يندفع المستثمرون إلى أسهم التعدين بينما يبحثون عن الأصول التي يمكن أن توفر تدفقات دخل قوية في وقت يشهد تضخمًا مرتفعًا باستمرار.
وسجلت أسهم بي إتش بي المدرجة في لندن، أكبر شركة للموارد الطبيعية في العالم، ومنافستها أنغلو أميركان مستويات قياسية في وقت سابق من هذا الأسبوع، مدعومة بارتفاع أسعار السلع الأساسية، واحتمال تحقيق عوائد نقدية كبيرة عندما يبدأ موسم تقارير القطاع الأسبوع المقبل.
ويتوقع مصرف الاستثمار دويتشه بنك أن تعلن الشركات الـ5 الكبرى -وهي مجموعة تضم جلينكور، وريو تنتو، وفيل، وباريك غولد كوربريشن، وفورتسكو ميتال- توزيعات أرباح وعائدات نقدية بقيمة 24 مليار دولار، مع توقّع المزيد في وقت لاحق من العام.
التضخم يدفع المستثمرين إلى أسهم التعدين
شهد العام الماضي شيئًا من الخلاف بين محافظي البنوك المركزية -الذين أصرّوا على أن أيّ تضخم يمكن أن يحدث سيكون مؤقتًا وسيختفي في غضون أشهر- وبين باقي المستثمرين الذين لم يكونوا متأكدين تمامًا، وحاليًا، ترتفع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 7.5%، وهي الأسرع منذ عام 1982، وفي المملكة المتحدة بنسبة 5.4%، وهي نسبة مرتفعة بشكل مخيف.
وبالنظر إلى مدى صعوبة تخيّل قدرة البنوك المركزية على فعل الكثير بشأن مشكلات سلاسل الإمداد العالمية، فإنه من الواضح أن مشكلات سلاسل الإمداد ليست قصيرة المدى، وقد بدا تأثيرها شديد الوضوح، ليس على تكاليف المعيشة فقط، ولكن على المحافظ الاستثمارية أيضًا، ومن غير المرجح أن ينتهي هذا قريبًا.
أصبحت المدفوعات جذابة بشكل متزايد لمستثمري الأسهم الذين يكافحون من أجل العثور على عوائد حقيقية إيجابية، وهي العائد الذي يمكن أن يتوقعوا تحقيقه بمجرد أخذ التضخم المتزايد في الحسبان.
ومع ارتفاع معدل تضخم أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة إلى 5.4%، يعدّ قطاع التعدين أحد القطاعات القليلة التي تمكّنت من مواكبة ذلك، وتوفر سلة من المناجم المدرجة في لندن عائدًا محتملاً بنسبة 5.9%.
وقال المحلل الاقتصادي جوناثان ستابس: "من الواضح أن أحد أكبر التحديات في السوق لأيّ مستثمر في بيئة ارتفاع التضخم هو الحصول على فرص دخل حقيقي".
وقالت كبيرة محللي الأسواق والاستثمارات في هارجريفز لانسداون، أكبر منصة استثمارية في المملكة المتحدة، سوزانا ستريتر، إن اقبال المستثمرين على أسهم التعدين قد انتعش منذ نهاية يناير/كانون الثاني، إذ سعى مستثمرو التجزئة إلى الشركات التي تستعدّ لتكون أكثر مرونة وسط ضغوط التضخم.
أسهم التعدين تلمع في سماء أسواق المال
برزت أسهم التعدين ضمن أكبر مصادر الدخل للمستثمرين في المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة، إذ يمثّل ما يقرب من ربع جميع مدفوعات الأرباح في عام 2021، ارتفاعًا من 4% في عام 2016.
ويعكس هذا جزئيًا أن القطاعات الأخرى -بما في ذلك البنوك والسفر والترفيه- اضطرت إلى خفض الأرباح بسبب جائحة فيروس كورونا.
لكنه يسلّط الضوء -أيضًا- على التحول الأوسع لصناعة التعدين في ظل جيل جديد من القادة الذين خفضوا الديون وتجنّبوا الاستثمار في المشروعات الكبيرة، وتحولوا إلى سياسات توزيع الأرباح المرتبطة بالأرباح.
هذا بعيد كل البعد عن الوضع الذي وجد القطاع نفسه فيه منذ ست سنوات، عندما أدى التباطؤ الذي دفعته الصين في أسعار السلع الأساسية إلى دفع بعض أكبر الأسماء في الصناعة إلى حافة الانهيار.
وتركّز فرق الإدارة الآن على العائدات النقدية، وتحجم عن ضخ الأموال في مناجم جديدة كبيرة، لدرجة أن خط أنابيب المشاريع الجديدة ينخفض بشكل خطير، كما يستعد الطلب على معادن الكهربة -بما في ذلك النحاس- للإقلاع بسبب انتقال الطاقة.
ويعتقد دويتشه بنك أن الشركات الـ5 الكبرى يمكن أن تعيد 48 مليار دولار للمستثمرين هذا العام، مع إمكان دفع 60 مليار دولار إذا استمرت أسعار السلع الأساسية عند مستواها الحالي.
ومع ذلك، فإن قطاع أسهم التعدين لا يخلو من المخاطر؛ إذ يمكن إعاقة توليد النقد من خلال ارتفاع التكاليف من ارتفاع أسعار النفط والشحن والعمال الذين يطالبون بزيادة الأجور، وتحتاج الصناعة إلى الاستثمار لإزالة الكربون من عملياتها.
موضوعات متعلقة..
- أرامكو السعودية توقع صفقة جديدة لتحسين إمداد العالم بالطاقة
- غولدمان ساكس: انخفاض الأسهم الأميركية فرصة سانحة للشراء
- سهم شيفرون يحقق مكاسب قياسية.. هل يتواصل الارتفاع؟ (نظرة تحليلية)
اقرأ أيضًا..
- الحياد الكربوني.. الطموح البيئي للشركات لم يدفعها لمعالجة انبعاثات سلاسل التوريد (تقرير)
- تغير المناخ.. مزارعو أيرلندا غاضبون بعد رفض تشريع يخفِّض الانبعاثات 82%