لحل أزمة الغاز في أستراليا.. إنشاء خط أنابيب بقيمة 6 مليارات دولار (تقرير)
نوار صبح
- • فكرة ربط موارد الغاز في أستراليا الغربية بالولايات الشرقية ليست جديدة
- • خط أنابيب الغاز قد لا يتناسب مع مستقبل انخفاض الانبعاثات في أستراليا
- • بعض الخبراء يدْعون إلى ربط موارد الغاز بالولاية بالشبكات الشمالية والشرقية
- • خط أنابيب الغاز الذي يبلغ طوله نحو 3000 كيلومتر لم يكن هو الحلّ
- • مصادر الطاقة المتجددة لم تكن موثوقة بالقدر الكافي لتحلّ محل مصادر الطاقة الأخرى
- إنجاز خط الأنابيب سيستغرق نحو 7 سنوات، ولن يحلّ المشكلات الفورية لارتفاع الأسعار
أثارت فكرة إنشاء خط أنابيب ينقل الغاز في أستراليا بين الغرب والشرق انقسامًا في الآراء بين الخبراء والأكاديميين.
وعلى الرغم من أن فكرة ربط موارد الغاز الطبيعي في ولاية أستراليا الغربية بالولايات الشرقية ليست جديدة، دعا بعض الخبراء مجدَّدًا إلى ربط موارد الغاز الطبيعي بولاية أستراليا الغربية بالشبكات الشمالية والشرقية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويعتقد بعض الخبراء أنه من المنطقي تعزيز أمن الطاقة، بينما يرى آخرون أن خط أنابيب الغاز في أستراليا سيكون مُلغىً بحلول الوقت الذي يُبنى فيه؛ نظرًا للمسار الذي تتخذه البلاد في تحولها إلى مصادر الطاقة المتجددة، حسبما نشرت هيئة الإذاعة الأسترالية (abc.net.au).
أزمة الطاقة والغاز في أستراليا
استجابة لأزمة الطاقة التي تجتاح شرق أستراليا، علّقت هيئة تشغيل سوق الكهرباء الوطنية الأسترالية السوق الفورية للكهرباء بالجملة، واقترحت خبيرتان أكاديميتان من شركة ماكواري الأسترالية، المتخصصة في أعمال البنية التحتية وإدارة الأصول، عدّة حلول.
وأكدت الدكتورة تينا سليمان هانتر والدكتورة مادلين تايلور، من شركة ماكواري، عدم وجود حلّ سحري لتحقيق أمن الطاقة.
واقترحت الخبيرتان الأكاديميتان 3 حلول مترابطة، هي: شحن الغاز من ولاية أستراليا الغربية إلى موانئ الساحل الشرقي، وتطبيق سياسات حجز الغاز المتّبعة في واشنطن، و ربط خطوط أنابيب الغاز في ولاية أستراليا الغربية بباقي أنحاء البلاد.
وحثّتا الحكومة الأسترالية على بناء خط أنابيب للغاز بين الغرب والشرق، وأشارتا إلى أنه لا يمكن لخطّ أنابيب بين الغرب والشرق أن يساعد في معالجة أزمة الطاقة على الساحل الشرقي فقط، بل يمكن أن يحمل الهيدروجين أيضًا في المستقبل.
وأفادت الخبيرتان الأكاديميتان أن بناء خط أنابيب للغاز بين الغرب والشرق كان يُعدّ، طوال سنوات، صعب الإنجاز، ليس تقنيًا، بل تجاريًا، لأن معظم خطوط الأنابيب مملوكة للقطاع الخاص.
التكلفة المرتفعة لخط الأنابيب الغاز
في سبعينيات القرن الماضي، اقترح الوزير في حكومة رئيس وزراء أستراليا غوف وايتلام، ريكس كونور، مدّ خط أنابيب الغاز في أستراليا، من الولاية الغربية إلى الساحل الشرقي، حسب بيانات اطّلعت عليها منصة "الطاقة" المتخصصة.
وقدّرت دراسة جدوى أجريت عام 2017 أن المشروع سيكلف 5.8 مليار دولار لبناء خط أنابيب بطول 2900 كيلومتر من دامبير، في شمال ولاية أستراليا الغربية، إلى مومبا، في جنوب أستراليا، بالقرب من الحدود مع ولايتَي كوينزلاند ونيو ساوث ويلز.
