السيارات الكهربائية.. هل تنصاع الشركات لخطط تبديل البطاريات الصينية؟
البعض يراها قابلة للتطبيق وآخرون يعترضون
مي مجدي
تُثبت السيارات الكهربائية كفاءة عالية يومًا بعد يوم مقارنة بسيارات محرك الاحتراق الداخلي، لكن تقنيات شحن البطارية ما زالت عقبة أمام المستثمرين؛ فالصين تفضل تبديل البطاريات، أما تيسلا فتعوّل على الشحن الفائق.
فقبل عام، رفضت شركة تيسلا الأميركية استبدال بطاريات السيارات الكهربائية، ووصفت هذا الحل بأنه "تعتريه المشكلات وغير مناسب للاستخدام على نطاق واسع".
لكن يبدو أن الصين تخالف هذا الرأي، وتعمل جاهدة لتعزيز صناعة البطاريات القابلة للتبديل بصفتها عنصرًا إضافيًا للشحن العادي، كما أن الحكومة تضغط على الشركات المتخصصة في تطوير هذه التقنية.
وكشفت 4 شركات -نيو وجيلي ومطور مبادلة البطاريات "أولتون" وسينوبك- عن خططها لإنشاء 24 ألف محطة تبديل في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2025، مقارنة بـ1400 محطة -حاليًا-.
تبديل البطاريات
يسمح تبديل البطارية للسائقين باستبدال الحزمة المشحونة بالأخرى الفارغة، بدلًا من توصيل السيارة بنقطة شحن، ويمكن أن يساعد ذلك في تخفيف الضغط المتزايد على شبكات الكهرباء مع استمرار تزايد سائقي السيارات الكهربائية، ومع ذلك، نبّه المتخصصون بأنه لا يمكن تطبيق ذلك إلا إذا أصبحت البطاريات بمواصفات موحدة.
وحال نجحت الصين في تطوير هذه التقنية على نطاق واسع؛ فقد تقوض عمل العلامات التجارية العالمية مثل تيسلا وفولكس فاغن وجنرال موتورز؛ لأن إنتاج سياراتها الكهربائية مصمم ومدعوم ببطارية خاصة بها، حتى مع تيسلا يُجرى الشحن بواسطة شبكة خاصة بها.
ويمكن أن تترتب على أي تغيير بسيط في البلاد عواقب وخيمة على هذه الشركات، والتي يعتمد مستقبلها على تحقيق النجاح في أكبر سوق للسيارات بالعالم، حسب وكالة رويترز.
وتُعَد الخطط المعلنة لتبديل البطاريات في الصين، خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، جزءًا من خطة أكبر لبكين لتصبح 25% من مبيعات السيارات كهربائية بحلول عام 2025، أو أكثر من 6 ملايين سيارة، لكن التقديرات تتباين حول الكمية التي تتيح تبديل البطاريات.
في الوقت نفسه، تتطلع الشركات الصينية الكبرى لغزو الأسواق الخارجية.
وقالت "كاتل" -أكبر شركة لتصنيع البطاريات في العالم ومقرها نينغده- إنها تطور خدمات لتبديل البطاريات ليس فقط للصين، ولكن لتلبية الطلب في الأسواق العالمية، مضيفة أنها تكتسب الخبرات في السوق الصينية، لكنها تواصل عملها مع شركائها في الخارج.
أما شركة نيو، التي تعد من أكبر مصنعي السيارات الكهربائية في الصين؛ فتخطط لتقديم خدمات تبديل البطاريات لعملائها الأميركيين بحلول عام 2025، ولديها أكثر من 800 محطة مبادلة في الصين، إلى جانب إنشاء أولى محطاتها في أوروبا.
تيسلا تعترض
مع ذلك، تتعارض هذه الخطط مع آراء شركة تيسلا الرائدة في السيارات الكهربائية.
فقبل عام، قالت الشركة إن تبديل حزمة البطارية حل غير قابل للتطبيق، وترى أن الشحن هو أفضل طريقة لتشغيل سياراتها.
جاء تصريح تيسلا بعدما حاولت تبديل البطارية في وقت مبكر من عام 2013 بالولايات المتحدة، لكنها تخلت عنها.
وينقسم المسؤولون التنفيذيون في الصناعة حول ما إذا كانت جهود الصين يمكن أن تتخطى عزوف شركات صناعة السيارات الأوروبية والأميركية عن التخلي عن تصاميم البطاريات الخاصة بها واعتماد تصاميم موحدة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أستون مارتن، آندي بالمر، إنه سيستحيل الحصول على موافقة صانعي السيارات على تبديل البطاريات.
في حين يرى المدير التجاري لشركة "مومينتك ديناميكس" للشحن اللاسلكي للسيارات الكهربائية في أوروبا والشرق الأوسط، جون هولاند، أن توافق البطاريات أوجد مأزقًا بين شركات صناعة السيارات، قائلًا: "كيف يمكنك تمييز منتجك بعد ذلك؟".
وعلى غرار تيسلا، قال المتحدث باسم جنرال موتورز إن البطاريات القابلة للتبديل ليست جزءًا من إستراتيجية الشركة في الوقت الراهن.
