتيح رفع العقوبات عن إيران فرصة لزيادة إيراداتها وإجراء إصلاحات في اقتصادها، الذي لم يحصل على استثمارات كافية منذ بدء العقوبات.
تداعيات الأزمة في أوكرانيا
بالنظر إلى تداعيات الأزمة في أوكرانيا والنزاع الدائر بين روسيا والغرب، تسعى إيران إلى المساومة أكثر للحصول على المزيد من التنازلات.
وعلى الرغم من أن هذا أمر جيد ظاهريًا، فإن إستراتيجية الانزلاق إلى النزاعات قد تنتهي بخسارة فرصة مهمة.
في الوضع الحالي، يمكن لاتفاقية محدودة الوقت أن تمهّد الطريق لاتفاقية طويلة الأمد، ومن الواضح أن إيران تسعى إلى ذلك.
وفي حالة التوصل إلى اتفاق نووي، فإن الولايات المتحدة لن تعود إلى نظام العقوبات تحت ذريعة جديدة.
وهذا يعني نوعًا من الضمان لمستقبل الاتفاقية بأن الولايات المتحدة لن تثقل كاهلها، لأن واشنطن لا تعد مثل هذا الضمان ممكنًا.
النقطة الثانية، هي أن إيران تبحث عن فوائد اقتصادية واضحة من خطة العمل الشاملة المشتركة. ولم تتمكن خطة العمل المشتركة الشاملة من تحقيق منافع اقتصادية لإيران حتى الآن، لأن تداعيات العقوبات، الأولية والثانوية، لا تزال تلقي بظلالها على عمليات تطوير الطاقة.
لهذا السبب، يجب على الولايات المتحدة أن تقبل على الأقل بإلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب أو تعليق تنفيذ هذه العقوبات.
من ناحيتها، اقتصرت الولايات المتحدة على العقوبات المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي ليست مستعدة لإلغائها، ولكن واشنطن تريد، بدلًا من ذلك، تعليق تنفيذ تلك العقوبات كل 180 يومًا بأمر من الرئيس الأميركي.
إيران تبحث عن عملاء جدد
تحاول جمهورية إيران الإسلامية إيجاد عملاء جدد، ويحدث هذا على الرغم من أن العقوبات الدولية لا تسمح -عمليًا- لإيران بالتصدير.
لذلك، يُعدّ تبادل البضائع إحدى إستراتيجيات الحكومة الإيرانية للالتفاف على العقوبات، رغم ما تنطوي عليه هذه الطريقة من تحديات.
وعلى الرغم من تسجيل معدلات تضخم غير مسبوقة، لا يزال المسؤولون الحكوميون الإيرانيون يزعمون أن العقوبات ليس لها تأثير في الوضع الاقتصادي لإيران.
وتحتاج صناعة النفط الإيرانية إلى الاستثمار، إذ يعني تأخير إيران في تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة خفض إنتاج النفط.
وتتمثّل النقطة المهمة في أن إيران لديها إمكان العودة إلى السوق بإنتاج ما يقرب من 4 ملايين برميل من النفط يوميًا، كما فعلت بعد خطة العمل الشاملة المشتركة.
تُجدر الإشارة إلى أن ادعاء وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، بأنه يمكن لإيران العودة بسرعة إلى السوق يتناقض مع ديناميكيات صناعة النفط والغاز الإيرانية.
وعلى الرغم من مطالبة وزير النفط الإيراني بالعودة إلى سوق النفط بكامل طاقته، يجب أن يُوضع في الاعتبار أن إيران حاليًا تصر على موقفها بضرورة إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب.
وتطالب إيران بضمان من الحكومة الأميركية بألا تنسحب الحكومة الأمريكية المقبلة من الاتفاقية.
ومن الممكن لإيران، في حالة إحياء الاتفاقية النووية، أن تبيع جزءًا من النفط المخزن في ناقلات في السوق.
لذلك، يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أن نفط إيران متوفر حاليًا في السوق ويُباع بصفة غير رسمية حتى في بعض الدول الأوروبية.
*الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
اقرأ أيضًا..
- إنتاج أوبك+ يسجل أعلى زيادة شهرية في 5 أشهر بقيادة السعودية وقازاخستان
- أداء قطاع النفط والغاز في عمان خلال 6 أشهر (إنفوغرافيك)
- أرباح صناعة طاقة الرياح تواجه ضغوطًا كبيرة مع ارتفاع التكاليف (تقرير)
- أسعار السيارات الكهربائية على صفيح ساخن.. فورد ترفع أسعارها بأكثر من 8 آلاف دولار