أزمة في تايلاند بسبب تزايد الطلب على الغاز الطبيعي المسال
وسط تراجع إنتاج الحقول المحلية
دينا قدري
يزداد الطلب على الغاز الطبيعي المسال في تايلاند بشكل ملحوظ، نظرًا لانخفاض الإنتاج عبر الحقول المحلية المتقادمة، بالإضافة إلى اعتماد البلاد عليه بوصفه وقودًا انتقاليًا أنظف، على الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية.
إذ بلغت واردات البلاد من الغاز المسال خلال أول شهرين من العام الجاري 1.912 مليون قدم مكعّبة يوميًا، بزيادة 26% عن المدة نفسها من العام الماضي، حسبما أظهرت بيانات من مكتب سياسة الطاقة والتخطيط.
كما ارتفعت واردات فبراير/شباط بنسبة 56% على أساس سنوي، على الرغم من ارتفاع الأسعار الفورية في الشهرين 2.6 مرة عن العام الماضي، وفقًا لما نقلته وكالة فيتش سولوشنز.
عوامل زيادة الطلب على الغاز المسال
حذّر محللو وكالة فيتش -في تقريرهم الأخير- من أنه "يبدو أن شهية تايلاند القوية للغاز الطبيعي المسال ستستمر لمدّة أطول"، مع انخفاض الإنتاج المحلي واستمرار توليد الكهرباء المحلية في الاعتماد بشدة على الوقود، بينما ارتفعت الأسعار الفورية بشكل أكبر في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
إذ أكدوا أن الارتفاع الحادّ في أسعار النفط والغاز العالمية يمثّل مشكلة كبيرة بالنسبة لتايلاند، حسبما نقلت منصة "إنرجي فويس".
وقد بلغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال الفورية في آسيا 30.9 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية منذ بداية العام، ارتفاعًا من 8.6 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية في المدة نفسها من عام 2021.
وأضافت فيتش: "بالإضافة إلى ذلك، فإن التهديدات المتزايدة لتدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب من ميانمار، فضلًا عن تسريع رفع قيود جائحة فيروس كورونا المحلية، ستؤدي إلى زيادة الحاجة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال".
وقالت: "تجلّت مخاوف الإمداد قرب نهاية عام 2021، وضغطت على أسواق الغاز الطبيعي العالمية، وتضخمت الآن عدّة مرات في أعقاب الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا".
وأشارت إلى أنّ تعرُّض شركة النفط والغاز التايلاندية "بي تي تي إي بي" المرتفع للإمدادات الفورية مقارنةً بالمشترين الأكبر عبر آسيا، قد عرّض تايلاند ومستهلكيها بشكل أكبر للتأثيرات السلبية للأسعار، على الرغم من التعرض المباشر المحدود للنفط والغاز الروسي.
تراجع إنتاج حقول الغاز في تايلاند
يتفاقم الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال؛ بسبب انخفاض الإنتاج عبر الحقول المحلية المتقادمة.
إذ تؤكد بيانات إنتاج كل حقل من مكتب سياسة الطاقة والتخطيط، الاتجاهات الهبوطية للإنتاج على المدى الطويل عبر معظم حقول الغاز الأكبر في تايلاند، وأبرزها في حقل إيراوان في خليج تايلاند.
لاحظت فيتش أن "إيراوان هو أكبر حقل غاز في تايلاند، ويمثّل نحو ثلث إنتاجها من الغاز المحلي، على الرغم من أن الإنتاج بلغ ذروته في عام 2014".
ومن المقرر أن تبدأ شركة النفط والغاز التايلاندية المملوكة للدولة "بي تي تي إي بي" تشغيل الحقل بعد أبريل/نيسان 2022، بعد تأمين حقوق الإنتاج والتطوير للحقل في مزاد أُقيم في عام 2018.
ومع ذلك، فإن العملية التي سبقت الاستحواذ المقرر لم تكن سلسة، لا سيما في السنوات القليلة الأخيرة بسبب نزاع قانوني بين المشغّل المنتهية ولايته شيفرون،والحكومة، على رسوم إيقاف التشغيل.
قالت فيتش: "بلغ متوسط إنتاج إيراوان 867 مليون قدم مكعّبة يوميًا في عام 2021، أي أقلّ بنسبة 27% من متوسط الإنتاج في عام 2020، على الرغم من أنه وفقًا لمصادر الصناعة، يُعتقد أن الإنتاج الحالي أقلّ بكثير عند نحو 500 مليون قدم مكعّبة يوميًا".
وتابعت: "حتى إذا جرت استثمارات إضافية من بي تي تي إي بي، فبمجرد اكتمال الاستحواذ على الحقل الشهر المقبل، من غير المرجح أن يشهد إنتاج الحقل انتعاشًا كبيرًا نظرًا لطبيعته الناضجة.. هذا مصدر قلق كبير لتايلاند، إذ تنضج أصولها البحرية وتستمر الجهود المبذولة لفتح مساحات استكشافية جديدة في الخارج بتحقيق نجاح محدود".
الغاز المسال وقود انتقالي
مثل العديد من الأسواق في آسيا، تعهدت تايلاند بأهداف طموحة لإزالة الكربون على مدى العقود المقبلة، جزءًا من تدابير أوسع لمكافحة تغير المناخ، بحسب فيتش.
وبالإضافة إلى التعهد بالحياد الكربوني بحلول عام 2065، تدعو خطة الطاقة الوطنية 2022 المنشورة حديثًا إلى الحصول على حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج التوليد الإجمالي، لتصل إلى ما لا يقلّ عن 50% بحلول عام 2050، ارتفاعًا من نحو 20% في الوقت الحالي.
وقالت فيتش: "على الرغم من ذلك، كانت الحكومة مصرّة في الوقت نفسه على الدور الرئيس الذي تتوقع أن يؤديه الغاز الطبيعي (وبالتالي الغاز الطبيعي المسال) للمضي قدمًا في العمل بوصفه وقودًا انتقاليًا أنظف".
كما تعوّل البلاد على الغاز المسال لتوفير فرص عمل جديدة للشركات المحلية بما في ذلك "بي تي تي"، مثل التزوّد بوقود الغاز الطبيعي المسال وإعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال الإقليمي واحتجاز الكربون وإنتاج الهيدروجين.
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي يتخطى هجرة الشركات الكبرى.. وهؤلاء أبرز المتداولين
- أوروبا تتفاوض لاستيراد الغاز الإسرائيلي بعد تسييله في مصر (خاص)
- الأمم المتحدة: الطاقة المتجددة هي المستقبل.. وهذه 5 إجراءات لتسريع انتقالها
- هيونداي تستثمر 16.5 مليار دولار في إنتاج السيارات الكهربائية
