استثمارات الطاقة في موارد غير مستقرة محفوف بالمخاطر (مقال)
مارك ماثيس - ترجمة: نوار صبح
- • قادة الدول الغربية يضعون جميع أصول الطاقة في عدد قليل من مَحافِظ الاستثمار
- • القادة ينفقون أمولًا طائلة على منشآت غير موثوقة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية
- • استبدال مورد عملاق للغاز الطبيعي بآخر لا يؤدي إلى حل المشكلة
- • أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا ليست سوى أحدث مثال على إدارة الطاقة الضعيفة
عندما يرغب مدير المحفظة الاستثمارية في وضع كل استثمارات الطاقة الخاصة بك في سهم واحد، ووضع بقية الاستثمارات الأخرى في سهم واحد أو سهمَين آخرين، ثم يبلّغ بأن هذه الأسهم ضعيفة الأداء وتندرج في فئة غير مستقرة، فقد يتسبب ذلك بطرده من عمله.
ويعود ذلك إلى أن إستراتيجية مدير المحفظة الاستثمارية تعكس إدارة فاشلة للمخاطر، وهذا يسري على قادة الدول الغربية، إذ يضعون بشكل منهجي جميع أصول الطاقة لديهم في عدد قليل من مَحافِظ الاستثمار عالية المخاطر.
لذلك يجب على مواطني الدول الأوروبية أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال، وأن أن يطرحوا تساؤلات حول هذه الإستراتيجية المحفوفة بالمخاطر منذ سنوات عديدة، عندما بدأ قادتهم إنفاق مبالغ هائلة من رأس المال على منشآت غير موثوقة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وبعد أن زاد قادة الدولة الأوروبية من اعتمادهم على الغاز الروسي، فقد يواجهون أزمات وظروفًا صعبة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولم يعد القادة الأوربيون يريدون استيراد الغاز الطبيعي من روسيا، لذا فهم بحاجة إلى مورد جديد. ويأمل الأوروبيون في أن تحلّ واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة محلّ الإمدادات المفقودة عندما قطعوا اعتمادهم على روسيا، إنه خطأ فادح.
تنويع إمدادات الغاز الطبيعي
ما تحتاجه جميع الدول هو إمداد متنوع لموارد الطاقة التي تتّسم بالاستقرار، وبأسعار معقولة، ويمكن الاعتماد عليها. لذلك، يجب أن تتبع الواردات الإستراتيجية نفسها.
في المقابل، لا يؤدي استبدال مورد عملاق للغاز الطبيعي بآخر إلى حلّ المشكلة، بل قد يزيد الأمر سوءًا في الواقع.
في هذا السياق، يشرح د. أنس الحجي في مناقشة مطولة بتويتر سبب عدم كون الغاز الطبيعي المسال الأميركي هو المنقذ الذي يأمل الأوروبيون أن يكون كذلك، ويمكن للقارئ متابعة سلسلة منشورات د. أنس الحجي في تويتر للاطّلاع على جميع المشكلات المحتملة.
تجدر الإشارة إلى أن أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا ليست سوى أحدث مثال على إدارة الطاقة الضعيفة التي تحدث في جميع دول العالم المتقدمة.
قصور طاقتَي الرياح والشمس
تكمن مشكلة طاقتي الرياح والطاقة الشمسية في أنهما تولدان الكهرباء بما يكفي لربع أو ثلث الوقت فقط، وغالبًا ما تغيبان عند الحاجة إليهما.
علاوة على ذلك، لا توجد طريقة اقتصادية لتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة، لهذا يجب أن يكون التوليد الحراري من الغاز الطبيعي والفحم في وضع الاستعداد لإنتاج الكهرباء عند تعطُّل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتبرز خطورة ذلك خصوصًا عندما يكون الطقس شديد الحرارة أو البرودة؛ إذ يزداد الطلب على الكهرباء بشكل مفاجئ، خلال ظروف الطقس القاسي، ولا تتوافر طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
كتبتُ الأسبوع الماضي عن ضعف شبكة الكهرباء في ولاية تكساس الأميركي؛ لأن الولاية أنفقت عشرات المليارات من الدولارات على توربينات الرياح بدلًا من التوليد الحراري الموثوق.
