الطاقة المتجددة في أفريقيا تتوسع بـ4 مشروعات جديدة
بهدف الخروج من معضلة عجز الكهرباء
أمل نبيل
تشهد الطاقة المتجددة في أفريقيا توسعات جديدة في مختلف دول القارة، في الوقت الذي تواجه فيه معظم هذه الدول عجزًا كبيرًا في إنتاج الكهرباء -يصل إلى 50% في كثير من دول جنوب الصحراء الكبرى-؛ الأمر الذي أجبر حكومات تلك الدول على اللجوء إلى المصادر الخضراء للطاقة، بهدف تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، الذي يُعد المصدر الرئيس لتوليد الكهرباء في دول القارة السمراء.
وتتخلّف أفريقيا كثيرًا عن الدول العالمية في إنتاج الطاقة المتجددة، إذ استحوذت دول القارة الأفريقية على 2% فقط من الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة المتجددة منذ عام 2000، وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
ويمكن أن تُعزّز عملية تحول الطاقة الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا بنسبة 6.4% بحلول عام 2050.
ومن أجل ذلك أعلنت عدة دول أفريقية مشروعات جديدة للطاقة المتجددة في قطاعات مختلفة، منها إنتاج الكهرباء، وقطاعي النقل والاتصالات، ومن أبرز تلك المشروعات:
الطاقة الشمسية في نيجيريا
تعتزم نيجيريا التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة -خاصة الطاقة الشمسية- لسد العجز في إنتاج الكهرباء في البلاد، وانتشال 5 ملايين منزل من الظلام.
وسعيًا وراء تحقيق هذا الهدف، وقّعت شركة بي بوكس النيجيرية -أحد فروع شركة بي بوكس البريطانية للطاقة الشمسية- اتفاقية دعم مع وكالة كهربة الريف في نيجيريا (آر إي إيه).
وبموجب هذه الاتفاقية، تشارك الشركة في توصيل الكهرباء للمناطق الريفية، في إطار مشروع كهربة نيجيريا.
ويهدف مشروع كهربة نيجيريا إلى توصيل الكهرباء لأكبر عدد ممكن من المنازل والشركات، خاصة في المناطق الريفية.
ويصل معدل توصيل الكهرباء في المناطق الريفية في نيجيريا إلى 34%، في حين ترتفع النسبة إلى 60% في المناطق الحضرية.
وفي إطار المنحة القائمة على النتائج التي تقدمها وكالة كهربة الريف، ستتلقى شركة بي بوكس النيجيرية منحًا تمويلية لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل والشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وستوفر وكالة كهربة الريف التمويلات المطلوبة للمشروع، عبر شركاء مشروع كهربة نيجيريا، ومن بينها مصرف التنمية الأفريقي والبنك الدولي.
ويمثّل إسهام بي بوكس في برنامج المنح القائمة على النتائج، نقطة انطلاق للشركة التي بدأت نشاطها في نيجيريا في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وتسعى الشركة التي يقودها منصور هامايون إلى تزويد 20 مليون شخص نيجيري بالكهرباء، بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر خلال السنوات الـ10 المقبلة.
ولتحقيق هذا التحدي، تتلقّى شركة بي بوكس دعمًا من "بامبو إنرجي أكسيس مالتي بلاير"، وهو صندوق بقيمة 50 مليون دولار، أُطلق قبل 4 سنوات من الآن بالتعاون مع "بامبو كابيتال بارتنرز"، وهي شركة أسهم خاصة مقرها لوكسمبورغ، بحسب موقع أفريكا 21.
وبدأت شركة بي بوكس أعمالها في نيجيريا في مدن بداغري، وإيكورودو، إجيبو أودي، أبي أوكوتا، أوغبوموشو، وإبادان، كما توسعت أعمال الشركة لتشمل ولايات أوسن، وإيكيتي، وأوندو.
وتقدر شركة الطاقة الشمسية المنزلية أن التوسع في أنشطتها في نيجيريا سيخلق 10 آلاف وظيفة خضراء، كما سيُسهم في تقليص فجوة الكهرباء في المناطق الريفية في نيجيريا، التي تقدرها الحكومة بنحو 45%.
الطاقة الكهرومائية في بوروندي
تسعى بوروندي إلى التوسع في مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، لسد العجز في إنتاج الكهرباء في البلاد وتحقيق أقصى استفادة من مياه الأنهار التي تغمر الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
وفي إطار تحقيق هذا الهدف، تبحث شركة تامبو باور، المستقلة للطاقة، عن شراكة مع مستثمرين آخرين لبناء محطتين لتوليد الطاقة الكهرومائية بسعة 22 ميغاواط في بوروندي.
وتبلغ التكلفة الاستثمارية لمحطتي الطاقة الكهرومائية 65 مليون دولار.
ووفقًا لبيانات البنك الدولي الصادرة في عام 2019، يواجه 88.9% من سكان بوروندي عجزًا في الحصول على الكهرباء.
وستُنشأ المحطة الكبرى لتوليد الطاقة الكهرومائية في قرية سيغو، بطاقة إنتاجية متوقعة 12.4 ميغاواط، وستستفيد المحطة من تدفق المياه في نهر سيغوفياي في مقاطعة بوروري، جنوب بوروندي.
وتتصدّر الطاقة الكهرومائية مزيج إنتاج الكهرباء في بوروندي المقدر بنحو 34 ميغاواط، في حين يأتي الباقي من قدرة حرارية مركبة تبلغ 6 ميغاواط، ومحطة طاقة شمسية تنتج 400 كيلوواط، بالإضافة إلى استيراد الكهرباء من الكونغو.
وستُبنى المحطة الأخرى على ضفاف نهر داما في رومونغ، جنوب غرب البلاد بطاقة إنتاجية متوقعة 9.6 ميغاواط.
وستُسهم محطات الطاقة الكهرومائية في سيغو وديما، في إنتاج 105 غيغاواط من الكهرباء سنويًا.
وتشجّع حكومة بوروندي الجديدة على تطوير مشروعات الطاقة المتجددة لزيادة سعة توليد الكهرباء في البلاد وتقليل فقدان الأحمال.
وفي أبريل/نيسان 2021، وافق مجلس الوزراء البوروندي على إنشاء محطتين لتوليد الطاقة الكهرومائية على ضفاف نهري موليمبوي، وروفيرونزا، ومن المقرر أن تنتج المحطتان 10.65 ميغاواط في شبكة الكهرباء.
شبكات اتصالات نظيفة في أنغولا
تهدف أنغولا إلى التوسع في إنشاء شبكات الاتصالات القائمة على الطاقة النظيفة في دولة لا يتصل نحو 31% من سكانها بالإنترنت.
وسعيًا وراء تحقيق هذا الهدف، وقعت شركة أنغولا للهواتف الجوالة "يوني تل" عقدًا مع عملاق التكنولوجيا الصيني، شركة "هواوي" لتنفيذ أنظمة توليد للطاقة الخضراء لشبكتها.
وتهدف الشركة الأنغولية إلى تقليص استخدام مولدات الديزل، بما يسمح للشركة بتحسين استدامة الخدمات التي تقدمها في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا.
وستعمل شركة هواوي، بالشراكة مع نظيرتها الأنغولية التي تتخذ من مدينة لواندا -عاصمة أنغولا- مقرًا لها، على بناء شبكة من الطاقة الخضراء، صديقة للبيئة ومنخفضة الانبعاثات الكربونية.
ووفقًا للاتفاقية الموقعة بين الشركتين، ستعيد شركة هواوي تصميم شبكة يوني تل، من خلال تقليص عدد مولدات الديزل في الشبكة، والاستعاضة عنها بأنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وبطاريات الليثيوم.
وتؤكد هواوي أن "استخدام التكنولوجيا منخفضة الكربون، سيسمح لموظفي شركة يوني تل بتقليل الوقت الذي يقضونه على مولدات الديزل بنسبة 75%، بالإضافة إلى خفض تكاليف التشغيل بنسبة 40%".
وبحسب الشركة الأنغولية، ستحسن الاتفاقية الموقعة مع هواوي من كفاءة الطاقة في شبكتها وتوسيع نطاق خدماتها، في دولة يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة، الأمر الذي سينعكس على تقديم خدمات جديدة مثل البرودباند وشبكات الجيل الخامس.
وتعتزم شركة هواوي الصينية تقديم تلك الخدمات في عدة دول أفريقية أخرى، وتدعم شبكة هواوي استخدام الطاقة المتجددة في قطاع الاتصالات خاصة الطاقة الشمسية، وتشكل شركات الاتصالات 2% من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة.
شبكات السكك الحديدية في جنوب أفريقيا
تُموّل وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية -عبر مصرف تنمية جنوب أفريقيا- إدخال مصادر الطاقة المتجددة إلى شبكة غوترين للسكك الحديدية، الواقعة في مقاطعة غوتنغ في جنوب أفريقيا.
وبعد 10 سنوات من بدء تشغيله يتطلع نظام غوترين للسكك الحديدية إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء اللازمة لتشغيله.
وسيموّل المشروع المقرر بدء العمل فيه في عام 2023، من قبل الحكومة الألمانية.
وبهدف خفض الانبعاثات الكربونية في البلاد، أصدرت حكومة جنوب أفريقيا طلبًا لتقديم مقترحات لتعيين مستشار ينفّذ إستراتيجية تحول الطاقة في محطات خط السكك الحديدية إلى مصادر متجددة.
ويقل خط غوترين أكثر من 18 مليون شخص سنويًا، خاصة في مدينتي جوهانسبرغ وبريتوريا.
ويُسهم الاعتماد على الطاقة المتجددة في تلبية جزء من الاحتياجات الكهربائية لهذا القطار الإقليمي السريع والبنية التحتية المرتبطة به.
وتتوسع جنوب أفريقيا في مشروعات الطاقة المتجددة، إذ تعتزم مدينة كيب تاون بناء محطات طاقة متجددة، يمكنها توليد 300 ميغاواط من الكهرباء في شبكة المدينة، كما تعتزم جنوب أفريقيا توقيع اتفاقيات لشراء الكهرباء مع منتجي الطاقة المستقلين.
وتُعد قارة أفريقيا أقل دول العالم إنتاجًا لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وعلى الرغم من ذلك فإنها الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.
وأعلن مصرف ستاندرد غروب التوقف عن تمويل محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم قي أفريقيا، وتعزيز دعمه لمشروعات الطاقة المتجددة في جميع دول القارة، ويمثل التمويل العقبة الأكبر في ضمان انتقال أفريقيا المستدام إلى مصادر الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- رئيس مجلس طاقة الرياح العالمي: أفريقيا الأنسب لإقامة مشروعات المزارع البرية (مقابلة)
- الليثيوم في أفريقيا.. بوابة الصين للسيطرة على سوق بطاريات السيارات الكهربائية
- الطاقة في أفريقيا.. كيف يؤثر الغزو الروسي لأوكرانيا في القارة السمراء؟
اقرأ أيضًا..
- تمويل المناخ في جنوب أفريقيا يستهدف محطات الكهرباء العاملة بالفحم
- هل يتنازل بايدن عن مكافحة تغير المناخ مقابل أمن الطاقة العالمي؟ خبراء يجيبون
- الهيدروجين الأخضر في الهند.. سياسة جديدة لتحفيز الإنتاج من الطاقة المتجددة