يُرجّح محللون أن تتحول الصين إلى منافس قوي لكبرى شركات الطاقة في سوق الغاز المسال العالمية خلال السنوات المقبلة.
وستعتمد الصين على الإمدادات الأميركية لتصبح قوة رئيسة في تجارة الغاز المسال بفضل إلغاء القيود التي تفرضها البلاد وتوقيع عقود طويلة الأجل مؤخرًا للحصول على كميات هائلة من الغاز المسال من الموردين الأميركيين.
وتعمل شركة سينوبك المملوكة للدولة ومجموعة سينوكم وشركة "إي إن إن ناتشيورال غاز" الخاصة على تطوير فرق تجارية جديدة تمتد من بكين وسنغافورة إلى لندن.
سوق الغاز المسال
يأتي اتجاه بكين إلى سوق الغاز المسال العالمية بعدما حققت نجاحًا ضخمًا مماثلًا في تجارة النفط خلال العقدين الماضيين.
وخلال السنوات المقبلة، ستصبح الشركات الصينية في موضع المنافسة مع كبرى الشركات العالمية مثل شل وتوتال إنرجي وفيتول.
ولحسن الحظ، يبدو أن شهية السوق تسمح بذلك؛ حيث يتوقع المحللون أن تبلغ التجارة الفورية في سوق الغاز المسال نحو 20 مليار دولار بحلول 2027، أي أكثر من ضعف قيمتها في عام 2020.
وارتفعت واردات الصين -العام الماضي- بنسبة 18% لتصل إلى مستويات قياسية عند 79 مليون طن، وأصبحت أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم متجاوزة اليابان.
ولعبت الإصلاحات في خطوط الأنابيب الدور الأكبر في زيادة الصادرات إلى جانب التعافي الاقتصادي من جائحة فيروس كورونا.
وتوقّع رئيس قسم الغاز الطبيعي المسال في شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية، فيليكس بوث، أن تحقق شركات النفط الصينية تطورًا هائلًا مثلما فعلت شركة "جيرا" أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في اليابان.
ويرجع ذلك إلى نمو الطلب الصيني على الغاز الطبيعي وظروف السوق المواتية للإمدادات طويلة الأجل للشحنات المرنة.
عقود الغاز المسال
قال تاجر صيني إن العقود الموقّعة مع الموردين الأميركيين ستتيح الفرصة للتجار في الصين بتداول كميات ضخمة من الغاز المسال في السوق العالمية بعد تلبية الطلب المحلي.
ففي أواخر العام الماضي، أبرمت الشركات الصينية اتفاقيات لاستيراد أكثر من 10 ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال مع عدة شركات أميركية؛ من بينها شنيير إنرجي وفنشر غلوبال، وتتميز العقود بإمكانية التمديد حتى منتصف 2040، والبنود المرنة لاختيار وجهات التسويق لأغلب المشتريات.
وتعمل "يونيبك"، الذراع التجارية لشركة سينوبك الصينية والمنافسة لشركة فيتول بصفتها أكبر تاجر نفط في العالم، على تعزيز فروع شركاتها للغاز المسال خارج الصين، بعدما نقلت موظفين من بكين إلى العاصمة البريطانية لندن، وأنشأت مكتبًا لها في سنغافورة أواخر العام الماضي.
وأوضح مسؤول تنفيذي في الشركة أن الغاز الطبيعي المسال يُمثل -حاليًا- أقل من عُشر مبيعات يونيبك، لكن سينمو في المستقبل.
وبدأ بالفعل تأثير يونيبك يظهر بوضوح في السوق عندما أدت أكبر مناقصة بيع للشركة، الشهر الماضي، إلى انخفاض جزئي في الأسعار الفورية الآسيوية هذا العام بنسبة 36%.
ومن المتوقع أن تُسهم صفقة الغاز الجديدة التي أبرمتها شركة "سي إن بي سي" الصينية مع روسيا إلى زيادة مبيعات الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية خلال السنوات المقبلة.
المنافسة في السوق
قال العضو المنتدب في شركة كابرا إنرجي، تامر دروز، إن الشركات الصينية ستكون قادرة على استخدام عدد شحنات أكبر في الأسواق الفورية والصفقات قصيرة الأجل؛ من خلال تعدد خطوط الأنابيب من روسيا وآسيا الوسطى وتنامي الإنتاج المحلي وتوسيع محفظة الغاز المسال وسعة التخزين.
وأضاف أن "تشينا أويل" -الوحدة التجارية لعملاق الطاقة بتروتشاينا وأكبر شركة صينية للغاز الطبيعي المسال- باعت، العام الماضي، أكثر من 15 مليون طن خارج الصين، وظهرت بصفتها منافسًا قويًا لشركتي فيتول وترافيغورا.
أما شركة "إي إن إن"، أول شركة خاصة لتوزيع الغاز في الصين وتدير محطة لتلقي الغاز الطبيعي المسال؛ فقد برز اسمها وعززت فريقها التجاري بعدما أصبحت أول شركة صينية توقع صفقة ضخمة لتوريد الغاز المسال مع شركة أميركية منذ عام 2018.
ومع ذلك، يرى المحللون أن نجاح الشركات الصينية على المدى الطويل يتوقف على قدرتهم على إدارة مخاطر تقلب الأسعار وقدرات الشحن وامتلاك قيم نهائية للاستثمار في أوروبا.
اقرأ أيضًا..
- غاز شرق المتوسط.. هل تستطيع مصر تأمين إمدادات أوروبا؟
- محتجون ضد التنقيب عن الليثيوم ينصبون الخيام أمام مبنى رئاسة صربيا (صور)
- الكهرباء في بولندا.. خطط التوسع في محطات الغاز تبدد آمال الوصول للحياد الكربوني