انقطاع الكهرباء.. كابوس إيراني رغم توافر الموارد (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: أحمد بدر
واجهت إيران انقطاع الكهرباء في السنوات الأخيرة، على الرغم من مواردها الهائلة من النفط والغاز، وإمكاناتها الكبيرة في مجال الطاقة المتجددة.
في الصيف الماضي، وحتى قبل ذلك، في شتاء 2020، تسبَّب انقطاع الكهرباء في إيران بحدوث الكثير من المشكلات للناس، وقال وزير الطاقة الأسبق رضا أردكانيان، في يونيو/حزيران 2021، إن الخلل في إنتاج واستهلاك الكهرباء هذا الصيف هو 12 ألف ميغاواط.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، صرّح البرلمان الإيراني، في تقرير، بأن القدرة العملية لتوليد الكهرباء بالبلاد في ذروة الصيف الماضي كانت 56 ألف ميغاواط، والاستهلاك في الذروة 66 ألفًا و400 ميغاواط.
وهي زيادة غير مسبوقة في الاستهلاك؛ نتيجة نمو استهلاك الصناعات بمقدار 1500 ميغاواط، واستخراج العملات المشفرة باستهلاك أكثر من 2000 ميغاواط، وزيادة غير مسبوقة في درجات الحرارة، وجفاف غير مسبوق يقلل من هطول الأمطار، وأكثر من نصف محطات الطاقة الكهرومائية خارج دائرة الإنتاج، ومن بين العوامل التي ترجع إلى عدم التوازن في إنتاج واستهلاك الكهرباء.
وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الأسبوع الماضي، إن طهران تحتاج إلى 80 مليار دولار على مدى السنوات الـ8 المقبلة، للتزود بالغاز الطبيعي، محذرًا من تكرار أزمة انقطاع الكهرباء التي حدثت العام الماضي.
استثمارات الطاقة
خلال السنوات الأخيرة، عجزت إيران عن جذب الاستثمارات الأجنبية في مشروعات الطاقة بسبب العقوبات وانعدام الأمن السياسي والاقتصادي في البلاد، إذ أدى نقص الاستثمارات التي تهدف لتحسين منشآت النفط والغاز إلى نقص الطاقة وانقطاع الكهرباء في البلاد ببعض أشهر العام.
وبسبب احتمال انقطاع الكهرباء في الأشهر المقبلة، أبرمت الحكومة الإيرانية عقودًا مع دول مجاورة لشراء الكهرباء، بينما في فبراير/شباط، ادّعى وزير الطاقة أن بلاده يمكن أن تصبح مركزًا للطاقة في المنطقة، بناءً على الموقع الجغرافي.
وقال مصطفى رجبي مشهدي، المتحدث باسم صناعة الكهرباء الإيرانية، إنّ عقودًا وُقِّعَت مع تركمانستان وأرمينيا، وإن طهران ستستورد الكهرباء قريبًا من أذربيجان، التي يمكن أن تولّد ما مجموعه 500 إلى 600 ميغاواط من الكهرباء.
وبحسب مصطفى رجبي، ستصل الحاجة إلى استهلاك الكهرباء بحسب التقديرات إلى 70 ألف ميغاواط هذا الصيف، ما يُظهر نموًا بنسبة 4.46%، مقارنة بذروة العام الماضي.
وطوّرت إيران 100 خطة تشغيلية لتعويض عدم التوازن بين إنتاج واستهلاك الكهرباء، إذ جرت صياغة هذه الخطط وإعلانها في 4 محاور، وهي تتضمن تخطيط مقاييس إمدادات الكهرباء، والاستهلاك وإدارة الطلب، وإعداد شبكة الكهرباء الوطنية، والتخطيط والإدارة.
وقال متحدث باسم صناعة الكهرباء، إن نحو 6 آلاف ميغاواط هو مجموع محطات الكهرباء الجديدة، أو رفع الطاقة الإنتاجية للمحطات القديمة، التي يمكن أن تنتج المزيد عن طريق تحديث المعدّات وتركيبها، لكن لا يزال هناك خلل يهدد بحدوث انقطاع الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، وُضعت خطط أخرى لاستخدام محطات الطاقة الكهرومائية، وعلى الرغم من حقيقة أن قدرة هذه المحطات قد انخفضت بنسبة 10% بسبب الجفاف غير المسبوق مقارنة بالعام الماضي، "فإننا سنواصل لاستخدام محطات الطاقة هذه لتوفير الكهرباء".
كفاءة محطات الكهرباء
واحدة من المشكلات الرئيسة لصناعة الكهرباء في إيران هي الكفاءة المنخفضة للمحطات، ففي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت طهران لأول مرة وصول كفاءة محطات الطاقة الحرارية الإيرانية إلى 39%.
وقبل عامين، كانت كفاءة محطات الطاقة الحرارية الإيرانية 36.5%، وفقًا لوزارة الطاقة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرقم أقلّ من نصف كفاءة محطات الطاقة الحرارية المتقدمة في العالم، ومن ثم فإن نصف الوقود الذي تستهلكه يُهدر عمليًا، وعلى الرغم من كل الجهود، لا تزال كفاءة محطات الطاقة الحرارية في إيران أقلّ من المعيار العالمي.
وتعدّ زيادة إنتاجية محطات توليد الكهرباء وتقليل كمية الوقود المستهلك والاستخدام الأمثل للوقود المخصص لمحطات الطاقة الحرارية في الدولة من أهم فوائد زيادة كفاءة محطات الطاقة الحرارية.
ووفقًا لخطة التنمية السادسة (2016-2021)، يجب إضافة 25 ألف ميغاواط لقدرة محطات توليد الكهرباء في إيران، منها 3700 ميغاواط سنويًا، وإجمالي 18 ألفًا و500 ميغاواط تتعلق بمحطات الطاقة الحرارية.
وأيضًا، وفقًا لخطة التنمية السادسة الخمسية، يجب على الحكومة زيادة حصة محطات الطاقة المتجددة والنظيفة إلى 5% على الأقلّ، بحلول نهاية الخطة، لكن وفقًا لمتحدث باسم منظمة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فقد وصلت الحصة الآن إلى 1%، وهو ما يتخلّف لسنوات منذ بدء البرنامج.
مشكلات الطاقة المتجددة
حالت مشكلات عديدة دون تحقيق الإدارة الإيرانية السابقة لأهدافها في مجال الطاقة المتجددة.
فبالإضافة إلى قضية العقوبات واستحالة استقطاب الشركات الأجنبية، جعلت تقلذبات أسعار الصرف في السنوات الأخيرة، وعدم جاذبية الطاقة المتجددة، وأسعار الكهرباء غير العادلة، من المستحيل استخدام الإمكانات الكبيرة لقطاع الطاقة المتجددة.
ويبدو أن انقطاع الكهرباء في الصيف سيكون مؤكدًا بسبب العديد من المشكلات، منها ارتفاع مستوى الاستهلاك المحلي.
ولا تعدّ أزمات، مثل تغيير أنماط الاستهلاك، وتحسين شبكة النقل، وزيادة كفاءة محطات الكهرباء وزيادة قدرة التوليد، مشكلات يمكن لإدارة رئيسي حلّها على المدى القصير، دون مراعاة السياسة الخارجية لإيران.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
اقرأ أيضًا..
- فاتورة واردات النفط الخام في الهند تتضاعف إلى 119 مليار دولار في 2022
- الطلب على الفحم.. أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا تعيد الوقود الملوث إلى الواجهة
- المعادن الأرضية النادرة.. تقنية جديدة تساعد على استخراجها من نفايات الفحم