روسيا وأوكرانياتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازنفط

أزمة الطاقة تعيد النفط والغاز إلى طاولة استثمارات شركات التمويل

دفعت أزمة الطاقة التي ألقت بظلالها على العالم خلال الأشهر الأخيرة، وتضاعفت في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، العديد من الدول وشركات التمويل إلى تغيير قناعاتها حول التوقف عن الاستثمار في الوقود الأحفوري، والتركيز فقط على مصادر الطاقة المتجددة.

في شهر مايو/آيار الماضي، أصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها المثير للجدل الذي طالب دول العالم بالتوقف الفوري عن الاستثمار في الوقود الأحفوري، بما في ذلك مشروعات النفط والغاز، من أجل الوصول إلى الحياد الكربوني، متجاهلة أمن الطاقة.

التقرير الذي أيّدته أميركا والعديد من الدول الأوروبية لاقى رفضًا كبيرًا من الدول المنتجة للنفط والغاز، وفي مقدّمتها دول الخليج، التي أكدت أن أمن الطاقة أمر حيوي لدول العالم في رحلة تحوّلها إلى مصادر الطاقة النظيفة.

وبعد أقلّ من عام على صدور التقرير الشهير، عدّلت العديد من الدول قناعتها حول ضرورة النظر إلى أمن الطاقة على قدم المساواة مع انتقال الطاقة، إذ أعادت أزمة الطاقة إحياء الاهتمام بالغاز بصفته فرصة استثمارية، إلّا أن فرص النفط لتحقيق انتعاش مماثل تبدو ضئيلة ما لم يكن جزءًا من قصة تحول الطاقة، وفقًا لكبار المتخصصين في المالية والمصرفية.

حول الصراع الروسي الأوكراني كان النقاش ووضع أمن الطاقة على قدم المساواة مع استدامة الطاقة، وهو ما يعني في أوروبا على وجه الخصوص قبولًا أكبر للغاز بصفته استثمارًا في الوقود الأحفوري، نظرًا للأسعار القياسية المرتفعة والمخاوف بشأن العرض.

أمن الطاقة

قال مدير في شركة بلاك روك، كريستيان سينتوس: "يعدّ الغاز موضوع الساعة من منظور أمن الطاقة، وأيضًا عنصرًا رئيسًا في انتقال الطاقة، لذا فإن الغاز يؤدي دورًا كبيرًا في الوقت الحالي".

وأضاف: " يصبح الأمر أكثر صعوبة في أيّ شيء يلامس النفط.. ليس لدينا حظر، لذلك لا يزال بإمكاننا الاستثمار في هذه الأصول المرتبطة بهذه الأنواع من السلع، ولكن العائق أعلى بكثير مما كان عليه من قبل"، حسبما ذكرت منصة إس آند بي غلوبال بلاتس.

أعطى سينتوس أمثلة عن ألمانيا التي تعتزم إنشاء محطتين للغاز الطبيعي المسال، وأنه في جميع أنحاء أوروبا هناك اهتمام بالاستثمار في البنية التحتية لخطوط الغاز، لأن أوروبا لا تزال غير مترابطة تمامًا في جانب الغاز.

وأشار إلى أنه من جانب النفط هناك حذر من أن انتقال الطاقة جارٍ على قدم وساق، وسيكون من الصعب على النفط تحقيق عودة ضخمة.

تحول الطاقة - شركات النفط والغازالأصول العالقة

أشار الرئيس العالمي للخدمات اللوجستية في مصرف دي إن بي، بيريند باسمان، إلى أن "الأصول العالقة هي الخطر الكبير"، إذ سلّط المصرفيون الضوء على أهمية قيمة الاستثمار في وقت الحاجة إلى الخروج من مشروع مرتبط بالوقود الأحفوري.

وأضاف: "يجب أن تكون هناك قصة انتقالية للأعمال الأساسية، فنحن نركّز بشدة على القيمة المتبقية لهذه الشركات؛ لأننا صندوق مغلق، لا يمكننا الاحتفاظ باستثماراتنا إلى الأبد، لذا فإن تقييمات الخروج مهمة جدًا، لكننا ما زلنا هناك للاستثمار في هذا القطاع، فقط المعيار مرتفع للغاية".

أشار العضو المنتدب للطاقة في مصرف آي أن جي، إروين نيدركورن، إلى أنه بصفته واحدًا من أكبر مموّلي المنبع، "قلنا، إننا سنزيد من تعرّضنا لهذا القطاع، وننخفض بنحو 12% بحلول عام 2025، من أجل التماشي مع اتفاق باريس".

وأوضح أنهم قد وقّعوا على تحالف الحياد الكربوني المصرفي الذي يوجّه كيفية تخطيطهم للاستثمار.

