لتشمل الطاقة المتجددة.. شركات النفط العالمية مُطالَبة بتطوير خططها المناخية
رغم مواجهتها صعوبة بالغة في تمويل المشروعات الجديدة
نوار صبح
- • الارتفاع الحالي في أسعار الطاقة لا يعكس الطلب على المدى الطويل
- • تراجع الاعتماد على الوقود الأحفوري نتيجة تحول الاقتصادات العالمية إلى مصادر الطاقة المتجددة
- • يمكن أن تؤدي زيادة إمدادات الغاز إلى إهمال مصادر الطاقة المتجددة وزيادة الانبعاثات
- • المساهمون والمنظمون والبنوك ونشطاء البيئة يريدون تسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري
مع تحوّل الاقتصادات العالمية إلى مصادر الطاقة المتجددة رخيصة الثمن، لتحقيق الحياد الكربوني، وتراجع الاعتماد على الوقود الأحفوري، يُجمِع المحللون على أن الارتفاع الحالي في أسعار الطاقة لا يعكس الطلب على المدى الطويل.
يأتي ذلك في الوقت الذي أثار فيه غزو روسيا لأوكرانيا اندفاعًا لإمدادات الوقود الأحفوري، إذ قاطع العالم الصادرات الروسية، وأدى ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء والبنزين إلى نقاش عالمي بشأن أمن الطاقة ودور النفط والغاز وإمكان تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة، حسبما نشرت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" الأسترالية.
وأشار تقرير صادر عن مؤسسة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية (سي إس آي آر أو) الأسترالية إلى أن زيادة صادرات الغاز يمكن أن تقلل فقط من الانبعاثات، مع ارتفاع سعر انبعاثات الكربون في جميع مناطق العالم بحلول عام 2025.
دون ذلك، يمكن أن تؤدي زيادة إمدادات الغاز إلى إهمال مصادر الطاقة المتجددة وإطالة أمد الفحم وزيادة الانبعاثات، ما يقوّض التبرير البيئي لصناعة الغاز للمشروعات الجديدة، إذ ستُخفَض الانبعاثات العالمية عن طريق استبدال الغاز بالفحم في آسيا.
الطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات
تتعرض شركات النفط والغاز الكبرى، بما في ذلك شركتا سانتوس و وودسايد الأستراليتين، لضغوط غير مسبوقة لتطوير خطط مناخية ذات مصداقية ليس لتأمين ترخيص اجتماعي للعمل فحسب، بل لرأس مال المستثمرين.
وقال الرؤساء التنفيذيون من كلتا الشركتين، إنه من الصعب الآن تأمين التمويل للمشروعات الجديدة، إذ يتزايد التدقيق من جانب المساهمين والمنظمين والبنوك والنشطاء الذين يريدون تسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والتوجه إلى الطاقة المتجددة.
حصلت كلتا الشركتين مؤخرًا على الموافقة على مشروعات جديدة كبرى، سكاربورو وباروسا، بالرغم من إعلان وكالة الطاقة الدولية العام الماضي بمنع مشروعات جديدة للوقود الأحفوري، إذا كان العالم سيحافظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى ما دون 1.5 درجة.
وقال المحلل لدى شركة إدارة الصناديق "آلان غراي"، سيمون موهيني، إن زيادة الإنتاج أمر حيوي لتجنّب ارتفاع الأسعار غير المسبوق والاضطراب الاجتماعي.
وأضاف سيمون موهيني أنه إذا أراد الناس أن تتوقف المواد الهيدروكربونية بحلول عام 2035، فعليهم عدم الاستثمار فيها، مشيرًا إلى أن الجميع يعرفون عواقب ذلك.
التخفيف أم التغيير أم التمويل الذاتي؟
قال المحلل لدى شركة إدارة الصناديق "آلان غراي"، سيمون موهيني،إن بإمكان شركتيْ سانتوس و وودسايد تمويل مشروعات جديدة إلى حدّ كبير، وستساعد أسعار السلع المرتفعة في بناء احتياطيات للإنفاق الرأسمالي مستقبلًا.
وأوضح أنه إذا لم تستثمر شركات النفط والغاز في أعمالها من الآن وحتى عام 2035، فلن يكون لديها أيّ شيء تنتجه.
وألمح إلى أن هذه الشركات أصبحت على نحو متزايد خاضعة لأهواء كبار المستثمرين، الذين يطالبون بمزيد من الإجراءات بشأن مجموعة من عوامل الحوكمة المؤسسية والبيئية والاجتماعية.
وبيّن أن صناديق المعاشات التقاعدية في أستراليا أصبحت من المدافعين الصريحين عن إجراءات الشركات بشأن تغير المناخ، إذ تمتلك حصصًا كبيرة في شركات مثل وودسايد و سانتوس، تستخدمها للتحريض من أجل التغيير.
ويقول المجلس الأسترالي لمستثمري الادخار التقاعدي (إيه سي إس آي)، الذي يمثّل أكثر من تريليون دولار من الأصول، إن تقرير منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية المعلَن الآن يثير سؤالًا رئيسًا اهتم به المستثمرون لبعض الوقت.
إستراتيجيات حماية المناخ
قال الرئيس التنفيذي للمجلس الأسترالي لمستثمري الادخار التقاعدي، لويز ديفيدسون، إن المستثمرين بحاجة إلى تقارير أكثر تفصيلًا عن إستراتيجيات حماية المناخ، مثل أهداف خفض الانبعاثات التي تستند إلى العلم، من خلال طرق عدّة، منها مصادر الطاقة المتجددة.
وأضاف ديفيدسون أنه سيُنظَر في هذا خلال المدة التي تسبق الاجتماع العامّ السنوي لشركة وودسايد في مايو/أيار، إذ سيصوت المستثمرون على قرار يسعى إلى فرض تقارير طموحة عن الانبعاثات وخطط الحدّ منها.
بدوره، قال رئيس الموارد الطبيعية العالمية لدى شركة جانوس هندرسون، دانييل سوليفان، إن على الشركات، مثل وودسايد، القيام بأكثر من مجرد استبدال الفحم أو الإبلاغ عن الانبعاثات، لكسب دعم رأس المال طويل الأجل.
وأوضح أن شركات، مثل وودسايد، لا يمكنها متابعة أنشطتها في المستقبل، وأن الخطط قصيرة الأجل للحدّ من انبعاثات الكربون لن تؤدي إلّا إلى مزيد من الضرر للمستثمرين.
ويقدّم مثالاً على ذلك شركة الطاقة الإسبانية ريبسول، التي أدخلت مؤخرًا سقفًا اختياريًا لعدد البراميل التي تنتجها يوميًا لتقليل انبعاثات الكربون.
وأشار إلى أن ارتفاعات الأسعار قصيرة الأجل، مثل الارتفاع الحالي، يمكن أن تضرّ بالمستثمرين أيضًا، من خلال إثارة ردود فعل غير متوقعة من جانب الحكومات لحماية المستهلكين من أن تصبح المنتجات الأساسية باهظة الثمن.
وأكد أن المستثمرين يحتاجون إلى رؤية خطط طويلة الأجل لتنويع العمليات الأساسية، وهو أمر صعب، ولكنه ليس مستحيلًا، كما يقول، مع تقديم أمثلة عن الشركات الهولندية دي إس إم وفيستاس التي نفّذت إصلاحات إستراتيجية على مدى 15 إلى 30 عامًا.
تحقيق الحياد الكربوني
أصدرت شركتا وودسايد وسانتوس الأستراليتان خططًا مناخية في السنوات الأخيرة، والتي تشمل التزامات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 و 2040 على التوالي.
وينصبّ التركيز دائمًا على انبعاثاتهما التشغيلية، أو على النطاق الانبعاثات 1، بدلًا من انبعاثات النطاق 3 المتعلق بعملائها الذين يحرقون النفط والغاز الذي يشترونه.
وتواجه الشركتان 3 خيارات صعبة وواحدًا غير مستساغ لإزالة الكربون من عملياتهما؛ حيث يُعدّ القضاء على الانبعاثات في المقام الأول نقطة البداية الواضحة.
في الوقت نفسه، سيقلل عرض شركة وودسايد للاعتماد على الطاقة المتجددة من خلال إنشاء مليون لوح شمسي من الانبعاثات من مصنع بلوتو للغاز الطبيعي المسال بنسبة 1.5% فقط.
- وودسايد الأسترالية تحقق إيرادات قياسية بدعم من أسعار الغاز
- مشروع لإنتاج الغاز في أستراليا مثير للجدل يحصل على موافقة تنفيذه
على عكس ذلك، تنفق شركة سانتوس 220 مليون دولار لاحتجاز الانبعاثات في حقل غاز مومبا لتخزينها في حقول النفط والغاز المستنفدة.
تتمتع تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بسجلّ إنجازات ضعيف، إذ تراجعت مساهمة شركة شيفرون البالغة 3.1 مليار دولار بمشروع غورغون للغاز الطبيعي المسال في ولاية واشنطن بمقدار 9.5 مليون طن عن هدفها في السنوات الـ5 الأولى من التشغيل.
اقرأ أيضًا..
- هل تشتري الهند النفط الروسي بالروبية؟.. مسؤول حكومي يجيب
- السيارات الكهربائية.. هل تنصاع الشركات لخطط تبديل البطاريات الصينية؟
- اليابانيون يفضلون الطاقة النووية من جديد (مسح)
- الغاز المسال.. الجزائر والمغرب والسعودية ضمن 6 دول تنتظر طفرة (تقرير)