وأدت موجة الصقيع وما تبعها من انقطاع التيار الكهربائي، في مارس/آذار 2021، إلى أكبر كارثة في تاريخ الولاية، ولم تُحلّ المشكلة، وقد حُرِم العملاء من الكهرباء في الأسبوع الماضي بسبب الطقس الحارّ بشكل غير معتاد وعدم كفاية التوليد.
وأعتقد أن فصل الصيف هذا سيشهد انقطاعًا في التيار الكهربائي.
بدورها، شهدت ولاية كاليفورنيا -الولاية الذهبية-، التي كانت تدعم بشكل كبير طاقة الرياح والطاقة الشمسية لأنها تتقاعد قبل الأوان لتوليد الطاقة الموثوق به، انقطاعًا للتيار الكهربائي لمدة أطول مما شهدته ولاية تكساس.
ومثل أوروبا، جعلت ولاية كاليفورنيا نفسها أكثر اعتمادًا على الواردات التي ستغيب بالضرورة عندما تكون في أمسّ الحاجة إليها، وأصبح انقطاع التيار الكهربائي الآن أمرًا شائعًا في ولاية كاليفورنيا، لدرجة أنه يُنظَر إليها عمومًا على أنها تكلفة المعيشة في الولاية.
إغلاق محطات الطاقة النووية
إذا لم تتفاقم الأوضاع لدرجة كبيرة، فمن المقرر أن تغلق كاليفورنيا آخر محطاتها للطاقة النووية، ديابلو كانيون، قبل الأوان، ما يقلل من تنوع الطاقة في الولاية والموثوقية والقدرة على تحمّل التكاليف.
من ناحيتها، أغلقت ولاية نيويورك قبل الأوان آخر مفاعل في محطة إنديان بوينت للطاقة النووية في أبريل/نيسان من عام 2021.
واستُبدِل توليد الكهرباء هذا بالغاز الطبيعي، لكن نيويورك تتميز بإمدادات محدودة في كمية الغاز التي يمكن أن تنقلها عبر الخطوط، لأن الولاية كانت تصرّ على منع خطوط أنابيب الغاز الطبيعي.
ومن المحتمل أن تشهد نيويورك انقطاعًا للتيار الكهربائي هذا الصيف.
وتكررت القصة نفسها في جميع أنحاء العالم، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي في المملكة المتحدة وأستراليا، وارتفاع أسعار الكهرباء في ألمانيا، وما إلى ذلك.
- مخاطر زيادة اعتماد أوروبا على الغاز الأميركي (مقال)
- كارثة الطاقة في كاليفورنيا.. هل هو الجهل أو العمى الأيديولوجي؟ (مقال)
وتحاول معظم الدول الغربية استبدال سيارات كهربائية بالسيارات والشاحنات التي تعمل بالبنزين والديزل، إنه جنون الطاقة! فإذا انهارت الشبكة الكهربائية، في هذا السيناريو، سينهار جزء كبير من نظام النقل.
إن وظيفة صانعي سياسات الطاقة تشبه وظيفة مديري المحافظ – المتمثلة في تقليل المخاطر ونشر الازدهار من خلال مجموعة متنوعة من الأصول الموثوقة والمتنوعة للغاية، لذلك، يجب طرد أيّ صانع سياسة لا يتبع هذه الإستراتيجية الحكيمة.. فليبدأ الطرد!
* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أوروبا تواجه حظر إمدادات الطاقة الروسية باستثمارات قيمتها 315 مليار دولار
- السيطرة على النفط العراقي.. حلم صيني تحبطه بغداد (تقرير)
- احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي عند أدنى مستوياته منذ 35 عامًا
- أغلى الدول وأرخصها في أسعار البنزين عالميًا.. ليبيا والجزائر في الصدارة