بعد ذلك، قال رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبول، إن ربط موارد الغاز في ولاية أستراليا الغربية بالولايات الشرقية كان بمثابة "فرصة" تدرسها حكومته.
بحلول مايو/أيار 2020، عاد خط الأنابيب بين الغرب والشرق الذي ضمنته الحكومة الفدرالية في جدول الأعمال، بجزء من مسودة تقرير قدّمته لجنة تنسيق مكافحة وباء كوفيد الوطنية لمساعدة الاقتصاد على التعافي من الفيروس.
الغاز ومزيج الطاقة في المستقبل
تشهد مناطق عديدة في أستراليا حالة من الضبابية الشديدة في مجال الطاقة وارتفاع الأسعار، ولذلك ظهرت فكرة إنشاء خط لأنابيب الغاز بين غرب أستراليا وشرقها مرة أخرى، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويعارض بعض الخبراء مواقف الخبيرتين الدكتورة تينا سليمان هانتر والدكتورة مادلين تايلور، من شركة ماكواري الأسترالية، ويتخوفون من أن إنشاء خط أنابيب الغاز بين غرب أستراليا وشرقها غير مُجدٍ تجاريًا.
ويرى معارضو المشروع أن توريد المزيد من الغاز ليس الحل المناسب، في ظل تزايد انتشار مصادر الطاقة المتجددة، والحاجة إلى دعم واضح للسياسة الحكومية.
وأدرك الخبراء المدافعون عن الغاز بصفة وقود انتقالي، خلال التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، التحديات الخطيرة التي ينطوي عليها الأمر، حسبما نشرت هيئة الإذاعة الأسترالية (abc.net.au).
وقال الباحث في مركز ابتكار النفط والغاز بجامعة كيرتن الأسترالية، الدكتور روبرتو أغيليرا، إن معالجة نقص الطاقة في الساحل الشرقي يمكن أن تشمل الاستفادة من موارد الغاز الصخري الضخمة غير التقليدية بولاية أستراليا الغربية في حوض كانينغ.
وأشار إلى اعتماد طريقة مثيرة للجدل للتكسير المائي (الهيدروليكي)، في ضوء الاحتياطيات المقدّرة بنحو 250 تريليون قدم مكعبة.
وتساءل الدكتور أغيليرا عن مدى ملاءمة الغاز الطبيعي لمزيج الطاقة طويل الأجل، إذ تسعى أستراليا إلى تحقيق أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات.
وقال، إذا كان الغاز يؤدي دورًا مهمًا، فإن توصيل هذا الغاز يمكن أن يزيد تكلفة خط الأنابيب على مدى عدّة عقود.
وأضاف أنه في حالة عدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تلبية احتياجات أستراليا من الطاقة بالسرعة التي يأملها الكثيرون، فإن الغاز الطبيعي من حوض كانينغ يمكن أن يساعد في تلبية متطلبات الطاقة محليًا والوفاء بالتزامات التصدير، بوجود حرق نظيف لهذا الوقود الأحفوري.
بدوره، أكد أستاذ الاستدامة في جامعة كيرتن، بيتر نيومان، أن خط أنابيب الغاز في أستراليا، الذي يبلغ طوله نحو 3000 كيلومتر، لم يكن هو الحل الملائم.
وقال البروفيسور نيومان، إنه بحلول الوقت الذي يُنجَز فيه خط أنابيب الغاز، لن تكون هناك حاجة للغاز.
وأشار إلى أن الطاقة الشمسية والبطاريات رخيصة وفعّالة للغاية.
وأضاف أن البطاريات تعمل في غضون أجزاء من الثانية عند وجود خلل في الشبكة، بينما يستغرق تشغيل محطة الكهرباء التي تعمل بالغاز 6 ثوانٍ.
علاج الأزمة على المدى الطويل
تساءلت رئيسة قسم الهندسة والبيئة الحضرية في جامعة غريفيث الأسترالية، روزاليند آرتشر، عمّا إذا كان خط أنابيب الغاز سيعالج قضايا الطاقة على المدى الطويل.
وقالت البروفيسورة آرتشر، إن حلّ أزمة الكهرباء، التي تعاني منها الولايات الشرقية، يستند إلى محطات كهرباء قابلة للتوزيع والنقل.
