وكالة الطاقة الدولية: الحرب الروسية الأوكرانية تعزز استثمارات الطاقة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الأزمة الروسية الأوكرانية تعطي إشارات تحذيرية حيال ضعف استثمارات الطاقة
- استثمارات الطاقة العالمية قد تنمو 8% في 2022 لتصل إلى 2.4 تريليون دولار
- استثمارات الطاقة النظيفة بدأت "التعافي أخيرًا" وقد تتجاوز 1.4 تريليون دولار
- 90 مليون شخص في آسيا وأفريقيا لم يعد بمقدورهم تحمل تكاليف احتياجات الطاقة
تنظر وكالة الطاقة الدولية إلى الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية باعتباره أحد عوامل دعم استثمارات الطاقة، رغم تسبب الأزمة في ارتفاع أسعار النفط والغاز لتصل إلى مستويات قياسية.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة -في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء، واطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إن الأزمة الروسية الأوكرانية أعطت إشارات تحذيرية حيال ضعف الاستثمارات في قطاع الطاقة خصوصًا الطاقة النظيفة منها، رغم نسبة النمو المتوقعة لاستثمارات الطاقة بنهاية العام الجاري.
وتبرز أهمية روسيا بصفتها أكبر مصدّر للنفط والغاز في العالم، كما أنها تُعدّ أكبر مورد للطاقة إلى القارة الأوروبية.
ومن المتوقع أن تنمو استثمارات الطاقة العالمية بنحو 8% في العام الجاري، لتصل إلى 2.4 تريليون دولار، وفق رؤية وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير.
تعافي الطاقة المتجددة أخيرًا
ترى وكالة الطاقة الدولية، أنه على الرغم من توقع ارتفاع الاستثمار العالمي بقطاع الطاقة بنسبة 8% خلال العام الجاري مدفوعة بزيادة في الإنفاق على الطاقة النظيفة، فإن العالم لا يزال بعيدًا عن قدرته على مواجهة الأزمة العالمية الراهنة، ولا يساعد في تمهيد الطريق نحو التحول السريع إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، والتي وصفها التقرير بأنها الأكثر أمانًا.
ونوهت الوكالة -في تقريرها السنوي عن استثمارات الطاقة العالمية لعام 2022- بأنه ما زالت هناك شكوك حول توقعات الأحداث خلال العام الجاري خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، وتوقعات نمو الاقتصاد العالمي، مع استمرار مخاطر تداعيات فيروس كورونا.
ونتيجة للوضع الراهن في قطاع الطاقة، تعاني الحكومات والشركات موقفًا معقدًا عند التفكير في اتخاذ قرارات بشأن مشروعات الطاقة التي يجب دعمها، ومن شأن ظهور احتياجات عاجلة قصيرة الأجل، أن تسهم في الدفع لاتخاذ قرارات لا تتماشى مع الأهداف طويلة الأجل.
ورأت وكالة الطاقة الدولية، أن الأزمة التي يعانيها قطاع الطاقة العالمي سواء لأسباب متعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية أو غيرها، تدل على أن الحلول الدائمة لمثل هذه الأزمات هو تسريع التحول نحو الطاقة النظيفة من خلال زيادة الاستثمار في كفاءة الطاقة وقطاع الكهرباء والوقود النظيف.
وأكدت الوكالة -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- أن تحول الطاقة يُعد بمثابة عناصر أساسية لخطة الاتحاد الأوروبي نحو تقليل اعتماده على النفط والغاز القادم من روسيا.
ووصفت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها، الاستثمار في الطاقة النظيفة بأنه بدأ في "التعافي أخيرًا"، متوقعة أن يتجاوز 1.4 تريليون دولار خلال العام الجاري، بما يمثل ثلاثة أرباع النمو من إجمالي الاستثمار في الطاقة.
وبحسب التقرير، كان متوسط معدل النمو السنوي للاستثمار في الطاقة النظيفة خلال السنوات الخمس التي تلت توقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 نحو 2% فقط، ثم ارتفع معدل النمو منذ عام الوباء في 2020 إلى 12%، ولكنه أقل بكثير مما هو مطلوب لتحقيق أهداف المناخ.
وبحسب تقديرات وكالة الطاقة، خصصت الحكومات على مستوى دول العالم ما يقدر بنحو 710 مليارات دولار للطاقة النظيفة طويلة الأجل منذ أوائل العام الجاري.
ونوهت بأنه على الرغم من ارتفاع التكاليف في الأشهر الأخيرة، فإن التقنيات النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح تظل الخيار الأرخص لتوليد الكهرباء في العديد من المدن.
كما مثلت أسعار الوقود المرتفعة بصفة كبيرة، مؤخرًا، حافزًا للحكومات في تحسين كفاءة الطاقة، إذ دفعت إلى نمو الاستثمار في كفاءة المباني بنسبة 16% خلال 2021، مع توقعات استمرار الاتجاه التصاعدي نحو زيادة الإنفاق على الكفاءة في العام الجاري.
