التقاريرتقارير الغازروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغاز

الغاز المسال الأميركي.. هل ينجح في مكافحة تغير المناخ ولجم الدب الروسي؟

بصفته بديلًا أكثر نظافة من الفحم

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • الغاز الطبيعي بديل آمن للفحم الذي سجّل أعلى مستويات الاستهلاك العالمي في 2021
  • صادرات الغاز الأميركي يمكنها إزاحة ثلث الفحم العالمي خلال 20 عامًا
  • انبعاثات الفحم تجاوزت 500 مليون طن سنويًا
  • صفقة التصدير إلى أوروبا تدعم قدرات التصدير بنسبة 40% في 2030

جاءت صفقة الغاز المسال الأميركي لأوروبا برعاية الرئيس جو بايدن، المُعلَنة في 25 من شهر مارس/آذار الماضي، لتناقض المقومات التي انتُخِبَ على أساسها، وكونه "راعيًا لوقف استكشافات النفط والغاز الطبيعي الجديدة بالولايات المتحدة".

وللوهلة الأولى نُظر للصفقة على أنها خطوة تهدف لدفع الاتحاد الأوروبي نحو حظر واردات الطاقة الروسية، غير أنها فتحت المجال أمام طرح الغاز المسال الأميركي بديلًا أكثر نظافة من الفحم.

وفي ظل نمو معدلات استهلاك الفحم لمستويات قياسية متوقَّعة زيادتها بوتيرة أكبر في حال عدم تقديم مصدر بديل للوقود والكهرباء، وُجّهت انتقادات لمبعوث المناخ الأميركي جون كيري، لمهاجمته دور الغاز المسال الأميركي بدلًا من دعم قدرات التصدير.

بديل نظيف للفحم..

سجل عام 2021 أعلى مستويات الاستهلاك العالمي للفحم، وسط توقعات بزيادة تلك المعدلات 2% العام الجاري، واستمرارها في مستويات قياسية حتى عام 2024، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.صادرات الغاز المسال الأميركي لأوروبا

وتكشف بيانات استهلاك الفحم عمق الفجوة بين الأهداف المناخية وحقيقة أمن الطاقة التي تفرض نفسها على المشهد.

وبينما تعاني أسواق الطاقة العالمية من اضطرابات، زادت عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، يرى بعضهم أن الحديث عن طرح مصادر الطاقة المتجددة بديلًا للفحم في الآونة الحالية محض خيال.

ويُشكّل الغاز الطبيعي مرحلة وسطى ما بين عدم قدرة المصادر المتجددة حاليًا على تلبية الطلب العالمي، وبين لجوء الغالبية للفحم بديلًا أقلّ سعرًا وأكثر وفرة، رغم كونه من أكبر الملوثات، وفق معنيين بقطاع الطاقة.

عالميًا، تخطت انبعاثات الفحم 500 مليون طن سنويًا، بما يعادل 48% من انبعاثات الطاقة، وهي مستويات تتجاوز مستويات ما قبل جائحة كورونا عام 2019.

وفي بقعة أخرى من العالم، تسعى الصين الواقعة شرق آسيا إلى تعزيز نشر الفحم لإنقاذ الاقتصاد -رغم إعلان الحكومة وقف تمويل مشروعات الفحم الخارجية في سبتمبر/أيلول الماضي-، بينما دعا أحد الأحزاب الصينية لزيادة الإنتاج بمعدل 300 مليون طن من العام الجاري، وهي نسبة تزيد 7% عن إنتاج العام الماضي.

قدرات الغاز المسال الأميركي

بخفض الاعتماد على الفحم وإحلال الغاز الطبيعي محلّه في أميركا، سجّل معدل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري انخفاضًا لمستويات غير معهودة منذ تسعينيات القرن الماضي.

وتؤهل تلك النتائج الغاز المسال الأميركي ليجوب العالم بديلًا للفحم، لكن جون كيري –الذي عُيّن لتبنّي أهداف إدارة بايدن المناخية- عكف على مهاجمته، بينما يخوض رحلاته المناخية عبر طائرات مُزوّدة بوقود مُنتَج من المشتقات النفطية.

ورأى الرئيس التنفيذي لشركة إي كيو تي، أكبر مُنتِج للغاز في أميركا، توبي رايس، أن الغاز المسال الأميركي يكتسب أهمية مناخية تدفعه ليكون أكبر الأسلحة العالمية في مكافحة تغير المناخ.

وأضاف أن تعزيز صادرات الغاز المسال الأميركي يمكّنها من إزاحة ما يقرب من ثلث إنتاج الفحم بالعالم خلال الأعوام الـ20 المقبلة.

لكن -ومن جهة أخرى- يرى رايس أن صادرات الغاز المسال الأميركي تؤدي دورًا سياسيًا في الآونة الحالية؛ إذ تُوفر الإمدادات لأوروبا، وتخفض معدل سيطرة واردات الطاقة الروسية على الخريطة السياسية والمواقف الأوروبية.

أكبر مصدري الغاز المسال في 2021

غاز صديق للبيئة!

فيما يتعلق بالدور البيئي، أكد توبي رايس أن نقطة انطلاق رحلة الحياد الكربوني العالمية بحلول 2050 تبدأ من تحقيق الاستفادة من الغاز المسال الأميركي بصفته بديلًا عالميًا للفحم الملوّث، حسبما نقلت عنه مجلة فوربس الأميركية.

