ألمانيا تعلن الطوارئ لإدارة إمدادات الغاز استعدادًا لوقف الصادرات الروسية
أطلقت ألمانيا خطة طارئة لإدارة إمدادات الغاز، في خطوة غير مسبوقة، وسط مخاوف من وقف صادرات الطاقة الروسية، مع عزم موسكو إلزام الدول الغربية الدفع بالروبل مقابل الغاز، وهو ما ترفضه دول الاتحاد الأوروبي.
بموجب الخطة الطارئة، من المتوقع أن تشهد حصص الحكومة الألمانية زيادة حال انقطاع إمدادات الغاز من روسيا أو توقّفها.
ويعدّ إعلان أكبر اقتصاد في أوروبا، أوضح مؤشر على أن الاتحاد الأوروبي يستعدّ لأيّ تحركات من موسكو لقطع إمدادات الغاز عن المنطقة، بعد أن طالب الرئيس فلاديمير بوتين أوروبا والولايات المتحدة بدفع ثمن صادرات الغاز بالروبل.
هذا الطلب الذي رفضته دول مجموعة السبع، جاء ردًا على قيام الغرب بفرض عقوبات معوقة على روسيا لغزوها أوكرانيا.
ولم تذكر موسكو موعد دخول تغيير العملة حيز التنفيذ، لكن من المتوقع أن تكشف عن خططها لدفع الروبل غدًا الخميس، إذ حذّر كبير المشرّعين في روسيا، اليوم الأربعاء، من أن صادرات النفط والحبوب والمعادن والأسمدة والفحم والأخشاب قد تُسَعَّر قريبًا بالطريقة نفسها.
الأزمة المحتملة
مع وجود أزمة محتملة تلوح في الأفق، قام وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك بتنشيط "مرحلة الإنذار المبكر" لخطة طوارئ الغاز الحالية، مما يعني أن فريق الأزمات من وزارة الاقتصاد والجهة التنظيمية والقطاع الخاص سيرصد الواردات والتخزين.
وقال هابيك في مؤتمر صحفي، إن إمدادات الغاز الألمانية مضمونة في الوقت الحالي، لكنه حثّ المستهلكين والشركات على تقليل الاستهلاك، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
أضاف: "يجب علينا زيادة الإجراءات الاحترازية، حتى نكون مستعدين للتصعيد من جانب روسيا.. ومع إعلان مستوى الإنذار المبكر، اجتمع فريق الأزمات".
الدفع بالروبل
شدد وزير الاقتصاد الألماني على أنه إذا أصرّت روسيا على دفع العقود الحالية بالروبل بدلًا من فئتي اليورو والدولار المتفق عليهما، فسيكون ذلك خرقًا للعقد.
وقال في مؤتمر صحفي: "لن نقبل أيّ خرق لعقود التسليم الخاصة، ويسعدني أن توافق الشركات على ذلك".
وحثّ هابيك المستهلكين على استخدام الغاز باعتدال، مضيفًا أن الأسعار المرتفعة أدت إلى انخفاض الطلب.
الموقف الروسي
من جانبه، قال الكرملين اليوم الأربعاء، إن روسيا لن تطالب على الفور الدول الأخرى بدفع ثمن صادراتها من الغاز بالروبل، ووعد بتحول تدريجي.
وأضاف أن على روسيا العمل على فكرة لتوسيع قائمة صادراتها التي تتطلب مدفوعات بالروبل.
وأكد الكرملين أن المطالبة بدفع الروبل مقابل صادرات النفط والحبوب والأسمدة والفحم والمعادن وسلع أساسية أخرى بالإضافة إلى الغاز الطبيعي فكرة جيدة، وينبغي العمل عليها.
أصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة دفع ثمن الغاز الطبيعي المُصدَّر إلى أوروبا أو الولايات المتحدة بعملة بلاده، ردًا على العقوبات الغربية المشددة على روسيا بسبب غزو أوكرانيا، وهو إجراء قالت الحكومة الروسية، إنه قد يكون مطبّقًا هذا الأسبوع.
