تلوث الهواء.. الهند تتصدر قوائم العالم للسنة الرابعة (تقرير)
46 دولة في جنوب آسيا من بين الـ50 الأعلى تلوثًا حول العالم
أحمد بدر
للعام الرابع على التوالي، تتصدر الهند قوائم الدول الأعلى في تلوث الهواء، وذلك في مؤشر "آي كيو إير" لعام 2021، الذي تصدره هيئة مراقبة جودة الهواء السويدية، التي تراقب جودة الهواء على مستوى العالم، والتي أشارت إلى أن جنوب آسيا المنطقة الأكثر خطورة في العالم.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد صنفت مدينة نيودلهي الهندية في عام 2014 على أنها واحدة من أكثر المدن تلوثًا في العالم، بسبب مستويات خطيرة من التلوث بالجسيمات الدقيقة، المعروفة باسم "بي.إم 2.5"، لتجسّد المدينة منذ ذلك الوقت المرادف الحقيقي لمصطلح الهواء الخطر.
وقال تقرير مراقبة جودة الهواء "آي كيو إير"، إن نيودلهي عادت مجددًا ضمن أكثر المدن تلوثَا على المستوى العالم، والعاصمة الأكثر تلوثًا للعام الرابع على التوالي، وفق ما نقلت عنه منصة "إنسايد كلايميت نيوز".
وبينما تتصدّر نيودلهي المدن التي تشهد تلوث الهواء بدرجات خطيرة، فإن أزمة الهواء القاتل ليست مقتصرة على نيودلهي أو الهند عمومًا، إذ أشار مؤشر جودة الهواء إلى أن هناك 46 مدينة من أصل أكثر 50 مدينة هي الأكثر تلوثًا على كوكب الأرض، تقع في جنوب آسيا.
تلوث الهواء في جنوب آسيا
وجد التقرير الذي يركز على تلوث الهواء وجودته، أن جنوب آسيا هي المنطقة الأكثر تلوثًا في العالم، إذ تتضافر انبعاثات عوادم المركبات والتجارة وحرق مخلفات المحاصيل بعد موسم الحصاد، والطهو في المنزل باستخدام الوقود الصلب، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور جودة الهواء بشكل خطير.
قالت طالبة الدكتوراة في جامعة دكتور بي آر أمبيدكار في دلهي، رينو سينغ، إنها عاشت في دلهي معظم حياتها، وشهدت نمو المدينة لتصبح منطقة حضرية تضم أكثر من 30 مليون شخص، مع التوقعات بأن يتجاوز عدد سكانها سكان طوكيو بحلول عام 2030، ستزداد مشكلة تلوث الهواء.
ووفقًا لتقرير مؤشر جودة الهواء لعام 2019، فإن سكان نيودلهي سيخسرون نحو 9 سنوات من متوسط أعمارهم، إذا استمرت مستويات تلوث الهواء كما هي.
في الوقت نفسه، تربط منظمة الصحة العالمية العديد من عوامل الخطر الصحية قصيرة وطويلة المدى بالتعرض للجسيمات الدقيقة "بي.إم 2.5"، وهي جزيئات صغيرة من التلوث أصغر من 2.5 ميكرون، أي نحو 1 على 30 من قُطر شعرة الإنسان، وتسبّب تهيّج العينين والأنف والرئتين، وتؤدي إلى تفاقم الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وتزيد من مخاطر الوفاة بسرطان الرئة وأمراض القلب.
وتأتي هذه الجزيئات من عوادم السيارات وحرق الوقود مثل الخشب وزيت التدفئة أو الفحم، ومن حرق المصادر الطبيعية مثل العشب، وحرائق الغابات.
ويُقدّر تقييم المخاطر المقارن لعبء المرض العالمي أن التعرض لتلوث الهواء أسهم بأكثر من 1.6 مليون حالة وفاة في الهند، و128 ألف حالة في باكستان، و123 ألف حالة وفاة في بنغلاديش، وفي عام 2020، حدثت أكثر من 50 حالة وفاة في نيودلهي ناجمة عن تلوث الهواء.
أكثر أنواع الهواء سمّية في العالم
من بين عواصم الدول الرئيسة الأخرى في جنوب آسيا، والتي تعدّ الأكثر تلوثًا في العالم، كل من دكا في بنغلاديش، وكاتماندو في نيبال، وإسلام أباد في باكستان، وكابول في أفغانستان، إذ دخلت هذه العواصم ضمن أكثر 15 عاصمة تشهد تلوث الهواء في 2021.
وأوضح التقرير أن الناس في جميع أنحاء جنوب آسيا يفقدون سنوات من حياتهم بسبب استنشاق أكثر أنواع الهواء سمّية في العالم، موضحًا أن المنطقة الساخنة التي تحتوي على هذه المستويات المرتفعة بشكل مثير للقلق، هي سهل الغانج الهندي، وهو عبارة عن أرض تمتد بطول 700 كيلومتر، وتضم السهول الفيضية لنهر السند والغانغا-براهمابوترا في شمال وشرق الهند، وباكستان وبنغلاديش وجنوب نيبال.