وأوضح المتحدث باسم شركة فولكس فاغن أن الشركة فكّرت في تبديل البطاريات لتجنب أوقات الانتظار في محطات الشحن، لكن تطور عمليات الشحن السريع وانخفاض تكاليف البطاريات غير القابلة للتبديل أدى إلى التخلي عن هذه الفكرة، لكنها تقيم البيئة التنافسية وجميع المستجدات في هذا القطاع.
هل عفا عليها الزمن؟
رغم نجاح تبديل البطاريات في الدراجات البخارية الكهربائية بآسيا وأوروبا؛ يكمن التحدي في مدى مواءمة هذا الحل مع السيارات والشاحنات الكبيرة.
ووسط التطورات التي تشهدها هذه العملية، أعلنت شركة نيو أن تبديل البطاريات لن يستغرق سوى 90 ثانية.
على الجانب الآخر، يحتاج الشحن إلى الاستثمار بمليارات الدولارات في البنية التحتية حول العالم، ومع ذلك، طرح صانعو السيارات مركبات كهربائية مزودة ببطاريات محسّنة تتميز بنطاقات أطول وأوقات شحن أقصر؛ ما يجعل عملية التبديل عفا عليها الزمن.
وفي الصين، أصدرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أول معايير صناعة السيارات العالمية لتقنية المبادلة العام الماضي، ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني؛ حيث حددت متطلبات السلامة وطرق وقواعد الفحص والمعاينة للسيارات الكهربائية ذات البطاريات القابلة للتبديل.
وتهدف الوزارة إلى امتلاك أكثر من 100 ألف سيارة ببطاريات قابلة للتبديل، وأكثر من 1000 محطة تبديل في 11 مدينة بحلول عام 2023.
ومع ذلك؛ فإن أهم الشكوك التي تحيط بطموحات الصين هي ما إذا كان هناك عدد كافٍ من شركات صناعة السيارات الكهربائية ستتبنى البطاريات الموحدة، وهي عقبة قوّضت محاولات تبديل البطاريات في العقد الماضي، وحال التغلب عليها، ستكون قابلة للتطبيق.
لكن أمامها شوطًا طويلًا يتعين قطعه، فحتى خيار تبديل البطارية من شركة نيو لعملائها ينطبق على البطاريات الخاصة بها.
ووقّعت شركة كاتل، التي ساعدت نيو في تطوير بطاريات قابلة للتبديل، مع شركة "فاو غروب" الصينية، بصفتها أول عميل يتبنى خدمة "إفوغو" الجديدة لمبادلة البطاريات، وتتوقع توسيع الخدمة لتشمل شركات صناعة السيارات الصينية الأخرى.
وتأمل كاتل من الشركات المحلية في قبول تصميمها الموحد للبطاريات حتى تتمكن محطاتها من خدمة طرازات من مختلف العلامات التجارية.
وفي هذا الشأن، قال المدير الإداري لشركة سينو أوتو إنسايتس، تو لو، إن شركة كاتل تُعَد أكبر لاعب في البلاد لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ويمكنها توفير مساحة كبيرة لمحطات التبديل بتكلفة منخفضة.
هل ستخضع الشركات؟
مع أن شركات صناعة السيارات العالمية تقاوم تقنية تبديل البطاريات، لكنها تعتمد على المبيعات الصينية لتمويل انتقالها الباهظ إلى المركبات الكهربائية، ولن يكون لديها خيار سوى التكيف مع السوق الصينية، وفقًا للعديد من خبراء الصناعة.
بالإضافة إلى ذلك، في حال فرض بكين تطبيق البطاريات القابلة للتبديل، وعدّتها السيارة الوحيدة التي تفي بمعاييرها؛ فإن الشركات ستمتثل لذلك في محاولة للبقاء في السوق الصينية، بحسب ما قاله الأستاذ المساعد بكلية الهندسة في جامعة جورج واشنطن، جون هيلفستون.
في حين أشاد رئيس قسم السياسات والتجارة الدولية في شركة آمبل الناشئة لتبادل البطاريات ومقرها سان فرانسيسكو، ليفي تيلمان، بتبديل البطارية.
ووصف هذا الحل بأنه "سهل واقتصادي ومنطقي"، مؤكدًا أن مبادلة البطارية من الطرق الواعدة لتعزيز انتشار السيارات الكهربائية مقارنة بأجهزة الشحن السريعة.
وجمعت شركة آمبل، وهي واحدة من الشركات القليلة المطورة لمبادلة البطاريات خارج الصين، 275 مليون دولار من المستثمرين، من بينها شركات الطاقة شل وإينوس وريبسول؛ ما زاد قيمتها إلى مليار دولار.
كما أنها تدير برامج تجريبية مع شركة أوبر، وشركة سالي الناشئة لتأجير السيارات، وتتعاون مع العديد من شركات صناعة السيارات الأخرى.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في فلسطين توفر الكهرباء النظيفة في ظروف صعبة (تقرير)
- الاستغناء عن الغاز الروسي.. صعوبات كبيرة أمام خطط أوروبا (تقرير)
- سلطنة عمان تحجز مكانًا عالميًا بمشروعات الطاقة النظيفة والهيدروجين