ومن بين تلك الأمثلة، نمت مبيعات المضخات الحرارية الكهربائية بنسبة 15% خلال العام الماضي، مدفوعة بالاشتعال الكبير في أسعار الوقود، وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
الأسعار خيار صعب
تعتقد وكالة الطاقة الدولية، أن أسعار الطاقة المشتعلة مؤخرًا تُعَدّ أداة صعبة لتعزيز الخيارات الأكثر استدامة، خصوصًا في الدول الفقيرة.
وحذرت الوكالة من أن أسعار الطاقة المترفعة حاليًا من شأنها أن تجعل ملايين الأفراد حول العالم يعانون فقر الطاقة، مشيرة إلى أن ما يقرب من 90 مليون شخص في آسيا وأفريقيا لم يعد بإمكانهم تحمل تكاليف احتياجاتهم الأساسية من الطاقة.
وشددت على أن الدعم المالي والتقني لسد الفجوة بين حصة الاقتصادات الناشئة والنامية فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، بما في ذلك التدفقات الوافدة من أسواق الكربون الدولية، يُعد أمرًا بالغ الأهمية.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن عدم نمو الاستثمار في الطاقة النظيفة بشكل أسرع في الاقتصادات الناشئة والنامية، سيكون بمثابة خطر على الجهود المبذولة لمعالجة تغيرات المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع أن تتجاوز فاتورة الطاقة الإجمالية للمستهلكين حول العالم عتبة 10 تريليونات دولار في 2022 للمرة الأولى، ما يعني أن صنّاع السياسة يقع على عاتقهم ضرورة تخفيف الأعباء على المستهلكين.
استثمارات الوقود الأحفوري
رغم أن اشتعال الأسعار يمثل دافعًا لتسريع جهود التحول نحو الطاقة النظيفة، فإن هذه الأسعار المرتفعة تؤدي -أيضًا- إلى زيادة الاستثمار في الوقود الأحفوري -المتهم الرئيس في مشكلات المناخ- وذلك لتعويض نقص إمدادات الوقود الروسي أو الاستفادة من الأسعار المرتفعة للمنتجين.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تدفع الأسعار المرتفعة إلى زيادة الاستثمار في الوقود الأحفوري، وذلك في إطار التنويع بعيدًا عن الإمدادات الروسية، ولكنه لا يزال أقل بنسبة 30% عما كان عليه في أثناء التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ.
وشهد العام الماضي 2021 استثمار نحو 105 مليارات دولار في سلسلة إمدادات الفحم بوتيرة نمو سنوية 10%، مع توقعات وكالة الطاقة ارتفاعًا جديدًا بنسبة 10% خلال العام الجاري.
وتقود كل من الصين والهند الزيادة في استثمارات الفحم، رغم تعهد بكين بالتوقف عن بناء محطات كهرباء تعمل بالفحم، كما أشارت إلى استهداف الهند لزيادة إمدادات الفحم محليًا لمواجهة الضغوط التي يتعرض لها قطاع الطاقة خلال العام الجاري.
وفي السياق نفسه، اتجهت أوروبا إلى استخدام المزيد من الفحم بصفة مؤقتة؛ نتيجة الظروف الراهنة.
وعلى صعيد استثمارات النفط والغاز، تتجه الشركات الوطنية في منطقة الشرق الأوسط إلى الإنفاق بصورة أكبر على استثمارات النفط والغاز، مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة، بهدف تعزيز الطاقة الفائضة.
وكانت أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية أعلنتا خططًا لزيادة الإنفاق الاستثماري بما يتراوح بين 15 و30% خلال العام الجاري.
واتجهت شركات النفط الروسية إلى التخطيط لزيادات كبيرة في الاستثمارات خلال العام الجاري، ولكن تشهد هذه الخطط تراجعًا -بحسب وكالة الطاقة- نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا.
وتخطط أيضًا شركات النفط الأميركية الكبرى إلى زيادة الإنفاق بأكثر من 30% خلال العام الجاري، إذ توقعت وكالة الطاقة زيادة إنتاج النفط الصخري للولايات المتحدة.
أسواق الغاز تواجه تعقيدًا
تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن ابتعاد أوروبا عن الغاز الروسي يفرض متطلبات جديدة على أسواق الغاز الطبيعي المسال؛ ما يزيد الوضع تعقيدًا.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة -في تقريرها الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة- إن الاستثمارات الجديدة في الغاز المسال تحتاج إلى مدة بناء تتراوح ما بين 3 و 4 سنوات.
كما تثير الأسعار المرتفعة تساؤلات حول توقعات الطلب على الغاز، خاصةً في الاقتصادات النامية التي تُعد حساسة للسعر.
ويأتي ذلك في الوقت التي لا يزال فيه المشترون الآسيويون يقودون الزيادة الحادة في طلبات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات النفط والغاز العالمية تواجه 5 عقبات جديدة (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية: استثمارات الطاقة العالمية قد تنمو 8% خلال 2022
- استثمارات الطاقة النظيفة المحتملة لا تكفي لتحقيق الحياد الكربوني (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- خبير أوابك: وقود الهيدروجين حل مثالي لقطاع النقل.. وتجارب رائدة للإمارات والسعودية
- الفنار السعودية: نستثمر في الطاقة النظيفة المصرية.. وهذا سبب استبعاد المغرب (حوار)
- شركة تسويق النفط العراقي تبحث عن أسواق أوروبية جديدة