ويقدّر مؤشر جودة الهواء بجامعة شيكاغو أن مستويات جودة الهواء الخطرة قد خفضت متوسط العمر المتوقع في جميع أنحاء سهل الغانج الهندي بمقدار 7 سنوات، إّ يُعدّ السهل أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وهو موطن لأكثر من 500 مليون شخص، ومركز للنشاط الاقتصادي الصغير والمتوسط والواسع النطاق في جنوب آسيا.
ووفقًا للتقرير، فإن جودة الهواء في هذه المنطقة غير الساحلية، غالبًا ما تتراوح بين المستويات غير الصحية والخطيرة، لافتًا إلى أن مؤشر جودة الهواء الذي تستخدمه وكالة حماية البيئة الأميركية يصنّف حجم تلوث الهواء بمقياس من 0 إلى 100 نقطة، أيّ شيء أعلى من 151 غير صحي، وفوق 201 غير صحي للغاية، وما فوق 301 فهو خطير.
ونادرًا ما تنخفض مستويات جودة الهواء في سهل الغانج الهندي إلى أقلّ من 100 في أيّ وقت خلال العام، ولكن خلال فصل الشتاء غالبًا ما تتجاوز حاجز 150 نقطة.
عوادم السيارات وتلوث الهواء
تتصاعد في نيودلهي والمدن الكبيرة الأخرى بالمنطقة سحب داكنة من العوادم، إذ إن الشوارع تختنق بالسيارات الجديدة والقديمة وسيارات الأجرة والشاحنات والحافلات والدراجات النارية.
وكانت حكومة نيودلهي قد أعادت إدخال قاعدة "أود إيفين"، وهي سياسة لتقنين مساحة الطريق قُدِّمَت لأول مرة في بكين في عام 2008 للحدّ من عدد السيارات على الطريق في الأيام الضبابية بشكل خاص، وبموجب هذه القاعدة يُسمح للسيارات التي تحمل أرقام تسجيل فردية أو زوجية بالوجود على الطرق في الأيام الفردية والزوجية من الأسبوع، بشكل متوالٍ.
وفي عام 2019، شككت المحكمة العليا في الهند في فعالية القاعدة، مستشهدةً بالإعفاءات العديدة للمركبات ذات العجلتين والـ3 عجلات، في حين نفّذت مدينة كاتماندو في العام نفسه القاعدة خلال يومي افتتاح واختتام دورة ألعاب جنوب آسيا.
وبحسب التقرير، تعدّ مدينة لاهور الباكستانية ثاني أكبر مدن البلد تلوثًا، إذ تضم أكثر من 11 مليون نسمة وأكثر من 5 ملايين مركبة مسجلة، لذا فهي تعاني من مستويات تلوث الهواء تماثل الموجودة في دلهي، وتفتقر إلى أيّ نوع من السياسات الشاملة الخاصة بمعالجة التلوث الناجم عن النقل.
حرق مخلفات الزراعة
في كل شتاء، مع اقتراب موسم الرياح يشغّل المزارعون في جميع أنحاء شمال الهند والمناطق المجاورة في باكستان النيران في السيقان والأوراق وغيرها من مخلّفات الحصاد على آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية.
ومع انحسار الأمطار، تزداد كثافة الرياح ويصبح الطقس أكثر جفافًا، ويخنق الدخان المناطق المختلفة، إذ يسهم حرق ما بعد الحصاد في البنجاب على جانبي الحدود الهندية الباكستانية وفي ولاية هاريانا في الهند بشكل كبير بتدهور نوعية الهواء في سهل الغانج الهندي.
ويشير التقرير إلى أن استعدادات المزارعين للزراعة في الموسم المقبل أدت إلى وصول تلوث الهواء في كل من جانبي باكستان والهند من سهل الغانج الهندي إلى مستويات خطرة تزيد سماكتها عن 10 أضعاف المستويات العادية للجسيمات الدقيقة التي سبق أن حددتها منظمة الصحة العالمية.
واشتعلت النيران في أكثر من 4 آلاف رقعة زراعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على امتداد نحو 409 كيلومترات من الأرض بين دلهي ولاهور.
اقرأ أيضًا..
- المغرب يخطط لتصدير الهيدروجين عبر خطوط الغاز إلى أوروبا
- تطورات محطة الضبعة النووية.. وتكنولوجيا تضع مصر في المرتبة الثالثة (خاص)
- أوبك تستحوذ على 71.6% من واردات الهند النفطية
- كيف تحل الشمس والرياح أزمتي الطاقة والسياسة في باكستان؟ (تقرير)