تفضيلات المستثمرين

أضاف المسؤول في بلاك روك: "إذا نظرت إلى قاعدة المستثمرين في صندوقنا، فهي واسعة جدًا، لدينا مستثمرون مؤسسيون أوروبيون وآسيويون وأميركيون وشرق أوسطيون، ولديهم جميعًا تفضيلات مختلفة قليلًا، ولكن عليك تلبية القاسم المشترك".

وأشار إلى أنه في المؤسسات الأوروبية يركّز المستثمرون بشكل كبير على الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وعدم وضع مبالغ كبيرة من رأس المال في النفط، وخاصة الفحم".

وأوضح أنه بمرور الوقت سينتهي النفط في المجموعة نفسها، مثل الفحم، قائلًا: "يمكننا الاستثمار في الأصول، مع التعرض للنفط، ولكن هناك حاجة إلى قصة انتقال جيدة للطاقة، وتحديد مربع عقلية المستثمر ومربع القيمة المتبقية".

يأتي تقييم المجتمع المالي في وقت يحذّر فيه أصحاب المصلحة الرئيسيون في عالم الطاقة من أزمة محتملة بسبب نقص الاستثمار في الوقود الأحفوري، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة فيتول، راسل هاردي، إنه بالنظر إلى الاستثمار المحدود في الإنتاج، فإننا نتوقع اتّساع "فجوة الطلب" خلال السنوات القليلة المقبلة.

كما حذّر الأمين العامّ لمنتدى الطاقة الدولي، جو ماكمونيغل، من أن نقص إمدادات الوقود الأحفوري يمكن أن يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن الصراع الروسي الأوكراني أدى إلى تفاقم مخاوف أمن الطاقة ودفع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، وتسبّب في تحوّم أسعار الغاز حول مستويات قياسية.

النفط الروسي
عمليات استخراج النفط - أرشيفية

النفط لم يخرج بعد

ناقش كبار الممولين التحدي بين المشروعات المستدامة ذات العوائد المنخفضة والمخاطر الأعلى، لكنهم حذّروا أيضًا من المخاطر المرتبطة الآن بالنفط فيما يتعلق بتحول الطاقة.

قال الرئيس العالمي للخدمات اللوجستية في مصرف دي إن بي: "من منظور التمويل، هناك معضلة، نريد أن نشارك في تحول الطاقة، والاستمرار في دعم مشروعات النفط الموجودة ، غير أن حقيقة العديد من المشروعات الموجودة اليوم صغيرة جدًا، لذا ليس من الفعال استخدام التمويل المصرفي".

وأضاف مدير المجموعة في شركة الاستثمار كارلايل، أندرو ليستر: إن "الضجة تتقدم على الواقع" في مجال تحول الطاقة، مما يشير إلى الحاجة للنفط في المستقبل المنظور.

وأشار إلى أنه في مجال الاستكشاف، كانت الشركات تتراجع لأسباب تتعلق بالمحافظة على البيئة وحوكمة الشركات، موضحًا أن هذا يعني نقصًا في المعروض من النفط، مما رفع الأسعار، وينطبق الشيء نفسه على استثمارات تخزين النفط.

اتفق كبار المتخصصين في المالية والمصرفية على أنه إذا كانت هناك عوائد جيدة، فستُمَوَّل المشروعات النفطية بطريقة أو بأخرى.

تمويل مشروعات النفط

أشار باسمان إلى أنه فيما يتعلق بالجانب الأمني النفطي والمناقشات حول إطلاق النفط والمزيد من تخزين الغاز، ربما سترغب الحكومات في زيادة احتياطياتها الإستراتيجية، "لذلك سيكون لديك عقود مع كيانات لديها تصنيفات متقدمة، والتي يمكن تمويلها بسهولة من قبل المصارف أو مباشرة من أسواق رأس المال".

وأكد المموّلون أن شركات النفط ستكون حاسمة في انتقال الطاقة، قائلين: "إذا كنت تريد نشاطًا تجاريًا في غضون 10 سنوات، فأنت بحاجة إلى تحمّل بعض المخاطر حول المبادرات الخضراء.. هناك بعض الأعمال الجيدة جدًا لتوليد النقد في مجال الهيدروكربونات، وهذه هي أفضل الشركات لتولّي دور قيادي في انتقال الطاقة؛ لأن لديهم مجموعة المهارات، والتدفقات النقدية، والمواقف العقارية والميزانية العمومية للقيادة في انتقال الطاقة.

وأشار كبار المتخصصين في المالية والمصرفية إلى أن المجتمع المالي يقدّم التزامات أكبر للمساعدة في جهود إزالة الكربون، ولكن يبدو أيضًا أنه إذا كان هناك منطق اقتصادي في المشروع، فلا يزال هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تمويل مشروعات النفط، وإن كان ذلك بمزيد من التدقيق وخيارات محدودة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق