بمجرد انتشار تقارير إعلامية تفيد بأن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو يخطط لإقالة الرئيس التنفيذي لشركة بتروبراس، جواكيم سيلفا إي لونا، بعد أقلّ من عام من تعيينه، انخفضت الأسهم المفضلة للشركة بنسبة 4.1% في جلسة أمس الإثنين 28 مارس/آذار، قبل أن ترتفع قليلًا في تعاملات اليوم الثلاثاء.
وفي بيان صدر أمس الإثنين 28 مارس/آذار، أعلنت وزارة المناجم والطاقة البرازيلية قائمة أعضاء مجلس الإدارة التي ستطرحها في اجتماع المساهمين خلال الشهر المقبل، والتي أظهرت تعيين الخبير الاقتصادي أدريانو بيريس، ليحلّ محلّ لونا.
وسيكون بيريس ثالث رئيس تنفيذي لشركة بتروبراس -أكبر منتج للنفط في أميركا اللاتينية- منذ أوائل عام 2021، بعد إقالة لونا نتيجة تزايد الضغط لاحتواء أسعار الوقود.
ويبدو القرار مفاجئًا بعض الشيء، لا سيما أن بيريس دافع عن خصخصة بتروبراس وسياسات الشركة المتوافقة مع السوق، والتي أثارت انتقادات من الرئيس البرازيلي، حسب وكالة رويترز.
وتأتي إقالة لونا بعد أقلّ من شهر من إعلان بتروبراس زيادة أسعار البنزين والديزل، ما أثار حفيظة الرئيس البرازيلي، وسرعان ما أدت تكهنات الإطاحة بمنصبه إلى تراجع أسهم الشركة.
عام الانتخابات مليء بالتحديات
كان الرئيس التنفيذي الحالي جواكيم سيلفا إي لونا قد تولّى زمام الأمور في بتروبراس، بعد اجتماع المساهمين في أبريل/نيسان من العام الماضي، وإجبار سلفه على التنحي للأسباب المتعلقة بأسعار الوقود المحلية نفسها.
وعمومًا، تحدد بتروبراس أسعار الوقود جزئيًا وفقًا للأسعار العالمية، التي قفزت بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وأدى ارتفاع الأسعار إلى تذمّر المستهلكين والسياسيين، والرئيس البرازيلي كذلك، الذي سيخوض معركة انتخابية جديدة لإعادة انتخابه هذا العام، لكنه لا يحرز تقدمًا في استطلاعات الرأي.
ورغم تعهدات الرئيس البرازيلي بعدم التدخل في سياسات الشركة، لم يُدرَج اسم لونا في قائمة أعضاء مجلس الإدارة المعينين من قبل الحكومة، والتي أصدرتها في وقت متأخر أمس الإثنين 28 مارس/آذار.
ونظرًا لأن لوائح بتروبراس تنصّ على أن الرئيس التنفيذي يجب أن يكون عضوًا في مجلس الإدارة، فقد أدت هذه الخطوة إلى الإطاحة بـ"لونا" من منصبه.
ووفقًا للقائمة، عينت الحكومة الخبير الاقتصادي، أدريانو بيريس، والذي يعمل مديرًا في المركز البرازيلي للبنية التحتية، وعمل سابقًا في وكالة النفط الوطنية، ليحلّ محلّ لونا.
وينبغي التصديق على القرار من قبل مجلس إدارة الشركة، في الاجتماع المقرر عقده يوم 13 أبريل/نيسان.
وبصفته الرئيس التنفيذي، سيحتاج بيريس إلى الإبحار في السياسات المحلية، خاصة أن أسعار الوقود ستكون محور الحملات في عام الانتخابات، وتسبّبت في طرد سلف لونا عبر منشور على فيسبوك، بعد خلاف مع الرئيس بشأن أسعار الوقود، حسب بلومبرغ.
سياسات بتروبراس
عندما اختار الرئيس البرازيلي تعيين جواكيم سيلفا إي لونا، وهو جنرال ليس لديه خبرة سابقة في قطاع النفط، ومُقرب من الرئيس، أثار ذلك القلق من أن الشركة، التي تسيطر عليها الدولة، ستبدأ إنفاق مليارات الدولارات على دعم الوقود، كما فعلت خلال المدة من 2011 و2014، لكن لونا تمسّك بسياسات سلفه التي ركّزت على الأرباح وخفض الديون.
واستطاعت بتروبراس من خفض ديونها، وتمكّنت من استئناف مدفوعات الأرباح المعتادة، العام الماضي، تحت قيادة لونا، وتمسّك إلى حدّ كبير بسياسة بتروبراس لتتبّع أسعار الوقود العالمية، والتي حظيت بثناء المستثمرين، لكنها أثارت الانتقادات في البرازيل، خاصة من الرئيس البرازيلي بولسونارو وخصمه في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول.
أمّا الرئيس الجديد لبتروبراس، فهو شخصية معروفة في دوائر الطاقة، ويتمتع بأكثر من 30 عامًا من الخبرة في هذا القطاع، ودافع عن قدرة بتروبراس على تحديد أسعارها الخاصة في مقالاته الأخيرة، مقترحًا بعض الحلول، مثل إنشاء صندوق يسمح للحكومة بدعم مؤقت لأسعار الوقود لمواجهة الأزمات، دون الإضرار ببتروبراس أو مساهميها.
في غضون ذلك، حافظت الشركة البرازيلية على استقرار الأسعار لمدة 57 يومًا، حتى مع تداول النفط فوق الـ100 دولار للبرميل،بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وعقب قرار رفع أسعار الوقود، انتقد بولسونارو القرار، لكن الشركة دافعت عن هذه الخطوة في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى مخاوفها من احتمال نقص الإمدادات؛ نظرًا لأن الشركة ليست المستورد الوحيد للبرازيل.
هل سيقبل الرئيس البرازيلي بأفكار بيريس؟
بصفته واحدًا من خبراء الطاقة الرائدين في البرازيل، تحدّث بيريس في الأسابيع الأخيرة عن ارتفاع أسعار البنزين والديزل عدّة مرات.
وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن الإخبارية، على سبيل المثال، ذكر الخبير الاقتصادي أنه لا يوجد بديل أمام بتروبراس سوى الترويج لارتفاع الاسعار التي دخلت حيز التنفيذ في 11 مارس/آذار، عندما بدأت المصافي في فرض رسوم بنسبة 25% على الديزل، وأكثر من 18.8% على البنزين.
وقال لشبكة سي إن إن، في ذلك الوقت، إن بتروبراس لم تجد حلًا سوى رفع الأسعار؛ لأن الفارق بين أسعار الأسواق المحلية والعالمية كان ضخمًا، مشيرًا إلى أن الأسوأ من ارتفاع الأسعار هو نقص الإمدادات.
لكن تكمن المعضلة التي تواجه الرئيس التنفيذي المستقبلي في إقناع الرئيس البرازيلي بحلوله.
اقرأ أيضًا..
- ما الفرق بين أسواق الكربون الإلزامية والطوعية؟.. أداة لخفض الانبعاثات
- هل تتدخل السياسة في قرارات أوبك+؟.. وزير الطاقة السعودي يجيب
- الغاز المسال.. الجزائر والمغرب والسعودية ضمن 6 دول تنتظر طفرة (تقرير)
- السيارات الكهربائية.. هل تنصاع الشركات لخطط تبديل البطاريات الصينية؟