الهند تزيد من واردات النفط الروسي الرخيص.. هل تواصل المخاطرة بعلاقاتها الدولية؟ (تقرير)
دينا قدري
تستمر الهند في الاعتماد بشكل رئيس على النفط الروسي، رغم العقوبات الموقعة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، في حين وصفه الكثيرون بتحدٍ صارخ لأوروبا وأميركا.
إذ تستفيد نيودلهي من خصم يصل إلى 35 دولارًا أميركيًا على خام الأورال الروسي الرائد، ما يساعد حكومة ناريندرا مودي في السيطرة على السخط المحلي المتزايد من ارتفاع أسعار الوقود.
وبذلك، تخاطر البلاد بعلاقاتها الدولية بسبب التعامل عبر نظام إس بي إف إس الروسي لنقل الرسائل المالية، الذي اقترحته موسكو على حكومة مودي، بوصفه وسيلة لتجنب نظام سويفت، وهو نظام الرسائل الذي تستخدمه البنوك لنقل الأموال عبر الحدود.
إذا استسلم الاتحاد الأوروبي لإنذار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدول "غير الصديقة"، وسمح لمشتري الغاز بالدفع بالروبل، باستخدام حسابات في البنوك الروسية، فلن يكون هناك شيء استثنائي فيما تقوم به الهند.
إلا أن أخذ زمام المبادرة في تبني ترتيب مؤسسي جديد تمامًا مع موسكو لا معنى له من منظور جيوسياسي، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ في وقت سابق، في تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
النفط الروسي أم المصالح الوطنية
ترى الولايات المتحدة أن الهند هي حليفها المحتمل في تنافسها بين القوى العظمى مع الصين؛ ولكنها ليست علاقة عميقة بعد، وتتطلب بناء الثقة من كلا الجانبين.
كما أن امتناع نيودلهي عن إدانة عدوان بوتين في الأمم المتحدة شيء، وتحريض نظامه على تجنب العقوبات شيء آخر.
إذ ستؤدي الموافقة على فتح قناة رسائل مالية إلكترونية منفصلة مع موسكو، إلى جعل الهند تبدو غير موثوقة بالنسبة إلى الاقتصادات الأكبر بكثير، التي تحتاج أسواقها إلى الانتقال من حالة الدخل المتوسط المنخفض إلى الدخل العالي المتوسط.
ويُعد هذا التحول أكثر أهمية لمصالح نيودلهي الوطنية من خصم 35 دولارًا على النفط، أو صفقة أسلحة مناسبة نظرًا إلى اعتماد الهند على روسيا في المشتريات الدفاعية.
كما أن الموقف لن يرضي الأميركيين. ومع ذلك، فإنه ليس أكثر انتهازية من استمرار أوروبا في شراء الغاز الروسي لأكثر من شهر بعد غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا، حسب بلومبرغ.
وقد تستمر الهند في اختبار تسامح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إذا وافقت على التجارة بالروبية والروبل باستخدام نظام إس بي إف إس الروسي.
صفقات قصيرة الأجل
هذا الوضع طرح سؤالًا مهمًا: ما الذي تحصل عليه نيودلهي في المقابل، إلى جانب النفط الرخيص والمعدات العسكرية مثل بطاريات نظام الدفاع الجوي إس-400؟
وكانت الإجابة "لا شيء كثيرًا في الواقع.. إذا كان هناك أي شيء، فستخسر الكثير". فمثل هذه الصفقات غالبًا ما تكون قصيرة الأجل.
إذ تفتقر إلى السيولة العميقة التي يوفرها الدولار بشكل أساسي، وهو وسيلة تبادل ومخزن للقيمة يقبلها جميع الأطراف المقابلة بحرية - إلا إذا صادف وجودها في روسيا، إذ فقد حتى البنك المركزي إمكان الوصول إلى الكثير من احتياطياته الأجنبية.
وعلى سبيل المثال، اشترت الهند النفط من إيران بموجب الإعفاء من العقوبات الأميركية عن طريق إيداع الروبية في البنوك الهندية، واستخدمت طهران هذه الأموال لشراء الأغذية والأدوية من الهند.
ومع ذلك، بمجرد انتهاء الإعفاء، اضطرت الهند إلى التوقف عن استيراد النفط الإيراني. وتضاءلت الأرصدة في الحسابات، والآن لن تبيع الشركات الهندية الأرز أو السكر أو الشاي إلى طهران لأنها قد لا تحصل على أموالها.
محاولات أميركية لوقف واردات الهند
في محاولة لمنع مشتريات الهند المتزايدة من النفط الروسي، صرحت وزارة الخزانة الأميركية -الثلاثاء الماضي- بأن مسؤولًا في إدارة بايدن توجه إلى الهند للتحدث مع المسؤولين بشأن العقوبات الأميركية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخزانة إن مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية، إليزابيث روزنبرغ، ستزور نيودلهي ومومباي حتى الخميس، حسبما نقلت وكالة رويترز.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخزانة أن زيارة روزنبرغ هي جزء من جهد أوسع لإدارة بايدن للتواصل مع الشركاء والحلفاء في جميع أنحاء العالم، للتحدث مع المسؤولين والصناعة حول تنفيذ العقوبات الأميركية وضوابط التصدير.
وقد تتعرض نيودلهي "لمخاطر كبيرة" بسبب زيادة كبيرة في صادرات النفط الروسي من قبل الهند، في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن لتشديد تطبيق العقوبات على موسكو بعد غزوها لأوكرانيا، بحسب ما صرح به مسؤول أميركي كبير آخر لرويترز في 31 مارس/آذار.
واردات النفط في الهند
أظهرت بيانات هندية حكومية، يوم الثلاثاء الماضي، أن إنتاجية المصافي الهندية من النفط الخام لشهر أبريل/نيسان ارتفعت إلى 5.27 مليون برميل يوميًا، بزيادة بنسبة 8.5% على أساس سنوي.
جاء ذلك نتيجة تكثيف عمليات التشغيل في المصافي، لزيادة العوائد المرتفعة بمساعدة مشتريات النفط الروسي التي تجري بخصومات كبيرة، وفقًا لما نقلته رويترز.
كما أظهرت البيانات الأسبوع الماضي أن واردات الهند من النفط الخام في أبريل/نيسان كانت الأعلى في 3 سنوات ونصف السنة، بشكل رئيس على خلفية ارتفاع التدفقات الروسية إلى الهند.
وزادت الهند وارداتها من النفط الروسي في أبريل/نيسان إلى نحو 277 ألف برميل يوميًا، ارتفاعًا من 66 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار.
وفي هذا الصدد، قال المحلل في وكالة رفينيتيف، إحسان الحق: "المصافي تشتري النفط الروسي الرخيص بقدر الإمكان، ثم تصدر الديزل عالي السعر خاصة إلى أوروبا، إذ ارتفعت أسعار الديزل إلى مستويات عالية بشكل فلكي".
وأضاف أن "المصافي تعزز عملياتها من أجل الاستفادة من هوامش قوية استثنائيًا.. أعمال التكرير هي عمل دوري، ويجب على المصافي جني الأرباح ما دامت هوامش الربحية المرتفعة مستمرة".
اقرأ أيضًا..
- أسعار ناقلات النفط الأوروبية ترتفع لمستوى قياسي في أبريل
- بعد اتجاهها لعقود الغاز طويلة الأجل.. حلول أوابك قد تنقذ أوروبا (تقرير)
- دراسة تحبط خطط المغرب والجزائر ومصر لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا
- لوسيد تستدعي جميع سيارات إير بسبب مشكلات متعلقة بالأسلاك