وأشار إلى أن استهلاك الغاز المسال الأميركي بمعدلات الفحم السابقة ذاتها، يمكنه تحقيق مكاسب بيئية تعادل نشر السيارات الكهربائية على الطرق الأميركية بنسبة 100%، وتزويد الأنظمة الشمسية على الأسطح للمنازل الأميركية كافة بالإمدادات، بجانب تركيب 54 ألف طاحون هوائية (أي ما يعادل ضعف طاقة الرياح الأميركية حاليًا).

وأضاف رايس أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي في أميركا يجنّب الحكومة إنفاق مئات المليارات المخصّصة للدعم، بخلاف المصادر المتجددة.

ومن هنا جاءت الانتقادات الموجّهة لجون كيري، الذي يتجاهل المنافع البيئية من الاعتماد على الغاز الطبيعي بدلًا من الفحم، سواء في أميركا أو العالم، بينما عَدَل بايدن ذاته عن التمسك بخططه المناخية لدى تعارضها مع الوضع السياسي في أوروبا.

الصفقة الأوروبية

تدفع صفقة تصدير الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا التي أُعلنَتْ أواخر الشهر الماضي، نحو التوسع في قدرات التصدير بنسبة 400% عام 2030، حتى تتمكن من تلبية الطلب الأوروبي.

لكن طموحات التصدير لأوروبا التي أعلنها الرئيس الأميركي افتقرت لأيّة ملامح حول خطط تأهيل البنية التحتية للنقل والتصدير، في الوقت الذي تعكف خلاله الشركات والمؤسسات الأميركية على التحول التدريجي تجاه المصادر المتجددة، وتغلق منشآت الوقود الأحفوري، ومنها الغاز الطبيعي.

ويواجه تصدير الغاز المسال الأميركي لأوروبا عقبة كبرى، تتمثل في تحديدها سقفًا زمنيًا للتصدير يقتصر على 10 سنوات بحدّ أقصى؛ ما يسبّب عزوف المستثمرين وخفض شهية الاستثمار في البنية التحتية للنقل والتصدير.

إذ تستغرق تلك المنشآت عمرًا تشغيليًا قد يتراوح بين 30 و40 عامًا، وحين غلقها ستواجه تحدّيات اتفاقيات الاستثمار وتقاعد العاملين وغيرها من العوامل التي قد تعطّل الأهداف المناخية.

وحول بنود الصفقة، يتضمن الاتفاق تصدير الغاز المسال الأميركي للاتحاد الأوروبي بكميات تصل إلى 50 مليار متر مكعب حتى عام 2030، تُخصص أميركا 15 مليار متر مكعب منها إمداداتٍ خلال العام الجاري.

ضربة لروسيا رغم المخاطر

نجحت صفقة صادرات الغاز المسال الأميركي في إنقاذ أوروبا على الصعيد السياسي، إذ يدعم تحررها بعيدًا عن الإمدادات الروسية إمكان اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارات أشدّ جرأة وصرامة حيال عقوبات غزو أوكرانيا.

الغاز المسال الأميركي
د. أنس الحجي

لكن اعتماد أوروبا على الغاز المسال الأميركي مقرون بمخاطر، أبرزها ارتفاع تكلفته مقارنة بالغاز الروسي، خاصة أن الصفقة تتضمن شحنات عبر السوق الفورية، وليس العقود طويلة الأجل.

ونظرًا لارتباط أسعار الغاز المسال الأميركي بأسعار النفط، فإن مخاوف أُثيرت من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي داخل أميركا، ما يقلل الميزة التنافسية له، وفق ما أورد خبير اقتصادات وسياسات الطاقة مستشار تحرير "الطاقة نت"، الدكتور أنس الحجي، في مقال له نُشر في المنصة في 6 أبريل/نيسان الجاري.

ورأى الحجي أن الغاز المسال الأميركي يعدّ بديلًا "غير آمن" للغاز الروسي في أوروبا، خاصة في ظل التقلبات السياسية، وارتفاع تكلفة الشحن والنقل، وإمكان تعرّض الشحنات أو إمدادات الكهرباء لهجوم سيبراني يُلقي بظلاله على أمن الطاقة في أوروبا.

حجم الصادرات

تؤدي إمدادات الغاز المسال الأميركية دورًا مهما في أوروبا، سواء قبل الغزو الروسي لأوكرانيا أو بعده، وبرزت واشنطن مُورِّدًا عالميًا وموثوقًا؛ بعدما طرحت نفسها بديلًا لتعويض غياب الإمدادات الروسية.

وامتلأت محطات التصدير الـ6 للمرة الأولى في أميركا في مارس/آذار الماضي، وإجمالًا تجاوزت صادرات الغاز المسال الأميركي 60 مليار متر مكعب منذ أبريل/نيسان حتى مطلع العام الجاري.

وقبيل الغزو، احتلّت أميركا المرتبة الأولى في صادرات الغاز لأوروبا خلال العام الماضي بنسبة 26%، متفوقة على قطر وروسيا، في حين بلغت صادرات الغاز المسال الأميركي 1.98 مليار متر مكعب يوميًا خلال شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري.

وفي ظل ارتفاع الصادرات الأميركية إلى أوروبا، سجلت واردات الغاز الروسي انخفاضًا إلى 3.2 مليار متر مكعب يوميًا، العام الماضي.

وتعوّل أوروبا على واردات الغاز المسال الأميركي لخفض عجز الإمدادات، خاصة وأن مثيلتها الروسية أصبحت غير آمنة، بعدما ردّت موسكو على حظر إنتاجها من الفحم في أوروبا، بدءًا من 10 أغسطس/آب المقبل، بوقف ضخ ّالغاز إلى بولندا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق