تغويز الفحم.. كيف تعول الهند على التقنية الجديدة للحد من التلوث؟
مي مجدي
ما تزال الهند تعول على الفحم بصفته المصدر الرئيس للكهرباء؛ لذا يبقى التحدي الأكبر أمامها هو كيف ستسخّر "أقذر المصادر" لمصلحتها، ووجدت في تغويز الفحم ضالّتها على ما يبدو.
تزعم الهند أن هذه التقنية ستساعدها في التغلب على استبدال الواردات لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وتوفير فرص عمل محلية جديدة، إلى جانب تهدئة الأصوات المنادية بخفض انبعاثات الكربون والاعتماد على مصادر صديقة للبيئة.
وتستهدف عملية تغويز الفحم تحويل الكربون في الفحم إلى مركّبات غازيّة قابلة للاشتعال، وكان من المعتاد الاعتماد على غاز الفحم في الإنارة، لكن بفضل تطويرها أصبحت تُستخدم بالحصول على غاز التصنيع المهم في الصناعات الكيميائية.
ومن أجل تنفيذ مشروعات تغويز الفحم، وضعت الحكومة إستراتيجيات جديدة، كان آخرها إعلان وزير المالية نيرمالا سيترامان، تطوير 4 محطات تغويز على يد شركة "كول إنديا" المملوكة للدولة.
ويرى وزير الفحم الهندي، برالهاد جوشي، أن هذا الإعلان يشير إلى مدى تطوّر قطاع الفحم في البلاد، ويبرز استعدادها نحو مستقبل بطاقة نظيفة، حسبما جاء في مقالة نشرها موقع "ذا إكونوميك تايمز" الهندي.
الاستفادة من موارد الفحم
أوضح وزير الفحم في مقالته أن التغويز سيتيح الاستفادة من موارد الفحم بطرق غير قابلة للاحتراق، ومن ثم سيحدّ من انبعاثات الغازات السامّة الناجمة عن عمليات احتراق الفحم.
وأضاف أن هذه المشروعات ستوفر منتجات مثل الميثانول و ثنائي ميثيل الأيثر (دي إم إي) والأمونيا ونترات الأمونيوم، وكلها تشكّل ركائز لقطاع الطاقة والصناعات الكيميائية.
وقال الوزير، إن خطط انتقال الطاقة نحو المصادر المتجددة الجاري تنفيذها داخل قطاع الكهرباء، يمكن أن تسخّر موارد الفحم الهائلة في البلاد إلى استخدامات صناعية لا تتضمن الحرق، وتغويز الفحم هو أبرز هذه الاستخدامات.
ويرى الوزير أن اعتماد تقنيات التقاط الكربون وتخزينه مع التغويز سيساعد في استخدام موارد الفحم في الهند دون التسبّب في تلوث الهواء، وهذا يكسبها مصطلح "تقنية الفحم النظيف".
كول إنديا
قال وزير الفحم الهندي، برالهاد جوشي، إن شركة "كول إنديا" أدرجت التغويز بصفته عنصرًا رئيسًا لتنويع جدول أعمالها، إلى جانب تصنيع الطاقة الشمسية والألومنيوم.
ومنذ ذلك الحين، سعت الشركة لتقديم عطاءات بموجب نظام "بي أو أو" لـ3 مشروعات تغويز، ويجري -حاليًا- العمل على مشروعين آخرين، ويعني ذلك إضافة استخدام 10 ملايين طن من الفحم سنويًا، واستخدام منتجات التغويز المنصوص عليها بصفتها وقودًا ومواد أولية في الصناعات التحويلية.
ونظام "بي أو أو" أو "البناء والتملك والتشغيل" هو آلية تسمح للجهات الحكومية بإعطاء الشركات الخاصة الحق في إنشاء وتمويل وتشغيل مشروعات بمواصفات متفق عليها لمدة زمنية محددة.
وأعلنت الوزارات المعنية معايير مزج الميثانول في البنزين وثنائي ميثيل الأيثر (دي إم إي) في غاز النفط المسال، وسيعزز ذلك الطلب على هذه المشتقات.
أمّا بالنسبة للأمونيا ونترات الأمونيوم، فهما عنصران حيويان لتصنيع اليوريا والمتفجرات، على التوالي، ويُستورَدان -حاليًا- لتلبية الطلب المحلي.
إستراتيجيات زيادة الإنتاج
طرح الوزير في مقالته تساؤلاً يتعلق بكيفية توفير الفحم لعمليات التغويز بعد تلبية قطاعات الطاقة والصناعات المحلية، لا سيما أن الهند تعتمد على استيراد الفحم لمدة طويلة.
وأجاب بأن عددًا كبيرًا من المناجم الحصرية "الأسيرة" دخلت حيز الإنتاج الآن، كما بدأت شركة "كول إنديا" في خطّتها لزيادة الإنتاج من 600 مليون طن خلال العام الماضي، إلى مليار طن بحلول عام 2024.
ويعتقد الوزير أن المناجم الحصرية ستنتج قرابة 200 مليون طن سنويًا في ظرف عامين أو 3، ومن ثم، سيتجاوز الفحم الحراري المحلي الطلب في السنوات القليلة المقبلة.
ففي عام 2020، جعلت الحكومة عقود التأجير أكثر إغراءً لمالكي المناجم الحصرية، من خلال السماح ببيع الفحم بعد تلبية احتياجاتهم، وأثار ذلك ردود فعل حماسية من صناعة التعدين.
وعند وضع هذه الإستراتيجيات معًا، قد تسهم بوجود فائض للتصدير خلال السنوات القليلة المقبلة، على حدّ قوله.
مزايا تغويز الفحم
يرى وزير الفحم الهندي أن تغويز الفحم سيعود بالنفع على البلاد؛ فالهند تعتمد على استيراد البتروكيماويات والغاز الطبيعي، وستوفر منتجات المشروعات الجديدة المواد الأولية اللازمة لاقتصاد صناعي جديد وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
وأفاد الوزير في مقالته أن تغويز الفحم قد يغير قواعد اللعبة، لا سيما أن الصناعات التحويلية المتعلقة بالغاز والبتروكيماويات تعتمد على المواد الخام المستوردة، وتزود محطات الغاز المسال الواقعة في غرب الهند المشروعات في غوجارات وماهراشترا وكيرالا بالغاز المستورد.
ويمكن للصناعات الجديدة القائمة على تحويل الفحم إلى غاز في شرق ووسط الهند أن تحدث تغييرًا كبيرًا وتحفّز تطوير مصانع جديدة في هذه القطاعات وفي مناطق أخرى.
وأشار الوزير في مقالته إلى أن بلاده تخطط لتأسيس المشروعات الـ4 على مقربة من حقول الفحم في غرب البنغال وتشاتيسغارا وجارخاند وماهاراشترا، موضحًا أن هذه المناطق الصناعية التقليدية تخلّفت عن باقي المناطق الأخرى منذ عقود، بسبب نقص الاستثمارات.
لكنه أوضح أن تقانة التغوير أمام تحدٍّ كبير، خاصة أن أغلب موفّري هذه التقنية ليسوا شركات تعدين للفحم، وقد لا يكونون مهتمين بتعدين الفحم لتزويد هذه المصانع به.
وقد عرضت شركة "إنديا كول" الحدّ من المخاطر من خلال توفير الفحم، وكذلك ضمان شراء إنتاجها.
وأخيرًا، توقع وزير الفحم أن يستهلك كل مشروع قرابة 1.5 مليون طن من الفحم سنويًا، وسيحتاج ذلك استثمارات بقيمة 50 مليار دولار لتغويز 100 مليون طن من الفحم سنويًا بحلول عام 2030.
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي.. تطورات المشروع وعقبات قد تعرقل إنجازه
- شح إمدادات الفحم يدفع اتحاد الصناعات الهندي إلى التحذير من كارثة
- مصانع بطاريات السيارات في الجزائر تواجه شبح الإغلاق.. والنشاط يتراجع 40%