وأوضحت أن المستقبل المحايد كربونيًا يحتاج إلى تبنّي خيارات تقنية منخفضة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مثل البطاريات، أو ضخّ الهيدروجين، أو توليد وتخزين الهيدروجين على نطاق واسع.
ووجدت دراسة الجدوى التي أجرتها حكومة رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبول لعام 2017 أن خط الأنابيب بين الغرب والشرق لم يكن الخيار المناسب أو المُجْدي اقتصاديًا للتعامل مع مشكلات الإمداد التي تواجه سوق الغاز في شرق أستراليا، ذلك الوقت.
علاوة على ذلك، خلصت الدراسة، التي أجرتها شركة الاستشارات "أسيل ألِن كونسلتينغ" الأسترالية، إلى أن خط أنابيب الغاز كان خيارًا ممكنًا تقنيًا، ولكن المخاطر التجارية والسوقية تمثّل تحديات كبيرة للمشروع.
وأوضحت أن المشروع سيحتاج إلى تأمين التزامات طويلة الأجل من جانب منتجي الغاز في أستراليا، والمشترين لتقليل المخاطر بما يكفي لجعلها قابلة للتطبيق من وجهة نظر التمويل.
وأفادت أن الحالة الضبابية في السوق، ذلك الوقت، التي لا تزال قائمة حتى الآن، لم تكن مواتية لتقديم التزامات تعاقدية طويلة الأجل.
من جهتها، كانت ولاية أستراليا الغربية قلقة بشأن إمدادات الغاز المحلية إلى ولايتها بعد منتصف عام 2020، بسبب الانخفاض المتوقع في إمدادات الغاز من حوض الجرف الشمالي الغربي.
وأشارت الدراسة إلى عدم رغبة ولاية أستراليا الغربية في تحويل الغاز من الحقول الحالية بعيدًا عن الغاز الطبيعي المسال، أو خارج السوق المحلية في ولاية أستراليا الغربية.
عجز معالجة المشكلات الفورية
قدّرت الدراسة، التي أجرتها شركة الاستشارات "أسيل ألِن كونسلتينغ"، أن إنجاز خط أنابيب الغاز سيستغرق 7 سنوات على الأقلّ، وأنه لن يحلّ المشكلات الفورية لارتفاع الأسعار وتراجُع العرض.
ووجدت الدراسة أن خط الأنابيب بين غرب أستراليا وشرقها لا يمكنه معالجة المشكلة قصيرة المدى؛ لأنه يُعدّ حلّا طويل الأمد.
واقترحت الدراسة زيادة العرض على المدى القصير من مضيق "باس"، وإعادة توجيه الغاز من مشروعات الغاز الطبيعي المسال في كوينزلاند إلى السوق المحلية.
أشارت الدراسة إلى تطوير مشروعات الغاز التقليدي والصخري والغاز الحبيس (tight gas) على المدى الطويل، في مناطق مجاورة لشمال غرب ولاية غرب أستراليا.
وأفادت الدراسة أنه في حالة تعذّر تشغيل هذه البدائل بسرعة كافية لتأمين إمدادات الغاز على المدى الطويل للولايات الشرقية، فإن خط أنابيب الغاز بين الغرب والشرق يمكن أن يكون أفضل خيار متاح.
تغير مشهد الطاقة منذ عام 2017
قال كبير المحاضرين بجامعة غريفيث في أستراليا، ألكسندر أكيموف، إن العوامل المحلية والدولية قد تغيرت منذ دراسة الجدوى لعام 2017.
وبيّن أن المخاطر الجيوسياسية، مثل الحرب في أوكرانيا، جعلت من المنطقي بالنسبة لأستراليا ضمان اكتفائها الذاتي من الغاز، وأن فكرة بناء خط أنابيب عبر البلاد يمكن أن يحمل الهيدروجين تستحق المناقشة.
وأوضح أن مصادر الطاقة المتجددة لم تكن موثوقة بما فيه الكفاية لتحلّ محلّ مصادر الطاقة الأخرى.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة الكهرومائية في أفريقيا تتلقى دعمًا دوليًا بـ300 مليون دولار
- خبير دولي: الغاز الإيراني والقطري إلى العراق ضرورة لاستمرار شبكة الكهرباء
- خبير أوابك: وقود الهيدروجين حل مثالي لقطاع النقل.. وتجارب رائدة للإمارات والسعودية