طوارئ الإمدادات
ترفض أوروبا حتى الآن دفع ثمن الغاز بالروبل، مما يمهد الطريق لمواجهة أدت بألمانيا إلى إعلان "تحذير مبكر" يوم الأربعاء، بأنها قد تتجه نحو حالة طوارئ في إمدادات الغاز.
وحال نقص الإمدادات، يمكن لمنظم الشبكة في ألمانيا تقنين إمدادات الغاز، مع كون الصناعة في المرتبة الأولى في عمليات التخفيض، إذ ستُعطى معاملة تفضيلية للأسر الخاصة والمستشفيات والمؤسسات الحرجة الأخرى.
نصف سكان ألمانيا البالغ عددهم 41.5 مليون أسرة يعملون بالغاز الطبيعي، بينما تشكّل الصناعة ثلث الطلب الوطني من الغاز في عام 2021 المقدّر بـ 100 مليار متر مكعب.
تعدّ روسيا أكبر مورّد للغاز إلى ألمانيا، إذ استحوذت على 40% من الواردات في الربع الأول من عام 2022.
وتعهدت برلين بإنهاء اعتمادها في مجال الطاقة على موسكو، لكنها لن تحقق الاستقلال الكامل قبل منتصف عام 2024.
أزمة الطاقة الأوروبية
واجهت أوروبا أزمة طاقة حتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا، ومع مستويات تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي حاليًا بنحو 26% من إجمالي السعة، إذ تتعرض الحكومات لضغوط لدعم الإمدادات وحماية المستهلكين.
ففي فرنسا، قال رئيس هيئة تنظيم الطاقة، إن البلاد يجب ألّا تواجه أيّ مشكلات في الإمداد، وقال، إنه لا داعي للذعر.
وقال رئيس لجنة مكافحة الإرهاب، جان فرانسوا كارينكو: "كل شيء سيكون على ما يرام، ومنشآت تخزين الغاز ممتلئة جيدًا، وسوف نجتاز الشتاء".
أسعار الطاقة
تترقب الأسواق الموقف النهائي من الخلاف حول إصرار روسيا على مدفوعات الروبل، في الوقت الذي يصارع فيه المستهلكون في أوروبا مع أسعار الطاقة المتفجرة التي أجبرت الحكومات على إعلان تدابير الإغاثة المالية.
ارتفعت أسعار المستهلك في إسبانيا بنحو 10% على أساس سنوي في مارس/آذار، وهي أسرع وتيرة لها منذ عام 1985.
وقال كبير المحللين في ريستاد إنرجي، فينيسيوس رومانو، في مذكرة: إن "أسواق الغاز لا تزال قلقة في توقّع قواعد واضحة لدفع الروبل بحلول يوم الخميس."
وأضاف: "لا يزال الجانبان على خلاف حول احتمال تغيير شروط العملة لعقود الدولار واليورو، في انتظار أن يرمش الجانب الآخر أولاً."
بعد إعلان هابيك، سجّل قطاع الكهرباء بالجملة في ألمانيا أعلى مستوى له في 3 أسابيع، عند 185 يورو (206.08 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، بزيادة 6.3%.
قالت رئيسة الاتحاد الفيدرالي لصناعة الطاقة والمياه، كرستين أندريا، إنه يجب أن يكون لدى ألمانيا خطط ملموسة توضح كيفية تعامل الحكومة مع وقف إمدادات الغاز الذي يفرض إجراءات التقنين.
وأضافت أندريا: "يجب علينا الآن اتخاذ إجراءات ملموسة للاستعداد لمستوى الطوارئ، لأنه في حالة التوقف، يجب أن تتحرك الأشياء بسرعة".
موضوعات متعلقة..
- أميركا تسعى لإعادة إمدادات الغاز الجزائري عبر المغرب
- إيني تتعهد بتوفير إمدادات إضافية من الغاز إلى أوروبا.. ما دور مصر والجزائر؟
- ألمانيا تتجه إلى الغاز المسال لتأمين احتياجاتها بعيدًا عن إمدادات روسيا
اقرأ أيضًَا..
- بئر ترسيم غرب عقلة الناصر 2.. اكتشاف نفطي باحتياطيات ضخمة في الجزائر
- منصة دعم الكهرباء في الأردن.. إجراء جديد لتبسيط عملية التسجيل